مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
يوليو - أغسطس 2023

كتب من العالم


من أجل حب المريخ.. تاريخ بشري للكوكب الأحمر

من أجل حب المريخ.. تاريخ بشري للكوكب الأحمر

For the Love of Mars: A Human History of the Red Planet by Matthew Shindell
الناشر: 2023، University of Chicago Press

منذ العصور القديمة، أثار كوكب المريخ اهتمام البشر، لا سيما
بسبب ألوانه الزاهية، ووضوح مشهده، وعلاقته الجيولوجية بالأرض، وإمكاناته كأفضل أمل للبشر للاستقرار فيه بعد الأرض. وجسد هذا الكوكب كل ما هو ملهم حول الفضاء، وكان محفزًا لاستكشاف العالم الخارجي. وفي هذا السياق يستطلع المؤرِّخ ماثيو شيندل، في كتابه مكانة الكوكب الأحمر في المخيلة البشرية، ويعرض للمساعي البشرية لاستكشافه، بدءًا من المنجمين القدامى ومراقبي السماء، وانتهاءً بمحطات الاستكشافات الحالية.
يصف الكاتب مكانة الكوكب الأحمر في عِلم الكونيات الذي ابتكرته كلٌّ من شعوب المايا والصينيين القدامى وحضارات بلاد ما بين النهرين، فقد اعتبرت شعوب المايا أن للمريخ دورًا في تغيير الفصول، فأدخلوه في التقويمات الموسمية والاحتفالات الدينية. بالنسبة للصينيين القدامى كان المريخ أحد خمسة كواكب كانوا قد حدَّدوها، بالإضافة إلى عطارد والزهرة والمشتري وزحل، بحيث كان هو الكوكب “المشع المضلل”، حسب اعتقادهم، وكان هو صاحب التأثيرات السلبية في النظام الكوني، فكان يسبب الأمراض والأحزان والمجاعات والحروب. كما أن علماء الفلك البابليين في بلاد ما بين النهرين كانوا يعتبرون المريخ أحد الأجسام التي يمكن أن تكون نذيرًا للأحداث المقبلة على الأرض.
ومن ثم أدخلت أنظمة العالم اللاحقة، لا سيما تلك الخاصة باليونان القديمة وأوروبا في العصور الوسطى، ملاحظات الكواكب في مخططات أكثر تعقيدًا. وفي وقت لاحق رسم العِلْم الحديث الكواكب على شكل أجسام فلكية تحرِّكها قوى خارقة، وتسير وفقًا لقوانين الرياضيات في كون يتكون في الغالب من مساحة فارغة. وعلى الرغم من استبعاد الأفكار والمعتقدات القديمة حول الكواكب إلا أنها استمرت حاضرة في الثقافة الأوسع، إذ ما زال هناك اعتقاد سائد بأن الكوكب الأحمر هو كوكب الحروب، بالإضافة إلى ظهور تصورات جديدة، منها أن كوكب المريخ قد يكون مأهولًا، وأن العلامات الظاهرة فيه، التي يمكن تمييزها فقط من خلال التلسكوب، هي عبارة عن قنوات أنشأتها بعض الحضارات التي استقرت على سطحه. كما نجح شيندل في التوفيق بين عديد من الصور الخيالية الأخرى للمريخ، من بينها الغزاة الذين احتلوا الكوكب الأحمر واستعمروه، بالإضافة إلى تفاصيل علمية لعديد من الرحلات الفضائية الأخيرة.
باختصار يقدِّم الكتاب جولة لحضور المريخ في المخيلة البشرية، من المنجمين القدامى إلى المستكشفين المعاصرين، ويوضِّح كيف تطور استكشاف المريخ بطرق أدت إلى توسيع المعرفة حول الجوانب الأخرى للكون.

معرفة ما نعرفه.. انتقال المعرفة.. من الحكمة القديمة إلى السحر الحديث  

معرفة ما نعرفه.. انتقال المعرفة.. من الحكمة القديمة إلى السحر الحديث  

Knowing What We Know: The Transmission of Knowledge: From Ancient Wisdom to Modern Magic by Simon Winchester

الناشر: 2023م، HarperCollins B and Blackstone Publishing

مع ظهور الإنترنت، أصبحت مختلف أنواع المعرفة متاحة لنا على الفور بمجرد لمسة زر، ومع وجود هذا الكم الهائل من المعرفة في متناول أيدينا، لا بد أن نسأل ما الذي تبقَّى لأدمغتنا لتقوم به؟ إذا كان نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) يجعل من قراءة الخرائط مهارة قديمة لا حاجة لنا لها، وإذا كانت ويكيبيديا تجعل الاحتفاظ بالمعلومات غير ضروري، وإذا كانت الآلات الحاسبة تقوم بالمسائل الحسابية نيابة عنا، فما الذي يحدث لقدراتنا الذهنية؟ كيف يمكننا أن نقدِّر المعرفة، التي بفضل سحر الإلكترونيات، أصبحت تُلقى أمامنا في سلسلة شاسعة ومتواصلة ولا يمكن إيقافها؟ وسط هذا السيل المتواصل، ما مصير الفكر والتأني والتفكير الهادئ؟ ماذا عن فرصتنا في اكتساب الحكمة؟ هل نحن بحاجة إليها؟

من خلال محاولة الإجابة عن كل هذه الأسئلة، ينصبُّ اهتمام المؤرّخ سيمون وينشستر في هذا الكتاب على مستقبل التفكير، فيقوم باستكشاف كيفية حصول البشر على المعرفة والاحتفاظ بها ونقلها منذ العصور القديمة إلى الحاضر المشبع بالمعلومات، ويسلّط الضوء على تخصصات مثل التعليم، والصحافة، وإنشاء الموسوعات، وتنظيم المتاحف، والتصوير الفوتوغرافي، والبث المرئي والمسموع، وينظر إلى مجموعة كاملة من وسائل نشر المعرفة من كتابات بابل المسمارية إلى عبقرية الذكاء الاصطناعي المصنوعة آليًا، فيتناول تأثير اختراعات الورق والمطبعة والصحف، مرورًا بمطبعة غوتنبرج وغوغل وويكيبيديا والمجموعة الضخمة من المعرفة التي تعود إلى أوائل القرن العشرين المعروفة بـــ “ماندانوم” (Mundanaeum) التي جمعت كل معارف العالم، ووضحت تصنيفها وفقًا لنظام التصنيف العشري العالمي، والتي باتت مخزنة حاليًا في قبو رطب في شمال بلجيكا. وفيما يتعلق بماندانوم، يؤكد وينشستر هويتها ويذكر أنها كانت تُعتبر علامة فارقة في تاريخ جمع البيانات وإدارتها، وإلى حد ما، كنذير لظهور الإنترنت. وليس من المستغرب أن يكرّس وينشستر كثيرًا من الاهتمام لأجهزة الكمبيوتر، التي عُرضت أول مرَّة للجمهور عام 1968م، بالإضافة إلى اختراع النص التشعبي، وتأسيس شبكة الويب العالمية، وإطلاق ويكيبيديا عام 2001م، والخطوات الحالية التي تُقطع في مجال الذكاء الاصطناعي.

باختصار، يغوص هذا الكتاب بشكل معمق في التعلٌّم وطبيعة المعرفة، ويدفعنا إلى التفكير فيما سيصبح عليه العقل البشري في المستقبل غير البعيد. وأخيرًا، يتساءل الكاتب ونتساءل معه: هل ما زالت مقولة رينيه ديكارت “أنا أفكِّر إذن أنا موجود”، أساس المعرفة البشرية المقبولة على نطاق واسع منذ عصر التنوير؟

