مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
سبتمبر – أكتوبر | 2024

اللعب بالواقع

كيف شكَّلت الألعاب عالمنا؟


Playing with Reality: How Games Have Shaped Our World by Kelly Clancy  
تأليف: كيلي كلانسي  
الناشر: 2024م، Riverhead Books

في عام 1824م، طلب الأمير فيلهلم، أمير بروسيا، من مساعديه تقديم عرض توضيحي للعبة مُعقّدة كان قد سمع عنها من معلمه العسكري، وهي لعبة Kriegsspiel، أو لعبة الحرب، التي كانت قد صُمّمت قبل بضعة عقود بوصفها شكلًا من أشكال لعبة الشطرنج، ولكن بإستراتيجيات عسكرية. كان الأمير مفتونًا بها، وأمر كل ضابط بروسي أن يتعلم كيفية لعب تلك اللعبة، لا سيما أن ما يميزها أنها كانت تسمح بتجربة تكتيكات جديدة حتى في وقت السلم. وعندما أصبح فيلهلم ملكًا، كان انتصار بروسيا السريع وغير المتوقع في الحرب الفرنسية البروسية عام 1871م، يُعزى إلى أنواع المحاكاة الخادعة التي سمحت بها لعبة الحرب هذه. وبحلول الحرب العالمية الأولى، كانت لعبة الحرب تُستخدم للتنبؤ بالوقت الذي من المُحتمل أن تنفد فيه ذخيرة الكتائب الألمانية، حيث تُمكِّن القادة من التنبؤ باحتياجاتهم من الذخيرة في الوقت المناسب، وهو ما يُسمَّى الآن بـ “سلسلة التوريد”. وفي فترة ما بين الحربين العالميتين، استخدمها المخططون الألمان لتطوير تكتيكات الحرب الخاطفة ومحاكاة غزو تشيكوسلوفاكيا. 

ومن ثَمَّ، طوَّر عالم الرياضيات الهنغاري الأمريكي جون فون نيومان، ما يُعرف الآن بـ “نظرية الألعاب”، التي جرى تجسيدها لاحقًا في أفكار أصبحت مألوفة الآن مثل “توازن ناش” و “معضلة السجين”، والتي تأخذ في الاعتبار كيفية قيام الخصوم بتعديل إستراتيجياتهم استجابة لتصرفات بعضهم تجاه بعض. كما أنها عزَّزت، بشكل مباشر، فكرة “التدمير المؤكد المتبادل” أثناء الحشد النووي ومواجهة الحرب الباردة. ومنذ ذلك الحين، جرى تطبيق هذه النظرية في مجالات تتراوح بين التجارة وعلم التطور. وفي القرن الحادي والعشرين، اتخذ تأثير الآليات الشبيهة باللعبة شكلًا رقميًا جديدًا. 

وهكذا أصبحت فكرة استخدام الألعاب لمحاكاة الواقع والتنبؤ بالنتائج، جزءًا لا يتجزأ من الثقافة العامة. ثم إن التطور اللاحق لـ “نظرية الألعاب” أعطاها مظهر اليقين العلمي. ومع ذلك، تشير كلانسي إلى أن هذه الأنظمة مُقيدة بقواعد مُبتكريها، التي تفترض المصلحة الذاتية العقلانية من اللاعبين. وعلى الرغم من أن عملية صنع القرار البشري لا تكون عقلانية في كثير من الأحيان، فقد يكون من الأفضل أن نعترف بأنها تستلزم مستوى أعلى من العقلانية مما يمكن أن تتضمنه الألعاب بشكل عام. ولكن بغض النظر، تقول كلانسي إن أهمية الألعاب تكمن في فهم الطبيعة البشرية، وإن افتتاننا بها ما هو إلا مفتاح لكشف أسرار العقل وتعقيدات العالم الذي نعيش فيه. 


مقالات ذات صلة

صدر مؤخرًا كتابان يسلطان الضوء على العلاقة العميقة بين الخيل والإنسان. يُقدم “الغزاة والحكام والتجار” للمؤرخ ديفيد شافيتز لمحة عن دور الخيول في الحضارات، بينما يُعيد “ضربات الحوافر” لويليام تايلور صياغة القصة الملحمية للخيل مستندًا إلى أحدث الاكتشافات العلمية، ليحل محل الأساطير القديمة.

Money: A Story of Humanity
by David McWilliams
تأليف: ديفيد ماكويليامز
الناشر: 2024م، Simon & Schuster UK

The Haunted Wood: A History of Childhood Reading by Sam Leith 
تأليف: سام ليث  
الناشر: 2024م، Sutherland House Books


0 تعليقات على “كيف شكَّلت الألعاب عالمنا؟ ”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *