طاقة واقتصاد

الابتكار
في الاتجاه العكسي

  • 98540964
  • 51344448
  • 86066851
  • 94941412
  • 97456257
  • 97835000
  • 98137269
  • 98162133

شهدت العلاقات القائمة ما بين المنتجات الصناعية المبتكرة ومستهلكيها قبولاً مهماً خلال السنوات الأخيرة، اتضحت معالمه أكثر فأكثر خلال الأزمة الاقتصادية العالمية التي لم يخرج منها العالم بعد، حتى أن البعض يعوِّل على هذا التبدل بالذات للخروج من الأزمة الراهنة.
ليلى أمل تعرض هذا التبدُّل الذي لم تعد بموجبه بعض دول العالم الثالث مجرد مستهلك لمبتكرات الدول الصناعية الغنية ومنتجاتها، بل أصبحت باحتياجاتها وخصوصياتها مصدر ابتكارات تتوجه إليها أولاً، ومنها لاحقاً إلى المجتمعات الغنية.

لا يتوقف الحديث عن الابتكار في عالم الأعمال اليوم. فلو سألنا خبراء الإدارة وأساتذتها ومستشاريها عن المفتاح الذي سيضمن نجاح الشركات في العقدين القادمين وربما ما بعدهما، سيقولون إنه الابتكار.

ولو سألنا مديري الشركات الكبرى عن الشيء الذي يحتل رأس قائمة أولوياتهم، سيقولون إنه الوصول لاستراتيجية تضمن أن تدمج الشركة الابتكار في ثقافتها، وتحصل بها على نتائج حقيقية. ففي ظل المنافسة التي أصبح من حق الجميع الآن الدخول فيها، ونتيجة للإيقاع السريع الذي يتحرك به عالم الأعمال والاقتصاد في وقتنا الحالي، عرفت الشركات الكبرى أن الثبات ليس وسيلتها لتتصدر هذا العالم وتحقِّق فيه النجاح، وإنما الحركة والابتكار.. الحركة في اتجاهات جديدة، وابتكار منتجات جديدة تلبي حاجات جديدة، وتخلق أيضاً حاجات جديدة. وحين تجد هذه المنتجات طريقها لأيدي مستهلكيها، تبدأ العجلة في الدوران، لتضخ مزيداً من الموارد والفرص في شرايين الشركة.

والآن .. يبدو أن الابتكار يريد أن يزداد ابتكاراً! فما دام الأمر يتعلق بالابتكار، فليس هناك مانع من أن يعكس اتجاهه ليمشي في اتجاه جديد مختلف عن ذلك الذي عرفه من قبل.

رحلة الابتكار ..
من الشمال إلى الجنوب، ثم العكس
منذ العقدين الأخيرين من القرن العشرين، بدأت الشركات الغربية الكبرى تتجه نحو أسواق البلاد الأقل ثراءً ووفرة، لتطرح فيها منتجاتها، وتحصد مزيداً من النمو والأرباح. وقد اعتمدت في ذلك على سياسة ثابتة ومحددة. وهي أن تقوم بطرح منتجاتها التي صنعتها لسوقها الأصلية، في أسواق جديدة خارج حدودها، مع لمسات خفيفة من التغيير، بحيث تضفي على منتجاتها «نَفَساً» محلياً، يرفع نسبة قبولها في تلك الأسواق.

وقد نجحت هذه الاستراتيجية خلال الفترة التي كانت فيها البلاد الغربية الغنية تمثل القطاع الأكبر من السوق، بينما تشغل البلاد الأقل غنى شريحة صغيرة من سوق هذه الشركات. لكن الأعوام الماضية شهدت تغيرات هائلة في تركيب الأسواق على مستوى العالم. فقد انخفضت معدلات النمو في البلدان الغربية المتقدمة بصورة ملحوظة، وتزامن ذلك مع تغير أكبر في البلاد التي تعمل بهمة عالية على الانضمام للقائمة الذهبية للدول المتقدمة على الطريقة الغربية. وحالياً أصبحت أسواق الهند والصين وروسيا والبرازيل، تشكِّل نصف الدخل القومي العالمي، وتمثل %40 من صادرات العالم.

هذه الأسواق الجديدة، تختلف في طبيعتها اختلافاً كبيراً عن الأسواق الغربية التي اعتادت الشركات الكبرى التعامل معها. إذ إنها تعتمد على الوفرة العددية للسكان أكثر من الوفرة المادية في يد كل واحد منهم. فالشريحة العليا من الطبقة الوسطى وما فوقها، هي وحدها القادرة على شراء المنتجات نفسها التي تبتكرها هذه الشركات لتناسب السوق الغربية. أما بقية السكان فتقع هذه المنتجات خارج حدود قدراتهم الشرائية تماماً. لكن عدد السكان الكبير في هذه الدول بات يمثل إغراءً هائلاً أمام الشركات الكبرى، لأن قدرتهم الشرائية الكلية تقلب الميزان لصالحهم، وترغم هذه الشركات على إعادة حساباتها. ومن ناحية أخرى، تمثل معدلات النمو المتصاعدة في هذه الدول إغراء آخر، فإذا عززت هذه الشركات وجودها فيها، فإنها ستنال جائزة أخرى، هي جائزة الطبقة الوسطى التي تنمو وتتمدد بإصرار.

قبل الأزمة المالية التي ألقت بظلال كثيفة على الدول الغنية بوجه خاص، كانت الشركات الكبرى فيها تمد بصرها نحو الأسواق الخارجية، كي تحقق طموحاتها في النمو والاتساع. لكن في الوقت الحالي، تتغير الأمور في اتجاه ينقل دخول هذه الأسواق والتنافس فيها إلى دائرة الضرورة. فكل المؤشرات ترجح أنه بعد أن تخف حدة هذه الأزمة في الدول الغنية، سيدخل اقتصادها في مرحلة طويلة من النمو البطئ بمعدل 1 – %3 سنوياً. لكن العكس هو الأرجح بالنسبة للدول الأخرى التي من السهل أن يصل النمو فيها إلى ضعفي أو ثلاثة أضعاف هذا المعدل.

لذلك، رأت الشركات الكبرى أنها في حاجة لطرح نفسها بصورة مختلفة في تلك الأسواق، وأن عليها أن تغير فلسفتها في التعامل معها بشكل كبير، وبالتحديد عليها أن تغيِّر افتراضين مهمين. الافتراض الأول يقول إن هذه الأسواق ستتطور بنفس الطريقة التي تطورت بها الأسواق الغربية، ولذلك ستتحول بمرور الوقت إلى نسخة تشبهها لكن بملامح محلية. لكن الأمر لم يسر في النهاية على هذه الصورة. فالأسواق الجديدة لها متطلبات وأولويات جديدة. كما أن لها تاريخاً مختلفاً، وهو الأمر الذي يجعلها على استعداد كبير لتلقي أنواع جديدة من التكنولوجيا على نطاق واسع، من دون أن تمر بكل مراحل التطور الطويلة التي مرت بها التكنولوجيا في الدول المتقدمة. وإن كان هذا الأمر يمثل تحدياً أمام الشركات للعمل في ظروف غير تلك التي اعتادتها في مواطنها، إلا أنه في نفس الوقت يفتح أمامها أبواباً واسعة. فمادامت هذه الأسواق لا تحتاج لأن تكرر مسيرة منتج تكنولوجي معيَّن بداية من أطواره الأولى وحتى آخر أشكاله الحالية، إذن يمكن للشركات أن تقدم ما لديها الآن، ولن تجد منافسة حامية لمنتجها الجديد مع منتجات أخرى سبق أن طرحتها هي أو غيرها.

أما الافتراض الثاني الذي تحتاج الشركات أن تغيِّره فيقول إن المنتجات المطورة خصيصاً لأجل هذه الأسواق، لن تكون جيدة كفاية لتنافس في الأسواق الغربية. لكن الواقع يقول إن هناك شرائح من المنتجات يمكن للأسواق النامية أن تقفز مسافات واسعة للأمام فيها مقارنة بأسواق الدول الغنية. فنتيجة لعدد السكان الهائل في بلدان مثل الهند والصين، أصبحت هذه البلدان السوق المركزية بالنسبة لتطبيقات الطاقة النظيفة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية والوقود الحيوي والسيارات الكهربائية. وكلها تطبيقات في مرحلة التطور، وتتنافس الشركات الكبرى على فك شفراتها منافسة ضارية. وإن كانت حاجة الغرب لهذه التكنولوجيا ليست حاجة ملحة الآن، إلا أن الأهمية الكبرى التي تمثلها في بلاد مثل الهند والصين، تجعلها المسرح الأساسي الذي يضمن لمن يستطيع أن يثبت أقدامه أكثر عليه، أنه سيحظى بالنجاح عالمياً في هذا الأمر.

من مستشفيات الريف الصيني
إلى غرف الطوارئ الأمريكية
لشركة جنرال إليكتريك الأمريكية، على سبيل المثال، تاريخها الطويل مع الأجهزة الطبية، وبالتحديد أجهزة الأشعة بالموجات فوق الصوتية. يبدأ هذا التاريخ من أواخر ثمانينيات القرن العشرين، حين ظهر أن هذه الأجهزة سيكون أمامها مستقبل مشرق. فنتيجة لسهولة استخدامها، وكلفتها المناسبة مقارنة بأجهزة أكثر تعقيداً، تمثل أشعة الموجات فوق الصوتية الصف الأمامي من أجهزة الأشعة التي تستخدمها المستشفيات وجهات الرعاية الصحية. وحين بدأت هذه التكنولوجيا في استعراض قوتها، قرَّرت «جنرال إليكتريك» أن تكون اللاعب الأول في هذا القطاع. وخلال السنوات التالية، ركَّزت الشركة جهودها على هذا الأمر، وأسست مركزاً متخصصاً للأبحاث والتطوير للوصول إلى أفضل تكنولوجيا ممكنة من أجل أجهزتها. ومع حلول العام 2000م أصبحت جنرال إليكتريك واحدة من الشركات التي تتصدر المنافسة في هذا المجال، وأصبحت أجهزتها، التي يشرف على تطويرها وتجهيزها فرق عالية المستوى من الولايات المتحدة واليابان، من أنجح أجهزة الأشعة بالموجات فوق الصوتية في أسواق الدول الغنية.

لكن الأمر اختلف تماماً حينما حاولت جنرال إليكتريك مد يدها نحو أسواق أخرى كالصين. فقد كانت قواعد هذه السوق واحتياجاتها تختلف تماماً عن الأسواق التي اعتادت الشركة التعامل معها. فبالإضافة إلى عامل التكلفة التي تهتم به أكثر من الدول الغنية، هناك عامل آخر مهم هو سهولة الحمل والاستخدام. فنظام الرعاية الصحية في تلك البلدان يعتمد بقوة على العيادات والمستشفيات الصغيرة التي تتوزع في مناطق ريفية كثيفة السكان، ولم تكن هذه المستشفيات تحتوي بالطبع على مراكز للأشعة مجهزة بأحدث الوسائل والأجهزة. كما أن طبيعة المناطق الريفية تجعل نقل المريض من هذه المستشفيات إلى المستشفيات الكبرى في المدن أمراً صعباً. لم يكن من السهل على المرضى الانتقال إلى حيث توجد الأجهزة، لذا كان يجب على الأجهزة أن تأتي بنفسها إليهم.

أدركت جنرال إليكتريك أن ذلك لن يكون ممكناً باتباع الأسلوب القديم نفسه.. تسويق المنتج نفسه عالمياً، مع إضافة ما يجعله مناسباً أكثر لسوق محلية معينة. فالأجهزة التي كانت لديها في هذا الوقت أجهزة ضخمة معقدة وعالية التكاليف. لقد كانت تحتاج لمنتج جديد تماماً.

في عام 2002م توصلت الشركة إلى صنع جهازها المتنقل الأول، الذي كان يعتمد على كمبيوتر محمول، يستخدم برنامجاً عالي المستوى. وكان ثمنه يصل إلى 30 ألف دولار وهو رقم يقل كثيراً عن الأجهزة التقليدية. وفي أواخر العام 2007م، طوَّرت الشركة جهازاً جديداً بسعر 15 ألف دولار، وهو ما يقل عن %15 من كلفة الأجهزة التقليدية. وبالطبع لا يملك الجهاز كل كفاءة وخصائص تلك الأجهزة، لكنه مناسب أكثر منها لاستخدامه في عمليات التشخيص الأولية التي يحتاجها أطباء الريف الصيني لأجلها. واليوم أصبح هذا الجهاز هو المحرك وراء نمو جنرال إليكتريك في السوق الصينية والهندية.

لكن نجاح الجهاز لم يتوقف عند حدود الصين والهند. فقد لفت الأنظار أيضاً في أسواق الدول الغنية التي رأت فيه جهازاً مناسباً لحالات خاصة يكون فيها صغر الحجم والقابلية للتنقل عاملين في غاية الأهمية. فوجد هذا الجهاز ترحيباً بالغاً لدى فرق الإسعاف الطبي التي تحتاج إلى مثله لفحص المصابين بإصابات حرجة قبل وصولهم للمستشفى. كما لاقى ترحيباً مماثلاً في غرف العمليات والطوارئ. والآن أصبح جهاز الأشعة المتنقل تكنولوجيا ناجحة يتم تسويقها عالمياً، لتحقق لجنرال إليكتريك أرباحاً تقدر بـ 278 مليون دولار.

تكنولوجيا الهواتف المحمولة
«موسوكو» هو اسم المشروع الذي تعمل عليه نوكيا لإطلاقه ليس في الولايات المتحدة أو أوروبا ولكن في كينيا. والاسم الذي يشي «بالموطن الأصلي» لهذا التطبيق هو اتحاد مقطعي «مو» أول حرفين في كلمة موبايل، و«سوكو» الذي يعني السوق باللغة السواحيلية. البرنامج مخصص لوضع الإعلانات المبوبة وتصفحها، لمن يريد أن يبيع أو يشتري منتجاً أو خدمة، ويعتمد على الهواتف المحمولة لإجراء هذه العمليات. وقد جاءت الفكرة من ملاحظة الاستخدام الكثيف للهواتف المحمولة في كينيا في التعاملات المالية وعمليات البيع والشراء.

وبينما تشتد المنافسة في الدول الغنية بين طرق إنجاز هذه العمليات إلكترونياً، إلا أن كينيا سوق مختلفة، وتحمل فرصاً واعدة لنجاح هذه الخدمة. فغياب المنافسة يقول إن الساحة ربما تظل خالية لفترة طويلة، تحصد نوكيا خلالها وحدها كل النجاح.

أما ميكروسوفت فقد قررت أن تبتكر وسيلة تجعل الهواتف المحمولة العادية «أذكى». فقد اتجهت إلى تطوير برنامج يمكن وضعه على تلك الهواتف يمكنها من الوصول إلى صفحات الإنترنت المشهورة مباشرة، من دون الحاجة لوجود تكنولوجيا متقدمة كتلك الموجودة في هواتف البلاك بيري والآي فون. الفرصة التي رأتها ميكروسوفت في السوق الهندية هي التي دفعتها إلى اتخاذ هذا القرار. فالهواتف المحمولة العادية هي الأكثر رواجاً، وتتفوق على الهواتف الذكية في مبيعاتها، لكن مستخدميها يريدون كذلك أن يكون بإمكانهم الدخول على مواقع الإنترنت التي تحظى بشعبية عالية كموقع «تويتر» أو «الفيس بوك».

هذه التطبيقات لا تطمح فقط إلى ربح الأسواق المحلية التي نشأت فيها، لكنها تمد نظرها صوب السوق العالمية، بما في ذلك أسواق الدول الغنية. فسهولة عمل هذه التطبيقات وسرعتها وخفتها، تُعد ميزات مهمة يمكن لها أن تنافس عبرها، إما بنفسها أو عن طريق إنشاء تطبيقات أخرى بالاعتماد على التكنولوجيا نفسها التي قامت عليها.

تاتا.. وسيارتها الصغيرة
إذا كان الابتكار في الاتجاه العكسي يحمل فرصاً كبيرة للشركات الكبرى في الغرب، فإنه يحمل فرصاً ضخمة وهائلة للشركات المحلية. في شهر مارس من العام 2009م أعلنت شركة «تاتا» الهندية لصناعة السيارات عن إطلاق سياراتها الجديدة «نانو»، والتي صممتها لتكون السيارة الأقل تكلفة في العالم. السيارة الصغيرة التي تحمل اسماً مناسباً جداً لحجمها، تم تصميمها لتلائم بيئتها في كل شيء. بدءاً من سعرها الذي يقدر بحوالي 2500 دولار، واستهلاكها المنخفض للوقود، والحجم الصغير الذي يجعلها لا تعاني كثيراً في شوارع الهند المكتظة. وقد كان عنصر الابتكار من العناصر الحيوية في إنتاج سيارة مثل هذه. يقول الخبراء إن «تاتا» اتبعت في تصميمها مبدأ «الهندسة الغاندية». فالسيارة «متقشفة» بالفعل، واستغنت عن كل ما يمكن للسيارة أن تستغني عنه من كماليات. لكنها مع ذلك استغلت كل فرصة متاحة لتحسين كفاءتها، بأفكار ذكية وطازجة. فمثلاً قام مهندسوها بزيادة مساحتها الداخلية بنسبة %20 عن المساحة المتوقعة، وذلك بإزاحة عجلاتها نحو الأطراف أكثر!

السيارة تبدو مناسبة جداً في سياقها وعلى أرضها، وقد انهمرت الطلبات على الشركة المصنِّعة من قبل طرحها في الأسواق بشهور. لكن الأسواق الغنية التي اعتادت السيارات الضخمة والمترفة، تتطلع هي الأخرى نحو «نانو» بكثير من الإعجاب والرغبة في المشاركة. فالسيارة التي ربما ستبدو «كوميدية» لأول وهلة في الشوارع الأمريكية والأوروبية مثلاً، تمتلك ورقة قوية ورابحة هي الاقتصاد في استهلاك الوقود، والذي تشكل أسعاره صداعاً في رأس الدول الغنية.

الأطراف .. الفرص الغالية
في المراحل الأولى من توجه الشركات الكبرى الغربية نحو أسواق خارج حدودها، كانت السوق العالمية تمثل سلماً تترتب عليه الدول والمناطق بحيث تأتي الدول الغنية في مقدمته، لتقدم الفرص الذهبية والمكاسب الرئيسة للشركات. أما الدول الأقل وفرة وغنى، فكانت تأتي في نهاية السلم، تحمل هامش نمو جديد للشركة، لكنها لا تشارك بفاعلية في تحديد توجهاتها، ولا تشكل احتياجاتها الحقيقية اهتماماً فعلياً كي تفكر هذه الشركات في تلبيتها.

أما الآن فالأمر مختلف. لم يعد السلم قائماً، وتحولت السوق العالمية إلى شكل آخر.. إذ أصبح رقعة تمتد أفقياً، وتترتب الدول والمناطق عليها في مركز وأطراف. المركز يمثل الأسواق الغنية المعروفة والتقليدية، والأطراف هي المساحات الأبعد عن الضوء. لكن الجديد في هذا الأمر أن الحركة السريعة للعالم اليوم، تجعل الأطراف مساحات مرنة يمكنها أن تنضم إلى المركز وتلتحم معه بسهولة، لتظهر أطراف جديدة، في حركة مستمرة وإيقاع قد يكون في أغلب الوقت لاهثاً. الأطراف ليست هي الحدود النهائية التي ترسمها طبيعة السوق العالمية للشركات، ولكن على العكس .. إنها الأماكن التي تتركز فيها الحاجات التي لم تتم تلبيتها، والفرص التي تنتظر أن يتم اكتشافها. وهي الأماكن التي ستلقى فيها الحلول المبتكرة ترحيباً أكبر، واحتمالات أعلى في النجاح.

أضف تعليق

التعليقات