أواسي السماءَ
لأنَّ السماءَ ترى الآنَ
أبعدَ..
أوسعَ مما أرى
وأواسي المطرْ
لأنَّ الدموعَ التي ارتعَشَت في عيون السحابِ المهاجرِ
تبتكرُ اليومَ ذاكرةً للفجيعةِ
تثملُ بالدمِ.. والنارِ..
والصرخاتِ الفظيعةِ
حتى تفيض العيونُ الغريقةُ في حزنِها
مطرًا من حجرْ.
مُطرِقًا..
مُغرِقًا في خيالِ القيامةِ
وهي تمرِّرُ في أرقِ الليل أهوالَها
وتخيطُ ثيابِ الردى
للقلوبِ التي حلُمَت بالصباحِ البسيطِ المكررِ
للأغنياتِ النبيّةِ في شفةِ الطفلِ والطير
للأرضِ
وهي تمدِّدُ قاماتِ أشجارها لعناقِ السماءِ البعيدةِ
لكنها لا ترى..
لا تُجيبُ
لا تُصيخُ لهذا العويلِ الثقيلِ المفخَّخِ
بالليلِ
والويلِ
والأضرحة.
الصباحُ..
الرمادُ المُمدَدُ فوق البلادْ
الصباحُ..
القبورُ التي انتثرَت في شظايا البيوتِ الغزيرةِ في ضفتيه
ربما مثلَنا أدهشَته القيامةُ
نامَت طويلًا على مقلتيه الغمامة.
وها هو يلمحها
وهي ترحل ذائبةً
في صديدِ الهواءِ المملَّحِ بالبحرِ
يبصرها.. فيشكُّ
يصدِّق أوهامَ عينيهْ
يُنكرها
ويقولُ:
الحقيقةَ أختُ المجازِ الشقيةُ
ها هي تعجنُ في سهوِ هذا الزمانِ
الترابَ، الدمَ، البحرَ، والشجرَ الفزِعَ المتطايرَ
حتى تعانقَ كلُ العناصر أجزاءَها
وتواسيَ آلامَها
ريثما يتبدد وجهُ الزمانِ
وتُنسى..
ولكنني لستُ أنسى
دمي شاهدٌ
صرختي جمُدت في صقيعِ الجحيمِ
ترمَّدتُ
بعثرتُ أسئلتي/حيرتي في السماءِ
وعدتُ
لألقى القصيدةَ باردةً مُرَّةً في انتظاري
سأواسي القصيدةَ أيضًا
لأنَّ القصيدةَ بنتُ دمي
ولها أن تثورَ.. تضجَّ بقلبي
وتكتبَ منِّي
وعنِّي
إليَّ
وترثيَ آخرَ أشباحي الراحلة.
ولي أن أفتش جرحَ الكلامِ القديمَ
وأسألَ كل الحروفِ التي نزفَتها القصائدُ
كيف لها بعد هذا الخرابِ الكبير
الذي
نثرَ اليأسَ في كل هذا المدى
أن تواسيَ بالكلماتِ البشر؟!
اترك تعليقاً