المقاييس السبعة في العالم

المقاييس السبعة في العالم

The Seven Measures of the World by Piero Martin, translated by Gregory Conti

تأليف: بييرو مارتن

ترجمة: غريغوري كونتي

الناشر: 2023م، Yale University Press 

منذ بداية التاريخ كان القياس متداخلًا في التجربة الإنسانية، إذ أسهم في تشكيل فهمنا للطبيعة والعلاقات الشخصية، وما هو خارق للطبيعة. نحن نقيس العالم لمعرفة الماضي وفهم الحاضر والتخطيط للمستقبل، حول هذا المحور يستكشف عالم الفيزياء بييرو مارتن كيف أن المعرفة العلمية تُبنى حول سبع ركائز أساسية للقياس، وهي المتر لقياس الطول، والثانية للزمن، والكيلوغرام للكتلة الفيزيائية، والكلفن لدرجة الحرارة، والأمبير للكهرباء، والمول لكمية المادة القنديلة (الشمعة) لقياس شدة الضوء. ويتضمن الكتاب مجموعة من المقالات العلمية التي تفحَّص مارتن من خلالها تاريخ وحدات القياس هذه ووظيفتها، وأوضح تطبيقاتها، وكيف أسهمت كل وحدة منها في جوانب مهمة من العلوم، وذلك من الجسيمات دون الذرية إلى الثقوب السوداء، ومن الكؤوس الزجاجية إلى استكشاف الفضاء، ومن الفيزياء الكلاسيكية إلى ميكانيكا الكم، ومن النسبية إلى الكيمياء، ومن علم الكونيات إلى فيزياء الجسيمات الأولية، ومن الطب إلى التكنولوجيا الحديثة، وهو لا يتعمق في الأرقام المهمة فحسب بل يستعرض القصص والنوادر التي تؤكد المميزات الخاصة لكل وحدة. فعند قياس المسافة، مثلًا، لاحظ مارتن أن المصريين القدامى كانوا يستخدمون قطعًا من الحبال ذات طول قياسي لتحديد الأراضي بهدف تعيين أصحاب الأراضي الذين يتوجب عليهم دفع الضرائب، وأن المنادين بالمساواة في عصر الثورة الفرنسية طالبوا باعتماد وحدة المتر باعتباره ثابتًا عالميًا للقياس ليحل محل أنظمة القياس المحلية التي غالبًا ما تكون لصالح النخبة التي تتحكم بها. ومن القصص الأخرى التي يعرضها مارتن أن أحد أوائل التقاويم التي ظهرت في العالم كانت صخرة عمرها 10,000عام تحمل 28 علامة منقوشة عليها تمثل أيام الشهر القمري، وأن تشين شي هوانغ أول إمبراطور للصين الموحدة كان صاحب أولى المحاولات لإنشاء نظام مركزي وموحد للأوزان. وأخيرًا يضيف مارتن أن وحدات القياس هي حاجة بشرية وليست طبيعية، لأن من الواضح أن الطبيعة تعمل بشكل جيد حتى من دون قياسات، على العكس من المجتمع البشري الذي هو بحاجة إلى تطوير أنظمة موحدة للقياس لتحقيق نوع من العدالة الاجتماعية، أو حسب مارتن “نظام عالمي يكون فيه الشيء نفسه بالنسبة للجميع“.

أشياء عالمية: نحو تاريخ فني متصل

Global Objects: Toward a Connected Art History by Edward S. Cooke Jr. 

تأليف: إدوارد س. كوك

ترجمة: غريغوري كونتي

الناشر: 2022م، Princeton University Press

غالبًا ما يُنظر إلى تاريخ الفن من خلال عدسات وطنية أو ثقافية تركِّز على ممارسات فنية محدَّدة لأمة أو ثقافة معيَّنة. فعلى سبيل المثال يتم التركيز على الأعمال المصنوعة من البرونز في الصين القديمة، وعلى فن العمارة في روما القديمة. والرسم الزيتي في أوروبا زمن الحداثة المبكرة. وهذا المنظور يتوافق والإطار المرجعي الغربي الحديث الذي يحصر الفن في الفنون الجميلة، ويحيل كل الأشياء الأخرى إلى فئة الحِرَف، ويعُدها غير مهمة، أو وظيفية، أو أنها بدائية، وتفتقر إلى الخيال. من هذا المنطلق يحاول مؤرِّخ الفن إدوارد س. كوك جونيور في هذا الكتاب تقديم مقاربة جديدة لاستكشاف تاريخ الفن، بحيث يشير إلى تاريخ فني مترابط، ويستكشف مجموعة واسعة من الأشياء التي لها وظيفة معيَّنة، ولكنها في الوقت نفسه تتحلى بقيمة جمالية عالية. يقول كوك: إنه على العكس من الأشياء التي تدخل ضمن نطاق “الفنون الجميلة”، هناك بعض الأشياء الفوضوية مثل قطع الأثاث والمنسوجات والأعمال الخشبية، وتلك المصنوعة من الطين أو السيراميك التي غالبًا ما تكون قصصها غير مرتبة زمنيًا، وغير مقيدة بحدود جغرافية أو ثقافية محدَّدة حيث إنها تتحرك عبر العالم، وتتخذ معاني جديدة في مساحات مختلفة. وهو بالتالي يركِّز على المواد اليومية، بما في ذلك الألياف والطين والخشب والمعدن، وما يسمى بالفنون الزخرفية باعتبارها تجسيدًا لتاريخ إنساني أكثر شمولًا للثقافة البصرية. وهكذا يتحدى هذا الكتاب التسلسل الهرمي للأنواع والمواد، ويعارض مفهوم المراكز الفنية ذات السرد الزمني الخطي، ويدعو إلى اتباع نهج موضوعي للتواريخ المترابطة والتشكيك في المفهوم المقبول للفن كفئة تمنح امتيازًا لأنماط معيَّنة من الإنتاج الفني. ومن خلال استكشاف التصور والإنتاج والتداول والحياة الاجتماعية المستمرة للأشياء على مدى فترات زمنية طويلة ومساحات جغرافية، يطور رؤية أكثر عالمية وتعقيدًا للثقافة، حيث تتدفق المبادرة والمحاكاة والتكيف والابتكار في اتجاهات متعدِّدة، وتعمل الأشياء محليًا وإقليميًا وعالميًا، وغالبًا في الوقت نفسه.  

