قول آخر

في مديح الأندية الأدبية

منذ أن أعيد تشكيل مجالس إدارات الأندية الأدبية وهي تعمل بطريقة بيروقراطية بطيئة، ومرتبكة أحياناً، بل إن معظمها يتابع ما تنجزه وتبتكره الأندية الأخرى، لينفِّذ أعمالاً شبيهة وممسوخة، فتظهر لنا ملتقيات متشابهة، وأسماء كتَّاب مكررة تدعوهم الأندية، إلى درجة أن شاعراً تجوَّل بقصيدته ذاتها بين قاعات معظم الأندية الأدبية.

كنت أسأل نفسي بصفتي كاتباً ومهتماً بالشأن الثقافي، وصوتاً ضمن عشرة أصوات هم أعضاء مجلس إدارة أدبي الرياض، ما الذي يجعل الأندية تتقاطر خلف نادي الرياض في مشروع النشر الخارجي المشترك؟ وما الذي يجعلها تحذو حذو نادي حائل الأدبي في الديوان الشعري المسموع؟ وما الذي يجعلها تحاول منافسة مشروع مركز الترجمة الوليد في نادي الشرقية الأدبي؟ ولم يفترض بكل نادٍ أدبي أن يصدر مطبوعته أو دوريته الخاصة، حتى لو كانت متواضعة المضمون والشكل؟ وما الذي يجبر كل نادٍ على أن يؤسس جماعة سرد وبيت شعر؟ والسؤال الأكثر إلحاحاً: لِمَ على كل نادٍ أدبي أن يشتت موازنته المتواضعة على كل أوجه النشاط الأدبية والثقافية؟ وكأنما قاب قوسين أو أدنى ليغطي أيضاً أوجه النشاط الاجتماعية والرياضية و… و…إلخ.

كم فكَّرت بيني وبيني، ماذا سيصبح الحال لو تخصَّص نادي الرياض الأدبي في ملتقى النقد، خصوصاً أنه يجهز أوراق الدورة الثانية هذه الأيام؟ وماذا سيكون سوق عكاظ الشعري الذي أنجز نادي الطائف دورته الأولى بنجاح معقول، فيما لو تفرَّغ له هذا النادي؟ وماذا سيكون ملتقى الرواية لو أخلص له نادي الباحة الأدبي وطوَّره، وجعل اسمه، ملتقى عبدالعزيز مشري للإبداع الروائي، وخصص له جائزة قيِّمة باسم الراحل؟ وماذا لو أنجز نادي القصيم الأدبي ملتقى للرحلات، جعله مثلاً باسم الرحالة العبودي؟ وماذا لو صمَّم نادي الأحساء مهرجاناً ثقافياً واسعاً متخصِّصاً بثقافة الطفل؟ وماذا لو خصَّص نادي حائل مهرجانه للقصة القصيرة؟ ونادي جدة الأدبي للمسرح؟ وهكذا.

ما زلت أتذكر، قبل شهر تقريباً، حينما شاركتُ أول مرة في مهرجان عبدالسلام العجيلي للإبداع الروائي العربي في مدينة صغيرة ونائية في الشمال السوري، وهي مدينة الرقَّة، التي ولد وعاش بها الروائي العجيلي، وكيف أصبحت هذه المدينة المهملة أهم بكثير من العاصمة دمشق في الأحداث الثقافية، هذا الأمر يجعلنا لا نستبعد أن يأتي أحد أندية الظل، في الجوف أو تبوك أو نجران، ليتسيد المشهد الثقافي.

أعتقد أن لدينا مجموعة أندية أدبية كثيرة لم توجد في معظم الدول العربية، ولكن كل ما هنالك أنها تحتاج إلى التنسيق فيما بينها، وهذا هو الدور الحقيقي لاجتماع الأندية السنوي، إذ يجب أن يسود هذا الاجتماع وضع خطط للسنوات القادمة.

كذلك أظن أن من أهم أفكار المرحلة القادمة لوزارة الثقافة والإعلام، هو أن تفكِّر تفكيراً جاداً، بتسهيل سنوات أربع تفرغ، لكل من يتولى أياً من المهام الأربع في الأندية الأدبية، وهي: رئيس النادي، نائب الرئيس، المدير الإداري، المدير المالي، لأن هذه المهام تتطلب حضوراً يومياً مكثفاً، وهو ما لا يتيسَّر الآن، لأن كلاً من هؤلاء مرتبط بعمل وظيفي حكومي أو أكاديمي، وبالتالي ما يفيض من وقت، يصرفه على النادي، وهو وقت يسير لا يعادل شيئاً من طموحات أي نادٍ أدبي وأحلامه.

أضف تعليق

التعليقات