طاقة واقتصاد

مواجهة كوارث البحار

  • 16-17
  • 18a
  • 12-13
  • 12-13-1
  • 12a
  • ALL
  • 14-15

ذات يوم من العام 2001م، اكتشف أحد مفتشي أرامكو السعودية تصدعاً في منتصف الناقلة “برستيج”، وذلك ضمن إجراءات معاينة الناقلات التي بدأتها الشركة منذ العام 1996م. وأدى اكتشاف المفتش إلى إبعاد تلك الناقلة ومنعها من الرسو في الميناء. بعد ذلك بعام واحد، وفي شهر نوفمبر 2002م، تحطم هيكل الناقلة المذكورة بفعل عاصفة بحرية وانشطرت إلى نصفين قبالة الشواطئ الإسبانية، فغرقت مسربة نحو 150 ألف برميل من الزيت في مياه المحيط. وضربت الكارثة شواطئ إسبانيا والبرتغال وفرنسا… ولو أن الإجراءات الصارمة كانت معتمدة أينما كان، لما وقعت هذه الكارثة التي بلغت الخسائر الناجمة عنها نحو 1.2 بليون دولار ولا تزال تتصاعد حتى اليوم.

على الرغم من قلة عددها مقارنة بالكوارث الصناعية والطبيعية الأخرى، فإن كوارث البحار الناجمة عن انسكاب الزيت من الناقلات أو محطات الإنتاج يمكنها أن تقع في أي وقت وفي أي مكان من العالم، مسببة خسائر لا يستهان بها وخاصة على الصعد البيئية، وقد تصل كلفة معالجة ذيولها في بعض الأحيان إلى بلايين عدة من الدولارات.
الكاتب ريك سنيدكر، من إدارة العلاقات العامة بأرامكو السعودية، يحدثنا عن استعدادات الشركة لمواجهة كوارث البحار.

مواجهة “الكوارث”
المعروف أن أكثر من نصف الزيت العالمي يتم نقله عبر الخليج العربي، ويشكل زيت أرامكو السعودية نحو 50 في المئة من الزيت الذي يمر عبر مضيق هرمز في الطرف الجنوبي للخليج، ولهذا؛ فإن الاحتياط لوقوع أية حوادث انسكاب يُعد بالضرورة مهمة دائمة.

وعلى الرغم من كثافة نشاط الصناعة البترولية في المنطقة، فإن الدراسات تشير إلى أن الأخطار الناتجة عن حوادث الانسكاب المتوسطة أو الرئيسة في منطقة الخليج، تعد نسبياً أقل مما هي عليه في مناطق أخرى من العالم.

غير أن المنطقة تعرضت بالفعل لبعض الحوادث التي وصلت إلى حد الكارثة بما فيها كارثة عام 1991م، عندما تدفق الزيت من مجمع الفرضة في إحدى الجزر الصناعية الكويتية المدمرة، ومن العديد من ناقلات البترول التي تم إغراقها إبان حرب الخليج الأولى والتي قدرت بـ 6 – 8 ملايين برميل. وكذلك في عام 1983م، أثناء الحرب الإيرانية العراقية، عندما دُمرّ عدد كبير من منصات الحفر؛ وأدى ذلك إلى تسرب نحو 850,000 برميل من الزيت الخام من حقل النيروز الإيراني إلى مياه الخليج، وهي كمية تعادل ثلاثة أضعاف الكمية المنسكبة في حادث الناقلة “إكسون فالديز” في ألاسكا في مارس من عام 1989م. أما الغالبية العظمى من حوادث انسكاب الزيت في الخليج فقد كانت على مدى السنين من النوع البسيط نسبياً، وكانت كمية التسرب في 85 في المئة منها تقل عن 50 برميلاً.

ورغم الصعوبة البالغة التي واجهتها أرامكو السعودية في الاستجابة لحادث عام 1991م لقربه من مسرح العمليات العسكرية؛ فقد نجحت بمساعدة العديد من الهيئات الحكومية والدولية، بإنجاز الجزء الأكبر من أعمال إزالة واستخلاص الزيت في غضون ستة أشهر، وتم كشط ما يزيد على 1.7 مليون برميل من المياه المشبعة بالزيت من سطح الخليج، واستخلاص أكثر من مليون برميل من الزيت، حسبما تشير سجلات الشركة. وأدى ذلك إلى الحد من الأخطار التي كانت تتهدد الشاطئ من جراء المواد الهيدروكربونية اللزجة، حيث تمت إزالتها بعيداً عنه من خلال خطة نفذت ببراعة.

اكتسبت الشركة خبرة لا تقدر بثمن في التعامل مع ذاك الانسكاب. واليوم، لا يمكن لغير العين المدربة اكتشاف أي أثر له في ساحل الخليج في المملكة، كما استرد النظام البيئي عافيته، ويتجه بخطى حثيثة نحو العودة إلى الحالة الطبيعية. أما السواد الذي يخلفه انسكاب الزيت في البيئة المائية، فلا يستحق الكثير من الاكتراث، إذ أن الطبيعة قادرة على تجديد حيوية الأرض وإزالة ما لحق بها من ضرر. ولكن سياسة أرامكو السعودية تقضي بعدم ترك الأمور للطبيعة إلا في الحدود الدنيا، بالحرص على منع انسكابات الزيت قدر المستطاع؛ لأن التلف الذي يحدثه الزيت المنسكب قد يكون حاداً وطويل الأمد.

فالمعقَّد في حوادث انسكاب الزيت في الخليج هو أن ضيق مياهه وضحالتها تجعل دورة المياه بطيئة وتجعل تشتيت الانسكاب يستغرق وقتاً طويلاً، كما أن ارتفاع درجة الحرارة يعجِّل بتبخر المواد الهيدروكربونية الخفيفة، ورسو المواد الثقيلة في القاع؛ مما يضر بالنظام البيئي في الخليج. ومن ثم فإن السرعة تعد العامل الأهم في أعمال الاستجابة في هذه المنطقة.

برنامج انسكاب الزيت
يدرك الجميع أن حوادث انسكاب الزيت يمكنها أن تقع في أي وقت، وهي تقع بالفعل. وبالنظر إلى ذلك، فإن برنامج انسكاب الزيت في الشركة يشرح بالتفصيل طرق المنع وإجراءات الاستجابة والتطهير، كما يضم قائمة شاملة بأرقام الأشخاص الذين يتعين الاتصال بهم في أنحاء الشركة، ويحدد مسؤوليات كل فريق من فرق الاستجابة ومهام قائده، كما يتضمن متطلبات شاملة للتوثيق أثناء الحادث وبعده، إلى جانب ما يحتويه من الاعتبارات القانونية، ومواد التدريب وغيرها من العناصر العديدة.

ينصبُّ التركيز أولاً على الاستجابة للانسكاب. ولما كانت الإجراءات الخاصة بكل حادث تتوقف على حجمه، فقد صنفت الشركة انسكابات الزيت إلى فئات ثلاث:
– 
انسكابات بسيطة: أقل من 50 برميلاً وذات تأثير محدود للغاية.
– 
انسكابات متوسطة: ما بين 50 و 5,000 برميل، وتنطوي على آثار خطيرة.
– 
انسكابات كبرى: أكثر من 5,000 برميل، وتنطوي على آثار بالغة الخطورة.

وبالإضافة إلى هذا التصنيف هناك نوعان من الزيت يساعدان في تحديد طبيعة الاستجابة، هما الزيت الثقيل، ونعني به زيت الوقود الثقيل الذي يبقى ملتصقاً ويصعب تطهيره، والزيت الخفيف، وهو الزيت الخام الخفيف والمنتجات المكررة التي يسهل تطهيرها، وإن كانت أكثر سميّة وربما تنطوي على مخاطر بيئية كبيرة. وقد حددت خطط الطوارئ ثلاث مستويات للاستجابة هي:
– 
المستوى الأول: وفيه تستخدم الموارد المحلية ويشمل الانسكابات التشغيلية.
– 
المستوى الثاني: ويشمل الانسكابات الكبيرة التي تستخدم فيها موارد من جهات قريبة.
– 
المستوى الثالث: ويشمل الحوادث التي تحتاج إلى موارد كبيرة وتتطلب الحصول على موارد من جهات بعيدة.

دائرة انسكاب الزيت
تأتي لجنة انسكاب الزيت على رأس الترتيب في برنامج انسكاب الزيت في أرامكو السعودية، وهي تتألف من أعضاء الإدارة التنفيذية، والمدير العالمي لمكافحة التلوث بالزيت، وفرق الاستجابة لانسكابات الزيت في كل منطقة من مناطق أعمال الشركة. وتتمثل مسؤوليتها التضامنية في التأكيد على السرعة والكفاءة في الاستجابة لأي حادث.

وتقدم اللجنة مشورتها للإدارة حول السياسات والخطط والإجراءات ذات الصلة بمنع انسكاب الزيت واحتوائه وتطهيره في جميع مناطق عمل أرامكو السعودية حول العالم.

وفي حال وقوع أي من الحوادث الكبيرة التي تتحمل أرامكو السعودية أو أية من الشركات التابعة لها المسؤولية عن وقوعه؛ فقد تنعقد اللجنة للإشراف على الأنشطة الرئيسة لتحقيق أقصى درجات الفاعلية.

وبناءً على اقتراح المدير العالمي لمحافحة التلوث تعمل الفرق الخاصة بانسكابات الزيت بكامل أعضائها في حال وقوع حوادث الانسكاب الكبرى فقط. أما بالنسبة للانسكابات المتوسطة، فقد يستعان ببعض الأعضاء لمعالجة الاحتياجات المحددة الخاصة بالانسكاب.

وفي معظم الأحوال، تتم إدارة أعمال التطهير من قبل المنسق الإقليمي بالتشاور مع المدير العالمي ووحدة الشؤون البيئية ومراقبة التلوث البحري. وهناك فِرَق استجابة في كل منطقة من مناطق عمل الشركة. ويرأس المدير العالمي لمكافحة التلوث بالزيوت هذا الفريق في كل منطقة، يليه في الترتيب قائد فريق الاستجابة، وعادة ما يتم الإشراف على فريق الاستجابة من قبل هذين الشخصين.

وقد يتسع نطاق أعمال الإنقاذ على سبيل المثال ليشمل أعمال الإنقاذ التي يديرها رئيس أعمال فيلا ورئيس الإرشاد في الفرضة، والإشراف على فريق الإنقاذ (المهندس البحري وأخصائيي السطح وغرفة الماكينات واستشاريي الإنقاذ الموظفين والمساحين والمقاولين)، ووضع خطط الإنقاذ، وتنسيق الأعمال التشغيلية المتعلقة بالإنقاذ والتعويم والتحكم في خسائر الناقلة المتضررة.

معدات المواجهة
تعد وحدة مراقبة التلوث البحري التابعة لإدارة الأعمال البحرية في أرامكو السعودية المسؤولة بالدرجة الأولى عن الاستجابة لحوادث الانسكابات البحرية بالتنسيق مع فرق الاستجابة. وتمتلك الشركة الكثير من معدات الاستجابة لحوادث الزيت وتقوم بصيانتها، وإذا ما دعت الحاجة في حوادث بعينها إلى معدات إضافية، فإن لدى الشركة مصادرها الخارجية العديدة للحصول على ما يلزم من مواد ومعداتٍ وأيدٍ عاملة.

ويُعد الاحتواء والاستخلاص الخيار الرئيس في التعامل مع انسكابات الزيت، وفي بعض الحالات المحددة يتم اللجوء إلى استخدام المواد الكيميائية المشتتة التي تحول دون تشكّل أية بقع أخرى في المناطق الحساسة.

وطبقاً لسياسة الشركة، فإن المواد المشتتة لا تستخدم بشكل مباشر في المناطق البيئية الحساسة أو في المياه التي يقل عمقها عن عشرة أمتار (30 قدماً)، ويتقرر استخدامها على أساس ما تمثله من فائدة للبيئة مقارنة مع سلبيات استعمالها.

وتنتشر معدات مراقبة التلوث على طول ساحل البحر الأحمر غربي المملكة وعلى طول ساحلها الشرقي، ويمكن توجيهها إلى أي مكان في المملكة إذا ما دعت الحاجة.

ولدى الشركة ما يقرب من 51 مكشطة زيت ونحو 23,550 متراً من حواجز الزيت، منها 22 مكشطة و4,491 متراً حواجز في رأس تنورة، وسبع مكاشط و9,296 متراً حواجز في رأس تناقيب، و6 مكاشط و3,330 متراً حواجز في جدة، و7 مكاشط و2,553 متر حواجز في رابغ، و6 مكاشط و1,540 متراً حواجز في ينبع، ومكشطتين و1,340 متر حواجز في ضبا، ومكشطة واحدة و1,000 متر حواجز في جازان. ومن المعدات الرئيسة الأخرى التي تملكها أرامكو السعودية:

– 
طائرات رش المواد المشتتة لبقع الزيت من طراز 802: ويوجد اثنتان منها في الدمام على ساحل الخليج العربي. ويمكن لهذه الطائرة أن تقطع المسافة من الدمام إلى البحر الأحمر في ست ساعات، وبها خزان يتسع لنحو 800 جالون أمريكي من المواد المشتتة، وتبلغ سرعتها القصوى أثناء الرش 120 عقدة (140 ميلاً في الساعة). ويمكنها الرش لمدة ساعة واحدة على الأكثر عندما تكون محملة تماماً كما يمكنها القيام بالرش على نطاق عرضة 24.4 متر (80 قدماً).

– 
مدين: سفينة مصممة لتغطية أعمال أرامكو السعودية في البحر الأحمر. وتحتوي هذه السفينة المستخدمة في مكافحة التلوث البحري والتي يبلغ طولها 70 متراً (210 أقدام) على معدات للكشط تصل قدراتها إلى 100 متر مكعب في الساعة. كما تحمل على متنها حواجز لبقع الزيت يبلغ طولها 2,500 متر، وهي مزودة بخزان يتسع لنحو 3,500 برميل من الزيت المستخلص.

– 
عين دار 1 حتى عين دار 8: تتوزع هذه القوارب الثمانية على المنطقتين الساحليتين للمملكة، ويمكنها استخلاص الزيت بمعدل يتراوح ما بين 108 – 7,200 برميل في اليوم.

– 
صنادل استقبال المواد الملوثة: تمتلك الشركة 5 صنادل لاستقبال المواد الملوثة تتراوح سعتها ما بين 6 و 20 ألف برميل.

– 
سفن نشر الحواجز: هناك أربع سفن متخصصة في هذا المجال هي مرسال 1 و 2 و 3 وتبلغ سعة كل منها 8,618 كيلوغرام، إضافة إلى السفينة زودياك.

– 
الحواجز الماصّة: تمتلك الشركة 49,044 متراً من الحواجز الماصّة.

ويتمتع الغواصون العاملون تحت الماء بمهارات ممتازة في أعمال التطهير تقيهم من أن يتعرضوا في عملهم للبرد والقاذورات والمخاطر من مشرق الشمس إلى مغربها إلى جانب تعرضهم لمخاطر تسرب المواد الهيدروكربونية إلى أجسامهم. وقد قاموا في انسكاب عام 1991م بتركيب وإصلاح وإعادة نشر الحواجز باستخدام خطافات.

ويتم جلب معظم هؤلاء الغواصين عن طريق مقاول، كما يستعان بمصادر أخرى لمكافحة الانسكاب، من جميع أنحاء العالم حسبما يلزم. ففي انسكاب عام 1991م على سبيل المثال، تمت الاستعانة بمعدات من اليابان وألمانيا ونيوزيلندا وفرنسا وبريطانيا وكندا والولايات المتحدة وهولندا شملت أكثر من 32,000 متر (20 ميلاً) من الحواجز البحرية وأكثر من 30,000 متر (19 ميلاً) من الحواجز الماصة للزيت و 2,000 متر (1.250 ميل) من الحواجز الخليجية إضافة إلى ما لا يقل عن 16 كاشطة. وقد استخدم في نقل الشحنات العاجلة إلى الظهران 30 طائرة مستأجرة بما فيها طائرات الأنتونوف-124 العملاقة روسية الصنع. وقد بلغ مجموع ما نقل من معدات إلى الظهران 80,000 متر مكعب.

التدريب
ولدعم الجاهزية في مكافحة انسكابات الزيت؛ يتم تنظيم دورات تدريبية متخصصة لجميع الموظفين في الدوائر ذات الصلة بانسكاب الزيت. وقد حضر هذه الدورات التدريبية المتخصصة ما مجموعه 842 موظفاً من جميع أنحاء الشركة.

قبل حرب الخليج عام 1991م، كانت أرامكو السعودية تبعث بموظفيها إلى الخارج للتدريب على مكافحة الانسكاب، ولكنها أنشأت، منذ ذلك الحين، برامج للتدريب الداخلي مستعينة في ذلك بمهندسي مراقبة التلوث البحري.

وتنظم أربع دورات حول الاستجابة لانسكابات الزيت سنوياً، حيث تغطي مجموعة كبيرة من الموضوعات ذات العلاقة بهذا الشأن، مثل الاستراتيجية، والتخطيط للحالات الطارئة، وخيارات الاستجابة. ويلي كل دورة تمرين عملي ليوم واحد يحضره أعضاء فرق الاستجابة لانسكابات الزيت في مختلف مواقع الشركة على البحر الأحمر والخليج العربي. ويقوم خبراء معروفون دولياً بتنظيم هذه الدورات والتمارين التي عقد آخرها في ينبع في شهري سبتمبر وأكتوبر 2002م. وقد تم عقد ما مجموعه 17 دورة منذ عام 1992م عن طريق قسم تنسيق الاستجابة لانسكاب الزيت العالمي في العديد من فرض أرامكو السعودية على ساحلي المملكة، كما عقدت إدارة الأعمال البحرية 20 دورة خلال السنوات الخمس السابقة.

ولا تزال الشركة تبعث بموظفيها إلى الخارج لحضور المؤتمرات وورش العمل والتمارين التي تعقد لتبادل الأساليب والأفكار مع نظرائهم الدوليين. وفي عام 1998م، نشرت الشركة برنامجاً على موقعها الإلكتروني بعنوان “برنامج التوعية والتدريب حول انسكاب الزيت في أرامكو السعودية”، للعاملين في هذا المجال في الشركة والشركات التابعة لها في أنحاء العالم.

وقد اضطلعت الشركة بدور رئيس خلال السنوات العديدة الماضية في العديد من التمارين حول العالم، شملت تمرين مدينة مورقان في لويزيانا الأمريكية، ومدينة القيسيراس بإسبانيا، إضافة إلى تمرين أقيم بالتعاون مع الهيئات الحكومية السعودية حول حماية منطقة سحب الماء الخاصة بمحطة تحلية المياه في الجبيل، كما شاركت الشركة في تمارين في هيوستن وقلفيستون في ولاية تكساس الأمريكية، وأماكن أخرى عديدة من العالم.

خطة مكافحة انسكاب الزيت
فبشكل عام، يمكن القول إن الشركة تلتزم بمنع تسرب الزيت في أعمالها ومرافقها سواء كان هذا التسرب على اليابسة أو في الماء. غير أنه نظراً لضخامة الموارد البترولية في المملكة وضخامة أعمال إنتاج الزيت والفرض في أرامكو السعودية، فإن هذه التسربات قد تحدث بصورة عرضية. وفي هذه الحال، فإن إجراءات أرامكو السعودية تستند إلى الأولويات التالية:

– 
يكون الاهتمام الأول في أية مرحلة من مراحل الاستجابة لانسكاب الزيت منصباً على حماية الحياة البشرية، ودائماً ما تكون سلامة الناس وموظفي أرامكو السعودية هما الهم الأول.
– 
وتُعطى الأولوية الثانية لحماية المرافق الحيوية مثل محطات توليد الكهرباء وتحلية المياه، حيث تؤثر هذه المرافق في صحة وسلامة واقتصاد قطاع كبير من الناس في المملكة.
– 
وتتمثل الأولوية الثالثة في الحد من توقف الأعمال في فرض التصدير العائدة لأرامكو السعودية ومرافق الإنتاج الحيوية وتأمين سلامتها. وتفرض الأهمية الشديدة لهذه المرافق تسخير كافة الموارد المتاحة في أرامكو السعودية لحمايتها وتأمين سلامتها واستمرارها.
– 
أما الأولوية الرابعة فتتمثل في اتباع أفضل الوسائل العملية في الحد من الآثار البيئية الناجمة عن الانسكاب. ولتحقيق ذلك؛ تتخذ أرامكو السعودية إجراءات عاجلة فور تلقيها تقريراً عن الانسكاب في أي مرفق من مرافقها. ويقصد بمرفق أرامكو السعودية أي مرفق أو معدة تملكها الشركة أو تشغِّلها أو تستأجرها أو تقوم بإنشائها. إضافة إلى ذلك، تلتزم الشركة بتوفير الأيدي العاملة والمواد اللازمة لتنفيذ إجراءات التطهير والحماية اللازمة وتشتيت الزيت المنسكب من أية سفينة راسية على الخطاف أو في المرسى أو متحركة في منطقة فرض أرامكو السعودية أو أية سفينة من أية جهة غير معروفة عندما يشكل هذا الانسكاب تهديداً لمرافق أرامكو السعودية.

وتقوم الشركة في أحوال معينة بالمساعدة على تطهير أية انسكابات أخرى عندما يُطلب منها ذلك بشكل واضح من قبل الدولة. وتتجه الشركة في سياستها إلى تحميل المسؤولية القانونية للانسكاب على الجهة التي يثبت ضلوعها في وقوعه وتحميل هذه الجهة المصاريف التي تتكبدها أرامكو السعودية في عملية التطهير.

إلى ذلك، تتولى الشركة إشعار أعضاء منظمة تبادل المساعدات بين شركات منطقة الخليج التي قد تتضرر أعمالها بالانسكاب الناتج عن أي من مرافقها أو مرافق الغير في المياه الإقليمية للمملكة، وحيث أن معظم أعضاء منظمة تبادل المساعدات بين شركات منطقة الخليج هي شركات غير سعودية؛ فإن هذا الإشعار يعد في الحقيقة بمثابة تحذير لدول المنطقة من خلال شركات الزيت فيها إزاء الخطر المترتب على أي انسكاب، وهو التزام لا يستهان به، ويمثل جزءاً من خطة الاستجابة للانسكاب شأنه شأن الرجال والمعدات.

—————————

التعاون على المستوى الدولي

سعياً منها إلى توسيع وتعزيز قدراتها في مجال مكافحة انسكاب الزيت؛ انضمت أرامكو السعودية إلى عضوية عدد من الهيئات الدولية التي تتبادل التقنية وتقدم المساعدة في مجال الاستجابة للحوادث الطارئة في هذا المجال. ومن هذه الهيئات ما يأتي:

_ 
الهيئة الإقليمية لنظافة البحار: وتقدم هذه الهيئة خدمات الاتصال للشركات الأعضاء (بما فيها أرامكو السعودية). وتستطيع أية شركة عضو طلب المساعدة من الأعضاء الآخرين من خلال هذه الهيئة للاستجابة لحوادث الزيت التي تخرج عن نطاق إمكانياتها. والأعضاء الحاليون في هيئة البحار النظيفة الإقليمية هم: أرامكو السعودية، وشركة الزيت العربية المحدودة، وشركة تكساكو العربية السعودية إنك، وشركة البترول البحرينية، وشركة البترول الكويتية، والهيئة العامة للبترول في قطر، وشركة دبي للبترول، وشركة تطوير نفط عمان، وشركة أبوظبي الوطنية للزيت، وشركة كالتكس الخليج، وشركة ماإيرسك القطرية للزيت، وشركة بنزأويل قطر.

_ 
هيئة الاستجابة لانسكاب الزيت المحدودة: ومقرها ساوث هامبتون بإنجلترا، وهي هيئة غير ربحية ولديها مخزون كبير من معدات الاستجابة لانسكاب الزيت يمكن إرسالها إلى أي مكان يتعرض لمثل هذه الحوادث.

_ 
الهيئة التعاونية لنظافة الكاريبي: وهي هيئة غير ربحية تعمل في مجال الاستجابة لحوادث الزيت ومقرها فورت لودردال بفلوريدا في الولايات المتحدة، وتعمل في منطقة البحر الكاريبي والمياه الساحلية لأمريكا الجنوبية.

_ 
هيئة المحافظة على البيئة البحرية: وهي هيئة أمريكية غير ربحية تركز على نشاط شركات البترول والطاقة في التعامل مع التلوث البحري وخاصة انسكابات الزيت. وتحصل هذه الهيئة على أموال من خلال شركات الزيت الكبرى في الولايات المتحدة. وتمنح هذه الأموال إلى الهيئات غير الربحية مثل هيئة الاستجابة لانسكاب الزيت التي تقدم خدمات استجابة للشركات الأعضاء في هيئة المحافظة على البيئة البحرية.

_ 
هيئة الاستجابة للانسكاب البحري: وهي تقدم خدمات ومعدات الاستجابة للانسكاب المحمولة بحراً في خليج المكسيك بصورة أساسية، وكذلك في البحر الكاريبي.
_ 
هيئة شرق آسيا الخاصة بالاستجابة: وهي هيئة دولية غير ربحية تضم ثلاثة مراكز استجابة تغطي منطقة الباسيفيك. وتضم في عضويتها شركات الزيت الكبرى العاملة في المنطقة، ولديها مخزون كبير من معدات مكافحة الانسكاب في سنغافورة.

_ 
هيئة البترول اليابانية: وهي هيئة تجارية غير ربحية وغير حكومية تمثل صناعة التكرير والتسويق لدى الدولة والهيئات الصناعية والصحافة والجمهور العام. ولديها مخزون كبير من معدات الاستجابة في ستة مواقع في اليابان وخمسة مواقع أخرى على طول مسار نقل الزيت من الخليج العربي إلى اليابان. وتحتفظ هيئة البترول اليابانية بموقع لمعدات الاستجابة في الخفجي وآخر في أبوظبي.

————————————

من أضخم حوادث انسكاب الزيت
شهد العالم العديد من كوارث البحار النفطية، لكن الاهتمام بها وحصر حجم أضرارها ازداد مع ازدياد الاهتمام العالمي بحماية البيئة وحماية البحار بنوع خاص. وفيما يأتي أكبر حوادث انسكاب الزيت العالمية التي وقعت في السنوات الأخيرة:
– بريستيج – 13 نوفمبر 2002م: كانت الناقلة بريستيج التي أمضت 26 سنة في الخدمة قد تعرضت لتسرب الزيت منها في 13 نوفمبر 2002م، عندما تحطم هيكلها بفعل إحدى العواصف. وفي 19 نوفمبر انشطرت السفينة إلى شطرين وغرقت على بعد 200 كيلومتر من ساحل مدينة قاليسيا الإسبانية في مياه عمقها 3,600 متر (11,800 قدم)، مسربة نحو 150,000 برميل من زيت الوقود الثقيل. وقد انتشر الانسكاب على طول مئات الكيلومترات من الساحل الإسباني وجنوب فرنسا وشمال البرتغال. وأدى حظر الصيد في هذه المنطقة من جراء الحادث إلى خسارة آلاف الناس لأعمالهم، كما أثر في اقتصاد المنطقة لفترة مؤقتة.
– ناتونا سي – 4 أكتوبر 2000م: كانت هذه الناقلة المسجلة في بنما قد جنحت في المياه الإندونيسية بالقرب من منارة بيتو برهانت، مما أضر بخزانات الشحن الأربعة فيها وأدى إلى انسكاب نحو 49,000 برميل من الزيت في البحر. وقد وصلت بقع الزيت المنسكب إلى سنغافورة، وتطلب الأمر إجراء أعمال تطهير على شواطئ سنتوسا، أكثر المنتجعات السياحية شهرة في سنغافورة.
– إريكا – 12 ديسمبر 1999م: كانت الناقلة إيريكا المسجلة في مالطا قد تحطمت في عاصفة بحرية بالقرب من الشواطئ الفرنسية، وجرفت المياه نحو 105 آلاف برميل من الزيت نحو الشاطئ الفرنسي. وقد أدت الرياح والتيارات القوية إلى إعاقة مجموعة السفن التي جاءت لمكافحة التسرب وتجاوزت تكاليف المكافحة 160 مليون دولار.
– ناخودكا – 7 يناير 1997م: تسرب ما يزيد على 36,400 برميل من الزيت الخام الثقيل من هذه الناقلة بعد غرقها بالقرب من السواحل الشمالية الغربية لليابان. وقد غطى الزيت المنسكب شواطئ قرى الصيد وهدد المواطن البحرية للمحار.
– سي إمبرس – 15 فبراير 1996م: أطلق حرس السواحل إنذاراً بيئياً عاماً، عندما اصطدمت هذه الناقلة المسجلة في ليبيريا بالصخور بالقرب من ميناء ميلفورد هافن، في ويلز بالمملكة المتحدة، وقد تسرب من هذه الناقلة التي تصل حمولتها إلى 147 ألف طن والتي كانت تحمل 910 آلاف برميل من الزيت الخام، نحو 280 ألف برميل في المحيط بعد يومين من الاصطدام. وقدرت السلطات البريطانية تكلفة أعمال التطهير في البحر وعلى اليابسة بنحو 37 مليون دولار.
– براير – 5 يناير 1993م: كانت الناقلة براير التي تبلغ حمولتها 89 ألف طن والمسجلة في ليبيريا قد اصطدمت بالصخور بالقرب من جزر سيتلاند شمال اسكتلندا، فسكبت كامل شحنتها البالغة 620 ألف برميل من الزيت الخام النرويجي في البحر عند الطرف الجنوبي للجزيرة الرئيسة. وبسبب تلاطم الأمواج وقوة العواصف هناك، تعذر استخلاص أية كمية من الزيت المنسكب وتدفق الزيت على ساحل الجزيرة.
– إكسون فالدز – مارس 1989م: سكبت الناقلة إكسون فالدز 254,700 برميل من الزيت في ولاية ألاسكا الأمريكية عند مضيق الأمير وليام، وغطى الانسكاب مساحة قدرها 12,400 كيلومتر مربع من المياه النقية الصافية وتسبب في مقتل ما لا يقل عن 34,400 طائر بحري و 10 آلاف من الثعالب البحرية، وما يقرب من 16 حوتاً. وقد ذكرت إكسون أنها أنفقت 2.5 بليون دولار في عملية التطهير، وأدت هذه الحادثة إلى صدور قانون التلوث البحري في الولايات المتحدة عام 1990م.
– حقل النيروز في إيران – 4 فبراير 1983م: أدى تدمير منصة الحفر رقم 3 وغيرها من المنصات الأخرى في حقل النيروز الإيراني إلى تسرب 850,000 برميلاً من الزيت الخام في مياه الخليج العربي.
– البئر الاستكشافية في خليج المكسيك – 3 يونيو 1979م: أدى انفجار البئر الاستكشافية في المنطقة المغمورة في باهيا دل كمبتشي، الواقعة على بعد 80 كيلومتراً شمال غرب سيوداد دل كارمن، إلى تسرب 3.3 مليون برميل من الزيت.
– أموكو كاديز – 17 مارس 1978م: أدى تعطل عجلة التوجيه في الناقلة أموكو كاديز إلى جنوحها نحو الساحل البريطاني. وخلال شهر واحد سكبت السفينة كامل شحنتها من الزيت البالغة 1.5 مليون برميل من الزيت الخام وبضعة آلاف طن من وقود السفن، وتسببت في تلوث شديد للساحل. وقدرت قيمة المطالبات المترتبة على هذا الحادث بنحو 100 مليون دولار.
– توري كانيون – 18 مارس 1967م: كان هذا هو حادث الانسكاب الأول الذي أثار اهتمام المجتمع الدولي عندما اصطدمت الناقلة توري كانيون بالصخور عند جزر سيسيلي خارج المياه الإقليمية البريطانية. سكبت السفينة 210 آلاف برميل من الزيت الخام وتسببت في تلوث 300 كيلومتر على طول الساحل الجنوبي الغربي لإنجلترا والساحل الشمالي الغربي لفرنسا. وقد لجأت القوات الجوية الملكية البريطانية إلى تدمير السفينة لوقف تدفق ما بقي من حمولتها من الزيت.

أضف تعليق

التعليقات