مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
سبتمبر – أكتوبر | 2024

قطرة من بحر علم الخيل والفروسية


تأليف: د. سماح ملهي
الناشر: ملهمون، 2024م

تستدعي الدكتورة سماح ملهي، مؤلِّفة هذا الكتاب، في مقدمته ذكرى اللحظات الأولى التي جمعتها بالحصان، عندما أرادت أن تلتقط صورة معه، وعمرها لم يكن قد تجاوز تسع سنوات، حينئذٍ اعتراها الخوف من الجلوس على ظهره، حتى إن صورتها معه لفرط رهبتها الشديدة قد أُخذِت على عَجَل تحت أنظار المارَّة في الشارع. لقد عَلِق هذا المشهد في رأسها، وتملَّك تفكيرها إلى الدرجة التي قرَّرت فيها كَسْرَ جميع مخاوفها مع هذا الحيوان، وصارت لا تهابه. وقرَّرت، كما كَتبَت، أن تلتمس قطرات من بحر علم الخيل والفروسية الذي تعترف أنها لا تزال واقفة على شاطئه.

وتُشير المؤلِّفة إلى أنها جمعت في كتابها قدرًا وافيًا من المعلومات حول الفروسية، وضوابط الركوب السليم وأدواته على اختلاف أنواعها، كالسَّرج واللِّجام والرَّسَن، مع توضيح أشكالها واستعمالاتها بالصور. وتضيف أنها تناولت في عملها تشريح الخيل وأوصافها وأمراضها وطرائق الوقاية منها وعلاجها. كما شرحت كيفية التعامل مع الحصان في جميع مراحل حياته، بدءًا من اختياره، ثم الاعتناء به، والتعامل معه بمسؤولية وحسّ إنساني عالٍ.

ينقسِم الكتاب إلى مقدمة وبابين. الباب الأول تُخصِّصه “ملهي” للخيل العربية الأصيلة، وتُقارن فيه بين أنواعها وسُلالاتها وصفاتها المميزة وأسمائها والطريقة المُتَّبعة لحفظ أنسابها. وتُبيِّن معنى الفروسية، وتستعرض تاريخها، فقد عرفتها كل الحضارات القديمة تقريبًا. ثم تُبرز تفوُّق العرب والمسلمين فيها؛ لأن طبيعة البيئة والحياة الاجتماعية “جعلتا العربي فارسًا بالضرورة”. وتؤكد أن الفارس “مَكْرُمة من مكارم قومه ومفخرة من مفاخرهم، يعتزون به، ويشيدون ببطولته”. وتشير المؤلفة في هذا السياق، إلى أن الفروسية ليست مقتصرة على السادة، بل هي حقٌّ لكل عربي، بغض النظر عن مركزه الاجتماعي. والفارس الكامل في نظر العرب هو “من يفتح صدره للبائسين، ويمُدُّ ذراعيه لخدمة الضعيف، ويتطوع لمحاربة الشر”. وفي هذا الباب من الكتاب، تطرح سماح ملهي سؤالًا حول الكيفية التي يمكن أن نفهم بها الخيل، ومدى ما تتمتع به من ذكاء. وتستعرض من أجل الإجابة عن هذا السؤال نتائج مجموعة من الدراسات التي أُجريت في هذا المجال، والتي أكدت أن الخيول “تفهم لغة الإنسان أكثر بكثير مما نتوقع”. فهي، على سبيل المثال، تفهم من يسخر منها، وربَّما لن تنسى فِعلته تلك طوال عمرها. كما تستطيع الأحصنة قراءة لغة الجسد البشرية وتمييز الشخص الذي يُبدي وضعية جسد متسلطة آمرة عن الشخص الذي يبدي وضعًا جسديًّا متواضعًا. والخيول تتمتع بذاكرة قوية، فبوسعها تذكُّر الأماكن والطرق والمسافات، كما أنها تتمتع بالمقدرة على التعبير عن الانفعالات مثل الشعور بالسعادة.

أمَّا الباب الثاني من هذا الكتاب، فيستعرض أنواع ركوب الخيل، ومنها الركوب العادي والحُر وركوب السرعة وركوب التحمُّل وركوب القفز والركوب العلاجي الذي يُعرف أيضًا بالعلاج بمساعدة الخيول، وهو أسلوب علاجي يستخدم حركات الخيل نفسها بهدف إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون اضطرابات أو إعاقات جسدية وعقلية، ومنها حالات الشلل الدماغي، والكثير من الاضطرابات الحركية والحسية. كما يتضمَّن الباب شرحًا تفصيليًّا لأنواع أمراض الخيول وطرائق علاجها.


مقالات ذات صلة

تأليف: عبدالمحسن المطيري
الناشر: دار جسور الثقافة، 2024م

“لكل أناس في بعيرهم خبر”

البصيرة هي إحدى أقوى الأدوات المتاحة لنا كبشر لمساعدتنا على تشكيل المستقبل والتقدم نحوه بثقة وثبات. ويمكن تشبيه هذه القدرة على التفكير في المستقبل بآلة الزمن العقلية التي تحمل وجهين اثنين: تمثيل عقلي وحسِّي لأشياء لم تحدث بعد أو إحساس بما قد يكون أو بما قد يأتي، وذاكرة تكون بمنزلة أساس ومنطلق لتصور مستقبل غير […]


0 تعليقات على “علم الخيل والفروسية”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *