بيئة وعلوم

زاد العلوم

النفايات النووية.. إلى الشمس

بعد ما نشرت مجلة «بوبولار سيانس» تقريراً حول صعوبة التخلص من النفايات النووية، تلقَّت سيلاً من رسائل قرَّائها، وهم من المهتمين بالعلوم والتكنولوجيا، يقترحون فيها حلاً لهذه المعضلة من خلال إرسال بقايا النفايات النووية والمواد المشعة بالصواريخ إلى الشمس.
أقرَّت المجلة فوراً أن هذا الحل النظري يبدو رائعاً. فالشمس أكبر من الأرض بنحو 330 ألف مرة، وهي عبارة عن كتلة من الانفجارات النووية المستمرة من دون انقطاع. وبالتالي، فإنها ستمتص كل النفايات النووية الأرضية، كما يمتص حريق الغابة نقطة زيت. كما أن التكنولوجيا موجودة، إذ إن لوكالة الفضاء الأمريكية حالياً قمرين صناعيين يدوران حول الشمس.
علمياً، تقول المجلة إن ما من وكالة فضاء في العالم لم تسجِّل فشلاً في عمليات إطلاق الصواريخ. وفي حين أن تحطم صاروخ يحمل قمراً صناعياً، فوق البحر مثلاً لا يترك أثراً يستحق الذكر، فإن انفجار صاروخ خلال إطلاقة، أو احتراق مئات كيلوغرامات الأورانيوم على متنه، يمكنه أن ينثر غباراً مشعاً في الغلاف الجوي لعدة أشهر. فمن يجرؤ على ذلك؟

استخدامات جديدة للذهب

حتى أواسط القرن العشرين لم يكن الذهب يدخل في تطبيقات علمية وصناعية تستحق الذكر إذا استثنينا طب الأسنان. ولكن تطور العلوم والتكنولوجيا راح يعتمد أكثر فأكثر على الذهب بسبب مواصفاته الفيزيائية والكيميائية الفريدة بين كل المعادن، حتى ارتفعت نسبة استهلاك الذهب في الصناعات والتطبيقات التقنية إلى نحو %21 من إجمالي الاستهلاك العالمي خلال السنوات القليلة الماضية. ولكن هذه النسبة مرشحة للارتفاع المستمر.
فخلال الشهرين الماضيين، أعلن الموقع الإلكتروني لـ«المجلس العالمي للذهب» عن سلسلة اكتشافات علمية سيدخل الذهب في صميم تطبيقاتها.
ومن هذه المجالات الجديدة التي فتحت لاستهلاك المعدن الثمين، حلول الذهب محل البلاتين في العقار الشهير «سيسبلاتين» المستخدم حالياً في علاج بعض أنواع السرطان، والذي يتسبب بأعراض جانبية مرهقة جداً للمريض، في حين أن الذهب لا يتسبب فيما يشبها.
والاستخدام الثاني هو الذي فتحت مجاله جامعة كوبنهاغن الدانماركية، ويزج الذهب في تكنولوجيا النانو، من خلال تسخين جسيماته بفعل الأشعة الكهرومغناطيسية، الأمر الذي يؤهله للعب أدوار بالغة الأهمية على صعيد الطب وعلم الأحياء.
أما الاستخدام الثالث فهو بيئي. إذ توصَّل فريق من الباحثين في جامعة رايس الأمريكية إلى أن خليط الذهب مع معدن البلاديوم يمكنه أن يفكك مادة التريكوليريتان السامة، وهي أخطر المواد الملوثة للمياه الجوفية في العالم، وتتسبب بتشوه المواليد، وفقدان البصر، وحتى بعض السرطانات. والوسائل الحالية لتنقية المياه منها تعتمد حالياً على مصافي الحديد التي تعزل السموم فقط، في حين أن الذهب يفككها إلى مجموعة مواد غير ضارة.

إنقاذ نصف البحر

القسم الأول من قصة بحر أرال معروف. فمنذ أن تم تحويل الأنهار التي كانت تغذيه، لاستخدامها في ري المزروعات، بدءاً من ستينيات القرن الماضي، راح هذا البحر يجف تدريجياً، ومساحته التي كانت تبلغ 68000 كيلومتر مربع تتناقص باستمرار. ومعظمنا شاهد الصور المريعة التي تظهر فيها السفن غارقة في رمال جافة يغطيها الملح. وبفعل استمرار التجفيف انقسم البحر الذي كان رابع بحر مغلق في العالم من حيث المساحة إلى مجموعة بحيرات أهمها اثنتان واحدة شمالية وأخرى جنوبية، وإجمالي مساحتيهما ما كان في العام 2007م يتعدى %10 مما كانت عليه مساحة البحر قبل أربعين عاماً.
ولأن هناك بعض الأنهار الصغيرة التي تغذِّي البحيرة الشمالية، وهي أصغر بشكل ملحوظ من الجنوبية، ومن ثم تتسرب المياه عبر جداول صغيرة إلى الثانية حيث تتبخر، أكملت حكومة كازاخستان في العام 2005م بناء سد يفصل البحيرتين، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أي البحيرة الشمالية.
وفيما أشارت تقارير المراقبين حول حال البحر أو ما تبقى منه في العام 2009م، أن البحيرة الجنوبية استمرت في التقلص حتى أن نصفها الشرقي قد اختفى تماماً، فإن مستوى المياه في البحيرة الشمالية ارتفع حتى 42 متراً، أي بزيادة مقدارها 12 متراً عن المستوى الأدنى المسجَّل عام 2003م. كما سجَّلت عودة الأسماك إلى العيش فيها، الأمر الذي يُعد خبراً مفرحاً، ولكن ترك البحيرة الجنوبية إلى مصيرها القاتم يفسد هذه الفرحة.

من يرغب في معرفة خريطته الجينية؟

تبلغ تكلفة معرفة الخريطة الجينية للشخص الواحد اليوم نحو 10 آلاف دولار أمريكي. ولكن قريباً جداً سيكون بمقدور فني واحد وآلة واحدة، تقديم الخريطة الجينية الشخصية لكل من يرغب مقابل ألف دولار فقط، استناداً إلى الدكتور ستيفان كويك أستاذ الهندسة الوراثية في جامعة ستانفورد في أمريكا. ولكن المهم هو السؤال الذي يطرحه كويك: «من يرغب في معرفة خريطته الجينية؟».
والسؤال الذي يطرحه هذا العالم منطلق من تجربة شخصية. فبعدما توفي شاب من أقربائة بالسكتة القلبية المفاجئة، شاء أن يعرف هو ما إذا كان يحمل الجين المسؤول عن اعتلال القلب. فجاءت خريطته الجينية الخاصة لتقول له إنه يحمل ثلاثة جينات مسؤولة عن اعتلال القلب وانسداد الشرايين، إضافة إلى جين مسؤول عن مرض السكري من النوع الثاني، وبضعة جينات مسؤولة عن أنواع مختلفة من السرطان. فهل يعني هذا أن البروفيسور كويك سيء الحظ بشكل خاص؟
الجواب المدهش هو: لا. إنه شخص عادي. فوجود جينات سيئة لا يعني حكماً إصابة الشخص بالأمراض التي قد تسببها، إذ إن هناك عوامل عديدة أخرى منها البيئية ومنها الظرفية.
والمدهش أكثر من ذلك، هو أن كويك يؤكد أن في جسم كل إنسان مجموعة جينات سيئة، أي قادرة ومسؤولة عن التسبب في أمراض خطرة معيَّنة. وبالتالي، فإن أي شخص يتقدَّم ليحصل على خريطته الجينية المفصلة، سيحصل على «أخبار سيئة».
ومع العلم أن هذه الأخبار السيئة لا تبرِّر علمياً التشاؤم أو اليأس أو الاستعداد للموت قريباً، فمن هو الذي سيدفع ألف دولار ثمناً لها؟

أضف تعليق

التعليقات