مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
مايو – يونيو | 2019

ماذا لو كان ثمن الكتاب مجرد علبة فارغة؟


بينما كان ميشيل جنتيل يتأمَّل في كومة كبيرة من النفايات من العلب المعدنية المرمية في أحد الحقول، سأل نفسه كيف بإمكانه التخلص من هذا الجبل من النفايات بطريقة مبتكرة تفيد المجتمع من حوله. وكان قد قدَّر قيمة تلك النفايات المادية بما لا يقل عن 300 أو 400 يورو، وهو ما يكفي لدفع بدل كتب لطفل في المدرسة المتوسطة لمدة عام كامل. لذلك، تواصل مع إحدى المدارس المحلية، التي قرَّرت مساعدته في تنظيم حملة لجمع النفايات من العلب الفارغة. وكانت نتائجها غير عادية، إذ نجحت في جمع حوالي قنطارين من النفايات في يومين، أي ما تبلغ قيمته أكثر من 500 يورو. ومع المال الذي حصل عليه من مركز إعادة التدوير، اشترى جنتيل كتباً للأطفال في أحد الصفوف المدرسية.

ميشيل جنتيل في مكتبته المتواضعة

من هنا فكَّر جنتيل بإيجاد طريقة ليقدِّم الكتب للأطفال الذين يجلبون إليه زجاجات وعلب بلاستيكية فارغة، بشكل دائم. وهكذا قام في فبراير 2019 بتأسيس مكتبة إكس ليبيريس في بلدته الصغيرة في جنوب إيطاليا بالقرب من ساليرنو، وذلك لبيع الكتب بنظام دفع جديد، إذ مقابل زجاجة بلاستيكية فارغة واحدة وعلبة ألمنيوم، يحصل أي شخص تحت الرابعة عشرة من العمر على كتاب في المقابل. وكانت فكرته هذه هي في الأساس تطوير لتقليد نشأ في منطقة نابولي الإيطالية أثناء الحرب العالمية الثانية المعروف بـ “caffe sospeso” أو “القهوة المعلَّقة”، حيث تعتمد على أساس أن يدفع الشخص مقدّماً مقابل فنجان إضافي من القهوة، يمكن لأحد المحتاجين أن يتناوله في وقت لاحق من اليوم. وسمَّى جنتيل مبادرته هذه “libro sospeso” أو “الكتاب المعلَّق”، وهو وسيلة لمتسوقي الكتب لشراء كتاب إضافي كإسهام منهم في مشروع مكتبته المتواضعة.
وعن مكتبته المبتكرة يقول جنتيل إن الهدف منها في الأساس هو “نشر شغف وحُب الكتب في إيطاليا بين أولئك الأشخاص الذين لا يقرأون عادة، والمساعدة في الوقت نفسه في الحفاظ على البيئة”. ويضيف بأنه يأمل بأن “تصبح مبادرته معدية لآخرين في العالم بحيث تسهم في تعليم الأطفال ومساعدة كوكب الأرض”.
وأخيراً، ريثما تصبح شركات تصنيع المشروبات مسؤولة بشكل أكبر عن نفاياتها في المقام الأول، تبقى هذه الفكرة لهذه المكتبة الفريدة في تلك البلدة الصغيرة في إيطاليا بارقة أمل تسهم في عالم يكون فيه للأطفال مزيداً من الكتب وكميات أقل من القمامة.


مقالات ذات صلة

على الرغم من وجود العديد من التساؤلات حول مستقبل الكتب المادية، فقد أطلقت الفنانة الإسكتلندية المفاهيمية “كاتي باترسون” في عام 2014م فكرة إنشاء “مكتبة المستقبل” كمشروع فني تطلعي يجمع بين كونه كبسولة زمنية أدبية ومشروعًا بيئيًا. كرّست “باترسون” جلّ اهتمامها بما ستتركه البشرية للأجيال القادمة؛ لذلك ابتكرت فكرة إنشاء هذه المكتبة في مدينة أوسلو النرويجية. […]

استطاعت الدول الناطقة باللغة الألمانية (ألمانيا، والنمسا، وسويسرا) أن تخلق نموذجاً في النهضة والتفوّق بالاعتماد على الأيدي العاملة المؤهلة مهنياً، وقد حقَّق هذا النموذج نجاحاً باهراً على مستوى العالم، فيما تسعى دول كثيرة داخل أوروبا وخارجها للاستفادة منه، ففي هذا البلد المزدهر اقتصادياً، يُعدُّ التدريب المهنيّ سرّاً من أسرار نجاحه، بل وربما ريادته عالمياً، فبفضله […]

من المؤكد أن للعلوم والتكنولوجيا تأثيراً عميقاً على المجتمع، لكن العكس صحيحٌ أيضاً، بحيث يشكِّل المجتمع، بصورة كبيرة، الطرق التي تتطوَّر بها العلوم والتكنولوجيا. ومع ذلك، تُظهر التجربة أنه لا يمكن دائماً للعلماء، من ناحية، وعامة الناس والحكومات والشركات، من ناحية أخرى، فهم بعضهم بعضاً بوضوح، لهذا السبب كان لا بدَّ من وجود خبراء ذوي […]


0 تعليقات على “ماذا لو كان ثمن الكتاب مجرد علبة فارغة؟”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *