حياتنا اليوم

بعيداً عن العمل.. قريباً منه

كم منّا تمنى لو أن بيته قريب من عمله بحيث لا يضطر إلى تحمّل أعباء الانتقال الطويل؟ كم منّا تمنى لو أن بيته بعيد عن عمله، أو عن كل ما يذكره بالعمل وكدّه اليومي في مكان هادئ مريح، وحبذا لو كان في حضن الطبيعة وأجوائها؟

كم هو مريح أن يكون بيتك قريباً من عملك. قريب حتى أنك تستطيع الذهاب والعودة منه سيراً على الأقدام، لا نقليات عامة ولا انتظار أو زحام وتأخر وتعب، بل ولا حتى عناء الانتقال بسيارة خاصة واجتياز المسافات وإشارات السير والبحث عن مواقف ذهاباً وإياباً.

وكم هو مفيد حين تخرج من عملك أن تخرج منه بالفعل، وتبتعد عنه كلياً، فتشعر بأنك ذاهب فعلاً إلى مكان تسترخي فيه وترتاح من هموم العمل وأعبائه، لا أن تبقى في محيطه وأجوائه وتحت تأثير سطوته وتحت تهديد الاستدعاء إليه في كل لحظة لحاجة طارئة. أنت المستهدف الأول لأن بيتك لا يبعد سوى خطوات قليلة.

لكن تخيّل أنك تستيقظ صباحاً في وقت لا يسبق بداية الدوام كثيراً، مجرد ما يكفي لأن تحتسي القهوة أو تتناول الإفطار وتستحم وترتدي ملابسك وتهبط بعدها من على سلّم منزلك بهدوء إلى الشارع. تسير مسافة كافية لأن تستمتع بالتعرف إلى جو الصباح، وهاأنت عند مدخل مبنى المكتب، فتبدأ عملك وأنت هادئ، واثق، مرتاح.

لكن لا… أنت تخرج نشيطاً من البيت في الصباح متأبطاً صحيفتك أو رواية أعجبتك. تركب الحافلة التي تتجه إلى مقر عملك. على الطريق يستوقف نظرك رفاق الدرب من يصعد إلى الحافلة أو يهبط. تراقب من النافذة المشاهد المتعاقبة على تنوعها ثم تستقر قارئاً صحيفتك أو كتابك. وقبيل الوصول تراجع فكرك، تخطر لك خاطرة جيدة حول شأن يخص العمل فتدخل عند الوصول إلى المكتب بهمّتين: همّة الملتحق بعمله وهمّة من يحمل فكرة يريد تنفيذها.

وليس بين القرب القريب والبعد البعيد حل وسط. فالحل الوسط لا يحصّل، في أغلب الأحيان، فوائد هذا أو ذاك.

ويبقى التردد..
قريباً من العمل، نعم..ولا.
بعيداً عن العمل، نعم..ولا.

أضف تعليق

التعليقات