طاقة واقتصاد

الجدل بشأن بلوغ الزيت ذروة إنتاجه

  • 27a
  • An oil production platform is reflected on the sunglasses of an Iranian worker at the Soroush oil fields.

بين المتشائم والمتفائل يضيع موعد بلوغ ذروة إنتاج الزيت ما بين العام الجاري ومنتصف القرن المقبل! فمتى ستكون هذه الذروة فعلاً ليبدأ بعدها الشح ثم النضوب؟ بين التوقعات المتناقضة, هناك ولحسن الحظ, قراءات واقعية. المهندس مازن تمار يلقي الضوء على بعض دوافع التوقعات المتشائمة.

يقصد بذروة إنتاج الزيت النقطة التي يبلغ فيها إنتاج الزيت من مكمن أو حقل زيت معين أعلى مستوى له ثم يبدأ في الانخفاض.

ويعود الجدل الدائر حول توقيت بلوغ الإنتاج العالمي من الزيت ذروته وبداية انخفاضه إلى بداية التسعينيات من القرن الماضي، وقد اكتسب هذا الجدل زخماً وأهمية كبيرة في السنوات القليلة الماضية نتيجة لارتفاع أسعار الزيت إلى مستويات غير مسبوقة ونقص المعروض منه وانتعاش الطلب العالمي عليه وقلة ما يتم إضافته من احتياطات جديدة، غير أن الأكثر أهمية اليوم هو أن ازدياد حدة هذا الجدل نتيجة المخاوف المتعلِّقة بأمن الإمدادات، قد جعل هذه المسألة تكتسب بعداً سياسياً أكثر من أي وقت مضى.

معسكر المتشائمين
فهناك معسكران رئيسان يشتركان في هذا الجدل هما معسكر المتشائمين أصحاب نظرية نضوب الزيت أو بلوغ الإنتاج ذروته من جهة، ومعسكر المتفائلين من جهة أخرى. ويقول المتشائمون، الذين يركِّزون في الأغلب على النواحي الجيولوجية، إن الإنتاج العالمي من الزيت التقليدي سيبلغ ذروته بين عامي 2005 و2010م، إن لم يكن قد بلغها بالفعل. وقد قاموا، انطلاقاً من نظريتهم القائلة ببلوغ إنتاج الزيت ذروته، بالضغط على الحكومات لتخصيص أموال وإصدار تشريعات تدعم ترشيد الطاقة وتنويع مصادرها والمحافظة على البيئة، محذرين من النتائج الخطرة التي سيجرَّها نفاد الزيت الرخيص التقليدي على الاقتصاديات والمجتمعات في الدول الصناعية.

وتستند نظرية بلوغ إنتاج الزيت ذروته إلى الاعتقاد بأن ذروة الإنتاج تأتي متأخرة عن ذروة الاكتشافات بما يتراوح ما بين 35 و45 سنة. ويعتقد أتباع هذه النظرية أن اكتشافات الزيت العالمية قد بلغت ذروتها في أوائل الستينيات من القرن الماضي، وبالتالي, فإن إنتاج الزيت التقليدي سيبلغ ذروته عند مطلع القرن الجديد.

ولما لم تتحقق هذه التوقعات، فقد عزوا تأخر بلوغ ذروة الإنتاج إلى عدد من الأحداث غير المتوقعة، أهمها صدمات ارتفاع أسعار الزيت في عامي 1973-1974م وفي عام 1980م، والأزمة المالية الآسيوية في عام 1997م، حيث كان لكل هذه العوامل أثرها السلبي على الطلب والإنتاج، مما أدى إلى تأخير بلوغ الذروة إلى حوالي نهاية العقد الحالي. ومع أن أتباع نظرية بلوغ الذروة يأخذون بعين الاعتبار تأثير الطلب على الإنتاج، فهم يرون أن الطلب لن يكون وراء محدودية الإنتاج، بل الإمدادات، أو قاعدة الموارد .

ومعسكر المتفائلين
أما المتفائلون، على الجانب الآخر، ومنهم شركات البترول والدول المنتجة والمسؤولون الحكوميون ورجال الاقتصاد وغيرهم، فيعتقدون أن التطورات الاقتصادية والتقنية ستنجح في العثور على المزيد من الزيت وتطويره. كما أنهم لا يحصرون قاعدة الموارد النهائية التي تحدد ذروة إنتاج الزيت التقليدي كما يفعل المتشائمون، وإنما يأخذون بعين الاعتبار الدور المتنامي الذي ستلعبه إمدادات الوقود السائل غير التقليدي في المستقبل، خاصة رمال القار الكندية والزيت الفنزويلي الثقيل جداً، الموجودان بكميات هائلة تقدَّر بمئات البلايين من البراميل من الاحتياطات القابلة للاستخلاص. وعلى هذا الأساس فإن بلوغ ذروة الإنتاج في تقدير المتفائلين سيكون في الفترة ما بين عامي 2026 و2047م، وهو ما يبتعد كثيراً عن توقعات أتباع نظرية الذروة.

منحنى هيوبرت سيء السمعة
يمكن القول إن أول من طرح مفهوم بلوغ الزيت ذروة إنتاجه رسمياً هو م. ك. هيوبرت، وهو جيولوجي عمل في شل أويل كومباني وإدارة المساحة الجيولوجية الأمريكية. فقد وضع هيوبرت فرضية مفادها أن إنتاج الزيت في إقليم يضم عدداً كبيراً من المناطق المنتجة للزيت يتبع منحنى ناقوسي الشكل، وهو المنحنى الذي عرف بمنحنى هيوبرت، وينقسم عند نقطة ذروته (النقطة الوسطى) إلى شقين متماثلين ويغطي منطقة تساوي الاحتياطات النهائية القابلة للاستخلاص. وعلى هذا الأساس فإن بلوغ ذروة الإنتاج يحدث عندما يتم إنتاج ما نسبته 50 في المئة من هذه الاحتياطات (أي نصف المنطقة الواقعة أسفل المنحنى).

وقد اكتسب هيوبرت شهرة ومصداقية عندما تمكَّن في عام 1956م من التوقع بصورة دقيقة بأن إنتاج الزيت في الولايات المتحدة باستثناء ألاسكا سيبلغ ذروته في أوائل السبعينيات من القرن الماضي ثم يبدأ في الانخفاض. وفي عام 1972م أُعلن أن إنتاج الزيت في الولايات المتحدة باستثناء ألاسكا قد بلغ ذروته عند مستوى 9 ملايين برميل في اليوم خلال السنة السابقة. وفي عام 1974م قام بإعداد منحنيين يمثلان الإنتاج العالمي من الزيت، أولهما منحنى منخفض يعتمد على احتياطات نهائية قابلة للاستخلاص تبلغ 1.35 تريليون برميل وتؤدي إلى بلوغ الإنتاج العالمي ذروته في عام 1991م، والثاني منحنى مرتفع يعتمد على احتياطات قدرها 2.1 تريليون برميل تؤخر الذروة إلى عام 2000م. وعندما لم تتحقق توقعات هيوبرت حول بلوغ إنتاج الزيت العالمي ذروته، ثارت الشكوك حول مدى انطباق طريقته شديدة التبسيط على العالم ككل، خاصة في غياب منطق فيزيائي أو اقتصادي قوي يدعم تماثلية النتائج بالنسبة لعموم العالم.

أبرز النماذج الحالية
لبلوغ ذروة إنتاج الزيت نتيجة النضوب
يشمل الجيل الثاني من المدافعين عن نظرية بلوغ ذروة إنتاج الزيت كولن كامبل وجان لاهرير وكينيث ديفيز وديفيد قودشتاين وغيرهم. وقد واصل هؤلاء نهج هيوبرت في تحديد الوقت الذي سيبلغ فيه الإنتاج العالمي من الزيت ذروته، مستخدمين نماذج أكثر تطوراً من تلك التي استخدمها هيوبرت، إلا أنها تقوم على مبادئه الأساسية المتمثلة في استنباط توجهات الاكتشاف والإنتاج في الماضي لتقدير كمية الاحتياطات النهائية القابلة للاستخلاص.

