ينسج مسلسل “خيوط المعازيب” حكايته غرزة خيط وإبرة بعد غرزة، فلا يستعجل سرد حكايته، وإنما يتركها تنساب بهدوء حتى تختمر. بينما يؤسّس عبر المكان والبطل علاقته الأولى مع الجمهور، ويغازل الذاكرة الجمعية بتفاصيله الإنسانية، مستعرضًا الأنساق القيمية والاجتماعية التي كانت سائدة في “الأحساء” خلال ستينيات القرن الفائت، فيقارب التراث المادي واللامادي لهذه المنطقة بتوظيف خلّاق يخدم الحكاية، ولا يجعل الحكاية تخدمه.
يرسّخ “خيوط المعازيب” بوصفه دراما محلية أصيلة، هويةً للمسلسل التراثي السعودي، فلا يكتفي بإحياء القيم والعادات النبيلة، وإبراز عوامل هوية “الأحساء” المميزة والوحدة الاجتماعية فيها، وإنما يقوم بدمج كل ذلك بشروط الفرجة الدرامية بكل ما تنطوي عليه من عوامل تشويق وتسلية ورسالة إنسانية. وهو بذلك يقدّم روحًا للتراث؛ إذ يتجاوز شكله المتحفي ويحيله بطلًا يحقق استجابة عاطفية عند الجمهور كما يفعل البطل الدرامي المحبوب عادة.
وبطبيعة الحال، ما كان هذا الفهم العالي للعلاقة بين التراث والدراما ليتحقق، لولا تضافر جهود من اختبر التجربة نفسها، ومن امتلك أدوات فنية متمكنة لتجسيده ضمن رؤية معاصرة ومختلفة ومتحررة من إرث التجارب المشابهة، ولذلك، سيظل النص الذي كتبه حسن العبيدي نقطة الارتكاز الأساسية في نجاح “خيوط المعازيب”، وعادت لتعمل عليه ورشة كتابة مؤلّفة من جعفر عمران وعباس الحايك وأسامة القس وعبدالمحسن الضبعان ومحمد البشير ويونس البطاط، وبإشراف المخرجة والكاتبة المتميزة هناء العمير، التي تولت أيضًا مهمة الإشراف العام على جميع عملياته الفنية والإنتاجية وإدارتها.
ثلاثة خطوط سردية
قدّم “خيوط المعازيب” حكاياته الافتراضية وفق ثلاثة خطوط سردية، هي:
1 خط الحكاية الإطار (الحبكة – المفتاح):
وتتمثل بتتبع صناعة العباءات (البشوت) في الأحساء خلال ستينيات القرن الفائت، والعلاقات بين أصحاب المهنة والتجار والعمّال. وهي الحكاية التي جمعت أحداث العمل الدرامية في إطار الحكايات الشعبية، بالشكل الذي لامس بتفاصيله الخيال الاجتماعي للمنطقة.
2 خط الحكاية الرئيسة (الحبكة الأساسية):
الذي يشكّل محرك الصراع في المسلسل، مدفوعًا بسلوك شخصية “أبي عيسى” الرئيسة وقراراته. وفي هذه الحبكة بُني الصراع المركزي من التعارض المطلق بين شخصيات العمل، التي فُرزت على نحو حدّ بين شخصيات طيبة وشريرة. مع الإشارة إلى أن الشخصيات نفسها خارج هذا الصراع، لم تكن بالفرز الحاد نفسه، فالشرير لم يكن شريرًا تمامًا، وكذلك الخيّر.
3 خط الحكايات المتضمنة والفرعية (الحبكات الفرعية):
وهي الحكايات التي تفرّعت من خط الحبكة الرئيسة نتيجة للصراع المركزي في المسلسل، أو توازيها وتتأثر بها. وقد نجح المسلسل في توظيف هذه الحبكات الفرعية بصفتها أدوات رائعة لسرد القصة، فساهمت حبكة “معتوق” وتجاربه العاطفية في إضافة الفكاهة وتفتيح الحالة المزاجية للنص. وجاءت حبكة عائلة “أبي أحمد” وأبنائه “خليفة” و”أحمد”، لتُسهم في تطوير القصة وترفع من درجة المخاطر فيها، وتصاعد أحداثها وزيادة التوتر في رحلة شخصياتها. وبالمثل، كانت حكاية “جاسم” و “جوليا” وغيرة صديقه في الشركة وانعكاسها على علاقته مع زوجته “بدرية وابنه “فرحان” ومصائرهم نتيجة ذلك. وكان في دخول الحكاية إلى بيت أبي عيسى، وعلاقته مع أبنائه وزوجاته الثلاثة، الدور الأساس في تقريب شخصيته (الشريرة) من الجمهور.
فيما جاءت حكاية نذر “أبي موسى” بتزويج ابنته من حمار، لتؤكد النوع التراثي الشعبي الذي ينتمي إليه مسلسل “خيوط المعازيب”، في وقت جسّد “أبو موسى” نفسه بوصفه واحدًا من (المعازيب) المخلصين للمهنة وأخلاقياتها.
ومع ثبات الحكاية المفتاح بوصفها الفضاء الحكائي للقصة، امتدت حكاية الحبكة الرئيسة على طول حلقات العمل. في حين ظهرت الحبكات الفرعية والموازية في عدد من حلقات العمل، حيث يرتفع منحى السرد فيها نحو ذروة بسيطة، قبل أن تتراجع عن واجهة الحكاية أو تغيب. وبذلك، يتقاطع سرد حكاية “خيوط المعازيب” مع الشكل التقليدي لسرد الحكايات الشعبية.
الصراع والرمز الدلالي
أحداث معظم الحبكات الفرعية والمتضمنة تشابكت بمجملها مع الحبكة الرئيسة، لتُسهم معًا في بناء ثلاثة اتجاهات مميزة للسرد في المسلسل، وهي: صراع الخير والشر، التحولات الاجتماعية والاقتصادية، والرمز الدلالي.
في الاتجاه الأول للسرد، يتكرر الصراع بين ثنائية الخير والشر، انطلاقًا من عملية فرز الشخصيات. وهو الشكل الذي غلب على أنواع الخصومة التي دخلها بطل العمل ومحرك أحداثه “أبو عيسى” مع بقية الشخصيات حوله، باستثناء الخصومة التي دخلها مع شخصيتي “بدرية” و “أبي أحمد”. فكانت بدرية الخصم الزائف في الصراع، حيث تبدو حليفة للبطل وهي في الواقع خصم.
أمَّا “أبو أحمد”، فكان الخصم الذي لا يهاجم من الأمام، كما تفعل كل شخصياتنا في صراعها مع “أبي عيسى”، وإنما يفعلها من الخلف، مستخدمًا المؤامرات والتلاعب للحصول على ما يريد.
وعلى الرغم من أن جميع أشكال الخصومة السابقة ما كانت لتوفر، بطبيعتها، ما يكفي من غموض، فإن ذلك لا يُعدُّ عيبًا بنائيًا في هذا المسلسل، وإنما هو انسجام مع طبيعة الحكاية الشعبية التي ينتمي إليها نوع السرد الدرامي، حيث يُنتج وضوح مرامي الشخصيات وطبيعة تصرفاتها وضوحًا في ردود أفعالها، ومن ثَمَّ وضوح طبيعة الصراع الذي تخوضه. ولذلك، تأتي نتيجته من دون أي مفاجآت تذكر، لأنها محكومة بقدرية إيجابية مطلقة، حيث ينتصر الخير في النهاية، ويموت الشرير أو يعود عن شروره ويتوب ليلتحق بركب الناس الطيبين. وهذا ما حدث في نهاية حكاية مسلسلنا؛ إذ يموت أبو عيسى غرقًا في البحيرة، ويُسجن أبو أحمد، في وقت يستولي رويشد على ثروته ويعيد الأموال الذي اختلسها أبو أحمد إلى أصحابها، وبذلك خلت الساحة للطيبين.
أمَّا الاتجاه الثاني للسرد في مسلسل “خيوط المعازيب”، فيلاحق الموروث الديني والاجتماعي والاقتصادي، وتحولاته التي شهدتها منطقة الأحساء، عبر مجموعة من الثنائيات المتقابلة، مثل: (الشركة مقابل العمل الحر)، و(الحياكة اليدوية مقابل المكننة)، و(اللبس التقليدي “البشت والثوب” مقابل اللبس الحديث: “البنطلون والقميص”)، و(الغناء مقابل تحريمه)… وسواها. وفي مقاربة هذه الثنائيات، تكمن رسائل “خيوط المعازيب” الفكرية والأخلاقية، وتشرح كيف تجاوز المسلسل دوره التقليدي في المتعة والتسلية نحو أدوار ثقافية عميقة، مثل: التبشير والتأثير والتنوير، من دون أن يخضع لفكرة البطل الشعبي الذي عادة ما تقدمه الحكايات الشعبية بوصفه البطل الإيجابي والرجل المثقف الذي يملك رؤية متقدمة عن المجتمع.
ويبرز الاتجاه الثالث للسرد في المسلسل من خلال الرموز الدلالية، وبالتحديد من خلال ثلاثية “البشت والبحيرة والنخيل”، فيجسد “البشت” رمز الأصالة المجتمعية، التي تبقى هي الأساس الثابت المعبّر عن جوهر الناس مهما تغير المجتمع وعصفت به.
