تأليف: كارول أس دويك

ترجمة: مروة الجزائري

الناشر: الرافدين، 2024م

“هذا كتاب يمكن أن يغيّر حياتك”، و “يجب على الجميع قراءة هذا الكتاب”، و “قراءة الكتاب أساسية للآباء والمعلمين، وكذلك لأولئك الذين يرغبون في زيادة مشاعرهم الخاصة بالنجاح والإنجاز”. العبارات السابقة، بوسعنا أن نطالعها على الغلاف الأخير من النسخة الإنجليزية من هذا الكتاب، الذي صدرت ترجمته إلى العربية حديثًا بعنوان “طرق التفكير.. السيكولوجية الجديدة للنجاح”. وبخلاف قيمتها الترويجية، التي لا شك أنها قد تمثّل سببًا في إقبال القرَّاء على مطالعة هذا العمل، تظل مؤشرًا على جودة مضمونه، خاصة أن مؤلفته، أستاذة كرسي لويس وفيرجينيا إيتون لعلم النفس في جامعة ستانفورد، كارول أس دويك، تُعدُّ على نطاق واسع واحدةً من الباحثات الرائدات في العالم في مجالات بحوث الشخصية وعلم النفس الاجتماعي وعلم النفس التنموي.

بالاستناد إلى عديد من نتائج الأبحاث العلمية والخبرات الشخصية المرتبطة بقصص واقعية، يستكشف الكتاب الكيفية التي تؤثر بها معتقدات الأشخاص تجاه أنفسهم، في قدرتهم على تحقيق النجاح في أوجه الحياة المختلفة، أو المكوث في حالات متباينة من الفشل تغرقهم باستمرار في التوتر والقلق.

وبالنظر إلى طبيعة الموضوعات التي يناقشها الكتاب، لا يجب التعامل معه بوصفه نسخة متكررة من المؤلفات الشائعة حول التنمية الذاتية، التي تقدم إرشادات جاهزة للقرَّاء من أجل تطوير قدراتهم؛ لأنه يتجاوز هذا الهدف بالبحث العلمي المتكامل العناصر في طبيعة الدوافع البشرية، التي تُعدُّ أساسًا لتوجيه أفعال الأفراد وقراراتهم على المستويات العائلية والمهنية والشخصية، وذلك عبر تحليل مستفيض لأسباب تعرّض الناس للإخفاقات بوجه عام، وذلك ليس لتقديم الحلول أو الوصفات السحرية لتلافيها، ولكن بهدف تحقيق الفهم الشامل للآليات النفسية وراء حدوثها.

وعلى مدار ثمانية فصول، تطرح المؤلفة سؤالًا رئيسًا هو: لماذا يختلف الأفراد من حيث المهارات الفكرية والقدرات الشخصية، فيتفوق البعض ويخفق البعض الآخر؟ هل يعود الأمر إلى طبيعتهم البشرية، التي قد تتسم بحالة من الجمود وتعوق تطورهم، أم أن الاختلاف يكون نتيجة لمجهود متعدد المستويات بذله البعض لتنمية ذاتهم وصقل خبراتهم، فحقّق تأثيراته الإيجابية وصبغ حياتهم بالنجاح؟

وتجيب كارول أس دويك، كما سيتبين القارئ، بأن مفتاح نجاح الأفراد في حياتهم يكمن في ابتعادهم عن سمات “العقلية الثابتة”، التي تجعل أحكام أصحابها صارمة تجاه جميع معطيات الواقع، وتجعلهم يخشون التحدي، ويحطون من قيمة الجهد المبذول، ولا يريدون الكشف عن أوجه القصور لديهم.

بينما يمتلكون، في المقابل، ما أسمته “عقلية النمو”، التي تعتمد على إيمانهم بإمكانية التغيير، وتحفزهم دومًا على التقدُّم تأسيسًا على اعتقادهم أنهم يستحقون التفوّق بسبب سماتهم القيّمة، وأهمها رغبتهم في التعلّم والتخلص من عيوبهم وشغفهم بتوسيع آفاقهم ومداركهم، تمامًا كما فعل كثير من العباقرة في شتى المجالات، كما توضح المؤلفة، مثل: الكاتب الروسي ليو تولستوي، الذي كان طفلًا عاديًا؛ أو بين هوغان، أحد أعظم لاعبي الجولف في التاريخ الذي كان غير متناسق العضلات وسمجًا في طفولته؛ أو مثل المصوّرة الفوتوغرافية سيندي شيرمان، المُدرج اسمها تقريبًا في كل قوائم أهم فناني القرن العشرين، والتي أخفقت في أول دورة تصوير لها؛ أو الممثلة الأمريكية جيرالدين بيدج، التي حازت عددًا من الجوائز المرموقة من بينها الأوسكار، والتي كانت قد نُصِحت بترك التمثيل لافتقارها الموهبة.