تأليف: حسن مظفر الرزّو
الناشر: مركز دراسات الوحدة، 2023م
يواصل الباحث العراقي حسن مظفر الرزّو، في هذا الكتاب الذي صدر بعنوان: “المحيط المعرفي الخليجي.. نحو فضاء معرفي جديد”، تحليل واقع التطور الرقمي في الدول العربية والإسلامية، وهو التوجه الذي انشغل به في مؤلفات سابقة له، مثل كتابيه: “الفضاء المعلوماتي” و “فضاء التواصل الاجتماعي العربي”. ويؤكد أنه سعى من خلاله إلى تأكيد حضور كيان جديد للمعرفة أطلق عليه المحيط المعرفي على المستوى “العولمي” الإقليمي بصورة عامة، وفي بلدان الخليج العربي بصورة خاصة؛ لأنها تمتلك السبق في تقنيات المعلومات والاتصالات ونجحت في ترسيخ حضور المتغير المعرفي عند مقارنتها ببقية البلدان العربية وبلدان المنطقة.
ويرى المؤلف أن ثمة فرصة سانحة لاستثمار الحضور العربي المتنامي في البيئة الرقمية، في بناء بيئة معرفية عربية، بوسعها أن توظف المحتوى المطروح في مواقع الويب والمدوّنات الرقمية ومواقع شبكات التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة وغيرها من التطبيقات، التي تنفتح على الغير للتشارك في إنتاج مادة معرفية، أو معلومات وفق النهج التعاوني الذي أصبح سمة أساسية في إنتاج الخطاب المعرفي الرقمي، الذي لم يَعُدْ حكرًا على طرف معين، بل صار منجزًا يساهم فيه العديد من مستخدمي هذا الفضاء الرقمي المُستحدَث.
ينقسم الكتاب إلى أربعة فصول. يشرح الفصل الأول عديدًا من التعريفات المرتبطة بمفهوم “محيط المعلومات”، الذي ابتكره فيلسوف المعلوماتية المعاصر الإيطالي لوتشيانو فلوريدي، الذي يؤكد الحضور المكثف للمعلومات وهيمنتها على كافة عناصر البيئة الاجتماعية للإنسان في الوقت الراهن. ويأتي الفصل الثاني بعنوان: “المواطن الخليجي الرقمي”، ويهتم برصد التحول في أنماط التواصل بين المواطنين من النمط التقليدي إلى النمط الرقمي ويحلله، وذلك بالنظر إلى الإنترنت وكافة تطبيقاته. ويناقش الكيفية التي انتشرت بها تقنيات المعلومات والاتصالات، فصار لها حضورها الطاغي في “إدارة حياة المواطن” وفي الأنشطة التي تُمارَس في هذه المجتمعات.
أمَّا الفصل الثالث، فيبحث في مفهوم “محيط المعلومات الخليجي”، الذي تتألف مادته من “الفيض الرقمي الذي يسري في عناصر المعلومات والاتصالات والتطبيقات وأدواتها التي تدير مساراته”، ويوضح بعض الحقائق المرتبطة بانتشار “الكيانات الرقمية” عبر البروتوكولات الاتصالية التي تحدد هويتها على الإنترنت؛ إذ تُعد أعداد العناوين على هذه الشبكة وكثافة حضورها في محيط المعلومات، على سبيل المثال، مؤشرًا على تعدد مستويات النشاط المعلوماتي وثرائه الذي يسود في البلاد. وقد تبوأت المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى على صعيد عدد عناوين الإنترنت عام 2020م، تلتها الإمارات، ثم الكويت. وفيما يتعلق بعدد الخوادم الآمنة، تمتلك المملكة أيضًا أكبر عدد من الخوادم الآمنة في محيطها الوطني، التي تستوطن في فضاءات رقمية لبلدان أخرى، وتأتي بعدها الإمارات. ويرتكز الفصل الأخير من هذا العمل، وهو بعنوان: “المحيط المعرفي الخليجي”، على البحث في دلالة التطور في إنتاج المحتوى الرقمي في دول الخليج، ويتضح الانتشار الكبير لهذا المحتوى وتراكمه بشكل لافت بمختلف مستوياته. وبحسب مؤشرات التحليل، احتلت المملكة المرتبة الأولى بين البلدان الخليجية بوصفها المالكة والمنتجة لـ “الغّلة الرقمية” في فضاء المحيط المعرفي الخليجي، ويمثل المحتوى الرقمي المطروح في المنتديات مركز الثقل الأول في المحتوى الرقمي السعودي، وكانت المفردات الثقافية الأكثر حضورًا في محاور المادة المعرفية التي تسود هذا المحتوى.
اترك تعليقاً