مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
2024

الرياض إكسبو 2030..

وعود وآفاق


طلعت حافظ

الاهتمام بإكسبو يفتح الشهية للخوض في بعض التاريخ. ويمكن البدء من الأحدث: إكسبو دبي 2020م، الذي تأخر تنظيمه إلى ما بعد هدوء جائحة كورونا. فقد ساهمت فيه المملكة بجناح كان الأكثر تميزًا وإدهاشًا. وبالطبع لم تكن تلك هي المرة الأولى التي تشارك فيها المملكة في إكسبو، فقد كان لها مساهمة لافتة عام 2010م في شنغهاي الصين، ومشاركة في إكسبو إشبيلية 1992م، وغير ذلك من المعارض.

لكن المملكة وعدت أن تقدم للعالم نسخة استثنائية من المعرض في الرياض تترك أثرًا باقيًا في ذاكرة زواره، لا سيما أن موعد إقامة المعرض يتوافق مع عام احتفالها بإنجاز رؤيتها الطموحة، وتزامنًا مع تتويجها واستكمال مشاريعها وتحقيق أهدافها، مثل: إنشاء المدن الاقتصادية والترفيهية والذكية وتشييدها، وحديقة الملك سلمان، وبوابة الدرعية التاريخية، ومشروع المكعب الجديد، ومشروع البحر الأحمر، وغير ذلك من المدن والإنجازات الحضارية العملاقة.

وبحسب ملف الترشيح، من المتوقع أن تبلغ تكلفة إنشاء المعرض 7.8 مليار دولار، يخصّص منها 5.85 مليار دولار للنفقات الرأسمالية، و1.47 مليار للنفقات التشغيلية. وسوف يُضخ هذا الإنفاق الضخم في شرايين الاقتصاد السعودي، وسيكون عنصرًا ومحركًا قويًا لعدد ضخم من الأنشطة والقطاعات الاقتصادية على مستوى المملكة واقتصادها. كما سينشّط بشكل كبير قطاعات كثيرة، مثل: المقاولات والتشييد والبناء، وقطاع الخدمات والضيافة والفندقة، والنقل العام والخاص، والخدمات اللوجستية، والاتصالات وتقنية المعلومات، وتكنولوجيا الاتصالات، بما في ذلك قطاع المال والأعمال، والسياحة والترفيه، وتنظيم المناسبات، وغير ذلك من القطاعات والأنشطة الاقتصادية؛ مما سينعكس بشكل إيجابي وملحوظ على تعزيز مستوى المحتوى المحلي، وخلق آلاف الوظائف للمواطنين من الجنسين، ورفع نسبة التوظيف وخفض معدل البطالة بين السعوديين. ويُتوقع أن يخلق المعرض فرصًا استثمارية ضخمة تقدر بمليارات الدولارات، ستنعكس إيجابًا على تكوين رأس المال الثابت للمملكة المتمثل في وسائل الإنتاج التي تشتمل على الأبنية والمنشآت والآلات والأجهزة والمواد الأولية وغيرها.

هذه المؤشرات الاقتصادية التي من المتوقع أن تحدثها استضافة المملكة لمعرض “الرياض إكسبو 2030” ، تندرج ضمن تطلعات المملكة إلى تحرير اقتصادها من الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل  وفقًا لـ “رؤية 2030” ، وذلك برفع إجمالي الناتج المحلي غير النفطي من 18.7% إلى 50%، ورفع مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر في إجمالي الناتج المحلي من 3.8% إلى 5.7% بحلول عام الرؤية.

لقد كانت متابعة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، على رأس الأسباب التي عزّزت الثقة العالمية بقدرة المملكة على استضافة هذا المعرض الضخم وغيره من المعارض الدولية، لا سيما أن معرضًا عالميًا بحجم إكسبو وضخامته، يتطلب تجهيزات ضخمة وجبارة، هي الأضخم على مستوى التجهيزات العالمية للمعارض.

فقد تابع سموه ملف ترشّح المملكة لاستضافة الرياض للمعرض خطوة خطوة، منذ بداية إعلان المملكة في 29 أكتوبر 2021م، عن تقدمها بطلب رسمي إلى المكتب الدولي للمعارض في فرنسا (BIE) المنظمة للمعرض. خاصة أن المملكة كانت قد أثبتت من خلال رؤيتها الطموحة 2030، قدرتها على تنفيذ مشاريع نوعية جبارة وضخمة من حيث المساحة والتجهيزات. وهذا الحدث الاستثنائي سيكون فرصة سانحة لتوجيه أنظار العالم صوب ما حققته المملكة خلال أعوام قليلة جدًا قياسًا بالعمر الزمني لإنجازات حضارية باهرة وغير مسبوقة، من حيث الفكرة والتصميم وأسلوب التشغيل، مثل مشروع “نيوم” و “ذا لاين” ، بكل تجهيزاتها النوعية والفريدة من نوعها.


مقالات ذات صلة

كيف يبدو الواقع العربي في هذا المجال؟ ما مواصفات الكتابة للناشئة؟ ومتى صارت الكتابة لهم تخصصًا؟ أسئلة نحاول الإجابة عنها.

لم يكن إعلان اللجنة الدولية للمعارض عن فوز الرياض بـ “إكسبو 2030” ، بدايةً للإنجاز الذي نصبو إلى تحقيقه، ولا نهايةً للتحدي. فقد جاء الإعلان نقطة متوسطة بين تأسيس ضخم وبناء عملاق سوف يرى النور قبل عام 2030م.

يُعد التطور في مجال العمارة والبناء والتشييد المرافق لمعارض الإكسبو، بالغ الأهمية على الصعيدين التقني والتاريخي.


0 تعليقات على “وعود وآفاق”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *