على باب كل بيت يزوره عمال رش محلول الـ د.د.ت يرسمون علامة كالتي على هذا الباب، للدلالة على أن عملية الرش في ذلك البيت قد تمت.
لعلَّ الكثيرين من الناس يظنون، وهم يشاهدون عمليات رش الـ د.د.ت تقوم على قدم وساق، أن الغاية من رش هذا المحلول هي مكافحة الذباب. ولذلك فإنهم سرعان ما يشعرون بخيبة أمل عندما يكتشفون قلة تأثير الـ د.د.ت على الذباب، بالنسبة لما كانوا يتوقعون. وقد يتبادر إلى أذهان البعض، نتيجة لذلك، أن هذه الطريقة عقيمة وأن هذه الجهود تذهب عبثًا.
إلا أن الحقيقة التي ينبغي أن يعرفها الجميع هي أن القصد الرئيسي من رش محلول الـ د.د.ت، هو القضاء على توالد بعوض الملاريا، أكثر منه من القضاء على الذباب، لا لسبب إلا أن مكافحة الذباب لها وسائل وطرق أخرى أنجع وأكثر فعالية.
وهنا قد يتساءل آخرون، لم لا يكون هدف هذه الحملات، الآفتين معًا -البعوض والذباب – طالما أن الـ د. د. ت معروف بأنه قاتل الحشرات؟ وجوابًا على ذلك يجدر بنا أن نشير إلى أن تأثير محلول الـ د.د.ت يتفاوت بتفاوت أنواع الذباب. ففي حين أنه يقضي على البعض، فإن البعض الآخر لا يكاد يتأثر به. بل إن هنالك من الذباب ما يكتسب من الـ د.د.ت، على مرور الزمن، شيئًا من المناعة، حتى إنه لا يعود يتأثر منه بالمرة. وذلك بعكس بعوض الملاريا الذي لا يستطيع تحمل تأثير الـ د.د.ت، بل يهلك من مفعول هذا المحلول.
وكذلك قد يتساءل فريق آخر، لمَ يقع الاختيار في كل سنة على فصل الخريف، لمكافحة الملاريا؟ لعلَّ السبب في ذلك أن هذه الفترة هي فترة انتقال من فصل إلى آخر. ففي مثل هذا الوقت من السنة، يوشك فصل القيظ أن يولي، وتبدأ درجة الحرارة في الانخفاض تدريجيًا. كما ترتفع، لبضعة أسابيع نسبة الرطوبة في الهواء، لا سيما أنها ترتفع في المناطق القريبة من البحر إلى درجة قصوى، يصبح معها الجو مشبعًا بالماء، الذي يتقطر بسهولة متناهية، ويبلل الأرض، حتى تبدو في بعض الأماكن وكأنها قد غرقت بالمطر.
وتتزايد من جراء هذه الرطوبة المستنقعات والمياه الراكدة، لا سيما في الأراضي المنخفضة والترع الجافة والحفر والأخاديد، فيساعد كل ذلك على تكاثر توالد بعوض الملاريا وانتشاره، في هذه الفترة، أكثر من أية فترة أخرى. ومن هنا أغلب الظن، وقع الاختيار على هذه الفترة دون سواها، لشن حملة مكافحة الملاريا، للقضاء على البعوض.
تُبذل ولا ريب جهود جبارة في هذا السبيل، لتعم فائدة هذه الحملة، فلا يُترك بيت أو مبنى أو مكان عام أو سوق أو أي مكان آخر يرتاب الخبراء في إمكانية تفقيس البعوض وتوالده فيه، إلا ويُرش بمحلول الـ د.د.ت. كما أن فِرق رش هذا المحلول الفعال تنتشر في كل حدب وصوب، حتى تشمل عمليات الرش جميع البلدان والقرى الواقعة في واحات القطيف والأحساء والخرج وجزيرة تاروت وغيرها من مناطق الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية.
وتقوم بهذه الحملة في هذا العام، كما قامت بها في الأعوام الخمسة الماضية، إدارة الطب الوقائي التابعة لشركة الزيت العربية الأميركية، بالتعاون مع الحكومة السعودية. ففي حين تتولى الشركة الإشراف على هذه الحملة، بالنيابة عن حكومة صاحب الجلالة، وتحضير المعدات الضرورية والكميات التي تفي بالحاجة من الـ د.د.ت، وتلزيم العمليات إلى بعض المقاولين الخبيرين، وتقديم ما يلزم من المساعدات الفنية والخدمات العامة كالنقليات وصيانة المعدات وتصليحها، تدفع الحكومة نفقات هذه الحملة.
أما عمليات الرش في هذه السنة، فقد بدأت منذ حوالي ثمانية أسابيع. وقد أُكمل حتى الآن رش مساحة واسعة، تشمل قريتي صفوى والأوجام وأماكن أخرى. واستمرت فِرق الرش في مهمتها هذه طوال شهر محرم، وبذلك تكون عمليات الرش بالـ د.د.ت، قد شملت، جميع المناطق المقرر رشها.
اترك تعليقاً