مقارنة بين كتابين

في استكشاف الطبيعة الحضرية

(1) الحياة السرية للمدينة.. كيف تزدهر الطبيعة في البرية الحضرية

Secret Life of the City: How Nature Thrives in the Urban Wild by Hanna Hagen Bjørgaas, translated by Matt Bagguley

تأليف: هانا هاغن بيورغاس

ترجمة: مات باغالي

الناشر: 2023م، Greystone

(2) الغابة الحضرية.. تاريخ ومستقبل الطبيعة في المدينة

Urban Jungle: The History and Future of Nature in the City by Ben Wilson

تأليف: بن ويلسون

الناشر: 2023م، Doubleday

هناك اعتقاد سائد يرى المدن في حالة عداء مع العالم الطبيعي، لأن المدن بطبيعتها غير مستدامة. ومما يزيد الأمر سوءًا أن المساحات الحضرية باتت تنتشر بسرعة كبيرة في كوكب الأرض. ففي عام 2010م، كان ما يقرب من نصف البشر يعيشون في المدن، لكن من المتوقع أن يرتفع هذا العدد بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين إلى ما بين %65 و%75.

وعلى الرغم من تلك المؤشرات التي تستدعي نظرة تشاؤمية فيما يتعلق بعلاقة المدن بالطبيعة، فإن كتابين صدرا مؤخرًا قدما نظرة جديدة للمدن باعتبارها حاضنة لشكل جديد من الحياة البرية، وأعطيا أملًا بشأن مستقبل الجهود المبذولة للحفاظ على النظم البيئية الطبيعية، فأكدا عدم تمكين حجر الأساس للتنوع البيولوجي في القرن الحادي والعشرين في الأراضي الزراعية أو المحميات الطبيعية، بينما يمكن وضعه في المدن الحديثة نفسها.

في كتابها “الحياة السرية للمدينة.. كيف تزدهر الطبيعة في البرية الحضرية”، تبدأ عالمة الأحياء هانا بيورغاس، بتأكيد وجود حضور مثير للاهتمام للحياة البرية في أماكن عديدة من المساحات الحضرية، فتقوم بمسح النباتات والحيوانات التي تزدهر في مدن عديدة في موطنها النرويج. ومن خلال هذا المسح تلاحظ أن بعض الحيوانات الحضرية قد طورت وسائل للتكيف تميزها عن نظيراتها الريفية. فعلى سبيل المثال تعتمد السناجب في المدينة على الإشارات البصرية، مثل هز ذيولها، لتحذير السناجب الأخرى من الخطر لأن اتصالاتها السمعية تكون معطلة بسبب التلوث الضوضائي، وبعض الطيور تغني بترددات أعلى من نظيراتها غير الحضرية لتبرز بشكل أفضل في مواجهة ضجيج الحياة الحضرية.

