قصة مبتكر
قصة ابتكار
نيكــولا تسـلا
محرك الاحتراق الداخلي
عالم أمريكي من أصل صربي، ولد في كرواتيا عام 1856م، وكان مخترعاً عظيماً، ومهندساً ميكانيكياً وكهربائياً، ويُعدُّ أبا الكهرباء الحديثة لكثرة إسهاماته في هذا المجال الحيوي، لما كان له من الدور الكبير في تلك النقلة الحضارية للإنسانية، بل إن اختراعاته بمجملها تُعدَّ من أكبر أسباب الثورة الصناعية الثانية التي صاغت القرن العشرين، وهو المخترع الحقيقي للمذياع «الراديو» وليس ماركوني كما يُعتقد، وقد تبيَّن ذلك للجهات المسؤولة عن براءات الاختراع، حيث بادروا بسحب براءة الاختراع المسجلة باسم ماركوني وتسجيلها باسم نيكول تسلا، على هذا الأساس تكون جائزة نوبل التي أعطيت لماركوني على اختراع المذياع تعود أصلاً لتسلا. عندما قدم تسلا إلى نيويورك في الولايات المتحدة عام 1884م حصل على عمل في شركة المخترع الشهير توماس أديسون، الذي بادر على الفور مشرفاً على تطوير آلاته الميكانيكية والكهربائية، وسرعان ما ترقى في منصبه حتى بدأ يتعامل مع أصعب مهام الشركة ومشكلاتها، ويضع لها الحلول الجذرية، وغدا ضليعاً في هذا الأمر إلى درجة أن عُرض عليه إعادة هيكلة شركة أديسون برمتها. بيد أنه سرعان ما دبت الخلافات بينه وبين أديسون، وتطورت إلى شحناء وقطيعة لازمتهما طوال حياتهما المثيرة، ربما بسبب أمور مالية أو لمجرد الشعور بالغيرة والحسد تملكت كل واحد منهما تجاه الآخر، كمتلازمة فطرية ونزعة إنسانية تلقائية كانا رهن سطوتها، ولم تفلح عبقريتهما في كسرها، وقد كان ذلك سبباً في انفصال تسلا وتركه لشركة أديسون. وفي عام 1891م أسس تسلا مختبرات الشارع الخامس في نيويورك بعد حصوله على الجنسية الأمريكية، وطوّر نقل الطاقة لاسلكياً، وعمل على تطبيق ذلك فعلياً عندما نجح في إشعال مصابيح كهربائية عن بُعد لاسلكياً ودون أي موصل، واستطاع في عام 1895م نقل الطاقة الكهرومغناطيسية عبر الأثير لاسلكياً، وقام ببناء أول مرسل للموجات «الراديوية» في مدينة سانت لويس بولاية ميزوري، والذي تطوّر فيما بعد ليصبح المذياع المعروف، وليمهِّد الطريق للنقل اللاسلكي للتلفون والبث التلفازي وللتلفون النقال. ولا شك في أن اختراعات تسلا ونظرياته قد أسهمت بشكل فاعل في وضع الأسس للطاقة الكهربائية ذات التيار المتناوب، فضلاً عن اختراعاته الكثيرة، خصوصاً المحرك الكهربائي الذي يعمل على التيار المتناوب، ما كان سبباً في النهضة الصناعية الثانية في جميع أنحاء العالم، ما حدا ببعضهم إلى إطلاق أسماء مبالغ فيها على تسلا، تجسد قدرة الرجل ومدى أهميته في سياق التطور المعرفي، مثل: «مخترع القرن العشرين» و«أبو الفيزياء» و«أبو الكهرباء الحديثة». وفضلاً عن اختراعاته في مجال الاتصالات اللاسلكية، فقد أسهم، أيضاً، في تقدم «الروبوت» أو الإنسان الآلي، وأشعة إكس، والرادار، والتحكم في الآلات عن بُعد «الرموت»، وله باع طويل في الفيزياء النووية، زيادة على كل تلك المواهب كان يملك موهبة تعلم اللغات، إذ كان يجيد سبع لغات إجادة تامة مع لغته الصربية، كالإنجليزية، والتشيكية، والألمانية، والفرنسية، والإيطالية، واللاتينية والهنغارية، وكان ممن يؤمنون بالقوى الخفية، ويحبون الحيوانات والطيور، وممن يبالغون في النظافة الشخصية حد الوسوسة، وكان الكاتب الأمريكي ملرك توين من أعز أصدقائه ومن المقربين إليه إلى درجة أن الناس كانوا يعتقدون أن بينهما وشيجة قربى. عاش في شبه عزلة ولم يتزوج أبداً. توفي نيكولا تسلا في نيويورك عام 1943م عن عمر ناهز التسعين عاماً.
يقوم اختراع محرك الاحتراق الداخلي على مبدأ سرعة الاحتراق, ويُعدُّ ذلك من التطبيقات العملية للديناميكا الحرارية، والتي نجحت في تطويع الطاقة الحرارية وتحويلها إلى طاقة أو حركة ميكانيكية. فإذا ما قمت بوضع نقطة من الوقود سريع الاشتعال كالبنزين مثلاً داخل حيز صغير ومغلق وقدحته بشرارة فسينتج عن ذلك كمية كبيرة من الطاقة على شكل انفجار، وهذا ما يحدث بالضبط داخل محرك السيارة أو محرك الاحتراق الداخلي (Internal Combustion Engine)، وهو المبدأ نفسه الذي تعمل عليه بندقية البارود القديمة، التي كان يتم حشو أنبوبها بالبارود ثم توضع فوقه الطلقة أو القذيفة، وعند إشعال البارود تتولد طاقة تدفع بالقذيفة بقوة خارج البندقية صوب الهدف، إلا أنه في محرك السيارة تحدث تلك العملية بشكل تسلسلي مئات المرات في الدقيقة الواحدة. وقد توصَّل المخترع الألماني نيكولاس أوتو عام 1876م إلى اختراع المحرك الذي يستفيد من خاصية طاقة وقود البنزين الانفجارية لتوليد طاقة قوية ومستمرة، وأطلق عليه محرك أوتو الرباعي، كونه استلهم الفكرة من محرك الاحتراق الخارجي الأقدم (External Combustion Engine)، الذي كان يستخدم وقود الفحم لتوليد البخار وكطاقة لتحريك السفن والقطارات، من خلال محرك الديزل ثنائي النقلات. ويُعدُّ نيكولاس أوجست أوتو من أبرز المخترعين في العالم الحديث، على الرغم من أنه عاش بداية عمره حياة بائسة، إذ توفي والده وهو لا يزال بعد في السادسة عشرة من عمره، وترك المدرسة ولم يكمل تعليمه، وانخرط في أعمال لا تتناسب ومقدراته العقلية الإبداعية، حتى إنه عمل بقالاً، بيد أن ذلك لم يثنه عن توجهه الحقيقي ومتابعته لأعماله وبحوثه في حقل الميكانيكا الذي برع فيه لدرجة اختراعه آلة تُعدُّ من أهم الآلات التي غيَّرت وجه التاريخ. تتم حركة محرك الاحتراق الداخلي على أربع مراحل أو نقلات، وهذا ما دعا المخترع أوتو إلى تسميته بالمحرك الرباعي، والمراحل هي: • مرحلة الاستيعاب (Intake stroke). • مرحلة الضغط (Compression stroke). • مرحلة الاحتراق (Combustion stroke). • مرحلة العادم (Exhaust stroke). يدفع الانفجار بالمكبس داخل المحرك عندما يكون في وضع رأسي إلى أسفل، ثم يقوم عمود الحركة المتصل به إلى إعادته إلى أعلى مرة أخرى. وهكذا تتولد الحركة التي بدورها تحرك السيارة عن طريق زخم هائل من الأعمدة والمسننات «التروس» الميكانيكية، وماكينة الأربعة سلندر تعني ببساطة أنها عبارة عن أربعة محركات احتراق داخلي مدمجة مع بعضها، وهكذا في الستة سلندرات والثمانية سلندرات.