تأليف: دايفس بلوتشي

ترجمة: منة ناصر

الناشر: الرواق، 2024م

يقدّم هذا الكتاب إجابات علمية عن أسئلة بديهية ترتبط بتفاصيل الحياة اليومية، مثل: لماذا الشوكة لا مذاق لها؟ وهو السؤال الوارد في عنوانه، ولماذا يرتفع السائل إلى أعلى عندما نشرب من خلال الماصَّة؟ وهل يمكن أن تخرج الموجات الدقيقة من الميكروويف وتشكل خطرًا على الصحة؟ ولماذا يوجد ضوء في الثلاجة ولا يوجد في المُجمِّد؟ ولماذا لا يشتعل الماء؟ ولماذا لا نستطيع رؤية الأشياء البعيدة؟ ولماذا تمر إشارة “الواي فاي” عبر جدران الغرف؟

وسيجد القارئ على صفحاته أسئلة أخرى قد تثير فضوله يومًا ما، حين يسأل نفسه: لماذا فقاعات الصابون كروية؟ أو لماذا إذا مَشَى حافي القدمين على أرضية خشبية، يشعر بأنها أكثر سخونة من أرضية السيراميك على الرغم من أنهما متساويان في درجة الحرارة؟ ولماذا تقل قطرات الماء المتساقطة من الصنبور تدريجيًا؟ ولماذا يشتعل الفحم في المدفأة إذا نفخنا فيه؟ وكيف يُعطي جهاز التحكم عن بُعد الأوامر للتلفاز نفسه من دون تشغيل التكييف أيضًا أو فتح أبواب السيارات المتوقفة في الشارع؟ ولماذا تبدو لوحات مفاتيح الحواسيب الشخصية وكأنها مرتبة بشكل عشوائي وليس ترتيبًا أبجديًا؟ ولماذا تكون الإطارات سوداء اللون دائمًا؟  

وترتبط الإجابات عن هذه الأسئلة وكثير غيرها، التي يذكرها مؤلف الكتاب الفيزيائي الإيطالي دايفس بلوتشي، بظواهر ومفاهيم علمية جرى إثباتها بالملاحظة والتجريب.

ولعل أبرز ما يميز هذا العمل هو لغته السلسة، واعتماد مؤلفه أسلوب السرد القصصي والابتعاد عن لغة العلوم المتخصصة، وما يرتبط بها من قوانين ومعادلات؛ وهو ما يتناسب مع هدفه المتمثل في الرغبة في تبسيط العلوم من أجل فهم العالم. يشير الكاتب إلى أنه يجب في الواقع أن يبدأ كل درس في العلوم والفيزياء والكيمياء وما إلى ذلك، بسؤال حول ما يحدث حولنا، أو حول ما نراه ونستخدمه ونختبره يوميًا “من دون الاضطرار إلى الطيران إلى حافة الكون”.

ويوضح المؤلف، الباحث في علوم وتكنولوجيا المواد بجامعة مودينا وريدجو إميليا الإيطالية، أن كتابه يحاول أن يشرح “لماذا يحدث ما يحدث” بشكل عملي، وأن مَن يُطالعه سيجد فيه أسئلة وأجوبة سهلة، إلى جانب أسئلة أخرى تتطلب المزيد من التركيز؛ لذلك يقدم تفسيرًا وافيًا لها، تُصاحبه لمحات عن بعض المواد أو الاختراعات والكثير من المعلومات عن عجائب ونوادر مرتبطة ببعض أغرب الاكتشافات في تاريخ العلم.

وتوزّعت الأسئلة التي طرحها الكاتب وأجاب عنها على ستة فضاءات ترتبط بحياته اليومية هو نفسه، وهي: المطبخ وغرفة المعيشة وغرفته الخاصة وغرفة والديه والحمام والمرآب.

ويدعو بلوتشي قارئه إلى اعتبار الكتاب “مجرد بداية” لمعرفة المزيد، وألا يكفيه ما قدّمه فيه من إيضاحات، ويطالبه بالخروج من المنزل، الفضاء الرئيس للأسئلة التي أجاب عنها بالفعل؛ للقيام بجولة في المدينة يتعلّم فيها “كيفية جمع الأسئلة” بعين “لا تنظر إلى الأشياء، بل تنتبه إليها”. فهذه الأسئلة موجودة في كل مكان “مثل قصاصات الورق بعد حفلة كرنفال”، والتعرّف إليها “يؤدي إلى الدهشة”، و”يجعل عالمنا مكانًا مثيرًا للاهتمام”.