قضايا

أميرة المصطفى..
جيوفيزيائية سعودية حققت حلمها

  • 34

سيرتها مثال لما يمكن إنجازه عندما يتحالف وضوح الهدف مع الإصرار الذي لا يلين على الوصول إليه مهما كانت الصعاب. عرفت كيف تستفيد من الفرص، وكيف تذلل العوائق، وها هي خبيرة جيوفيزيائية تقطف ثمار نجاحها. الزميل خالد الطويلي يعرض لنا بعض المحطات البارزة من مسيرتها.

عندما كانت أميرة المصطفى صبية تلعب مع قريناتها في إحدى “دواعيس” القلعة بقلب القطيف، كانت لها أحلام مختلفة عنهن للأيام المقبلة: بعضهن استغرب تلك الأحلام، وأخريات اعتبرنها غير واقعية، ولكن أميرة كانت مصرة على تحقيقها.

توازنها المعيشي يبدأ بهواياتها، فهي تهوى القراءة والطبخ وتقضي جلّ وقت فراغها بين الكتب ومواعين الطهي. ولدت أميرة في عائلة مهتمة بالعلم بدرجة كبيرة، فكانت بين أخوين وخمس أخوات جميعهم من الجامعيين. ثلاث من أخواتها يعملن في حقل التدريس وأخرى طبيبة أسنان والأخيرة أخصائية أشعة. أما الأخوان فأحدهما رجل أعمال والآخر مهندس. تقول أميرة إن الدراسة والتعليم كانا أهم أمرين في حياتها. كانت تحلم بأن تتابع تعليمها لتصل إلى مجال بدا بعيداً رغم قربه الشديد منها ألا وهو البترول.

بعد الانتهاء من مراحل الدراسة ما قبل الجامعية في القلعة، توفرت لأميرة فرصة تكاد تكون خيالية لتحقيق حلمها، حين افتتحت «أرامكو» برنامجاً حديثاً للابتعاث للدراسة الجامعية، فتقدمت أميرة، المتفوقة في المواد العلمية، خاصة الحساب والفيزياء، إلى البرنامج فتم قبولها لدراسة الهندسة، وباتت قريبة جداً من تحقيق حلمها. ولكن قبل أن يأتيها الدور، تم تعديل البرنامج، وعرض عليها استبدال تخصصها من هندسة البترول إلى الطب.

تقول أميرة إنها لم تكن آنذاك مستعدة للتخلي عن حلمها، وقد ساعدتها إحدى زميلاتها للالتحاق بجامعة الملك عبد العزيز بجدة لدراسة الفيزياء، لأنها تعلم أن الفيزياء مفتاح لدخول عالم البترول.

درست أميرة الفيزياء في جامعة الملك عبدالعزيز إلى جانب ست زميلات، أربع منهن غير سعوديات فتفوقت وحصلت على شهادات تشير إلى هذا التفوق. وبعد السنة الثانية تزوجت وتابعت تعليمها بإصرار، ولم تنته السنة الدراسية الأخيرة إلا وأميرة حامل بابنتها الأولى. وعندما حان وقت قطف الثمر بداية عام 1985م، قطفت أميرة ثمرتين: الأولى شهادتها الجامعية في الفيزياء بتفوق، والأخرى ابنتها التي أنجبتها وسمتها هبة.

عندما عادت أميرة إلى المنطقة الشرقية بعد التخرج تحولت في أول سنة لها في أرامكو السعودية إلى دائرة التنقيب عن البترول لأن: “فيها فرصة أكبر للاستفادة من تخصص الفيزياء”. تعمل أميرة المصطفى اليوم في أرامكو السعودية، أخصائية جيوفيزيائية بدائرة الاستكشاف والعمليات، وهي تعمل على تحليل وتجهيز المعلومات والخرائط التي تنتج عن المسوح السيزموغرافية للطبقات القريبة من سطح الأرض في مواقع الاستكشافات البترولية. هذه المعلومات يعاد صياغتها وتدقيقها للخروج بأفضل التصورات التي ترسل بعد ذلك إلى مواقع الحفر ليتم الاستعانة بها لتحديد أفضل أماكن الحفر بشكل دقيق.

لم تتوقف أميرة عن تطوير نفسها تلقائياً وعبر برامج التدريب في الشركة التي خرّجت خبراء على المستوى الدولي، منهم من تدرّس أوراقه العلمية في الجامعات الأوروبية والأمريكية.

والآن وقد عملت ولا تزال في مجال التنقيب عن البترول قرابة العشرين سنة، تستعيد تلك الأيام بكثير من الرضا وقد تحقق حلمها وكونت أسرة محبة وصالحة. فهي لا تنسى أن مساعدة زوجها وتشجيعه كان له دور حيوي في نجاحها، إضافة إلى تفوقها وإصرارها. ولكن أميرة كذلك أنجبت وربَّت وعلَّمت. ابنتها هبة تدرس الآن الطب في جامعة الملك فيصل، وقد حصلت على جائزة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز للتفوق العلمي مرتين في الشهادة المتوسطة والثانوية لأنها حصلت على نسبة النجاح الكاملة 100%. أما ابنها محمد، فلا يزال في المرحلة المتوسطة وتصفه دراسياً بأنه جيد “ولكنه ولد!”.

أضف تعليق

التعليقات