مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين

خيوط العنكبوت
ميزات استثنائية لتكنولوجيا المستقبل

طارق شاتيلا

خيوط العنكبوت هي من أكثر المواد الطبيعيّة إثارة للدهشة. ويمكن تسميتها بالمواد الفريدة، نظراً لخصائصها المتميِّزة. فقد جاء في مقالة نُشرت في مجلة (e-Polymers)، في شهر أغسطس 2020م، أن متانة خيوط العنكبوت الميكانيكيّة، وطواعيتها مع الحرارة، وتركيبتها، لا تقارَن بما لدى المواد البيولوجيّة الأخرى. وهي تمتلك أيضاً تمغّطاً (elasticity) ومتانة لا مثيل لهما. إن نسبة هذه المتانة إلى الوزن، تفوق خمسة أضعاف نسبة متانة الصلب إلى وزنه. ومع هذا فإن مرونة خيوط العنكبوت تفوق مرونة النايلون مرتين، وتفوق مرونة ألياف كفلار (علامة تجارية لألياف اصطناعية)، ولذا يمكن استخدامها للدروع الواقية للجسم. كذلك هي قابلة للتحلّل البيولوجي، وليست سامة للبشر، وهكذا يمكن أن تُستخدم لأغراضٍ طبيةٍ وجراحيةٍ أيضاً. لقد تبيّن أن لخيوط العنكبوت أوجه استخدام وتطبيقات في ما لا يُحصَى من الحقول العلميّة. لكن مع الأسف، العناكب مخلوقات أرضيّة مفترسة آكلة للحوم، وهي لا تتورّع عن أكل لحم جنسها، ولذا فإنتاجها على نطاق واسع هو تحدٍّ قائم.

عدسة مبنيّة على حرير العنكبوت

بديل اصطناعي
على ضوء هذا الواقع، يبدو أن مستقبل التوسّع في إنتاج خيوط العنكبوت يكمن في بديلها الاصطناعي. لقد حاول العلماء أن ينتجوا خيوط عنكبوت بيو-اصطناعيّة بالاستعانة بفصائل عديدة أخرى مختلفة، تراوح بين دود الحرير والماعز. وثَمَّة أصناف مختلفة من البكتيريا أيضاً مرشّحة لأن تشكِّل مصدراً لهذا البديل المنشود. ففي مقالة في نشرة “ساينس ديلي” (Science Daily)، في أغسطس 2018م، تمكَّن باحثون في جامعة واشنطن في سانت لويس (ولاية ميزوري الأمريكية)، من أن يحققوا خطوةً حاسمة على هذا الصعيد. إذ يقولون إنهم طوّروا بكتيريا يمكنها أن تنتج خيوط عنكبوت بيو-اصطناعيّة، تمتاز بجميع الخصائص المهمّة في خيوط العنكبوت الطبيعية. وفي هذا الإطار اهتدوا، خلال بحثهم، إلى اكتشافٍ مهمٍ جداً: فـ”مقاومة الشدّ والمتانة في خيوط العنكبوت تبقى متناسبة إيجاباً مع وزن الجزيئات التي تكوّنها – فكلما كبر الجزيء، تعاظمت متانة الخيوط – حتى في الخيوط الاصطناعيّة”. وهذا يعني أن على العلماء، إذا كانوا يَنشُدون مواد أفضل أداءً، أن يُخلّقوا بروتينات أكبر للخيوط التي يصنعونها بها. حتى ذلك الوقت، لم يتمكن العلماء سوى أن يخلّقوا بروتينات بنصف حجم ذلك. لكن هذا البحث أثبت أن بإمكانهم أن يضاعفوا حجم بروتين الخيوط، بإضافة طفرة جينيّة قصيرة، إلى حمض الخيوط النووي. فتعمل هذه الطفرة على توحيد بروتينتين صغيرتين معاً لتكوين بروتينة خيوط أكبر.

ويعمل الباحثون لجعل عمليتهم هذه أدق قياساً وأكثر جدوى. وبفضل العلاقة الطردية بين حجم البروتين والأداء الفيزيائي لخيوط العنكبوت الاصطناعيّة، ربما قد تؤدي المراحل اللاحقة من هذه التقنية حتى إلى نتائج أفضل. وقد تصبح خيوط العنكبوت الاصطناعية في المستقبل أقوى وأمتن من خيوط العنكبوت الطبيعية، وأن يضاف إلى هذا أنها قابلة للاستثمار التجاري والإنتاج على نطاق واسع. علاوة على هذا، ثَمّة في الأصل أبواب عديدة لاستخدام خيوط العنكبوت، وكثير منها قيد البحث الآن. فحين تُحَلّ مسألة الإنتاج الواسع النطاق، تدخل خيوط العنكبوت الاصطناعية في عديد من الميادين الصناعية.

ابتكر الباحثون بلاستيكياً نباتياً وأضافوا جزيئات نانوية – وهي جسيمات أصغر من جزء من المليون من المتر. هذا يعني أنه يمكنهم التحكم في بنية المادة لإنشاء أغشية مرنة، باستخدام مادة تشبه حرير العنكبوت على المستوى الجزيئي. لقد أطلقوا عليه اسم “حرير العنكبوت النباتي”.

عدسات خيط العنكبوت
مثلما تلتقط خيوط العنكبوت الفرائس الصغيرة تماماً، تستطيع العدسات الصغيرة المصنوعة من خيوط العنكبوت أن تلتقط الصور العالية الدقّة (HD)، في داخل الأنسجة البيولوجية. ففي مقالة نشرتها مجلة “نيو ساينتست” (New Scientist)، في يونيو 2020م، صنع الباحثون التايوانيون عدسة تستخدم خيوط العنكبوت. ومن أجل تحقيق مشروعهم هذا، استخدم باحثو جامعة يانغ-مينغ نوعاً معيَّناً من خيوط العنكبوت يُدعَى حرير خيط السَّحب (dragline silk) استزرعوه من عنكبوت خاص يدعى Pholcus phalangioides، ويُعرَف في اللغة العامية بعبارة: الوالد الطويل الساقين (daddy long legs). ومعروف عن هذا الخيط أنه الأشد متانة، بين جميع خيوط العناكب، ولذا فهي تستعمله في حياكة إطار شبكة العنكبوت، وتتدلّى به العناكب، للهبوط من شبكتها مسافة طويلة نحو الأسفل. واستخدم العلماء الخيط هذا مَحَالةً (scaffold) لبناء عدسة بصرية. فقد غلّفوا خيط عنكبوت بالشمع، ثم نقّطوا عليه نقطاً من راتنج (resin) شفاف. فتَشكَّل الراتنج المدلَّى من الألياف في شكل قبّة. ثم وُضع كل ذلك في فرن أشعة فوق بنفسجيّة ليُخبَز ويتّخذ شكلاً نهائياً. ونتج من هذه العملية عدسات قطرها جزءان من ألف من الملليمتر فقط – أي بحجم لا يزيد على حجم إحدى كريات الدم الحمراء.

حين يَشِعُّ ضوء من خلال عدسة بهذا الحجم، تصدر عنه حزمة ضوء تسمّى دفقاً ضوئياً نانوياً (photonic nanojet)، وهي حزمة ضوئية رقيقة للغاية، يمكن تركيزها على مسافات مختلفة من العدسة. إن مقدار الراتنج الذي يُنَقَّط على الخيط وطول الوقت الذي يُترَك فيه قبل خبزه في فرن الأشعة فوق البنفسجية، يحدِّدان حجم العدسة وشكلها، وكذلك طريقة تركيزها للضوء. وقد تصرَّف الباحثون في تغيير هذه الحيثيات، من أجل إنتاج عدسات منوَّعة لأغراض مختلفة. فمثل هذه العدسات يمكن استخدامها لالتقاط صور لأشياء في منتهى الصغر، على نحو لا يُصَدَّق، مثل الفيروسات. والطبيعة غير السامة التي تتميز بها المواد المصنوعة منها العدسات، تتيح حقنها في داخل الأجسام الحيّة بأمان، لالتقاط صور مفصَّلة للنسيج البيولوجي.

عضلات روبوتية من خيوط العنكبوت
ليست المتانة الفائقة هي الميزة الوحيدة التي يتمتع بها خيط العنكبوت. فهو أيضاً شديد الحساسية حيال رطوبة الهواء، ويستجيب بقوَّة لأي تبدُّل فيها. وقد أهَّلت هذه الميزة خيوط العنكبوت لتكون مادة مناسبة لصنع العضلات الاصطناعية والمحرِّكات الروبوتية. فقد جاء في مقالة نُشرَت في مجلة “إم آي تي نيوز”، في مارس 2019م، أن باحثي معهد ماساشوستس التكنولوجي (MIT)، اكتشفوا أن الرطوبة النسبيّة حين تتخطَّى نسبة معيَّنة، تنقبض فجأة خيوط العنكبوت. إن قدرة هذه الخيوط على الانقباض، استجابة للتغيُّر في الرطوبة، تسمَّى الانقباض الفائق (super contraction). وهكذا يمارس الخيط مقداراً من القوة يؤهّله ليكون محرِّكاً، وبذلك يُجعَل هذا الخيط لأداء مهمّة معيّنة، كتحريك الصِّمام مثلاً.

كذلك وجد الباحثون أن خيط العنكبوت، في لحظة انقباضه، يلتَوي بقوة التواءَةً كبيرة. ويرى الباحثون أن هذا الاكتشاف حدث صُدفة. فحين كانوا يدرسون أثر الرطوبة في خيوط العنكبوت، علّقوا وزناً بأحد الخيوط، واحتبسوه في صندوق يمكنهم فيه أن يتحكّموا بنسبة الرطوبة. ومع ازدياد الرطوبة، أخذ الخيط المتدلي يدور من تلقاء نفسه. وكان هذا الأمر غير متوقَّع إلى درجة فاجأت الباحثين. وربما يكون هذا الاكتشاف في ذاته؛ على درجة كبيرة من القيمة، في ميدان علوم الروبوت، لأنه يتيح صنع أدوات للحركة الميكانيكية، بدقة كاملة. لقد استخدم الباحثون مواد أخرى، حتى الشعر البشري، للعثور بينها على ما يمكن أن ينقبض ويدور مثل خيط العنكبوت، لكنهم مع الأسف، لم يجدوا في أي من هذه المواد خصائص خيوط العنكبوت تلك. ففي هذا المجال، يُعَد خيط العنكبوت مادة فريدة لا مثيل لها.

وجد الباحثون أن خيط العنكبوت، في لحظة انقباضه، يلتَوي بقوة التواءَةً كبيرة. ويرى الباحثون أن هذا الاكتشاف حدث صدفة. فحين كانوا يدرسون أثر الرطوبة في خيوط العنكبوت، علّقوا وزناً بأحد الخيوط، واحتبسوه في صندوق يمكنهم فيه أن يتحكّموا بنسبة الرطوبة. ومع ازدياد الرطوبة، أخذ الخيط المتدلي يدور من تلقاء نفسه. وكان هذا الأمر غير متوقَّع إلى درجة فاجأت الباحثين.

وأفضل طريقة لإنتاج هذه المادة على نطاق صناعي واسع، بالميزات هذه، أو ما يماثلها، يبدو أنها المحاكاة التركيبيّة (synthetic replication).

لكن لحسن حظ المجتمع العلمي الواسع، أمكن للباحثين أن يكتشفوا تماماً كيف تحدث عملية التواء خيط العنكبوت الطبيعي، لمحاكاتها في خيط العنكبوت الاصطناعي. فمن خلال النمذجة الجزيئيّة (molecular modeling) وتجارب المختبرات العلميّة، وجد العلماء أن حركة التواء الخيط تتزامن مع انطواء نوع من البرولاين (وهو حمض أميني في البروتينات) الذي يتوافر في أحد أنواع البروتينات الأساسية التي يتكوَّن منها حرير خيط السحب العنكبي. حين تلامس جزيئات الماء هذا النوعَ من البرولاين، تتفكك الأربطة الهيدروجينيّة، فينشأ اختلالُ تناسقٍ في الجزيء. هذا الاختلال هو المسؤول عن الالتواء والدوران في اتجاه واحد، الذي يحدث حين تبلغ نسبة الرطوبة %70 في الهواء. ويقول العلماء إن هذا السلوك، إذا أمكنت محاكاته في بوليميرات تركيبية، فإنه يفتح الأبواب إلى أنواع عديدة من التطبيقات الممكنة: من الروبوتات الليّنة والحسّاسات (sensors) العاملة بفعل الرطوبة، إلى الأقمشة الذكية ومولِّدات الطاقة الخضراء.

