بيئة وعلوم

زاد العلوم

  • 45a
  • 45b
  • 44a
  • 44b

في شهر أكتوبر أعلنت مؤسسة نوبل أسماء العلماء الفائزين بجائزتها في فروعها الثلاثة الطب والكيمياء والفيزياء. وفي العاشر من ديسمبر يقام في العاصمة السويدية الاحتفال الضخم الذي يسلم فيه ملك السويد الجائزة للعلماء الفائزين. ومابين الإعلان والاحتفال، يخصص باب “زاد العلوم” صفحتيه في هذا العدد، لمتابعة هذه الجائزة العلمية رفيعة المستوى، والأسماء التي حصدتها لهذا العام.

جائزة الطب..
البحث عن الفيروسات

“أتمنى أن تخلق هذه الجائزة مزيداً من الوعي .. أن تلفت مزيداً من الانتباه، للدور الذي تلعبه الفيروسات في الإصابة بمرض السرطان.”
هارولد زيرهاوزن .. جائزة نوبل في الطب 2008

كرَّمت جائزة نوبل هذا العام حدثين مهمين في تاريخ اكتشاف الإنسان للفيروسات ودورها في إصابته بالمرض. وقد فاز بنصف الجائزة العالِمْ الألماني هارولد زيرهاوزن (مركز أبحاث السرطان في هايدلبرج بألمانيا)، وتقاسم نصفها الآخر العالِمان الفرنسيان فرنسواز باريه سينوسي (قسم علوم الفيروسات بمعهد باستير في باريس)، ولوك مونتانييه (المؤسسة العالمية لأبحاث مرض الإيدز في باريس).
قادت أبحاث هارولد زيرهاوزن المكثفة على عائلة الفيروسات المعروفة باسم فيروسات (HPV) إلى اكتشاف العلاقة بين العدوى بها، والإصابة بمرض سرطان عنق الرحم. وشكلت هذه النتيجة دفعة كبيرة في الاتجاه الذي يربط بين العدوى الفيروسية والإصابة بأنواع مختلفة من مرض السرطان، وهو الاتجاه الذي يرى العلماء أنه يشكِّل مفتاحاً مهماً في معرفتنا بالمرض ومن ثم قدرتنا على علاجه أو منعه.
أما فرنسواز باريه سينوسي ومونتانيه، فقد جاء اكتشافهما لفيروس فقدان المناعة المكتسبة والمعروف الآن باسم (HIV) بعد عامين فقط من ظهور أول تقرير عن حالات الإصابة بمرض لم يكن معروفاً قبل ذلك الوقت هو مرض الإيدز. كان الإيدز وقت ظهوره مرض مجهول السبب، ولم يتمكن العلماء من معرفة الفيروس المسبب لهذه العدوي، إلا أن أبحاث سينوسي ومونتانيه قد نجحت في الكشف عن الفيروس المسؤول حيث قاما بعزله من مجموعات مختلفة من المرضى، وتوصلا إلى فهم الآلية التي يقوم بواسطتها بتدمير الخلايا المناعية في جسم الإنسان.

جائزة الفيزياء..
أسرار تركيب المادة

“يبدو أننا الآن على أعتاب الدخول إلى عهد جديد في علم الفيزياء”
ماكوتو كوباياشي .. جائزة نوبل في الفيزياء 2008

وجهت الجائزة الاهتمام هذا العام للأبحاث التي تكشف عن طبيعة بنية وتركيب المادة، والقوى الطبيعية التي تحكم التفاعل بين وحداتها الأساسية. وقد فاز بنصفها يويتشيرو نامبو (معهد إنريكو فيرمي بجامعة شيكاجو في الولايات المتحدة الأمريكية)، وتقاسم نصفها الآخر العالمان اليابانيان ماكوتو كوباياشي (منظمة أبحاث المسرعات عالية الطاقة في اليابان)، وتوشيهيدي ماسكاوا (معهد يوكاوا للفيزياء النظرية بجامعة كيوتو اليابانية).
وضع يويتشيرو نامبو صيغة حسابية تضيف لمعلوماتنا عن هذا الأمر، وتعدِّل في النموذج الذي اعتمده العلماء لتفسير تركيب المادة والقوى المؤثرة فيها. أما أبحاث كوباياشي وماسكاوا فقد أتت بعد وصولهم في عام 1972م إلى فرضية تقول بوجود مجموعة من الجسيمات الإضافية التي تدخل في تركيب الذرة، غير تلك التي كانت معروفة في ذلك الوقت. كانت فرضيتهما تؤكد وجود ستة أنواع من جسيمات تعرف باسم الكواركات، وليس أربعة فقط كما كان معروفاً من قبل. لكن كان عليهما أن ينتظرا حوالي ثلاثة عقود حتى تثبت التجارب صحة فرضيتهما. وقد تم ذلك حين تأكد العلماء بالنتائج العملية من وجود هذه الجسيمات، في منتصف التسعينيات من القرن العشرين.

جائزة الكيمياء..
البروتين الأخضر المضيء

“حين سمعت للمرة الأولى في تلك الندوة العلمية عن هذا البروتين، قلت لنفسي: سيكون هذا رائعاً، سأتمكن من مراقبة ما بداخل خلايا حيوان حي !”
مارتن تشالفي .. جائزة نوبل في الكيمياء 2008

جاءت جائزة نوبل للكيمياء هذا العام لتكرِّم ثلاثة من القائمين على واحد من الإنجازات العلمية المهمة في مجال الكيمياء الحيوية، والذي يُعد مثالاً على الطريقة التي يمكن بها أن تقود الأبحاث العلمية في مجال معيَّن إلى الوصول إلى تطبيقات مهمة في مجال آخر. إذ أدى فهم ومعرفة الطريقة التي تنتج بها بعض الكائنات البحرية الضوء، إلى التوصل لمجموعة من الأدوات التي يمكن بها مراقبة ورؤية العمليات الحيوية التي تحدث داخل الخلايا وتتبعها بدقة ووضوح. وقد فاز بالجائزة كل من أوسامو شيمومورا (معمل أبحاث الحياة البحرية في ماساشوستس بالولايات المتحدة الأمريكية)، ومارتن تشالفي (جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة الأمريكية)، وروجر تشن (جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية)
جذبت الكائنات البحرية المضيئة انتباه أوسامو شيمومورا عالم الكائنات البحرية بجمالها واختلافها. وساقه فضوله العلمي لمعرفة السبب، إلى اكتشاف نوع من البروتين هو المسؤول عن هذه الظاهرة. أطلق شيمومورا على هذا البروتين اسم البروتين الأخضر المضيء أو ما يعرف اختصاراً باسم GFP.
بعد هذا الاكتشاف بعدة سنوات، كان مارتن تشالفي حاضراً في ندوة علمية تمت فيها مناقشة مجموعة من الأبحاث حول البروتين الأخضر المضيء. واستحوذ الأمر على اهتمامه، إذ خطرت له فكرة يستطيع بها أن يستفيد من هذا البروتين في أبحاثه. وكانت أبحاث تشالفي البعيدة تماماً عن علم الكائنات البحرية، تدور حول البروتينات والعمليات الحيوية التي تتعرض لها جزيئاتها داخل الخلايا. قام تشالفي “بحياكة” هذا البروتين المضيء مع البروتينات الأخرى التي يقوم بدراستها، فأصبح تتبعها سهلاً. فكل ما عليه هو أن يبحث عن مصدر الضوء داخل الخلية ويتبعه.
وجاءت بعده أبحاث تشن لتضيف آليات جديدة لهذه العملية. فبدلاً من الاكتفاء باللون الأخضر، حصل تشن عى طيف واسع من الألوان عن طريق إدخال تغييرات خاصة على جزئ البروتين المضيء. وبلعبة الألوان التي حصل عليها، أصبح بإمكانه دراسة عدد من البروتينات داخل الخلية الواحدة في نفس الوقت، كل بروتين له لونه الخاص، وكذلك دراسة أدائها الجماعي وتفاعلها مع بعضها.
وتقديراً لهذا المسار العلمي المميَّز، تم منح الجائزة لهؤلاء العلماء الذين وقفت جهودهم خلف الاكتشاف الأول لهذا البروتين، ثم خلف سلسلة الخطوات المهمة التي أدت لاستخدامه كأداة لتتبع البروتينات داخل الخلايا الحية والكشف عن الكثير من أسرارها.

أضف تعليق

التعليقات