اطلب العلم

برودة الأرض أم الاحتباس الحراري؟

منذ أواخر الألفية الماضية؛ وحكومات دول العالم أجمع تحذِّر من ظاهرة الاحتباس الحراري الناتجة عن زيادة النشاط الصناعي الملوث للبيئة والذي يؤدي إلى زيادة معدل غازات الصوبة الزجاجية كثاني أكسيد الكربون وبخار الماء في الغلاف الجوي، مما يساعد على حبس كميات إضافية من الطاقة الشمسية على سطح الأرض مسببة بذلك خللاً كبيراً في التوازن البيئي لكوكب الأرض. لكن الباحثين في علوم الفيزياء الشمسية لهم رأي آخر. حيث يرون أن السبب الحقيقي وراء التغيرات الحاصلة للمناخ الأرضي هي تأثير الدورات الشمسية. ماذا نعني بهذا المصطلح؟

النجوم -ومنها الشمس- ليست مجرد كرات مسمطة من الغاز، بل تتميَّز بتركيب تشريحي عميق ومعقَّد من مركز الشمس وحتى الغلاف الجوي الخاص بها.. والمراقب على سطح الأرض لن يتمكن من رؤية ما بداخل الشمس.. فقط طبقة الفوتوسفير Photosphere (الكرة المضيئة ذات اللون الأصفر) والهالة الشمسية التي يمكننا ملاحظتها فقط وقت الكسوف الكلي للشمس.

طبقة الفوتوسفير، هي أيضاً ليست الطبقة الملساء المتجانسة كما نتخيلها، بل إن شكلها يبدو كحبيبات خشنة تحتوي على مناطق تقل في درجة حرارتها عن درجة حرارة الفوتوسفير تدعى «البقع الشمسية». تتكون هذه البقع الشمسية نتيجة النشاط المغناطيسي المكثف، والذي يمنع انتقال الحرارة من باطن النجم إلى هذه المنطقة عن طريق الحمل مما يخفض درجة حرارتها عما حولها.

ونتيجة لهذا النشاط المغناطيسي الزائد؛ تحدث العديد من الظواهر الشمسية كحلقات الهالة الشمسية coronal loops، وانبعاثات الوهج الشمسي Solar flares (وهو انبعاث مفاجئ لموجات ذات طاقة عالية) والانبعاث الإكليلي الجسيمي coronal mass ejection (والمقصود به هروب جسيمات ذات طاقة عالية من الهالة الشمسية) التي تهرب بسرعاتها العالية لتختلط بالرياح الشمسية وتضرب الغلاف المغناطيسي للأرض بقوة، وكلما زاد النشاط الشمسي وزادت عدد البقع الشمسية زادت هذه الكوارث الشمسية التي سخر الله تعالى لنا الغلاف المغناطيسي للأرض وطبقة الأوزون لحمايتنا منها.

هذه البقع الشمسية قد يتزايد عددها لتبلغ عشرات البقع الشمسية وقد يتناقص عددها حتى تختفي تماماً من على صفحة الشمس. وتصنَّف إلى عدة أنواع من حيث شدتها والمدة الزمنية التي تتكرر فيها الدورات الخاصة بها وتأثيرها على المناخ الأرضي. ونخص بالذكر هنا نوعاً محدداً من الدورات الشمسية والمسماة بالدورات الشمسية الضعيفة التي تتكرر كل ثمانين عاماً تقريباً.. وتحتوي على عدد قليل من البقع الشمسية تعيش لفترات تتراوح بين 11 و12 سنة. وهي المسبب الأساسي لظاهرة برودة الأرض والتي سجلها التاريخ بشكل منتظم وبعدة دلائل منها تغير درجات حرارة المحيطات وما يتبعه من اختفاء بعض أشكال الحياة البحرية، بل وشكل الهجرة السكانية أيضاً نتيجة لتأثر الزراعة في بعض المناطق، ومراقبة نسبة الكربون المشع في جذوع الأشجار المعمرة وعشرات الدلائل الأخرى التي لا يسعنا ذكرها.

في هذه الأيام نحن على أعتاب دورة شمسية ضعيفة يتنبأ العلماء بأنها ستكون بداية لعصر جليدي مصغر، وهو تكرار لدورة سابقة حدثت في بدايات القرن الماضي. ويعتقد بأنها أيضاً السبب الأساس وراء حالة الجفاف الشديد التي تعاني منها منطقة جنوب الصومال.

وهكذا سيبقى الجدال الدائر على الساحات الدولية، والذي لن تجيب عنه سوى الأيام القادمة لتكشف لنا من ينتصر في هذه المعركة الكوكبية، برودة الأرض.. أم الاحتباس الحراري.

أضف تعليق

التعليقات