وكانت “البحيرة” رمزًا لتطهير المرء من همومه وأحزانه، حين يختار “خليفة” الموت في البحيرة ليتخلص من همومه التي تراكمت في قلبه ابتداء من غياب والده، وصولًا إلى قسوة أبي عيسى. وفي البحيرة، يتطهر أبو عيسى ويُعاقَب على ذنوبه حين يرميه أبو حمد في البحيرة ليموت فيها غرقًا.
ولنتأمل هنا، الرمزية العالية حين يلتقي القاتل والقتيل في البحيرة في مشهد عظيم، حيث يتراءى لأبي عيسى في لحظة حياته الأخيرة جثة ضحيته خليفة.
أمَّا النخيل، فكان رمز الحياة والرسوخ في الأرض، فنجد الكثير من أصحابه يواجهون جشع “أبي عيسى” حفاظًا على نخيلهم، حتى لو اضطرهم الأمر إلى بيع أملاكهم الأخرى لفعل ذلك، كما فعل التاجر “أبو عثمان”. ولأن جذور النخيل راسخة في أرضها، ستكون السبب في إعادة من هجر الأحساء وأقسم ألا يعود إليها، مثل “فرحان” الذي كان يحرص على عدم العودة وفضّل العمل أجيرًا بعيدًا عنها، إلى أن أعادته بساتين النخيل إليها في النهاية.
بناء الشخصيات والقيمة المركبة
تتضاعف القيمة الفنية لمسلسل “خيوط المعازيب”، من خلال تجاوزه مفهوم بناء الشخصيات الحدي (أشرار أو أخيار) في الحكاية الشعبية. فالأبطال ليسوا أشرارًا بالكامل أو أخيارًا بالكامل. ونرى ذلك بوضوح في شخصية”جاسم” البطل الإيجابي الذي يقدّمه العمل إنسانًا لا يخلو من العيوب. ولنتأمل بالمقابل شخصية “أبي عيسى” الشرير، ولنتتبع البناء المركب لشخصيته، فبالرغم من أنه محرك الشر في كل الحكايات، فإنه يفيض حنانًا في بيته تجاه أولاده، وهو منفتح على خياراتهم وأحلامهم الشخصية (التعليم مثالًا). إنهم نقطة ضعفه وقوته أيضًا. لذلك سنجد أبا عيسى يتخلى عن واحد من أكبر عيوبه، حين يتغلب على جبنه ويندفع الى البحيرة ليلًا لإنقاذ ابنته.
وكما أن شخصية الشرير “أبا عيسى” لم تخلُ من الطيبة، وشخصية البطل الإيجابي “جاسم” لم تخلُ من العيوب والأخطاء أيضًا، نجد حالة من المزج النسبي بين سلوك خيّر وآخر يناقضه في سلوك عدد من شخصيات العمل الأخرى، مثل: “رويشد” و”فرحان” و”بدرية”… إلخ.
وجوه شابة.. وواعدة
ما كانت شخصيات “خيوط المعازيب” لتتكامل لولا الأداء المتميز لنخبة من النجوم الشباب الجدد. فالمسلسل ارتكز في جزء أساس من السرد على حكايات أبطالها الشباب. فمع “فرحان” (محمد عبدالخالق) و “جواد” (عبدالرحمن خليفة) و “أحمد” (أسامة محمد) و “عيسى” (ياسر عماد) و “الصميدح” (سالم الخزيم)، كنا أمام حبكات فرعية لافتة، ومنها ما كان مؤثرًا في الحبكة الرئيسة، وبالتحديد شخصية “فرحان” الذي كانت شخصيته العنصر الفاعل في تقدم حبكة أبي عيسى نحو نهاياتها. وبدت تلك الفاعلية في أفضل صورة مع الأداء المفاجئ للفنان الشاب محمد عبدالخالق، وبذلك سجّل المسلسل نفسه نقطة انطلاقة واثقة لعدد من النجوم الشباب نحو مستقبل الدراما السعودية.
وكما كان حاله مع الوجوه التمثيلية الشابة، قدّم “خيوط المعازيب” موهبة شابة واعدة، هي المخرج السعودي عبدالعزيز الشلاحي، وذلك في أول تجربة تلفزيونية طويلة له، بعد خوضه تجارب إخراج تلفزيونية لحلقات منفصلة. ومن يعرف عبدالعزيز مخرجًا سينمائيًا، يدرك عند مشاهدته هذا المسلسل أننا كسبناه مخرجًا تلفزيونيًا، ستجعل التجارب المتكررة منه رقمًا صعبًا في عالم الإخراج التلفزيوني بعد أن يوائم كامل أدواته السينمائية العالية مع متطلبات المسلسل التلفزيوني.
عبد العزيز الشلاحي قدّم صورة ساحرة، وعاد ليواصل المخرج الكويتي مناف عبدال ألقها في النصف الثاني من المسلسل. وبطبيعة الحال، كانت جماليات الصورة الإخراجية تؤكد مقولة الكاتب والناقد المسرحي الألماني غوتولد إفرايم ليسنغ: “يجب أن يتغذى الفن من جذور شعبية، ولكن هذا لا يعني حتمية العودة إلى الأشكال البدائية للإبداع الفني”.
