رغم تسليط مزيد من الضوء على التوحُّد، لا يزال هذا المرض وتأثيراته على المصابين به غير مفهومة بالطريقة الصحيحة. كما لا يزال هناك نقص في التدريب على التعامل مع مشكلة التوحُّد لدى عديد من المتخصِّصين في الرعاية الاجتماعية والصحية وكذلك في مجال التعليم. ومن أجل سد هذه الفجوة، أطلقت جامعة “إيدج هيل” البريطانية في العام الماضي برنامج ماجستير جديد بعنوان “دراسات نقدية في التوحد”، لتشجيع الطلاب على التفكير النقدي في كيفية فهم هذه المشكلة في الوقت الحالي.
يتميَّز هذا التخصُّص بامتداده إلى مجالات مختلفة منها علم الاجتماع وعلم النفس والعلوم الطبية ومنهجيات البحث من أجل فهم مشكلة التوحد كظاهرة اجتماعية -ثقافية- طبية، أي كاضطراب معقَّد يتحدَّى القوالب النمطية لما كان يُعدُّ منذ فترة طويلة تجربة بشرية “طبيعية”.
يركّز البرنامج على مكوّنات رئيسة ثلاث:
أولاً، التدقيق في الأبحاث المتعلِّقة بالتوحُّد والممارسات المتبعة في التعامل معه.
ثانياً، الترويج للتجارب الإيجابية للتوحُّد، من أجل مواجهة الآراء السلبية السائدة التي تؤثر على نظرة الجمهور إلى المصابين به، وتحسين طرق معالجته من قبل الحكومات والجهات المختصة، وتصويره بشكل إيجابي في وسائل الإعلام.
ثالثاً، تطوير أطر تحليلية جديدة ومناهج للبحث ومقاربات نظرية حديثة لدراسة التوحُّد.
وبشكل مفصَّل أكثر، يدرس الطلاب مجموعة متنوِّعة من وجهات النظر حول التوحُّد من أجل تقدير الطرق التي تُشكل بها خطابات التوحد التجارب التي يعيشها المصابون به، وأيضاً، من خلال تتبع تطور الأساليب المتبعة لحل هذه المشكلة، والمشاركة في المناقشات المعاصرة في الدوائر الطبية والتعليمية ولدى الجهات الحكومية.
إضافة إلى ذلك، يتضمَّن البرنامج رحلة ميدانية دولية اختيارية، يمكن من خلالها اكتساب منظور مختلف لمشكلة التوحُّد في ثقافات مختلفة، مع فرصة إضافية لتطبيق المعرفة المكتسبة في بيئة العمل. ويُعدُّ هذا البرنامج مناسباً للمهنيين والمعلمين ومقدِّمي الدعم والخريجين الجدد في مجالات العلوم الاجتماعية المختلفة وأولئك الذين يعملون مع المصابين بالتوحُّد. كما أن البرنامج يمكنه أن يكون ملائماً لأصحاب الخبرة، بما في ذلك المصابين أنفسهم، وكذلك أفراد أسرهم.
يعزِّز هذا البرنامج فرص الخريجين المهنية في مجموعة متنوِّعة من أدوار العمل مع الأشخاص المصابين بالتوحد ودعمهم في قطاعي الرعاية الصحية والاجتماعية، وفي أي من المنظمات الدولية المهتمة بحل مشكلىة التوحد. كما توفر المهارات والخبرات المكتسبة إعداداً أساسياً للتقدّم في الأبحاث والمتابعة في الحصول على درجة الدكتوراة في العلوم الاجتماعية أو حتى الفلسفة.
لمزيد من المعلومات يمكن مراجعة الموقع التالي:
مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
يناير – فبراير | 2021
ماجستير دراسات نقدية في التوحُّد
مقالات ذات صلة
على الرغم من وجود العديد من التساؤلات حول مستقبل الكتب المادية، فقد أطلقت الفنانة الإسكتلندية المفاهيمية “كاتي باترسون” في عام 2014م فكرة إنشاء “مكتبة المستقبل” كمشروع فني تطلعي يجمع بين كونه كبسولة زمنية أدبية ومشروعًا بيئيًا. كرّست “باترسون” جلّ اهتمامها بما ستتركه البشرية للأجيال القادمة؛ لذلك ابتكرت فكرة إنشاء هذه المكتبة في مدينة أوسلو النرويجية. […]
استطاعت الدول الناطقة باللغة الألمانية (ألمانيا، والنمسا، وسويسرا) أن تخلق نموذجاً في النهضة والتفوّق بالاعتماد على الأيدي العاملة المؤهلة مهنياً، وقد حقَّق هذا النموذج نجاحاً باهراً على مستوى العالم، فيما تسعى دول كثيرة داخل أوروبا وخارجها للاستفادة منه، ففي هذا البلد المزدهر اقتصادياً، يُعدُّ التدريب المهنيّ سرّاً من أسرار نجاحه، بل وربما ريادته عالمياً، فبفضله […]
من المؤكد أن للعلوم والتكنولوجيا تأثيراً عميقاً على المجتمع، لكن العكس صحيحٌ أيضاً، بحيث يشكِّل المجتمع، بصورة كبيرة، الطرق التي تتطوَّر بها العلوم والتكنولوجيا. ومع ذلك، تُظهر التجربة أنه لا يمكن دائماً للعلماء، من ناحية، وعامة الناس والحكومات والشركات، من ناحية أخرى، فهم بعضهم بعضاً بوضوح، لهذا السبب كان لا بدَّ من وجود خبراء ذوي […]
اترك تعليقاً