مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
مارس - أبريل 2023

ما الشعر؟


محمد إبراهيم يعقوب

ما الشعر؟

كلمات العابر الأخيرة، محمد إبراهيم يعقوب.

شيءٌ ..

كزهر اللوز في آذارِ

لغةُ النبيّ

وطيبةُ الأمطارِ

هذا الذي في الروحِ

يترك مقعدًا للعابرين إلى شهيّ النارِ

وترٌ .. 

يخفُّ بنا لأولِ رعشةٍ

في الحبّ لا نقوى على الإنكارِ

ما لم يقلهُ تلفّتٌ .. 

ذُبنا بهِ

كالبحر فوق إرادة البحّارِ

***

فوضى الأصابع 

آن تكتب ضعفها

لا خيل تدرك حيلة المضمارِ

الدفتر اليوميُّ تحت وسادةٍ

لم ينجُ قلبٌ

من طقوس دوارِ

دَرَجٌ ..

نمرُّ بهِ إلى أخطائنا

فهناك .. لا ألمٌ بلا أنوارِ

الحارس الليليُّ محض خرافةٍ

لا شيء أقدس من حنينٍ عارِ

***

تلك السماء سماؤنا .. 

فلنعترف

قد لا تطول غريزة النوّارِ

فينوسُ .. 

حمّى الذاهبين لحتفهم

ما خمر برج القوس دون جِرارِ

أسرار كلّ خطيئةٍ 

ألّا نرى

في العتمة الجوعى بلا أظفارِ

ما يُضمر التفاح

قبل سقوطهِ

مَدٌّ طليعيٌّ إلى عشتارِ

***

أنثى لأعراسِ الفواكهِ 

ليسَ في وسعِ القميصِ

حماية الأزرارِ

ثغرٌ لنائمةٍ على أشواقها

والوردُ قد يخبو بلا زوّارِ

الأزرق الأبديّ 

في أرواحنا

في كل خطوٍ لذّة استبصارِ

يحتاجُ مثل الضوءِ 

نخبًا أولًا

حتى يؤوّلَ نشوةَ الأفكارِ

***

فالأرضُ ..

أسئلةٌ لمحنةِ آدمٍ

من ذا يفسّرُ حكمةَ الأشجارِ

وجعٌ إلى وجعٍ 

كأنَّ سفينةً من وهمِ نوحٍ

في يدِ الثوّارِ

الحزنُ كي ننسى

فثمَّ خريطةٌ أولى 

لكلِّ سُلالةِ الفخّارِ

أشياؤنا الصغرى

نخبّئ شهدها

حتى يشكَّ النحلُ في الأزهارِ

***

معنى لآخرِ ما نكونُ 

وصدفةٌ تأتي بغيرِ مسيرةِ التيّارِ

الظلُّ .. 

بعضُ الظلِّ ليسَ رصاصةً

إلا لمعركةٍ بغيرِ خيارِ

خيطٌ رفيعٌ .. 

يفصلُ الموتى بهِ

ما بين صبرِ النخلِ والصبّارِ

شغفُ البلاد

إلى سياقٍ آخرٍ

كِسرى يعيشُ هناكَ في ذي قارِ

***

لا شكَّ في أيلول 

لكن آيةٌ

تكفي لكلِّ شرائعِ المسمارِ

لا عُمْرَ .. 

في الدمعِ القديمِ، 

عصيةٌ فأسُ الكلامِ عن اجتراحِ قرارِ

نهذي .. 

ويتركُ كلَّ شيءٍ خلفهُ

كحقيبةٍ تعبتْ من الأسفارِ

تاريخنا العصبيُّ .. 

نجرحُ قلبهُ

لنبرّر الأقمارَ بالأقمارِ

***

تلكَ التفاصيلُ الحميمةُ 

لم تكنْ

إلا رسائلَ صعبةَ التكرارِ

دفءُ ابتسامةِ من نحبُّ 

بكاؤنا خلفَ الجدارِ 

وأينَ خلفُ جدارِ

السلّمُ الخشبيُّ نحو فنائنا

في كلِّ بعثٍ 

أبجديّةُ غارِ

قد جاءَ من سبأٍ

وآيةُ ملكهِ

أنّ الرياحَ نبوءةُ الأنهارِ

***

نفحٌ سماويٌّ .. 

يؤثثُ عرينا

فالطينُ مملكةٌ بلا أسوارِ

لا تخرجُ العرباتُ عن ملكوتها

فَمِن اسمهِ

شُقّتْ عصا الأوتارِ

جوّابُ آفاقٍ .. 

يقسّمُ نفسَهُ

حتى يُقيمَ مدائنَ الأحرارِ


مقالات ذات صلة

قليلة هي التجارب التي تنضح بالصدق والبراءة والالتحام بالحياة، كما هو حال الشاعر اللبناني إلياس أبو شبكة (1903م – 1947م)، فالشعر عنده لا يتغذّى من الأفكار التي يحملها الشاعر عن الأشياء، بل من حرائق الداخل واصطدام الشاعر بنفسه وبالعالم، بحيث تصبح اللغة محصلة طبيعية لهذه الحرائق وذلك الاصطدام. ولأنه ليس شاعر الأفكار المجردة والتوليد الذهني، […]

في قصيدة نُشرت عام 1903م عنوانها “اللغة العربية تنعى حظها بين أهلها”، شبَّه شاعر النيل حافظ إبراهيم اللغة العربية بشخص أدرك أنه لا محالة هالك فقرَّر أن ينعى حياته. اشتهرت القصيدة وذاعت بعدما أثارت الشجن حول ما تواجهه العربية من مِحن، إلا أنه لم يبقَ حاضرًا من القصيدة الطويلة في الأذهان بعد ما يربو على […]

أثار إعلان فوز الكاتب الجزائري الأصل كمال داود، مطلع نوفمبر الماضي، بجائزة الجونكور نقاشًا محتدمًا يتجدد عادة في هذه المناسبات، يتجاوز حدود النقد الأدبي إلى اتهامات سياسية تطول الكاتب. على صعيد النقد الرصين، أسهمت الأبحاث ما بعد الكولونيالية والدراسات الثقافية في اشتباكها مع تحليل الأدب، في الكشف عن التحولات التي طالت الثقافة في المجتمعات التي […]


0 تعليقات على “ما الشعر؟”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *