قصة مبتكر
قصة ابتكار
ليفي ستراوس
الفيلكــرو
ولد ليفي ستراوس عام 1829م في ألمانيا، وهاجر في مراهقته مع والدته وشقيقتيه إلى أمريكا عام 1847م، حيث سكنوا نيويورك. في عام 1853م حصل ليفي على الجنسية الأمريكية، وسافر إلى سان فرانسيسكو عله يحصل على فرصة تجارية وسط حمى البحث عن الذهب. ومع مرور السنوات، انتعشت تجارته حيث عمل في تصميم سراويل من الخيش البني القاسي لعمال المناجم والباحثين عن الذهب، ثم انتقل إلى قماش الدنيم المصبوغ باللون الأزرق ليستخدمه في تصميم السراويل، بدلاً من الخيش الذي نفدت حصيلته. في العام 1872م، تلقى ليفي رسالة من جاكوب دافيز، وهو خياط من نيفادا كان يتعامل معه بانتظام، يخبره فيها عن شرائه لقماش لاستخدامه في الخياطة، وحكى له عن الطريقة الجديدة التي يستخدمها لتصميم البناطيل لزبائنه، حيث يضع مسامير معدنية صغيرة في أماكن محددة من البنطال كزوايا الجيوب. المشكلة التي كانت تواجه دافيز هي كونه لا يمتلك المال الكافي ليستخرج براءة اختراع، ولهذا اقترح على ليفي أن يقوم بدفع المال اللازم لاستخراجها، مقابل إدراج اسمه أيضاً في هذه الوثيقة. وفي العشرين من شهر مايو لعام 1873م، استخرجت براءة الاختراع، وولد رسمياً، قماش الجينز الأزرق. لقي الجينز الأزرق بالشكل الذي اشترك في تصميمه ليفي ستراوس وجاكوب دافيز شعبية كبيرة بين صفوف عمال المناجم وذلك لطبيعته القاسية التي تحتمل الصعوبات العديدة التي يواجهها هؤلاء العمال، وكان يباع في العام 1879م بدولار وستة وأربعين سنتاً فقط. كانت بناطيل الجينز تباع فقط للرجال، وكان من الصعوبة أن تجد بين مرتديه نساء العائلات المتوسطة أو الغنية. ولكن المصممين راحوا تباعاً يضعون تصميمات خاصة يستخدم فيها الجينز للنساء. وعرض جينز ليفايز ®Levi’s للنساء على صفحات مجلة فوج لأول مرة عام 1935م، واكتسب شعبية كاسحة، لدرجة أن تصميمات كالفين كلاين للجينز في السبعينيات كانت تدر وحدها أرباحاً بقيمة اثني عشر مليوناً ونصف المليون دولار أسبوعياً. وبعدما ظل قماش الجينز حتى ستينيات القرن الماضي لباس العمال وأبناء الطبقة المتوسطة وما دون، راح يتفشى في معظم الطبقات وصولاً إلى المشاهير وبعض رؤساء الدول. ورغم انتشار صناعته ووجود آلاف الماركات المنتجة له، لا يزال اسم مبتكرة طاغياً على كل الأسماء الأخرى، حتى أصبح مرادفاً للنوع أكثر منه اسم علم.
كانت الطبيعة ولا تزال مصدراً للإلهام، وفيلكرو المثبت المشهور في الملابس والأحذية وكذلك في صناعة السيارات هو أحد الاختراعات التي أوحت بها الطبيعة. حدث ذلك في أحد أيام صيف 1948م، عندما عاد المهندس السويسري جورجس دي مسترال من رحلة في جبال الألب مصطحباً كلبه. لاحظ المهندس أن بنطاله وكذلك فرو كلبه مغطيان ببذور برية شائكة، وهذه الخاصية يستعملها النبات للالتصاق بفرو الحيوانات من أجل أن تجد هذه البذور أرضاً خصبة تنبت فيها. وبعد تكبد المهندس جورجس عناءً في إزالة هذه البذور الشائكة قرر أن يفحصها تحت المجهر ليرى كيف تعمل بالضبط، ووجد أن كل بذرة من هذه البذور الشائكة تحتوي على مئات الخطاطيف الدقيقة التي تجعلها تشتبك بأي شيء له حلقات أو عراوي أو أهداب مثل قماش بنطلونه الصوفي. ولكونه مخترعاً، قرر جورجس أن يصمم مثبتاً مستخدماً ذات مبدأ البذور الشائكة. واستغرق عمله ثماني سنوات لينتهي، وأطلق عليه اسم فيلكرو Velcro، واشتقه من الكلمتين الفرنسيتين Velours وتعني المخمل، و Crochet وتعني الخطاطيف. يتكون الفيلكرو من قطعتين من النايلون المعد بصورة خاصة، إحداهما تحتوي على آلاف من الخطاطيف الدقيقة جداً، والثانية تحتوي على آلاف الأهداب الصغيرة الدقيقة، وهذا يجعل من القطعتين قطعة واحدة متماسكة بعد قليل من الضغط، ويمكن فصلهما بسهولة عند الحاجة. وذلك مبني على القاعدة التي تقول بأن ما يكفي من الخطاطيف في إحدى القاعدتين مع ما يكفي من الأهداب يشكل تماسكاً قوياً جداً. وزيادة الضغط على القطعتين تجعل التماسك أقوى لأن مزيداً من الخطاطيف والأهداب تشتبك، فإذا حاولت فصل قليل من الخطاطيف عن الأهداب بقوة فإن البقية تتبع نفس الإجراء، مع صدور صوت مميز، ويمكن لكل شخص أن يجد أحد المنتجات التي تستعمل الفيلكرو في البيت أو السيارة. وقد أجريت محاولات عديدة لابتكار فيلكرو لا يصدر صوتاً عن فصل القطعتين، ولكن مثل هذا المنتج ما زال نظرياً، ولم ير النور بعد.