خيط العنكبوت في الطب البيولوجي
إذا أمكن استخدام خيط العنكبوت في صنع عضلات روبوتية، أفلا يمكن أيضاً استخدامه في شفاء الأنسجة الحية؟ إن فكرة الاستفادة من خيط العنكبوت في الأغراض الطبية ليست جديدة بأي حال. وقد يُدهشنا أن قدماء الرومان، استخدموا شبكات العنكبوت لشفاء الجروح. وجاء في مقالة نشرتها مجلة “نيوز مديكال”، في ديسمبر 2020م، أن لدى علوم الطب الحديث أيضاً، بضعة أبواب لاستخدام خيط العنكبوت. ذلك أنه مادة مفيدة طبيّاً، لأنه متناغم بيولوجياً مع الجسم البشري، ولا يثير فيه محرّكات المناعة، علاوة على أنه يتحلّل بيولوجياً، وهو مستقر (stable) بيئياً. كذلك يمكن “هندسته ليشلّ عوامل النماء من خلال تغيير التبدّل الجانبي في الحمض الأميني”، على ما جاء في هذه المقالة.

بعبارة أخرى، يمكن لخيوط العنكبوت الطبيعية أو لأنواعها المركَّبة اصطناعياً، أن تكون مفيدة جداً خصوصاً في لأم الجروح الخطيرة مثل الحروق أو قروح مرضى السكري، وكذلك أنواع أخرى من الجروح العميقة. حين يُخفِق الجلد في معالجةٍ تلقائية، يمكن وضع نسيج حرير خيط العنكبوت على مكان الجرح بواسطة جراحة طبية، أو ضمادة بيوفاعلة (bioactive). وفي تجارب مختبر معالجة القروح، أبدى خيط العنكبوت مزايا بارزة. فلم يظهر أنه يسبِّب رد فعل التهابي، وقدرته على التحلّل البيولوجي تعني أن الضمادة ليست بحاجة إلى الإبدال أو الإزالة. وقد أبدت خيوط العنكبوت أداءً فعالاً في القُطَب الجراحية المتساوقة بيولوجياً (biocompatible)، التي تُجرَى في جراحات القلب والأوعية الدموية، والعصبية، وحتى جراحات العين. لكن مع الأسف، لا تبدي خيوط العنكبوت صفات كثيرة مضادة للجراثيم، لذا لا بد من معالجتها بمواد مضادة لهذه الجراثيم قبل استخدامها في الطب.

علاوة على معالجة الجروح بنسيج خيوط العنكبوت، فإن هذا النسيج يمكن استعماله في هندسة الأنسجة الحيّة. إن أنواع المواد التي يمكن استخدامها لإنتاج نسيج بيولوجي جديد، لا بدَّ من أن تتوافر فيها شروط كثيرة جداً، فيزيائية، وبيولوجية، وكيميائية.

وعلاوة على معالجة الجروح بنسيج خيوط العنكبوت، فإن هذا النسيج يمكن استعماله في هندسة الأنسجة الحية. إن أنواع المواد التي يمكن استخدامها لإنتاج نسيج بيولوجي جديد، لا بد من أن تتوافر فيها شروط كثيرة جداً، فيزيائية، وبيولوجية، وكيميائية. إلى جانب هذا، لا بد من أن تكون وتيرة تحلّلها موازية لوتيرة إنتاج الجسم الحي أنسجة جديدة. بعبارة أخرى، لا بد من أن تبقى داخل الجسم مدة كافية إلى أن يحين إدماج النسيج من خارج الخلايا، في وقت لا يقصر ولا يطول عن اللازم. وبوليميرات خيوط العنكبوت الاصطناعية مثالية لهذه المهمة، ما دام يمكن التحكّم بتشكيلها في تركيبتها، لإنتاج المزايا المطلوبة منها في هندسة الأنسجة.

خيوط العنكبوت بديلاً عن اللدائن
اللدائن (ما نسميه البلاستيك) هي من أكثر المواد التي صنعها البشر انتشاراً في الكرة الأرضية. فهي تُستخدم في كل مجال، من الإلكترونيات، إلى البناء، وفي قطع غيار السيَّارات، والأسلحة، وفي التغليف. وفي مقال نشرته مجلة “ذا كونفرسيشن”، في يونيو 2021م، أنتجت لدائن التغليف وحدها نحو %46 من نفايات اللدائن، في عام 2018م. ومع أن الجهود المبذولة لإعادة تدويرها (recycling) انتشرت شعبياً في السنوات الأخيرة، إلا أن معظم هذه النفايات اللدائنية لا تزال غير قابلة للتحلّل البيولوجي، ولإعادة التتوير. إضافة إلى هذا، ينتظَر أن يتضاعف نماء طلب الغذاء حتى عام 2050م مرتين، فتتضاعف معه وتيرة إنتاج نفايات التغليف باللدائن. وليس من وسيلة أخرى لتدارك الأضرار البيئية الناجمة من ذلك، سوى تطوير مادة مستدامة شبيهة بالبلاستيك، تكون قابلة للتحلّل البيولوجي، ويمكن إعادة تدويرها بسهولة.

واستلهاماً من بنية خيوط العنكبوت الجزيئية، طوَّر علماء جامعة كمبردج لدائن نباتية، ونشروا نتائج أبحاثهم في مجلة “نيتشر كوميونيكيشنز”، في يونيو 2021م. إن أداء هذا النوع الجديد من اللدائن المستمدة من بروتينات نباتية، يشبه من نواحٍ عديدة أداء مثيلها المستمد من النفط، لكن مع ميزة إضافية، وهي أنه يمكن تسميدها في البيئة المنزلية. هذه المادة الجديدة مصنوعة من بوليمير بروتين الصويا، تضاف إليه جسيمات نانوية. وقد أتاحت هذه الجسيمات للعلماء أن يُخَلّقوا رقائق مرنة، ومتينة، ومستدامة في الوقت نفسه. وهي تبدو مثل أي لدائن عادية، لكنها على مستوى الجزيئات، هي أشبه بجزيئات خيوط العنكبوت. وعملية صنع هذه اللدائن النباتية أكثر رفقاً بالبيئة، والمواد التي تنتجها مصنوعة من مواد متجدِّدة. وبذلك يمكن الاقتصاد في استهلاك الطاقة في الإنتاج وفي إعادة التدوير، وكذلك في تقليص التلوّث.

وفي الخلاصة، إن التطبيقات الكثيرة جداً التي تسنح مع خيوط العنكبوت، إنما هي دليل جديد آخر على مدى قيمة الطبيعة في حساب البشر. وإذا كان المرء لا يؤمن بما تملكه الطبيعة من قيمة في ذاتها، فإن ثَمَّة حجة نفعيَّة يمكنها أن تُقنعه من أجل الحفاظ على الموارد الطبيعيّة.

ليست حماية البيئة مجرّد هدف مثالي باطني، ذلك أن قيمتها العملية واضحة للعيان. ويواصل العلماء استكشاف مواد جديدة بالغة الفائدة، ويتابعون استنباط تطبيقات جديدة لمواد معروفة ومعهودة أصلاً. لقد استُخدِمت خيوط العنكبوت في ميادين كثيرة، منها البصريات، والروبوت، والطب البيولوجي، وصناعة التغليف. ومن أجل بقاء البشرية، ثَمَّة حاجة أساسية إلى حماية البيئة حتى تدرسها الأجيال الآتية، وتطور تكنولوجيات جديدة، مؤسَّسة على التنوُّع البيولوجي الفاحش الثراء، الذي تكتنزه الطبيعة.


مقالات ذات صلة

في عام 2077م، شهد معظم سكان أوروبا كرة نارية تتحرك في عرض السماء، ثم سقطت كتلة تُقدّر بألف طن من الصخور والمعادن بسرعة خمسين كيلومترًا في الثانية على الأرض في منطقة تقع شمال إيطاليا. وفي بضع لحظات من التوهج دُمرت مدن كاملة، وغرقت آخر أمجاد فينيسيا في أعماق البحار.

نظرية التعلم التعاضدي هي: منهج تتعلم عبره مجموعة من الأفراد بعضهم من البعض الآخر من خلال العمل معًا، والتفاعل لحل مشكلة، أو إكمال مهمة، أو إنشاء منتج، أو مشاركة تفكير الآخرين. تختلف هذه الطريقة عن التعلم التعاوني التقليدي، فبين كلمتي تعاون وتعاضد اختلاف لغوي بسيط، لكنه يصبح مهمًا عند ارتباطه بطرق التعليم. فالتعلم التعاوني التقليدي […]

حتى وقتٍ قريب، كان العلماء مجمعين على أن الثقافة هي سمةٌ فريدةٌ للبشر. لكن الأبحاث العلميّة التي أجريت على الحيوانات، منذ منتصف القرن العشرين، كشفت عن عددٍ كبيرٍ من الأمثلة على انتشار الثقافة لدى أغلب الحيوانات. وعلى الرغم من الغموض الذي يلفّ تعبير الثقافة، حسب وصف موسوعة جامعة ستانفورد الفلسفيّة، هناك شبه إجماعٍ بين العلماء […]


0 تعليقات على “خيوط العنكبوت”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *