أحلّق بعيداً في الخيال
هوازن باداود ـ معدة برامج تلفزيونية
أصاب بالأسف بعد فراغي من قراءة بعض الروايات؛ لأنها تكون قد انتهت. أشعر بالحنين لتلك الرحلة التي خضتها مع شخصيات الرواية بما فيها من أفراح وآلام. بعض الروايات تكسبني المعرفة والخبرة، فغالباً ما أقوم بعمل بحث عن معلومة جديدة وجدتها، ولا أكتفي بما جاد به عليَّ الكاتب من معلومات وخبرات.
أكثر ما تستهويني كتب الأساطير القديمة التي تحلِّق بمخيلتي بعيداً. فما أجمل تلك اللحظات التي يأخذنا فيها الكاتب إلى عالم موازٍ لعالمنا، مختلف، لكن يعيش فيه أشخاص يشبهوننا، فنتعلَّم ونستفيد من المواقف التي يواجهونها. أما عند قراءتي كتاباً جديداً مختلفاً عن نوعية الكتب التي أقرأها، فغالباً ما يكون ذلك لأمر يتعلق بأبحاث تخص عملي في الصحافة والكتابة التلفزيونية.
أعيش في العوالم الجديدة
محمد القثمي ـ موظف حكومي
يدفعني الكتاب العلمي إلى محاولة تطبيق ما جاء فيه وفق استيعابي للنظرية العلمية التي يتحدَّث عنها، كالتجارب الفيزيائية أو الكيميائية، أو على الأقل مراقبة ما في النظرية على أرض الواقع، أو مشاهدة فِلم وثائقي عن الموضوع. كما أن كتب الخيال العلمي تستهويني لعلاقتها بالتطور التكنولوجي وما يحققه من إنجازات مهمة للبشر، لذلك يسبح خيالي مع هذه الكتب وأصبح في حالة نهم للاستزادة من هذه الكتب، وكل كتاب يقودني إلى تحليق جديد.
من ناحية ثانية، تُشعرني كتب التاريخ بالشوق إلى الماضي لمعايشة الأحداث وتخيّلها حسب ظروف العصر الذي تجري فيه، وأجد في هذا التخيّل متعة كبيرة. وأحياناً، أحاول التعرف إلى الآثار التي تركها البشر الذين تدور حولهم الكتب، لأقترب نوعاً ما من الدلالة التاريخية.
أما الرواية الأدبية، فإن كانت تتحدَّث عن حالة إنسانية فيكون تأثيرها عليّ عميقاً، خاصة إذا كانت رواية مقتبسة من حوادث حقيقية. ويستمر تأثيرها أحياناً لعدة أيام، إما سلباً وإما إيجاباً.
أمران أحلاهما مُرّ
نور عطرجي ـ أعمال المقاولات
قراءتي للروايات البوليسية للكاتبة أجاثا كريستي جعلت مني محقّقة فعلية في مجريات الحياة الغامضة، فلا تمر الأحداث بي مرور الكرام دون معرفة أساسها وحقيقتها، لذلك ينشغل تفكيري كثيراً بعد الانتهاء من كل رواية أقرأها. فأفكِّر في ملابسات الجريمة وفي تورّط الجاني وفي السيناريو الذي يمكِّنه من الإفلات من العدالة.
أما في الروايات العاطفية فموت البطل أو العكس يضعني بين أمرين أحلاهما مُرّ. الأمر الأول: موت البطل بعد كثير من الأحداث والصراعات يحزنني جداًّ، ولكن الأجمل عندما أستشف أنَّه عاش قوياًّ ولم يستسلم. الأمر الثاني: إذا عاش البطل بعد كل الأحداث والصراعات فستكون جروحه دائماً دامية وذكرياته موجعة. وهذا يُشعرني بأن هناك ما يسمى بالخوف اللذيذ، وهو الذي يحفزني على قراءة مزيد من هذه الروايات.
في الكتب العلمية أو المعرفية أهم ما قرأته من الكتب العلمية كانت تلك التي لها علاقة بالطب. إذ تجعلني أشعر بأني عشبة برية نادرة تعيش بين التلال وينبغي المحافظة عليها. ومع ذلك لا أشتغل جدياًّ بالحفاظ على صحتي في كثير من الأحيان.
أعيش حياة أبطالها
مشاعل العمري ـ مدونة وصحافية
عند الانتهاء من قراءة رواية ينتابني شعور شبيه بالامتلاء من جميع النواحي، تتجسَّد لي الحقائق بصور الشخصيات في ذهني، وأستطيع ترتيبها في ذاكرتي في أماكن قابلة للاستدعاء في أي وقت. أتخيَّل الأبطال بكل تفاصيل الأدوار التي يؤدونها. أتعاطف مع الشخصيات المظلومة وأحب الشخصيات المؤثرة بقوتها وعدلها وإنجازها.
أما عند الانتهاء من قراءة كتاب علمي، فغالباً ما يتبع ذلك حالة من الإرهاق الذهني، فأتوقف وأدخل في مرحلة التأمل، أعمل خلالها على ترتيب الأفكار التي وردت في الكتاب، وربما أعمل على تلخيصها والعودة إلى قراءة عدد من الفصول مرة أخرى. أشعر أن القراءة العلمية لا تحدّد بالكمية وإنما بقيمة ما تقرأه، لذلك آخذ متسعاً من الوقت لاستيعاب تفاصيل ما قرأته، وأثناء ذلك يكون عقلي في حالة انشغال تام.
أختار أدباء بعينهم
أحمد عزوز ـ محرر صحافي
أتأثر كثيراً بالأعمال الكلاسيكية الجادة. فعلى سبيل المثال، كان شعوري لا يوصف بعد قراءتي لثلاثية نجيب محفوظ “بين القصرين والسكرية وقصر الشوق”. حيث أعجبت بالأب “السيد أحمد عبد الجواد” وشخصيته المتناقضة الجادة والحازمة في البيت، والهازلة المعربدة بين الأصدقاء، وابنه “ياسين”، وابنه الأصغر كمال وشلّته البرجوازية، فقد أخذتني هذه الشخصيات إلى عوالم بعيدة، وموقفي من الشخصيات الثلاث يتراوح بين الرثاء والشعور بالمرح والتعاطف.
آخر الكتب التي اطلعت عليها، وأثرت فيَّ هو كتاب “موسى بن ميمون” للكاتب تمار رودافسكي، وترجمه إلى العربية د.جمال الرفاعي. فقد شدَّني هذا الإصدار، حيث سبر رودافسكي أعماق شخصية ابن ميمون (1135 ـ 1204)، الذي كان يهودياً، إلا أنه عاش بعقلية المسلم الوسطي المحب للخيـــر والســـلام، حتى عـــدّه الشيخ مصطفى عبد الــرازق أحد فلاسفة المسلمين.