ذاكرة القافلة

دمشق

أقدم مدينة في العالم

تصفح المقال كاملاً

بدءاً من السنة الثانية على صدورها، راحت القافلة تجوب البلاد العربية وتنشر استطلاعات مصوّرة حول عواصمها ومعالمها الحضارية. ومن أوائل هذه الاستطلاعات واحد بعنوان “دمشق،أقدم مدينة في العالم”، كتبه الأستاذ نشأت التغلبي، ونُشر في عدد شهر رجب 1374هـ (مارس 1955م). وفيما يأتي مقتطفات منه:

إنه لمن أشد الأمور مدعاة للغبطة، أن تحدِّث نفسك بأنك تسير في أقدم مدينة بالعالم، فتطأ نفس الأرض التي وطأها مختلف أنواع البشر، وتشهد ذات الأمكنة التي شهدت متنوّع أشكال الحضارة، وهذه ميزة لا تتوفر إلا في دمشق، ولا غرو، هي أقدم مدينة مسكونة في التاريخ.
يعود العهد ببناء دمشق إلى زمن متناهٍ في القدم، إلى عهد إبراهيم الخليل. ومنذ إنشائها وحتى اليوم ظلت مركز الثقل في مختلف شؤون الشرق، من حربية وسياسية واجتماعية واقتصادية وغير ذلك. ولذا فإن من الأمور الطبيعية أن تصبح دمشق عاصمة سوريا منذ عهد الأمويين، وأن تلقَّب بـ”لؤلؤة الشرق”.
بنى الوليد بن عبدالملك مسجدها المشهور المعروف بالمسجد الأموي سنة 88 للهجرة. واتسعت رقعتها خارج أسوارها القديمة فبنى حي الميدان في جنوبها والصالحية والمهاجرين في سفوح جبل قاسيون.
تشتهر دمشق بأبنيتها التاريخية ومساجدها ومدارسها، ففيها عدا المسجدالأموي، المدرسة العادلية، والمكتبة الظاهرية وقبر صلاح الدين الأيوبي وقصر العظم والمتحف الحديث. ويحيط بالمدينة سور حجري بني في عهد اليونان والرومان، وأعيد تخطيطه وبناؤه في عهد الأتابكة والأيوبيين. وما يزال قســم منه قائمــاً حتى الآن. كما أن أبـواب المدينة القديمة ما يزال بعضـها قائماً كباب توما والباب الشرقي وباب الســلام وباب الصغير.
وبما أنها العاصمة، فقد ازدهرت من الناحية العمرانية فبنيت فيها دوائر الإدارة المركزية للدولة وفتحت فيها الشوارع الواسعة وأنشيء فيها المجمع العلمي العربي والجامعة السورية ومدارس ثانوية راقية والقصر العدلي. أما دمشق القديمة فإنها تحتوي على أحياء الصناعات والحِرف كسوق الحرير وسوق النحاسين وأسواق الصباغة والحدادة ودباغة الجلود وغيرها.
وفي دمشق اليوم معامل لحفظ الفواكه والخضار وصناعة الصابون والنشاء ومعامل الغزل الآلي..ومحلات صناعة الموبيليا ومعمل الأسمنت في ضاحيتها ينتج تسعين ألف طن من الأسمنت سنوياً، إلى جانب دور الطباعة العديدة. ومن صناعات دمشق المشهورة التي عرفت منذ القديم صناعة القماش الثمين المعروف بالداماسكو – نسبة إلى دمشق- والبروكار الذي يقترن اسمه باسم المدينة…كما أن لها شهرة خاصة أيضاً في صنع الأواني النحاسية التي تعم بالمعادن الثمينة، وبصناعة “الموزاييك” الذي يطعَّم بالأصداف بصورة فنية مدهشة.
ويمكنك أن ترى في دمشق مختلف أنواع السيارات من “الفورد” القديمة التي مضى على إنتاجها ربع قرن إلى “البويك” و”الكاديلاك” التي لم تمضِ بضعة أشهر على إنتاجها. وقد كانت المدينة تعتمد في مواصلاتها على أنواع متعدِّدة من وسائل النقل، كالسيارات والتراموايات والعربات التي تجرَّها الخيل، ولكن الأخيرة كادت تضمحل ولم يبقَ منها سوى عدد ضئيل جداً…أما عن طريق الجو فتتصل دمشق بأكثر مدن العالم، لوجود فروع لشركات الطيران الأمريكية والإنجليزية والسويدية والهولندية والفرنسية والمصرية…
وفي دمشق تسمع اللغتين الفرنسية والإنجليزية ينطق بهما بعض السكان بطلاقة أهل السين والتايمز. كما تسمع لهجة عربية من الكلمات الفصيحة…
وتتجلّى في دمشق الروح الدمشقية الحقيقية، الروح القائمة على طيبة القلب ومساعدة الجار، والمشاركة الوجدانية، وحب المرح والطرب والنكتة. فالدمشقي يحب أرضه ومدينته وبلده، ولا يتردِّد في بذل روحه بكل بساطة في سبيلها.

 

 

أضف تعليق

التعليقات

غازي خيران الملحم

لقد كانت دمشق وﻻ زالت تسكن قلبي وعقلي.يوم كانت نسيج محبة واقتران قربة.واليوم وانا بعيد عنها ﻻزالت في تصوري اﻻجمل واﻻبقى.على الرغم مما يعصف بها من اهوال ويموج في ساحتها من عواصف وتحديات.