مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين

ما الذي خرجتَ به من تجربتك مع الجائحة؟


الظروف تصنع الاستثناء
علياء الموسوي
صحافية

نحن كائنات مؤثرة ومتأثرة. لا نستطيع الانعزال عن المجتمع والكون بشكل كلي. فكان الأمر غير معهود ومقبول من كثيرين. ولكن مع التوصيات الطبية العالمية، بدأت الأغلبية بتقبل الأمر، والأخذ بهذه التوصيات. وأعتقد أنها كانت فرصة جيِّدة حتى يكتشف الإنسان ذاته من جديد ويبحث عن فرص أخرى ويصنع طريقه الخاص الذي يساعده على التعايش مع أحلك الظروف، وأن يضع نفسه دائماً أمام كل الاحتمالات. أعرف أن الأمر ليس بالسهولة التي نعتقدها، لكن علينا دائماً أن نضع خططاً بديلة وتصورات حتى نصل إلى سلام داخلي واستقرار نفسي على أقل تقدير.
وفي رأيي، فإن الظروف الاستثنائية تصنع منا أشخاصاً آخرين. لقد أدركت كثيراً من الأمور، واكتشفتها بعد أن كنت غافلة عنها، وأبرزها ممارسة تمارين رياضية مختلفة عن تلك التي كنت أمارسها، والاطلاع على مزيد من الكتب، وتوسعة شبكة العلاقات الشخصية مع نخبة مميزة من الكتَّاب والمفكرين. وهذا ما دفعني إلى تعزيز مهارتي في مجال التعليق الصوتي، وبث مقاطع مرئية ومسموعة على صفحتي الخاصة في الإنستغرام تحمل مراجعات وتعليقات خاصة بالكتب. وإضافة إلى ذلك، أصبحت أنظِّم بشكل أفضل الأفكار الخاصة بالكتابة. فهذا الجو ساعدني في أن أكتب عن موضوعات مختلفة، كما حفَّزني على طرح مزيد من الأسئلة وخلق موضوعات ذات روح مبتكرة وحالمة. لقد استفدنا جميعاً من هذه الفترة، ولكني آمل ألا تطول. فكلنا مشتاقون إلى جلسات تحمل أناقة ابتسامات الأحبة.

موجة تصحيح قسرية
غانم الحمر
كاتب

الكون برمته يتدافع، كل الأجرام بالسماء، المهولة والمأهولة تتحرَّك بنسق فريد، بينها مسافات دقيقة، تتحرَّك بنمط معقَّد جداً، ونادراً جداً ما يختل هذا النمط، فيحدث هبوط نيزك أو ارتطام جرم فضائي بآخر.
لسنا بمنأى عن هذا النظام كمخلوقات حية. الفيزياء قالت كلمتها في أجسامنا مؤخراً. حدث الوباء، فكانت موجة التصحيح قسرية، لنحقِّق شيئاً من التباعد، بعد أن كنا نعيش فوضى من الالتصاق والزحام. وعلى المستوى الشخصي، تخففت من عادتنا في التقبيل بداية اللقاءات، ومناوبة الخد الأيمن بالخد الأيسر. فربما نقلع عن هذه العادة بعد الكورونا، ونكتفي بالمصافحة. ارتحنا أيضاً من زحام المولات، والأسواق. ولربما أتيحت لنا الفرصة لتذوق حياة القرى والأرياف، والعودة إلى رحابة العالم القديم.

استقرار في المنازل
ريان قرنبيش
كاتب ومسوِّق رقمي

هناك حسنات لا تُذكر بل قد تُنكر في مقابل ما تسبَّبت به هذه الجائحة من وفيات وخسائر بشرية واقتصادية لم تتوقف حتى اليوم. 
الأثر الأهم الذي تركه في نفسي هذا الفايروس هو أنه أفسح لي مجالاً لجمع كل 
ما لم أكن قادراً على إتمامه، فأتممته أو كدت.
والأثر المهم الآخر الذي تسبَّب به، ليس عليَّ إنما على عائلتي، هو تغيير الفكرة القائلة إن المكوث في البيت مدعاة للملل. فبالنسبة لي، أرى في استقرار البيوت حرية تعادل حريات العالم. والأطفال بالذات تغيَّرت لديهم المعادلة، وبات بعضهم لا يقبل بترك المنزل، إما لأنه يجوب عالمه الافتراضي في إحدى الألعاب، أو أنه بكل بساطة لا يريد الخروج.