أشارت بيورغاس إلى أنه لم يكن على بعض الكائنات الحية الأخرى أن تتكيف لأنها كانت بالفعل تتلاءم تمامًا وظروف المدينة، مثل العصافير المنزلية، التي تمكنها عاداتها الغذائية من العيش على بقايا الطعام البشري، وكذلك بعض أنواع الأشنات التي يمكنها أن تزدهر حتى مع بخار الكبريت المنبعث من الضباب الدخاني، وبالتالي تقدِّم هذه الملاحظات المحفزة فهمًا دقيقًا للنباتات والحيوانات الحضرية، مما يدعو إلى مقاومة الافتراضات الشائعة حول الحدود الفاصلة بين الطبيعة والعالم البشري.

من جهته، يوافق الكاتب والمؤلف وأستاذ التاريخ في جامعة كامبريدج البريطانية بن ويلسون، في كتابه “الغابة الحضرية.. تاريخ مستقبل الطبيعة في المدينة”، على ما أشارت إليه بيورغاس، ويلاحظ أن حيوانات الراكون في مدينة شيكاغو الأمريكية تتوالد بأعداد أكبر، وتتمتع بصحة أفضل من أبناء فصيلتها التي تعيش في الريف، كما أن أعداد الثعالب وذئاب البراري التي تعيش في المدن الأمريكية تتجاوز أعدادها في المناطق الريفية.

لكن ويلسون يقدِّم نظرة أكثر شمولية لواقع حضور الطبيعة في المدن، وعلى الرغم من طغيان الخرسانات الإسمنتية على معظم جوانب المدن الحديثة، فإنه يبدي تفاؤلًا كبيرًا، وهذا لأن عديدًا من المدن باتت تعيد التفكير في المشروع الحضري على ضوء التغير المناخي. ففي مواجهة احتمالية حدوث فيضانات ساحلية وموجات حر قاتلة وجفاف إقليمي وحرائق مستعرة على أطراف المدن، توجَّه الباحثون والمخططون إلى الطبيعة نفسها، بحثًا عن طرق لتخفيف الكوارث والحفاظ على الحياة في المدن. ونتيجة لذلك، نجد أن ناطحات السحاب في سنغافورة أصبحت مغطاة بحدائق عالية التقنية، والمصانع المهجورة في مدينة نيوآرك في ولاية نيو جيرسي الأمريكية تحوَّلت إلى مزارع مائية، والمناطق الصناعية القديمة في مدينة برلين أصبحت اليوم حدائق طبيعية داخل المدينة. ومن ناحية أخرى باتت المدن تسعى، وبشكل متزايد، للمحافظة على المساحات البرية على أطرافها حيث نجد أنه من الأمور اللافتة في عصر تغير المناخ ما يتمثل في الجهود المبذولة لاستعادة المستنقعات الملحية على طول ساحل مدينة نيويورك، وغابات المانغروف في سنغافورة ومومباي التي تعمل بمثابة حواجز ضد ارتفاع منسوب سطح البحر وضد العواصف المدمرة التي تهدِّد المدن الساحلية.

في الخلاصة، يمكن القول إن كلا الكتابين ينظر إلى التقاطعات القائمة بين الطبيعة والحياة الحضرية، بيد أن بيورغان تسلط الضوء على الإيقاعات الخفية للحياة البرية الحضرية، وتدعونا إلى ملاحظاتها بشكل أفضل، فيما يؤكد ويلسون أهمية المدن نفسها، التي طالما كانت مراكز الابتكار عبر التاريخ، في استحداث عناصر التغيير لاسترجاع الطبيعة إلى أحضانها.


مقالات ذات صلة

صدر مؤخرًا كتابان يسلطان الضوء على العلاقة العميقة بين الخيل والإنسان. يُقدم “الغزاة والحكام والتجار” للمؤرخ ديفيد شافيتز لمحة عن دور الخيول في الحضارات، بينما يُعيد “ضربات الحوافر” لويليام تايلور صياغة القصة الملحمية للخيل مستندًا إلى أحدث الاكتشافات العلمية، ليحل محل الأساطير القديمة.

Money: A Story of Humanity
by David McWilliams
تأليف: ديفيد ماكويليامز
الناشر: 2024م، Simon & Schuster UK

The Haunted Wood: A History of Childhood Reading by Sam Leith 
تأليف: سام ليث  
الناشر: 2024م، Sutherland House Books


0 تعليقات على “كتب من العالم”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *