حياتنا اليوم

سعوديتان تقودان لجنة تطوّعية لنشر ثقافة السلامة المرورية
«نورة» و«سامية».. وهَمّ القيادة الآمنة

  • ACCIDENT COLOR

من قسوة الفراق ورحم المعاناة انبثقت كخيط الأمل الشفيف الذي يلوح في الأفق، فكرة تأسيس لجنة تعنى بأمهات وذوي ضحايا حوادث السيارات في السعودية. ففي زياراتهما المتكررة لتقديم واجب العزاء لأقارب وصديقات فقدن أبناءهن في حوادث مرورية، انقدحت الفكرة في ذهن نورة العفالق وصديقتها سامية البواردي.
شمس علي تلقي ضوءاً على تلك التجربة وما يعتريها من تحديات والمراحل التي مرت بها وما تحتاج إليه لتكتمل وتعم فوائدها المجتمع كله.

لم يتسلل اليأس بعد إلى الصديقتين السعوديتين نورة العفالق وسامية البواردي، من عدم تلقيهما الدعم المطلوب لتحويل «لجنة أمهات وأهالي ضحايا حوادث السيارات» التي أسستاها قبل 5 سنوات إلى جمعية مستقلة بالرغم من بلوغ عدد أعضائها 200 من الذكور والإناث.

فهما تبدوان، على رغم الصعوبات التي تواجههما، متمسكتين بهدفهما ومتيقنتين بأن ما يتطلعان إليه يصب في خدمة المجتمع أولاً وأخيراً، لذا قبلتا بأن تعمل لجنتهما 4 سنوات في ظل «جمعية ود»، ثم انضمت العام الماضي إلى «الجمعية السعودية للسلامة المرورية» بناء على دعوتها.

رحم الأحزان
والصديقتان اللتان امتهنتا التعليم فترةً من الزمن، لا تريدان أن تمكثا في منزليهما بعدما تقاعدتا من عمليهما في الإشراف التربوي منذ سنوات قليلة، فأوجدتا لنفسيهما مجالاً تعليمياً من نوع آخر منبثقاً من الآلام والأحزان لتحويلها إلى أمل وسلامة، إذ كان الألم يعتصرهما كلما زارتا صديقة لهما لتقديم واجب العزاء لها بفقدان قريب بحادث مروري، حتى إذا ما تقاعدتا تولّدت لديهما فكرة إنشاء لجنة تعنى بالحد من مآسي حوادث الطرق ونشر التوعية بقواعد السلامة المرورية وتكريس قيم السياقة الآمنة من أجل مستقبل أقل قتامة، وأكثر إشراقاً.

الفكرة الى واقع
ولتحويل الفكرة إلى واقع بلورت نورة وسامية عام 2007م، مشروع «لجنة أمهات وأهالي ضحايا حوادث السيارات» وضمنتاه هدفهما، ثم زارتا «لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية النسائية» بالثقبة («جمعية ود» حالياً) واجتمعتا بمجموعة من السيدات بعضهن متضررات من الحوادث، وقدمتا لهن عرضاً عن مشروعهما وحثتا الحاضرات على الانضمام كعضوات في اللجنة المزمعة الإنشاء. ولقيتا ترحيباً من رئيسة «لجنة التنمية الاجتماعية» نعيمة الزامل، بأن تعمل لجنتهما تحت مظلة لجنتها.

بعد ذلك، رسمت الصديقتان للجنة الوليدة، استراتيجية عمل جديدة تهدف إلى إحداث تغيير يسهم في الحد من حوادث السيارات والأضرار الناجمة عنها من خلال العمل على محورين هما: نشر ثقافة السلامة المرورية، وإعداد جيل جديد يحترم النظام ويلتزم بالقوانين، إضافة إلى نبذ ثقافة الفوضى والتهور التي تُعد السبب الرئيس في الحوادث، ورفع مستوى الوعي لدى جميع أفراد المجتمع بآلية حماية أنفسهم من الحوادث.

الوصول للمسؤولين
ولئن كانت نورة وسامية تتطلعان بأن يكون للجنة دور أكبر، سعتا إلى الإفادة من مرئيات المسؤولين المعنيين بهذا الشأن وتعاونهم، فنظمتا لقاءً في مقر مدارس الظهران الأهلية حضره مسؤولون من إدارة الطرق والنقل بالمنطقة الشرقية، وإدارة مرورها، وقيادة أمن الطرق، وإدارتا التربية والتعليم للبنين والبنات، وممثل عن شركة «أرامكو السعودية»، وقدمتا خلاله عرضاً عن مشروعهما وخطة لتنفيذه بالتعاون مع تلك الجهات.

وخرج الحضور بتوصية بدراسة الخطة المقترحة من قبل الجهات المعنية وإرسال مرئياتهم حولها. وتقول نورة وسامية: «لقينا من المسؤولين ترحيباً بالفكرة وتشجيعاً لها، غير أنه لم توضع خطة للدعم أو للتعاون المشترك بعد».

دور «أرامكو السعودية»
إلا أن شركة «أرامكو السعودية» وعبر برنامج السلامة المرورية فيها، كان لها دور في مدّ جسور التعاون بيننا وبين اللجنة العليا للسلامة المرورية، إذ نظمت لنا عدّه اجتماعات تم خلالها وضع خطة تهدف إلى تفعيل دور المرأة في الحد من الحوادث، عبر تدريبها على السلامة المرورية حتى تكون هناك مدربة في كل منشأة. وتضمنت الخطة الآتي:
• إقامة برنامج تعريفي بالسياقة الوقائية من قبل أرامكو السعودية تحضره مجموعة من عضوات اللجنة من منسوبات إدارة التربية والتعليم اللاتي لديهن خبرة في التدريب.
• إعداد مادة تعليمية لثقافة السلامة المرورية من قبل المتدربات تصمم على شكل دليل للمدارس.
• إقامة دورات تدريبية من قبل المدربات تحضرها معلمة من كل مدرسة بهدف تأهيل مسؤولة تدريب على دليل السلامة المرورية في كل مؤسسة تعليمية، حتى يناط بهن نشر ثقافة السلامة المرورية بمدارسهن عن طريق تدريب زميلاتهن المعلمات على استخدام الدليل، ليقمن بدورهن في تدريب الطالبات لينشرن الوعي بين أسرهن من خلال الندوات والنشرات التوعوية على أن يبدأ التدريب بالمرحلة الابتدائية.

منجزات اللجنة
وكانت اللجنة منذ نشوئها نظّمت سلسلة نشاطات وأعدت برامج منها برنامج لإعداد وتدريب 77 مدربة للسلامة المرورية في المدارس، كما شاركت في حملة Proactive Behind the Wheel، وحملة «سلامتي مسؤوليتي»، إضافة إلى اطلاقها حملات توعوية استهدفت الأم والطالبة والأطفال بعناوين مختلفة منها: «أرشد أماً تُرشِدُ أمّة» و«كوني راكبة إيجابية» و«شوارع بلا حوادث».

كما تعمل اللجنة على «دليل سلوكيات السلامة المرورية» الذي يتضمن جزؤه الأول العناوين الآتية:
• كيف نركب وننزل من السيارة بأمان
• سلوكياتنا داخل السيارة
• مقاعد الأطفال الآمنة
• حزام الأمان
• الأمن والسلامة في الحافلة المدرسية.

ويتضمن الدليل عروض توعية للكبار والصغار وقصصاً وأناشيد وأنشطة وتطبيقات عملية يهدف من خلالها إلى توعية المرأة بأهمية تفعيل دورها الإيجابي كطالبة وكأم ومعلمة وفرد في المجتمع في الحد من حوادث السيارات، والمحافظة على سلامتها وسلامة أبنائها بأن يكونوا ركاباً إيجابيين مسؤولين عن تأمين الحماية لأنفسهم.

إعلام خافت
وكشفت نورة وسامية أن اللجنة تلقت لدى انطلاق فعاليتها الأولى دعماً من شركة «أرامكو السعودية»، وهي تتلقى حالياً دعماً من جمعية «سلامة»، بيد أنها لا تزال في حاجة لمزيد من الدعم من مؤسسات المجتمع. ولفتتا إلى أن عدداً من وسائل الإعلام قام بتغطية بعض الفعاليات والتعريف بأهداف اللجنة، لكنهما تريان أن الضوء لم يسلط بشكل كاف على اللجنة ودورها لكي تحظى بمساندة الأفراد والمؤسسات وتحقق أهدافها.

ضغوط العمل
نورة وسامية لا تنظران لهذا العمل على أنه نزهة، بل هو عمل شاق ومصدر لضغوط عائلية كبيرة، لاسيما في فترات الإعداد للأنشطة التي تسبب لهما كثيراً من المتاعب، ويزيدها إجهاداً عدم وجود مقر خاص للجنة، ما يضطرهما للاجتماع في منزليهما عند الحاجة.

إلا أنهما تنظران إلى هذه المشقة كمصدر للمتعة وممارسة الحياة على طبيعتها، لاسيما أن هكذا عملاً يعد واجباً وطنياً ينبغي على الجميع التكاتف من أجل إنجاحه.

أضف تعليق

التعليقات