الجدير بالذكر أن أتباع نظرية بلوغ ذروة إنتاج الزيت عادة ما يتجاهلون المواد الهيدروكربونية التي تعتبر غير تقليدية, مما يقلل من قاعدة الموارد الإجمالية التي تتكون منها الاحتياطات النهائية القابلة للاستخلاص. ويستندون في هذا التجاهل إلى أن السوائل غير التقليدية لها أطوار نضوب مختلفة ومن ثم فإنها تؤدي إلى إخفاء معدلات النضوب الفعلية. وتشمل السوائل غير التقليدية التي يستبعدونها ما يلي:
– 
الزيت الثقيل (أقل من °20 حسب درجات معهد البترول الأمريكي) ورمال القار الكندية والزيت الفنزويلي الثقيل جداً (أقل من °10 حسب درجات معهد البترول الأمريكي) والبيتومين وزيت السجيل.
– 
الزيت والغاز الموجودان في المياه العميقة، التي يزيد عمقها على 500 متر.
– الاستخلاص المحسن.
– سوائل الغاز الطبيعي.
– الغازات المسالة.
– الفحم المسال.
– الزيت والغاز الموجودان في المناطق القطبية.
– 
الغاز غير التقليدي مثل هيدرات الغاز وميثان طبقات الفحم والغاز الطبيعي الموجود في مكامن قليلة المسامية والنفاذية.

ومن أبرز أنصار نظرية بلوغ ذروة إنتاج الزيت اليوم كامبل ولاهرير، ويستند نموذج استنزاف الزيت الخاص بكامبل إلى تحاليل تفصيلية لكل دولة على حدة من حيث الاحتياطات والطاقات الإنتاجية، وتتضمن هذه الطريقة تقسيم الدول إلى ثلاث مجموعات على أساس حالتهم النضوبية (أي قبل أو عند أو بعد النقطة الوسطى للنضوب). ويعتبر هذا الأسلوب نظاماً مغلقاً يعتمد على متابعة أنماط الإنتاج والنضوب في أحواض البترول العملاقة المكتشفة بالفعل في مختلف أنحاء العالم، وتبلغ آخر تقديرات كامبل للاحتياطات النهائية القابلة للاستخلاص من الزيت التقليدي بتاريخ ديسمبر 2005م ما مقداره 1.85 تريليون برميل، مع افتراض وجود 125 بليون برميل فقط لم يتم اكتشافها بعد، أي ما يعني بلوغ الإنتاج ذروته في عام 2006م، وهو أمر غير محتمل الحدوث.

أما جان لاهرير فيستخدم طريقة لتقويم مجمل ما يمكن أن تصل إليه الاكتشافات العالمية تعرف باسم الخط البياني المتعرج للقطع الزائد. وقد بلغت تقديرات لاهرير التي وضعها في عام 2003م للاحتياطات النهائية 2.25 تريليون برميل.

وتعد تقديرات كل من كامبل ولاهرير شديدة التحفظ عند مقارنتها بتقديرات إدارة المساحة الجيولوجية الأمريكية، حيث تقدم هذه الإدارة تقديرات بديلة أكثر تفاؤلاً للاحتياطات النهائية القابلة للاستخراج. فعلى العكس من كامبل ولاهرير، لا تضع إدارة المساحة الجيولوجية الأمريكية تقديرات للاحتياطات النهائية، وإنما تستخدم طريقة محاكاة تعرف بـ مونت كارلو لتقدير توزيعات الاحتمالات الخاصة بالموارد القابلة للاستخلاص غير المكتشفة في مناطق إنتاج الزيت في العالم، وهي الموارد التي يحتمل أن تظهر إلى حيز الوجود وتتحول إلى احتياطات وإلى زيادة في احتياطات حقول قائمة بحلول عام 2025م.

وفي عام 2000م، أصدرت إدارة المساحة الجيولوجية الأمريكية نتائج تقويمها للموارد البترولية في العالم لعام 2000م، في شكل دراسة تصدر كل سنوات خمس ويعتبرها الكثيرون في صناعة البترول الأدق والأحدث بين تقاويم موارد الزيت الخام والغاز الطبيعي في العالم. وقد جاء فيها أن القيمة المتوسطة لاحتياطات الزيت القابلة للاستخلاص في العالم تبلغ 3 تريليونات برميل، أما الحد الأقصى للموارد النهائية القابلة للاستخلاص فهو أعلى من ذلك، حيث يبلغ 4 تريليونات برميل.

وإلى جانب ذلك، أعدت إدارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية تصوراتها بعيدة المدى لإمدادات الزيت العالمية بالاستناد إلى تقديرات وكالة المساحة الجيولوجية الأمريكية المتعلِّقة بالموارد، وتوضِّح المنحنيات المتباعدة الثلاثة في الرسم البياني أدناه ثلاثة تصورات لبلوغ ذروة الإنتاج، وهي التصور الأساسي بنسبة 95 في المئة، والقيمة المتوسطة (القيمة المتوقعة)، والقيمة الكمية بنسبة 5 في المئة.

وعلى هذا الأساس، فإذا ثبتت صحة التقدير المتوسط الذي وضعته إدارة المساحة الجيولوجية الأمريكية للموارد، واستمرت الزيادة بنسبة 2 في المئة في الإنتاج حتى بلوغ ذروة الإنتاج، ثم انخفض الإنتاج عندها بمقدار 10 من نقاط معدل الاحتياطات/الإنتاج، فإنه يتوقع بلوغ إنتاج العالم من الزيت التقليدي ذروته في عام 2037م بإنتاج يبلغ 53.2 بليون برميل في السنة، وهو مستوى أكثر تفاؤلاً وواقعية من التقديرات الأخرى التي تحصرها بين عامي 2005 و2010م.

أدوار التقنيات
وبصرف النظر عن تقديرات الاحتياطات النهائية القابلة للاستخلاص، هناك عدد من النقاط الأخرى يتذرع بها أنصار نظرية بلوغ ذروة الإنتاج ويمكن دحضها. منها رفضهم الاعتراف بأثر التقنية على الاحتياطات النهائية القابلة للاستخلاص، مدعين أن التقنيات لا تزيد الاحتياطات وإن دورها يقتصر على تسريع عملية الاستخراج وبالتالي جعل الانخفاض الذي يحدث في نهاية المطاف أكثر حدة. وهذا القول ليس صحيحاً تماماً، فمع أنه بحلول الثمانينيات من القرن الماضي كانت معظم الأحواض المعروفة في العالم قد تم الحفر فيها بالفعل، إلا أن الحفر قد تم بواسطة تقنيات قديمة.

أما في ظل أسعار الزيت السائدة وما نشهده من تطورات تقنية اليوم، فبوسع شركات ومنتجي البترول العودة إلى تلك المناطق مرة أخرى للبحث عن الزيت القابع في المكامن القديمة وتطويره إلى جانب تطوير الحقول الصغيرة التي كانت تحتل أولوية دنيا في مجموعات مشروعات شركات البترول. وتشمل هذه المناطق الأجزاء المغمورة في كولومبيا ومدغشقر وحوض أورفان في شرق كندا وفوكلاند وغيرها، وهي مناطق يمكنها جميعاً أن توفر احتياطات إضافية من الزيت التقليدي. والنقطة المهمة هنا هي أن اقتصاديات أو جدوى أعمال التنقيب والاستخراج تتغير مع التطورات التقنية وتغير أسعار الزيت والطلب العالمي والنواحي الجيوبوليتيكية، بحيث يصبح ما هو غير اقتصادي اليوم جذاباً في المستقبل.

كما أن اقتصاديات وتقنيات اليوم قد بررت تطوير السوائل غير التقليدية، أو الزيت الصعب ، التي يتمثل معظمها في رمال القار الكندية والزيت الفنزويلي الثقيل جداً. فعلى العكس من الزيت التقليدي، الذي ينطوي بطبيعته على مخاطر في أعمال التنقيب تحت الأرض، فإن المعوقات الخاصة بالزيت الصعب توجد فوق الأرض، ونعني بها الجوانب السياسية والاقتصادية والتقنية. ولذا فإن تجاهل موارد الزيت غير التقليدي كلية وعدم احتسابها ضمن قاعدة الموارد الإجمالية أمر يتنافى مع الواقع.

وللدلالة على ذلك نذكر أنه يعتقد وجود 1.6 تريليون برميل في رمال القار في كندا، منها 175 بليون برميل قابلة للاستخلاص، وتبلغ طاقة إنتاج رمال القار (الزيت الخام المستخلص من الرمال الزيتية بعد تحسينه زائداً البيتومين) حالياً مليون برميل في اليوم. وتشير التوقعات إلى زيادة إنتاج رمال القار بنسبة 7 في المئة في السنة حتى عام 2025م، ليصل إلى 5 ملايين برميل في اليوم، وذلك على أساس مشروعات التوسع المعلنة والمتوقعة.

ولعل هذا هو أهم سبب يجعل مصادر المعلومات العامة، مثل وكالة الطاقة الدولية، وإدارة معلومات الطاقة وأوبك، إلى جانب المستشارين والبنوك، لا تتوقع انخفاض إنتاج العالم من الزيت في المستقبل القريب، وإنما تفترض تواصل اكتشافات الزيت، تقليدي وغير تقليدي، واستخراجه على حسب الحاجة خلال العقد الحالي، بشرط توافر الظروف المناسبة. وتأخذ هذه الجهات في اعتبارها أثر استمرار ارتفاع أسعار الزيت عن الطلب العالمي والدور الموازن الذي تقوم به هذه الأسعار في تقليل الضغط على قاعدة الموارد الحالية.

علاوة على ذلك، ستشهد الإمدادات من حقول المياه العميقة زيادة قوية خلال السنوات التالية، حيث أدت الطفرة في أعمال التنقيب في المياه العميقة التي شهدتها فترة التسعينيات من القرن الماضي إلى عدد من الاكتشافات التي تبلغ بلايين البراميل.

تتعدد الدوافع وتبقى مثيرة للجدل
ومن الضروري أن ندرس دوافع أنصار نظرية بلوغ ذروة إنتاج الزيت، فهؤلاء الذين ينتمون إلى مجتمع رجال الأعمال ربما تكون دوافعهم تجارية متمثلة في الاستفادة من الزيادة التي يحدثها الخوف في أسعار الزيت. أما دعاة حماية البيئة فهم عموماً يهتمون باستهلاك العالم من الوقود العضوي، وأثر الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري على ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، والضرر الذي يلحق بالأنظمة البيئية نتيجة لانسكابات الزيت وتصريف المخلفات التي تتسرب إلى التربة. وقد انضمت هذه المجموعة بحماس بالغ إلى أنصار نظرية بلوغ ذروة إنتاج الزيت لتحقيق أهداف بيئية من خلال الترويج لترشيد الطاقة وتطوير مصادر الطاقة البديلة مثل الوقود العضوي والرياح والطاقة الشمسية.

وأخيراً، وليس آخراً، يأتي واضعو السياسات المسؤولون عن المحافظة على رفاهية دولهم، سواء من الناحية المادية أو الاقتصادية. ومع أن موضوع بلوغ ذروة إنتاج الزيت لا يأتي في مقدمة أولوياتهم في مجال الطاقة، إلا أن العديد من السياسيين في الدول المستهلكة يستخدمون هذه النظرية لدعم سياساتهم حول أمن الطاقة الذي يتم اليوم الخلط بينه وبين الأمن القومي. ومن أمثلة سياسات الطاقة التي استفادت جزئياً من مخاوف بلوغ الزيت ذروة إنتاجه المبادرة التي أطلقها الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في عام 1970م للترويج لأنواع الوقود المستخلصة من الرمال الزيتية، والمبادرة التي أطلقها الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش تحت عنوان قوة الهيدروجين .

وبعيداً عن هذه الدوافع المتباينة، فإن النهج الذي يتعين على الدول المنتجة والمستهلكة في العالم سلوكه للمحافظة على النمو الاقتصادي وضمان بقاء إمدادات الطاقة الحالية لفترة طويلة واضح وبسيط، وهو يستلزم التحرك في الاتجاهات التالية:
– ترشيد الطاقة
– رفع كفاءة استهلاك الوقود
– الترويج للمواد المضافة للوقود غير الهيدروكربونية
– 
المحافظة على أسعار زيت عادلة تشجِّع على إنفاق المزيد من الاستثمارات في التنقيب وتطوير موارد الطاقة التقليدية وغير التقليدية
– 
تخصيص المزيد من الأموال للأبحاث والتطوير في مجال التقنيات التي تزيد من عمر احتياطات الزيت من خلال رفع كفاءة الاستهلاك ومعدلات اكتشاف الزيت واستخلاصه.

ولا ينبغي بذل جهود لا طائل من ورائها في إثارة مخاوف لا تؤدي إلا إلى زيادة اضطراب السوق وزيادة تقلبات أسعار الزيت، لأن هذين العاملين يضران بالاقتصاد العالمي وبالاستثمارات في مجال التنقيب والإنتاج، مما يؤدي إلى إعاقة الإمدادات المستقبلية من مصادر الطاقة التقليدية وغير التقليدية.

أضف تعليق

التعليقات