تأليف: ستيفن وولفرام
ترجمة: أوليغ عوكي
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2023م
يتألف كتاب “ماذا يفعلChat GPT؟ ولماذا ينجح ذلك؟”، كما يشير مؤلفه عالم الرياضيات والتقني في العلوم التطبيقية، ستيفن وولفرام، من جزأين. يشرح الجزء الأول قدرة هذا التطبيق على مضاهاة الميزة البشرية بتوليد اللغة. أمَّا الجزء الثاني، فيبحث في إمكانية أن يصبح قادرًا على استخدام الأدوات الحسابية لتخطي ما يستطيع أن يفعله البشر.
يقول المؤلف إن كتابه هو محاولة لشرح المبادئ التي تستند إليها طريقة عمل “شات جي بي تي” وسبب نجاحه؛ لذا فهو قصة عن التكنولوجيا في بعض النواحي، لكنه قصة عن العلوم والفلسفة أيضًا. ويشير إلى أن قصة هذا التطبيق تحديدًا هي جزء من تجميع للكثير من الأشياء معًا وانبثاقها في “لحظة تقدّم عظيم من السلوك المعقد للبرامج البسيطة إلى الشخصية الجوهرية للغة والمعنى، وللجوانب العملية لأنظمة الكمبيوتر الكبيرة”.
يوضح ستيفن وولفرام أن تطبيق “شات جي بي تي” يرتكز على مفهوم الشبكات العصبية، التي اُخترِعت في أربعينيات القرن العشرين كمحاولة تُقلِّد طريقة عمل دماغ الإنسان، والتي تطوّرت تمامًا بعد أربعين سنة مع ظهور الحواسيب التي تعمل بسرعة فائقة، وتوفُّر مليارات صفحات النصوص على الويب، وبعد سلسلة كاملة من الابتكارات الهندسية. لقد أصبح بمقدور هذه الشبكات العصبية أن تفعل ما كان يُعتقد أنه من أبرز السمات الأصيلة في الإنسان، وهو إنتاج لغة مفهومة المعنى.
يتميز الكتاب باستخدامه أسلوبًا مبسطًا في مناقشة مفاهيم النموذج، والتعلُّم الآلي، والتضمينات، والقوانين الدلالية للحركة، التي ترتبط جميعها بعمل التطبيق، الذي يمثل أبرز تجليات استخدام الذكاء الاصطناعي التي تحاول في الأساس محاكاة المتحدث البشري، ثم تعددت استخداماتها المرتبطة باللغة الإنسانية وعمليات التفكير التي يقف وراءها.
ويتمثل ردّ المؤلف على سؤاله الأساس الذي عنون به كتابه: ماذا يفعل Chat GPT؟ ولماذا ينجح ذلك؟ في أن “المسألة مجرد إضافة كلمة واحدة تلو الأخرى”، وذلك من خلال تحليل كافة العمليات المرتبطة بعمل التطبيق. يكتب: أول شيء يجب توضيحه هو أن الأمر الأساس الذي يحاول Chat GPT فعله دائمًا هو إنتاج “تكملة معقولة لأي نص توصَّل إليه”، والمقصود بكلمة “معقولة”، بحسبه، هو “ما قد تتوقع أن يكتبه أحدهم بعد رؤيته ما كتبه الناس على مليارات صفحات الويب”. فعلى سبيل المثال، إذا توفرت لدينا الرغبة، في إنتاج نص موضوعه “أفضل شيء في الذكاء الاصطناعي”، فحينئذٍ سنتخيل كل الحالات التي يمكن أن يظهر فيها هذا النص، ونسب تكرار الكلمات المرتبطة به عبر البحث المستفيض في البيانات الإلكترونية وفي الكتب. ويخلص “وولفرام” إلى أن تطبيق “شات جي بي تي” يقوم بشيء من هذا القبيل ما عدا أنه لا ينظر إلى النص الحرفي، بل يبحث عن الأمور التي “تتطابق في المعنى” إلى حد ما، لكن النتيجة النهائية هي أنه يُتيح لائحة مرتبة بالكلمات التي يمكن أن تتبع نصك مع “احتمالاتها”. ويرى الكاتب أن نجاح “شات جي بي تي” في توليد النصوص بشكل يشبه كثيرًا ما ينتجه البشر، يعود إلى أن تصميم بنية شبكته العصبية الاصطناعية يستند إلى نموذج مثالي لدماغ الإنسان.
اترك تعليقاً