طاقة واقتصاد

صناعة الإعلان في دول الخليج
مؤشر للمستقبل الواعد يرتسـم اليوم

  • newspaper-ads
  • 648519_17710501
  • DSCN4499
  • DSCN4713
  • 648519_17710501
  • ad-in-mall
  • DSCN4012
  • DSCN4444
  • newspaper-ads2

يعتبر الإعلان من المجالات المهمة التي ما فتئت تتطور نتيجة المتغيرات التي شهدتها الساحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والتكنولوجية في جميع أنحاء العالم. وكغيرها, شهدت دول الخليج تطوراً في النفقات الإعلانية بصورة لافتة للانتباه في السنوات الأخيرة، إذ تضاعفت أربع مرات بين عامي 2001 و2004م وارتفعت من مليار دولار عام 2001م إلى 3.9 مليار دولار عام 2004م. حول واقع صناعة الإعلان في دول الخليج ومستقبلها يحدثنا الدكتور المعز بن مسعود.

يعتبر الخبراء أن صناعة الإعلان تعد واحدة من أهم أشكال الاستثمار التي تمتلك فرصاً جيدة للنمو، بالرغم من أن هذه الاستثمارات لا تزال قليلة جداً في المنطقة العربية، باعتبار أن الشركات العالمية العاملة في هذا المجال ما زالت تنظر إلى المنطقة بوصفها سوقاً استهلاكية تستفيد منها ولا تستثمر فيها على المدى البعيد.

فالعالم ينفق سنوياً ما يقرب من 400 مليار دولار على الإعلانات، مستخدماً في ذلك وسائل إعلام مختلفة كالصحافة المكتوبة والراديو والتلفزيون والسينما وإعلانات الطرقات والإنترنت. وتشير الدراسات إلى أن صناعة الدعاية والإعلان تحقق دخلاً مرتفعاً في دول جنوب شرق آسيا يصل إلى حوالي 300 مليار دولار بينما لا يتجاوز دخل الدول العربية المليار ونصف المليار دولار في أفضل الأحوال على الرغم من الكثافة السكانية المرتفعة في هذه البلدان وتحسن مستوى المعيشة فيها.

وتبقى أمريكا واليابان وبلدان أوروبا الغربية أكثر البلدان إنفاقا في مجال الإعلان، إذ تتصدر أمريكا النفقات الإعلانية بـ 161.487 مليار دولار حسب إحصاءات عام 2004م تليها اليابان بـ 40.340 مليار دولار ثم ألمانيا 20.118 مليار دولار ففرنسا 12.424 مليار دولار ثم الصين 9.037 مليار دولار، فكوريا الجنوبية 6.796 مليار دولار ثم كندا 6.710 مليار دولار تليها دول مجلس التعاون الخليجي بإجمالي إنفاق يصل إلى 3.909 مليار دولار.

وخلافاً لما يعتقد البعض، لا يعتبر عدد سكان البلد الواحد مقياساً أساساً لتحديد حجم النفقات الإعلانية. فعلى سبيل المثال، يبلغ عدد سكان الصين الشعبية 1306 ملايين نسمة لكن النفقات الإعلانية لا تتجاوز في هذا البلد 9.037 مليار دولار، في حين أننا إذا نظرنا إلى عدد سكان أمريكا فنجده يقارب 300 مليون نسمة أما النفقات الإعلانية فتتجاوز 161 مليار دولار. وتنطبق المعادلة نفسها على فرنسا وبريطانيا. فإذا نظرنا مثلاً إلى عدد سكان فرنسا نجده اليوم يتجاوز 61 مليون نسمة مع حجم إنفاق إعلاني يبلغ 12.424 مليار دولار بينما لا يتجاوز عدد سكان بريطانيا 60 مليون نسمة، في حين يكاد حجم الإنفاق الإعلاني في هذا البلد يبلغ ضعف ما تنفقه فرنسا، إذ وصل عام 2004م إلى 20.574 مليار دولار.

سوق الإعلان في دول الخليج
أما بالنسبة لبلدان الخليج فقد تزايد الإنفاق الإعلاني فيها بين عامي 1993 و2005م ليمر من 607 ملايين دولار سنة 1993م إلى 1.098 مليار دولار سنة 1997م ثم 2.830 مليار دولار سنة 2003م و3.909 مليار دولار سنة 2004م وأخيراً 4.558 مليار دولار سنة 2005م.

وتتصدر المملكة العربية السعودية قائمة البلدان الخليجية المعلنة وذلك حتى عام 2005م. إذ شهدت نفقات السوق السعودي في مجال الإعلان تراجعاً طفيفاً لفائدة السوق الإماراتي. فقد بلغ الإنفاق الإعلاني في السوق السعودي عام 2005م 911 مليون دولار مقابل 913 مليون دولار للسوق الإماراتي، وهو ما يمثل نسبة %40 من جملة النفقات الإعلانية في بلدان الخليج إذا ما وقع احتساب إجمالي النفقات الإعلانية لهذين البلدين مجتمعين.

وتتبوأ الكويت المرتبة الثالثة ضمن البلدان الخليجية المعلنة، بحجم نفقات يصل إلى 435 مليون دولار، تليها السوق القطرية بـ 118 مليون دولار، ثم سلطنة عمان بـ 104 ملايين دولار، ومملكة البحرين بـ 103 ملايين دولار، في حين تقدَّر النفقات الإعلانية في باقي الأقطار العربية بـ 1.972 مليار دولار وهو ما يمثل نسبة %43 من الإنفاق الإعلاني في الأقطار العربية مجتمعة.

عوامل نمو النفقات الإعلانية
يعزى تطور النفقات الإعلانية في البلدان الخليجية إلى مجموعة من العوامل والحقائق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية نخص منها بالذكر:

• ارتفاع مستوى المنافسة بين المؤسسات الإنتاجية، ووجود وعي لدى هذه المؤسسات بضرورة دعم عملها التسويقي.
• ما تمنحه بعض الدول الخليجية -ولو بدرجة بسيطة- من امتيازات للمؤسسات التي تقوم بالاستثمار في مجال الإعلان، وتتراوح هذه الامتيازات بين الإعفاء الجزئي من الضرائب والتخفيض من قيمة الضرائب السنوية المستحقة للدولة.
• تخصيص بعض المؤسسات جزءاً مهماً من ميزانيتها لتمويل حملات إعلانية أو دعم برامج تلفزيونية، تستهدف من ورائها استقطاب الجمهور من خلال وسائل الإعلام الجماهيري المختلفة، بقصد بناء صورة ذهنية جيدة للمؤسسة أو تسويق منتج معين.
• تطور وسائل الإعلام المختلفة، الجماهيرية منها وغير الجماهيرية، وظهور أساليب جديدة في توظيف وسائل الإعلام في مجال الإعلان، خاصة كل ما يتصل بتكنولوجيات الاتصال الحديثة مثل الإنترنت والبث الفضائي الرقمي وغير ذلك.
• تطور عدد المشاريع الاستراتيجية ونوعيتها في عدد من البلدان الخليجية نتيجة للطفرة النفطية وارتفاع أسعار النفط، وما يتطلبه ذلك من مجهودات على مستوى العمل الإعلاني.
• تغير البنية التحتية والتركيبة الهيكلية لأغلب القطاعات الاقتصادية التي أصبحت في حاجة مؤكدة لخدمة الإعلان.
• تبني نظام اقتصاد السوق الحر من قبل البلدان الخليجية وانضمام بعضها إلى منظمة التجارة العالمية.
• ارتفاع مستوى المنافسة في السوق المحلي بين الشركات والمؤسسات الخاصة، مما أدى بهذه المؤسسات إلى تخصيص أموال هائلة لتمويل برامج الترويج والإعلانات لتسويق منتجاتها، باعتبار أن عنصر المنافسة في السوق المحررة بات هو العامل الأساس في تحسين جودة الخدمات والسلع.
• زيادة متوسط دخل الفرد إثر الزيادة في الأجور التي أقرتها بلدان خليجية عديدة في الفترة الأخيرة نتيجة للارتفاع المتصاعد لأسعار النفط.
• ارتفاع معدل النمو وزيادة نسبة مساهمة الاستثمارات في الناتج المحلي الإجمالي لكل البلدان الخليجية من دون استثناء.

كما يعود تحقيق هذا النمو إلى التحسن الملحوظ في قطاع المشــروعات المالية نتيجة لزيادة حجم العمليات المصرفية وانتعاش الأسواق المالية الدولية، إضافة إلى النتائج الجيدة التي حققتها معظم القطاعات والنشاطات الاقتصادية غير النفطية، كنشاط الصناعة التحويلية والمواصلات والاتصالات والخدمات البنكية والسياحة …إلخ، في بعض البلدان الخليجية وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين.

فعلى سبيل الذكر لا الحصر، ونتيجة لهذه العوامل بالأساس تطور الإنفاق الإعلاني في مملكة البحرين من 28.4 مليون دولار سنة 1993م إلى 77 مليون دولار سنة 2002م ثم 86.19 مليون دولار سنة 2003م فـ 116.2 مليون دولار سنة 2004م ليصل إلى 103 ملايين دولار سنة 2005م.

تفاوت النفقات بين الوسائل المختلفة
تعتبر المؤشرات الاقتصادية التي تم تحليلها في الفقرة السابقة من أهم العوامل التي تفسر تطور الإنفاق الإعلاني في بلدان مجلس التعاون الخليجي. ويتفاوت هذا الإنفاق بين وسائل الإعلام المختلفة وتذهب الحصة الأكبر منه إلى الصحف والتلفزيون.

فعالمياً يستحوذ التلفزيون على %45 من سوق الإعلان، وتؤول نسبة %40 إلى الصحف والمجلات، أما النسبة المتبقية فتذهب إلى إعلانات الطرقات، الراديو، السينما والفيديو والإنترنت، حسبما جاء في برنامج التقرير الذي بثته قناة العربية في 15 نوفمبر 2005م.

وتنطبق المعادلة نفسها تقريباً على الأسواق الإعلانية الخليجية، فالإعلان المطبوع في الصحف والمجلات يبقى المتصدر للنفقات الإعلانية عموماً في بلدان مجلس التعاون بنسبة %51 -حسب إحصاءات الشركة العربية للدراسات والبحوث (بارك) لسنة 2005م-، يليه التلفزيون بنسبة %45، ثم الإعلان في الطرقات بنسبة %3 والراديو بنسبة %0.92 وأخيراً السينما والفيديو بنسبة %0.28.

وتأكيداً للإحصاءات المبينة أعلاه، بلغت نسبة الإعلان المطبوع في السوق السعودي -أكبر الأسواق الخليجية إعلانياً- نسبة %80 سنة 2004م (منها %72 للصحف و%8 للمجلات)، يليه الإعلان التلفزيوني بنسبة %10 والإعلانات في الطرقات %8 وأخيراً الراديو بنسبة %2.

وتتكرر هذه المؤشرات مع السوق الإماراتي -ثاني أكبر الأسواق الخليجية إعلانياً- إذ نلاحظ تصدر الإعلان المطبوع لإجمالي نفقات السوق الإماراتي بنسبة %73، تتوزع كالآتي: %56 للصحف و %17 للمجلات. ويأتي الإعلان التلفزيوني في المرتبة الثانية بنسبة %19، والإعلانات في الطرقات %5، والراديو %2، والسينما والفيديو %1. كما تتأكد المعادلة نفسها مع السوق البحريني، إذ تبلغ نسبة الإنفاق الإعلاني في الصحف والمجلات %70.13، مقابل %24 للتلفزيون و%1.47 للسينما و%0.82 للراديو و%0.58 للإعلان في الطرق، حسبما جاء في ندوة النشاط الإعلامي والإعلاني بمملكة البحرين، التي عقدت في جامعة البحرين خلال شهر مايو من العام الجاري.

ويعود تصدر الإعلان المطبوع لباقي الأنواع من الإعلانات إلى طبيعة القطاعات المعلنة التي تجد في الإعلان المطبوع الوسيلة الفعالة في توصيل رسالتها الإعلانية، ومنها على سبيل المثال المصارف والاتصالات والطيران والفنادق والسياحة والسيارات ومراكز التسوق والمتاجر والهيئات والمؤسسات الحكومية والعقارات وغيرها من القطاعات. و يوفر الإعلان المطبوع تغطية محددة لأسواق معينة، وبأسعار تناسب كل سوق على حدة عدا المطبوعات العربية العابرة للأقطار العربية (بان عرب) التي توفر تغطية أكبر ، استناداً إلى ماجاء في بحث بعنوان مستقبل الإعلان وعلاقته بالإعلام نُشر في جريدة الشرق الأوسط في 7 أغسطس 2005م.

أما التلفزيون الذي استحوذ على %50 من إجمالي النفقات الإعلانية الخليجية سنة 2004م، و%45 من إجمالي النفقات سنة 2005م و%42 في الأشهر الستة الأولى من 2006م، فإنه يبقى الوسيلة الإعلانية التي تتبع بناءً تغلب عليه الجاذبية خلافاً لما تحمله الكلمة أحياناً من إملال وتجهم يتطلب احتمالهما بذل مجهود كبير. وتقوم فاعلية الصورة الإعلانية التلفزيونية على الزمن المكثف أو المختصر، والزمن المكثف على قصره مؤثر جداً في فاعلية الصورة الإعلانية وتأثيرها في الجمهور المستهدف ، حسبما يؤكد و. أرينز في بحثه حول الإعلان المعاصر .

وعلى الرغم من أن الإعلان التلفزيوني يتطلب ميزانية إعلانية أكبر والكثير من الوقت لإعداده وإنتاجه، إلا أنه يبقى عامل جذب لقطاع إعلانات المنتجات الاستهلاكية سريعة الرواج كمستحضرات النظافة والتجميل والمواد الغذائية والأجهزة المنزلية وقطاع السيارات،… إلخ.

مستقبلاً: مزيد من
التوجه صوب التلفزيون
وإن كان الإعلان المطبوع هو المتصدر للنفقات الإعلانية في منطقة الخليج في الوقت الراهن، إلا أنه سيأتي اليوم الذي سنعيش فيه زخماً كبيراً في الإعلانات التلفزيونية وتوجهاً أكبر من المعلنين نحو بث إعلاناتهم عبر التلفزيون، نتيجة للتحولات التي يحملها التطور التقني والاتصالي في الفترة الراهنة -فترة ما بعد الحداثة- التي يمكن أن نعتبرها حقبة الصورة بامتياز. وإذا كانت الحداثة وما قبلها قد ارتبطت بسحر الكلمة وفاعليتها، فإن مرحلة ما بعد الحداثة ستركز على فاعلية الصورة وتعتمد عليها بوصفها أداة رئيسة للتواصل والتأثير في الآخر.

أما بالنسبة لمدى استفادة الوسائل الاتصالية الأخرى من النفقات الإعلانية في منطقة الخليج، فإنه يمكننا التأكيد على تواضع النسبة التي تذهب إلى الراديو والتي لا تتجاوز نسبة %0.92، حسب إحصاءات الشركة العربية للدراسات والبحوث (بارك) لسنة 2005م مقابل %3 لإعلانات الطرقات و%0.28 للإعلان في السينما والفيديو. ويعود هذا التفاوت بين وسائل الإعلام المختلفة إلى سلوك المعلن نفسه الذي يعتمد في اختياره لوسيلة إعلانية معينة على درجة تأثير الوسيلة وفاعليتها في الوصول إلى المستهلك النهائي، ومدى ملاءمتها للميزانية المحددة مسبقاً.

أهم القطاعات المعلنة في الخليج
إن أسرع القطاعات المعلنة في بلدان الخليج نمواً هي: الهيئات والمؤسسات الحكومية التي ما فتئت تطور نفقاتها الإعلانية من سنة إلى أخرى. فعلى سبيل الذكر لا الحصر، تضاعفت النفقات الإعلانية للمؤسسات والهيئات الحكومية السعودية بين عامي 2003 و2005م خمس مرات، إذ ارتفعت من 40 مليون دولار سنة 2003م إلى 200 مليون دولار سنة 2005م. ويتم صرف أكبر نسبة من هذه النفقات في الإعلانات التوعوية والتوجيهية. وتستحوذ قطاعات الترفيه والفنادق والسفر والسياحة ومراكز التسوق وتجارة التجزئة على أهم نسبة من النفقات الإعلانية خاصة بدولة الإمارات العربية المتحدة.

أما بالنسبة إلى مملكة البحرين فتتوزع هذه النسب بين القطاعات المعلنة خلال العام 2005م كالآتي: الترفيه %13.83، الهيئات والمؤسسات الحكومية %11.99، الفنادق والسفر والسياحة %9.86، مراكز التسوق وتجارة التجزئة %9، السيارات ولوازمها %7.8، الخدمات المالية %7.3، الخدمات المهنية %6.77، المطبوعات ووسائل الإعلام %6.4،الاتصالات والمرافق العامة %5.78، الأجهزة المنزلية الكهربائية %5.27، المقاولات ولوازمها %4.5، مستحضرات النظافة الشخصية والمنزلية والتجميل %3.5، الأغذية والمشروبات والتبغ %3.26، الملابس والمجوهرات والإكسسوارات %3.13، الخدمات %2.54، العقارات والتأمين %2.43.

المستقبل بين قوة الرقابة
وقلة الضوابط
على الرغم من ارتفاع معدلات الإنفاق الإعلاني الخليجي عاماً بعد الآخر، إلا أن هذا الإنفاق ما زال أقل من المتوسط العالمي، كما أن متوسط نصيب الفرد في الاستثمار الإعلاني لا يتجاوز اليوم 112 دولاراً في البلدان الخليجية في حين يصل هذا المتوسط إلى 130 دولاراً في لبنان ولا يتجاوز أربعة دولارات في جمهورية مصر العربية.

ولعل من أسباب هذا القصور عدم توافر وسائل إعلام متخصصة بالرغم من هذا الكم الفضائي الهائل الذي تعرفه البلدان العربية وعلى رأسها البلدان الخليجية، وهذا الكم الكبير من المطبوعات، حيث لا توجد في البلدان العربية عموماً مطبوعات أو محطات متخصصة في قطاعات معينة كما نجد ذلك في الأسواق العالمية.

كما أن تواضع الحوافز المشجعة للمعلنين للاستثمار في نشاطات الإعلان والترويج أدى إلى عدم توافر الميزانيات المناسبة كما هو الحال في الدول الرأسمالية -على سبيل المثال- حيث تحتسب كلفة الإعلان كجزء من كلفة المنتج أو الخدمة وتخصم من الضرائب. يضاف إلى ذلك حركة السوق الإعلاني في الدول العربية نفسها، إذ بدأت هذه السوق تتحرك أكثر باتجاه اعتماد الإعلانات الموحدة، بمعنى الترويج لكل سلعة على حدة وليس فقط الاسم التجاري.

ورغم هذه الوضعية، تدل مؤشرات عديدة على أن النشاط الإعلاني في بلدان الخليج سيشهد تطوراً أكبر في السنوات المقبلة، بعد فتح الأسواق على العديد من القطاعات خاصة قطاعات الاتصالات والطيران والبنوك، نتيجة لتوجه المنطقة نحو سياسات السوق المفتوحة التي ستقود حتماً إلى زيادة المنافسة في هذه القطاعات الواعدة، إضافة إلى قطاع العقارات الذي يشهد هو الآخر نشاطاً إعلانياً كبيراً أسهم في تخصص بعض المحطات التلفزيونية في هذا المجال. وتضاف إلى ذلك قطاعات التأمين والسياحة والفنادق وما تشهده من تطور بدأت بوادره تظهر مع بروز العديد من وسائل الاتصال المطبوعة والقنوات التلفزيونية المتخصصة في بلدان مختلفة من المنطقة العربية خاصة منطقة الخليج. وستكون الاستفادة الأكبر من هذا التطور للصحف والتلفزيون باعتبارها الأكثر استخداماً، إلا أن الزيادة ستكون حتماً في اتجاه القنوات الفضائية التي تحرك وتيرة نمو السوق الإعلاني خاصة في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

أما بالنسبة للإعلان على الإنترنت فإن نسبة التفاعل مع هذه الوسيلة لا تزال خجولة جداً. وهذا ليس حكراً على البلدان الخليجية باعتبار أن الإعلان على الإنترنت لا يمثل حالياً إلا نسبة %5 من حجم الإعلان عبر العالم ككل. كما أن موضوع الإنترنت لا يزال يخيف الكثيرين ولا يزال مرتبطاً تقنياً بالتكنولوجيا الترفيهية أو ما يسمى صناعة التسلية، أكثر من كونه وسيلة لتسهيل الحياة وتقريب المسافات وتغيير نمط العيش.

ويبقى موضوع الإبداع هو الشغل الشاغل للكثيرين من المهنيين العاملين في صناعة الإعلان في البلدان العربية عموماً. ففي حين يعتبر البعض أن الإبداع في مجال الإعلان مقيد، يذهب البعض الآخر إلى أن عملية فرض الرقابة على المضمون الإعلاني لابد أن تمر عبر تحديد جملة من الضوابط المهنية.

فالإبداع -وهو أحد المقومات التي تفتقدها صناعة الإعلان العربية- لا يمكن أن ينطلق من دون ضوابط ومن دون التخلص من المضامين الإعلانية التي تقوم على محاكاة المصلحة التجارية نحو نوع من التعبير الفني الذي يجعل من الإعلان في العالم الفن الثامن دون منازع. وهذا يتطلب منا قدرة فائقة على الاستجابة إلى معادلة صعبة فيها انصهار لثقافتنا ومقدرة على التعبير تحكمها ضوابط ولا تؤثر فيها الرقابة.

أضف تعليق

التعليقات

محمد الحكران

كلام جميل جدا منطقي مدعوم بل ارقام والتواريخ تحياتي الدكتور المعز بن مسعود ومجله القافله وليس غريب علي مجله القافله البداع والابتكار