درسان وسؤال
في سباق الدعاية لموسم رمضان الفني، لم يكن مسلسل “خيوط المعازيب” من العناوين المطروحة، لكن العمل سرعان ما أعلن عن نفسه واحتل صدارة المشاهدة على منصة “شاهد”؛ إذ انتقل من المرتبة الثامنة في بداية الموسم إلى الثانية خلال فترة عرضه على المنصة تزامنًا مع قناة “أم بي سي 1” ، صاحبة هذا الإنتاج الأضخم في تاريخ الدراما التراثية السعودية. مع ذلك، فالضخامة ليست النقطة الجوهرية في هذا العمل، بل الإتقان.
يذكّرنا الإتقان الذي تحقق لعناصر هذا العمل بإتقان المخرج شادي عبدالسلام في فِلم “المومياء”، الذي حجز مكانه بين أهم مائة فِلم في تاريخ السينما. فالإتقان في كليهما كان ثمرة الولع، غير أن الفرق بينهما أن الولع في حالة الفِلم كان ولعًا فرديًّا لمخرج تمرَّس في العمل بالكثير من تخصصات العمل السينمائي، وكان يرسم الأزياء والمشاهد بنفسه قبل تنفيذها. بينما الولع في المسلسل كان جماعيًّا يشمل فريقًا ضخمًا، يصعب التوقف أمام أحد أفراده لنقول إنه هو مصدر الإتقان.
وفي تصريحات صنّاع العمل بعد النجاح، لم يحاول أي منهم الادّعاء أن النجاح يبدأ من عنده، أو أن يوسِّع دوره في هذا النجاح على حساب الآخرين. وهذا درس ووصفة للنجاح.
الدرس الثاني من دروس الإتقان في هذا المسلسل، هو التأني. فأصل النص كتبه الكاتب والممثل حسن العبدي عام 2000م، وهو متدرب سابق على حياكة البشوت، يعرف جيدًا عالمها المهني وصراعها الاجتماعي.
وعند الإعداد للمسلسل، عملت لجنة على تحديث نص العبدي، قبل أن تشرع ورشة السيناريو في العمل. فاستغرق العمل على المسلسل سنوات طويلة. وبعد هذا النجاح، يبقى السؤال حول مستقبل الدراما السعودية والخليجية، خاصة بعد أن رفع “خيوط المعازيب” السقف بهذا الشكل. أمَّا بالنسبة إلى مستقبل المسلسل نفسه، فيبدو التحدي أصعب. فقد عرضته منصة “شاهد” تحت عنوان: “موسم أول”، وتحدث صنّاعه عن موسم ثانٍ. ونعرف أن مخطط الموسم الأول قد تطور من عشرين إلى خمس وعشرين حلقة، فماذا بعدُ؟
تأصيل الموروث
نجح مسلسل “خيوط المعازيب” في تقديم صورة عن المجتمع الحساوي في ذلك الوقت، فناسه وقضاياهم هم في صلب موضوعاته واهتماماته، بينما تشكِّل الصراعات الإنسانية اليومية فيه حبكة حكاياته. أمَّا أبطاله، فهم صورة عن أناس نعرفهم، أو من المحتمل أن نعرفهم لكونهم يتقاطعون معنا في شيء من تفاصيل حياتهم. وبهذا المعنى، يؤكد المسلسل دوره في الترفيه والتسلية نحو أدوار أخرى كالتأثير والتبشير، وذلك بوصف حكاياته نموذجًا للعبرة وحالة التطهر الأرسطي. فالشيء بالشيء يُعرف، وبمقدار ما تتوغل الدراما في المجتمع بمقدار ما تمتلك مفاتيح التأثير فيه.
وبعرض الحلقة الخامسة والعشرين، أنهى “خيوط المعازيب” فصلًا متميزًا في مسيرة الدراما السعودية. ورغم أننا ندرك أنه بموت “أبي عيسى”، الذي يعدُّ محرك القصة والصراع فيها، ينتهي احتمال إنتاج جزء ثانٍ من المسلسل. غير أننا على ثقة بأن المستوى الذي قدّمه سيفتح الباب على مصراعيه لمزيد من الأعمال المشابهة في منطقة الأحساء وسواها في المملكة العربية السعودية والخليج العربي بأسره. أعمال تنهل من التراث وتجسّد روحه، وتُرسخ الدراما التراثية بوصفها تأصيلًا للموروث في حياتنا المعاصرة، وليس مجرد حكاية تشبه حكايات الجدات، نستحضرها استجابة للحنين إلى ماض جميل.
اترك تعليقاً