الخسارة بالموت أكبر من أي أثر إيجابي
أحمد الهلال
موظف إداري

لا يمكنني أن أتحدث عن تجربة إيجابية أمام موت الإنسان أو ما يهدِّد حياته. ولكن يمكنني أن أتحدث عن استفادة شخصية أو مكسب ذاتي. قطعاً، هناك أثر إيجابي ولكنه لا يقاس أمام مصيبة الموت. وهذه النظرة ليست تشاؤمية أو سوداوية كما قد يتبادر إلى أذهان البعض، ولكنها نظرة موضوعية، فالإنسان هو جوهر الحياة، وأمام موته أو ما يهدِّد حياته تنتفي أي قيمة أخرى. 
لقد عاش العالم تجربة استثنائية في انتشار هذا الوباء بصورة مرعبة. ولا يمكن لهذه الحالة الاستثنائية أن تضع الإنسان أمام تجارب إيجابية في ظل ما يهدِّد حياته. في هذا الظرف، فقدت أعزاء بسبب هذا الوباء. فوالدي كان مريضاً وطريح الفراش ولم أستطع زيارته لأشهر. تسلل الوباء إلى جسدي وعزلت نفسي عن أولادي والآخرين خشية أن تنتقل إليهم العدوى. وحين تجاوزت هذه الحالة، كان أمامي سؤال واحد: كيف بدأ هذا الوباء وكيف سينتهي؟

النت يجمعنا
عيسي عباس
مصرفي

يوجد حالياً في المملكة نحو ستة ملايين طالب وطالبة يواصلون دراستهم عن بُعد، وبمعدل 3 أجهزة متصلة بالنت لكل منهم. ومثل هذه الأرقام كانت لتبدو غير واردة في عام 2000م، حين كان عدد مستخدمي الإنترنت آنذاك 200,000 مستخدم.
كنت من ضمن الفريق الذي قدَّم خدمة تداول الأسهم عن طريق النت لأول مرَّة في المملكة في عام 2003م. وأيقنا آنذاك أن 80 موظفاً فقط استطاعوا تحصيل نصف أرباح مؤسسة يعمل فيها 3000 موظف، لأنهم اعتمدوا استخدام الإنترنت. 
ثم أتت الجائحة التي تحوَّلت معها كل أعمالنا وأوجه نشاطنا الاجتماعية إلى الفضاء الافتراضي.
هناك بنيتان رئيستان أسهمتا في استقرار التواصل الاجتماعي والاستمرار في الالتزام بخطة 2030 حتى في أصعب الأوقات. وهما بنية اتصالات حديثة وضخمة قادرة على تقديم أرقى الخدمات ومواجهة أصعب التحديات. وبُنية اجتماعية شابة قادرة على استيعاب متطلبات التقنية الحديثة بسهولة. فشباب المملكة، ما بين 15 و30 سنة، يمثلون نسبة تبلغ %36.7 من عدد السكان. وهذه نسبة كبيرة مقارنة مع مجتمعات أخرى في مجموعة العشرين التي تترأس السعودية دورتها الحالية. 
فئة الشباب هذه تفقه متطلبات التعامل الافتراضي بسهولة. وقد تكون مرحلة الجائحة نعمة متخفية.


مقالات ذات صلة

حينما وصل إلى علمي توقف مجلة “القافلة”، استشعرت أن لبنة ثقافية انهارت. فهذه المجلة أحد الأسس التي دلتني أو دفعتني إلى غواية الكتابة، كما فعلت بالكثيرين.

ثَمَّة في تاريخ الأوطان والدول والمجتمعات، محطات لا يمكن تجاوزها أو المرور عليها دون التوقف عندها والاستلهام من أمجادها والامتنان لرجالاتها الذين صنعوها. إن استحضار واستذكار أحداث تاريخية لها قيمتها وطنياً، هو من الأمور المطلوبة والمحفِّزة لمزيد من الاعتزاز والفخر والانتماء لدولة تأصل تاريخها لقرون، دولة امتدت جذورها وبُنيت قواعدها على أساس راسخ من الإيمان […]

بات تطوير سوق العمل وتغيير معادلاته أمراً حتميّاً يتعيّن دعمه من كافة صانعي القرار، وقد كشف تقرير دولي للوظائف عن أن هناك ثماني مهن تُدرِّب عليها كليات ومعاهد تقنية دون الجامعية في السعودية، دخلت في ترتيب الوظائف الأعلى دخلاً.. فما مستقبل التخصصات التقنية والمهنية في المملكة؟ وهل هناك تلبية لحاجة السوق المحلية إليها؟ وماذا عن […]


0 تعليقات على “ما الذي خرجتَ به من تجربتك مع الجائحة؟”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *