مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين

من المختبر


النوم هنيئاً قبل
200 ألف سنة

موقع بوردر كيف

اكتشف باحثون متعدِّدو الاختصاصات، ومن عدة جامعات من جنوب إفريقيا وفرنسا والأرجنتين وبلجيكا، في “كهف بوردر” بجنوب إفريقيا، وهو موقع أثري مشهور، دليلاً على أن الناس استخدموا فراش العشب لنومٍ مريح قبل 200,000 سنة على الأقل. ونشرت البحث جامعة “ويتواترساند” في جنوب إفريقيا على موقع يوتيوب، في شهر أغسطس من العام الجاري.
وُضِعت هذه الأسرَّة المكوَّنة من حُزم عشب من فصيلة “بانيكويدي” عريضة الأوراق، فوق طبقات من الرماد. وتقول الباحثة الرئيسة البروفيسورة لين وادلي: “نعتقد أن وضع فراش العشب على الرماد كان استراتيجية متعمَّدة، ليس فقط لإنشاء قاعدة معزولة خالية من الأوساخ للفراش، ولكن أيضاً لصد الحشرات الزاحفة”.
ومن المعروف أن ثقافات قديمة عديدة استخدمت الرماد كطارد للحشرات في ذلك الوقت. لأن الحشرات لا يمكنها التحرك بسهولة عبر المسحوق الناعم، كما أنه يعطل جهاز التنفس والعض لديها، وفي النهاية يخنقها.
ومن المثير للاهتمام أيضاً أن بقايا شجيرة الكافور، التي تم التعرُّف إليها على الجزء العلوي من العشب على فراش هذا الكهف، لا تزال تستخدم لردع الحشرات في المناطق الريفية في شرق إفريقيا حتى اليوم.
وتضيف وادلي: “نحن نعلم أن الناس عملوا وناموا على سطح العشب؛ لأن الحطام الناتج عن تصنيع الأدوات الحجرية كان مختلطاً مع بقايا العشب. كذلك، تم العثور في الفراش على كثير من الحبيبات الصغيرة المستديرة من المغرة الحمراء والبرتقالية (مسحوق حجري يستخدم للصبغ)، التي استخدمت لفرك البشرة أو تلوين بعض الأشياء”.
ففي تلك الأثناء كان الإنسان يعيش في مرحلة الصيد وجمع الثمار، وكانت النار تُستخدم أيضاً كنقاط محورية؛ ينام الناس بانتظام بجانبها، ويؤدُّون مهام السكن في سياقات اجتماعية. وقد أشعل الناس النار في كهف بوردر هذا بانتظام، كما تشير المواقد المكدسة فوق بعضها.
وأظهر البحث أنه قبل 200,000 عام، الفترة التي شهدت نشوء وتطوُّر الجنس البشري، كان بإمكان الناس إنتاج النار عند الرغبة. كما استخدموا النار والرماد والنباتات الطبية للحفاظ على مواقع نظيفة وخالية من الآفات وتوفير نوم مريح؛ إنها ميزة مبكرة لتلك المجتمعات أكثر مما كان يعتقد سابقاً.

المصدر: youtube.com


سبقت الأهرامات بآلاف السنين
هياكل حجرية ضخمة في الصحراء السعودية

من المثير للاهتمام أن تكون أقدم وأضخم الجنادل (منشآت حجرية ضخمة) في التاريخ قد اكتُشفت على أيدي هواة سعوديين، لتصبح لاحقاً محل اهتمام ودراسة العلماء على نطاق واسع حالياً. فقد قامت مجموعة من هواة الرحلات البرية السعوديين، تدعى “فريق الصحراء”، بتصفح “غوغل إيرث” لفحص أجزاء من المناظر الطبيعية السعودية وزيارة بعض المواقع وتوضيحها على الموقع الإلكتروني للفريق عام 2017م. واكتشفوا لأول مرَّة هياكل غير عادية في حَرَّة خيبر وصحراء النفوذ ونشروها بالتفصيل على موقعهم.
بعد ذلك، كما يقول عالم الآثار دايفيد كندي من جامعة غرب أستراليا، بدأ الاهتمام الواسع بها. وحديثاً، ووفقاً للمعلومات الجديدة المنشورة في مجلة “هولوسين” (The Holocene) بتاريخ 17 أغسطس 2020م، اكتشف باحثون من “معهد ماكس بلانك للإيكولوجيا الكيميائية” في جينا بألمانيا، وبقيادة عالِم الآثار هوو كروكت، وجامعة أكسفورد، وكذلك زملاء من المملكة ودول أخرى، أن مئات الهياكل الحجرية تتكوَّن من أحجار ضخمة، على شكل مستطيلات عملاقة. لكن العلماء ما زالوا غير متأكدين من الهدف من إنشاء هذه الهياكل في ذلك الوقت قبل 7000 سنة، ويرجّحون أن تكون مصائد للحيوانات أو أماكن لممارسة طقوس من نوع معيَّن؛ خاصة وأنها أقدم من أهرامات الجيزة في مصر، وستونهنج في جنوب غرب إنجلترا بأكثر من أربعة آلاف سنة.
ويقول الباحثون إن هذه الهياكل كبيرة جداً، لدرجة أنها تُعد الآن أقدم الهياكل الكبيرة في العالم. ويقدِّمون أدلة أساسية حول كيفية بقاء الناس في وقت مبكر في شبه الجزيرة العربية شبه القاحلة منذ أكثر من سبعة آلاف عام. كما ستكون هذه الآثار موضع مزيد من الدراسات المستفيضة لإلقاء مزيد من الأضواء على ما قبل التاريخ المعروف للجزيرة العربية حتى الآن.
وأوضحت هيئة التراث الوطني في المملكة “أن نتائج أعمال الفريق أكَّدت أن مناطق شمالي المملكة شهدت تطوراً حضارياً منذ حوالي 5000 سنة ق.م. بدليل تشييد أماكن ضخمة ضمَّت مئات المنشآت الحجرية الكبيرة، وهو تغيير ثقافي مهم ونقلة حضارية في المنطقة”.
ويعتقد العلماء أن تلك المناطق من صحراء النفود وحَرَّة خيبر لم تكن صحراء قاحلة كما هي اليوم. وأن هذه المستطيلات تعكس البدايات الأولى لتطور الإقليمية (Territoriality) عند الإنسان، من خلال المنافسة على المراعي في بيئات صعبة غير مستقرة في الجزيرة العربية، حتى في الأزمنة الرطبة في عصر الهولوسين، حيث بدأت البيئة تمر بفترات جفاف قبل أن تؤول إلى ما هي عليه اليوم.

المصدر: journals.sagepub.com


مكافحة الجراد بسلاحه

تعليق الصورة: جراد صحراوي يتجمَّع في أسراب في كينيا، يناير 2020م (Ben Curtis/AP)

يغزو الجراد مناطق واسعة تقدَّر مساحتها بنحو %20 من مساحة اليابسة في الكرة الأرضية. ويظهر الجراد الصحراوي من موريتانيا في إفريقيا إلى البنجاب في الهند مروراً بالمملكة العربية السعودية، ويلتهم كميات كبيرة من المحاصيل، مهدداً الأمن الغذائي لكثير من الشعوب؛ كما حصل بداية هذه السنة 2020م في بعض بلدان إفريقيا وآسيا.
عادة، يعيش الجراد بشكل انفرادي. والجرادة المنفردة لا تشكِّل خطراً. لكنها عندما تجذب الآخرين يبدأ تشكُّل سرب متنامٍ، وينتهي الأمر بمليارات الجراد. وهي تطير معاً مشكِّلة سجادة ضخمة متحركة يمكنها حجب أشعة الشمس وتجريد الطبيعة من النباتات والمحاصيل. وعلى الرغم من الدراسات العديدة، لم يتمكَّن العلماء من معرفة السبب الذي يجعل هذه الحشرات تتجمع وتتخلى عن أنماط حياتها الانفرادية. أما الجديد اليوم، فهو دراسة نُشرت في مجلة نيتشر بتاريخ 12 أغسطس 2020م، وحدَّدت المحرِّك لذلك: الجراد المهاجر يستجيب لفيرومون (عامل كيميائي ينقل الإشارة من حيوان لآخر) يسمَّى 4 – فينيلانيسول (4VA).
وفيرومون (4VA) خاص بالجراد المهاجر. ويمكن لهذا الاكتشاف أن يوفر طريقة للسيطرة على عديد من الأسراب المدمِّرة الأخرى، بما في ذلك تلك التي سببت الأضرار الكبيرة هذا العام. ويقترح الباحثون في هذه الدراسة استخدام هذا الفيرومون لتجميع الجراد في مناطق محدَّدة يمكن أن يُباد فيها بشكل جماعي بالمبيدات.
وأظهرت نتائج العلماء الباحثين أيضاً أنه كلما ازدادت كثافة سرب الجراد، زادت كمية هذا الفيرومون في الهواء “بشكل ملحوظ”. قد تفسر هذه الظاهرة لماذا بمجرد قيام السرب يبدأ بجمع مزيد ومزيد من الجراد الانفرادي بمرور الوقت.
بالإضافة إلى ذلك، وجد الباحثون أنه بمجرد أن تتزاحم أربع أو خمس جرادات منفردة معاً، تبدأ بإنتاج الفيرومون (4VA).

مكافحتها بالوسيلة نفسها
ومن المعروف أن المبيدات الحشرية هي السلاح الفعَّال الوحيد لمكافحة آفات الجراد. لكن حجم الأسراب وحركتها وعدم القدرة على التنبؤ بها، يجبر الحكومات والمزارعين على رشها على نطاق واسع من دون داع لذلك؛ مما يضر بالحيوانات الأخرى والنباتات والبشر.
واكتشاف الفيرومون (4VA) يمكنه أن يسهِّل نهجاً جراحياً دقيقاً أكثر. إذ يقترح واضعو الدراسة استخدام نسخة اصطناعية من الرائحة لجذب الجراد إلى أماكن معيَّنة بعيدة، تستخدم كأفخاخ، حيث يمكن مكافحته. وقد جرَّبوا هذا على نطاق صغير، عندما زوَّدوا أفخاخاً لاصقة بهذا الفيرومون، فوقع فيها كثيرٌ الجراد.
كما اكتشف العلماء طريقة أخرى تجعل الجراد غير قادر على شم (4VA) على الإطلاق. فالجراد يكتشف الفيرومون عبر قرون الاستشعار الخاصة بها؛ فتلتصق جزيئاتها بمستقبلات شمية. لذا، عدّل الباحثون الجراد وراثياً بحيث يفتقر إلى هذا المستقبِل، ووجدوا أن الجراد المعدَّل كان أقل انجذاباً إلى (4VA) من نظيره البري.
بناءً على هذه النتائج، يعتقد العلماء أنه يمكن تطوير مواد كيميائية لهذا الفيرومون لعرقلة عملية الشم عند الجراد. وبهذه الطريقة يمكن نشر مثل هذه الجزيئات على نطاق واسع لمنع تراكم الجراد، مما يجعل الجراد عمياً عن رائحته.

المصدر: businessinsider.com


مقالات ذات صلة

في عام 2077م، شهد معظم سكان أوروبا كرة نارية تتحرك في عرض السماء، ثم سقطت كتلة تُقدّر بألف طن من الصخور والمعادن بسرعة خمسين كيلومترًا في الثانية على الأرض في منطقة تقع شمال إيطاليا. وفي بضع لحظات من التوهج دُمرت مدن كاملة، وغرقت آخر أمجاد فينيسيا في أعماق البحار.

نظرية التعلم التعاضدي هي: منهج تتعلم عبره مجموعة من الأفراد بعضهم من البعض الآخر من خلال العمل معًا، والتفاعل لحل مشكلة، أو إكمال مهمة، أو إنشاء منتج، أو مشاركة تفكير الآخرين. تختلف هذه الطريقة عن التعلم التعاوني التقليدي، فبين كلمتي تعاون وتعاضد اختلاف لغوي بسيط، لكنه يصبح مهمًا عند ارتباطه بطرق التعليم. فالتعلم التعاوني التقليدي […]

حتى وقتٍ قريب، كان العلماء مجمعين على أن الثقافة هي سمةٌ فريدةٌ للبشر. لكن الأبحاث العلميّة التي أجريت على الحيوانات، منذ منتصف القرن العشرين، كشفت عن عددٍ كبيرٍ من الأمثلة على انتشار الثقافة لدى أغلب الحيوانات. وعلى الرغم من الغموض الذي يلفّ تعبير الثقافة، حسب وصف موسوعة جامعة ستانفورد الفلسفيّة، هناك شبه إجماعٍ بين العلماء […]


0 تعليقات على “من المختبر”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *