في عددها لشهر صفر 1392هـ (مارس أبريل 1972م)، نشرت «قافلة الزيت» استطلاعاً مصوّراً حول الدرعية بعنوان «الدرعية قلعة الأمجاد»، من إعداد سليمان نصرالله، وتصوير علي عبدالله خليفة. وفيما يأتي بعض ما جاء فيه:
يُعد وادي حنيفة الذي يحتضن الدرعية بين ضفتيه من أهم أودية جزيرة العرب وأخصبها. وقد كان في الماضي من أكثر الأودية سكاناً وعمراناً، تنتشر فيه القرى والمزارع كالعقد المنظوم، وتكاد تكون الدرعية التي نحن بصددها واسطة هذا العقد. وكان هذا الوادي يُعرف قديماً بوادي «العِرْض» أو عِرْض بني حنيفة، شأن كل وادٍ فيه قرى ومياه يطلق عليه العرب مثل هذا الإسم. وقد استوطنت هذا الوادي قبيلة حنيفة، وهي من أقوى القبائل العربية شوكة وأبعدها صيتاً وأكثرها عدداً، اتخذت من جبل العارض «طويق» حصناً منيعاً يقيها غارات القبائل الأخرى.
تتدفق مياه وادي حنيفة من مرتفعات جبال «الخُمْرة» في سلسلة جبال طويق، وينحدر مجراه نحو الجهة الجنوبية الشرقية إلى أن يفيض في روضة السهباء القريبة من «حرض» في أسفل منطقة الخرج، حيث يقوم مشروع الفيصل النموذجي لتوطين البادية. ويقال إن هذا الوادي كان يصب قديماً في الخليج العربي إلا أن الجفاف ورمال الدهناء المتحركة حالت مع الزمن دون ذلك. وعندما تهطل الأمطار، تجتاحه سيول عارمة يصل ارتفاعها في بعض السنين إلى عشرة أمتار، فتقتلع الأشجار وتقوِّض المنازل وتتلف المزروعات، ولهذا الوادي الممرع روافد عديدة تغذِّيه بالمياه وتلقي فيه ما تجرفه في طريقها من طمي، ولذا كان من أخصب البقاع وأعمرها في قلب الجزيرة العربية.
جولة في الدرعية وأطلالها
رغم الأرزاء والنكبات التي حلَّت بالدرعية في عهدها الماضي نجد أهلها يتمتعون بروح عالية من العزم والتصميم. فقد عادوا إليها بعد طول تشتت، وراحوا يبنون ويزرعون حتى عاد للدرعية رونقها وبهاؤها. وبدأت الحياة تدب فيها من جديد.
بدأنا جولتنا في حي البجيري المحاذي لمجرى وادي حنيفة من الجهة الشمالية، وفيه شاهدنا المسجد الجامع الحديث الذي أقيم على أنقاض مسجد إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الذي بناه على مقربة من بيته. ثم قطعنا الوادي من المكان الذي سيجري عليه إنشاء جسر يربط بين البجيري والطريف المتاخم للوادي من الجهة الجنوبية والذي كان فيما مضى مقراً لسكنى أمراء آل سعود. وأول ما يصافح الزائر في هذا الحي أطلال قصر الإمام عبدالله بن سعود بمحلة «سلوى»، ولا تزال جدرانه قائمة رغم عاديات الزمن.. ويمتد من القصر طريق مدرج من الحجارة المطابقة يطلق عليه «درب فيصل» يفضي إلى «الدربشة» وهي قلعة جاثمة على ربوة عالية تشرف على الوادي والهضاب المحيطة به. ومن هذه القلعة يستطيع الزائر أن يرى عدداً كبيراً من الأبراج القائمة على ضفتي الوادي.
الزراعة في الدرعية
كانت الزراعة السائدة في الوادي في الماضي هي النخيل والبرسيم والدخن، والقمح والشعير، بيد أن الأهالي سرعان ما أخذوا يتجهون إلى زراعة أشجار الفاكهة والخضراوات والبقول. فمن أشجار الفاكهة التي تكثر زراعتها في منطقة الدرعية: العنب والرمان والخوخ والجوافة والبشملة والتين والمشمش والتفاح.. أما الخضراوات فقد أصبحت تزرع على نطاق واسع لرواجها، ومنها: الباذنجان والملفوف والقرنبيط والطماطم والفلفل والخس والملوخية والباميا والقرع والكوسا وغيرها. وتعتمد الزراعة في الري، على الآبار الارتوازية التي تحفر إلى عمق يتراوح بين 70 و100 متر.
مركز التنمية الاجتماعية
تأسس هذا المركز منذ عامين تقريباً بالتعاون بين حكومة المملكة العربية السعودية والصندوق الخاص التابع لهيئة الأمم المتحدة.. والغرض الأساسي من هذا المشروع الضخم هو تدريب الأخصائيين العاملين في التنمية الاجتماعية اللازمين لشغل الوظائف في مراكز التنمية المنتشرة في أرجاء المملكة وإجراء البحوث حول الطرق والأساليب الفعالة للنهوض بمسؤولية المجتمع المحلي وتشجيعه على العمل في هذا الاتجاه، والعمل على تطوير المجتمع والإنماء الاقتصادي في إطار المفاهيم الإسلامية والتقاليد العربية الأصيلة. والجدير بالذكر أنه يوجد في المملكة الآن أحد عشر مركزاً للتنمية الاجتماعية وستة مراكز للخدمة الاجتماعية.