مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
مايو - يونيو 2023

في‭ ‬ذكرى‭ ‬90‭ ‬عامًا‭ ‬على‭ ‬تأسيسها

ملامح‭ ‬الوجه‭ ‬الثقافي‭ ‬لأرامكو‭ ‬السعودية


في غرة عقدها العاشر، تُطفئ أرامكو السعودية شموعها التسعين التي كانت شاهدة على رحلة تميُّز اجتازت خلالها محيطًا من التحوُّلات في طريقها لتبوؤ مكانتها بوصفها الشركة العالمية الرائدة التي يُشار إليها بالبنان في مجال الطاقة والكيميائيات، بينما تستقبل مرحلة جديدة وغير مسبوقة من الطموح والنمو خلال العقد القادم. هذه المسيرة الحافلة بالإنجازات تتوشَّح بعلاماتٍ مضيئة وكثيرة في مجال إمداد العالم بالطاقة الموثوقة واللازمة لتلبية متطلبات التنمية الاقتصادية والحياة اليومية. لكنّها أيضًا لطالما تكشف عن أوجه أخرى من الاستثمار في طاقة الإنسان وتنميتها، والأخذ بيديه في شتّى دروب الحياة، ومن بينها الثقافة بفضاءاتها الرحبة.

للوهلة الأولى قد يبدو النفط والغاز من جهة، والثقافة والفنون من جهة أخرى على طرفي نقيض، أو مثل خطين متوازيين لا تتقاطع بهما السبل؛ إذ كيف لما يمثل الوجه الحازم للأعمال وما جرى العرف على اختصاصه بعالم المال والصناعة أن يلتقي مع ما يمثل الوجه الشفَّاف والرقيق من التجربة الإنسانية. ولكن هذا هو ما حقّقته شركة عملاقة ورائدة هي أرامكو السعودية، التي أثبتت أن شغفها بالريادة لا يقف عند حد، انطلاقًا من إيمانها بأن إسهاماتها الثقافية تصب بشكل مباشر وغير مباشر في إطلاق الفكر وتنمية الإنسان وصناعة المستقبل.
فبصرف النظر عن اهتمامها الخاص بالتعليم وإسهامها في تشييد المدارس النموذجية، التي باتت نموذجًا يُحتذى، فقد حرصت الشركة منذ بواكيرها الأولى على وجود المكتبات في الأحياء السكنية التابعة لها في كل من الظهران وبقيق ورأس تنورة والمناطق الأخرى، مزودة إياها بالكتب باللغتين العربية والإنجليزية في شتى ضروب المعرفة من علوم وآداب وفنون ولمختلف الفئات العمرية، فضلًا عن الصحف والمجلات الأسبوعية والشهرية والفصلية باللغتين أيضًا.
وخارج نطاق حدودها المكانية، سعت الشركة أيضًا منذ بداياتها إلى الاستثمار في قنوات الإعلام المختلفة لإشاعة المعرفة وتعزيز الثقافة بين أوساط مجتمعيها الخاص والعام، فبعد أن كانت الشركة قد أطلقت مجلة “أرامكو وورلد” في نهاية عقد الأربعينيات، أعقبتها سريعًا في مطلع الخمسينيات بإصدار مجلة القافلة، ثم بمحطة للتلفاز والإذاعة في وقت لاحق.
ولأنها كانت وما زالت تنظر إلى الثقافة في إهابها الواسع وطيفها الملوَّن، كان للشركة قصب سبق في إبراز خبايا الثقافة العلمية والتقنية للأجيال الجديدة بأسلوب شيِّق وجذّاب. نشهد ذلك جليًّا في إنشائها لمعرض صناعة الزيت بالظهران، الذي استمرَّ ينشر الثقافة حول هذه الصناعة فترة من الزمن، كما شهد إقامة برامج ثقافية وترفيهية متنوعة للكبار والصغار.
لاحقًا، ومن رَحِم استشعار الشركة المبكر لمسؤوليتها الاجتماعية، وُلدت فكرة المكتبات المتنقلة في أواخر السبعينيات، كأحد الأنشطة الثقافية التي استهدفت طلاب المدارس بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم. بدأ الأمر بعربة واحدة، ليتحول لاحقًا إلى أسطول من العربات جاب مناطق المملكة من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها. وعلى الأغلب فإن زيارات المكتبة المتنقلة تلك قد حفرت آثارها في ذاكرة الكثير من الطلاب والطالبات الذين استفادوا منها عبر عقود متتالية من الزمن.
وبطبيعة الحال، يصعب حصر نطاق مبادرات أرامكو السعودية التي تتصل بالثقافة بمفهومها العام فضلًا عن تعدادها، فعلى امتداد السنين كانت الشركة تحرص على الاستثمار في تعزيز المستوى الثقافي للمجتمع وبناء جسور التواصل مع المجتمعات الأخرى. وتشمل حصيلة هذه الجهود إنتاج الأفلام التوعوية والوثائقية، وتنظيم حملات التوعية والمسابقات الإبداعية على اختلاف موضوعاتها، ومشاركاتها العديدة في الفعاليات الثقافية المتنوعة كمهرجان الجنادرية ومعارض الكتب المحلية والمعارض الدولية المختلفة، إلى جانب الرعايات الكثيرة للمبادرات والمشاريع المحلية والدولية ذات الصلة الوثيقة بالثقافة.
وإذا كانت تلك المبادرات الثقافية قد تشعَّبت فيما مضى عبر مسارات وقنوات مختلفة، فقد جاء إطلاق مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء” ليتوِّج تلك الجهود، وليكون ذلك الصرح الجامع والقطب الذي تدور من حوله رحى الثقافة بأفقها الرحب.

ينبوع غزير من الطاقات الثقافية

إلى جانب الحديث عن المبادرات الثقافية، لا يمكن للوجه الثقافي لأرامكو أن يظهر بملامحه الواضحة ما لم نتطرَّق إلى جانب العنصر البشري الذي يمثِّل قلب المعادلة في جميع أعمال الشركة.
وما يجب أن يُقال هنا هو أن استثمار الشركة في الموارد البشرية عمومًا وجد له انعكاسًا خاصًا في الجانب الثقافي، فاستفادت مجموعة كبيرة من الأفراد الذين رفدوا المجتمع الثقافي بجهودهم وطاقاتهم من فرص التدريب العامة والخاصة والبرامج والفعاليات والأنشطة الثقافية المختلفة، التي نظمتها الشركة أو شاركت فيها أو رعتها، واستطاعوا عبر أجيال عديدة أن يبرعوا في مجالات الإبداع المختلفة.
ومع أن هذه الفرص لم تنحصر في مجتمع أرامكو الخاص، فإن أفراده كان لهم نصيب وافر من هذه الاستفادة، فكان بينهم العديد من النماذج المبدعة من موظفي وموظفات الشركة الذين فرضوا أنفسهم في ساحة الثقافة، وانتقل بعضهم إليها في مراحل من مسيرتهم المهنية ليخدموا نشاطها من مواقع مختلفة.
إلى جانب ذلك، فإن هذه المبادرات والبرامج الثقافية كانت سببًا في ارتباط كثير من الشخصيات الثقافية البارزة بالشركة عبر تاريخها، كما أنها رفدت روح الحراك المجتمعي بتيار من المتطوعين والمتطوعات عبر مختلف الأجيال.

البدايات الثقافية الأولى
مبادرات أدَّت دورها وأخرى تغذّ السير

يصعب على وجه الدقة تحديد أول مبادرة ثقافية لأرامكو السعودية، لكن من المؤكد أن الخطوات الأولى في هذا الطريق جاءت في فترة مبكرة جدًا، ولعل من بينها أرشيف الصور الفوتوغرافية للمواقع والأشخاص والأحداث التي ارتبطت بأعمال الشركة وأصبحت كنزًا ثقافيًا نادرًا يشهد على البدايات الأولى في مرحلة الثلاثينيات. كما كانت هناك حزمة من المبادرات التي رأت النور في نهاية فترة الأربعينيات وازدهرت ونضجت خلال الخمسينيات من القرن الماضي، وهي المراحل التي أعقبت سنوات التأسيس الأولى بعد تدفق إمدادات النفط بكميات تجارية.
ومن المؤكد أيضًا أن الخطوات الأولى كانت مرتبطة في صميمها بمجتمع أعمال الشركة وبيئتها الحاضنة القريبة، اللذين كانا يتشكَّلان ويتحوّلان شيئًا فشيئًا، ولعلَّها في أغلبها كانت مقتصرة على تلمُّس مواضع الحاجة. كما أن الطبيعة المجتمعية وواقع تلك المرحلة كانت تفرض أن تتقاطع تلك المبادرات وإلى حد كبير مع جانبي التعليم والترفيه، وأن تنمو بنمو الموارد البشرية والمالية المتاحة لها.
ويمكن أن نلاحظ هذا التطور التدريجي بشكل واضح في رحلة محطة إذاعة أرامكو، التي بدأت فكرتها تتشكَّل منذ الثلاثينيات من خلال بثّ الموسيقى عبر مكبرات الصوت في بعض المرافق الترفيهية في الأحياء السكنية بناء على طلب بعض الموظفين، قبل أن تصدح للمستمعين في أثير الإذاعة بعد ذلك بفترة عام 1957م. وما زالت هذه الإذاعة تبث فيصِل صوتها إلى حدود المليون مستمع.
وبعد أن تجاوزت أرامكو البداية الشاقة لرحلتها في مجال أعمالها، كان من الواضح أنها تستقبل مرحلة من النمو تفرض بدورها نموًا في مجتمعيها الخاص والعام وتغيرًا في طبيعة تواصلها وتفاعلها معهما، وضمن ذلك ما يرتبط بالشق الثقافي. وسرعان ما أدركت الشركة ضرورة مواكبة هذا التغير بإطلاقها حزمةً من مبادراتها الممنهجة والمتنامية وذات الطابع الثقافي الإعلامي البارز، والتي شكَّلت الملامح الأولى لوجهها الثقافي. وفيما يلي استعراض موجز لبعض أبرز تلك المبادرات، التي لا يزال بعضها مستمرًا حتى الفترة الراهنة.

القافلة.. والمنشورات الدورية
كانت ولادة مجلة القافلة عام 1953م، المسماة آنذاك بقافلة الزيت، ناشئة عن تلمُّس الشركة للحاجة المتبادلة إلى التواصل مع موظفيها العرب، ولتساعد في جهود تعزيز الوعي ومحو الأمية آنذاك. فانطلقت “القافلة” في أعدادها الأولى لتخدم هذا الهدف بالدرجة الأولى، لكنها سرعان ما تحوَّلت مع توسُّع الشركة ونمو نشاطها المجتمعي إلى مجلة ثقافية عربية متنوِّعة، تجمع بين دفتي أعدادها الآداب والفنون إلى جانب المعارف العلمية والتقنية الحديثة، لتشكِّل منها موسوعة ثقافية أسهم فيها نخبة واسعة من المحررين والكتاب عبر سبعة عقود.
وفي حين كانت القافلة الكنز الثقافي الذي أهدته أرامكو السعودية ولا تزال للقارئ العربي، فقد سبقتها هدية ثقافية عالمية الطراز، تمثلت في مجلة “أرامكو وورلد”، التي تصدر باللغة الإنجليزية منذ عام 1949م، وتُعنى في أصلها بتعريف المجتمعين الغربي والعالمي بالثقافتين العربية والإسلامية.
وإذا كانت سمة الثقافة ظاهرة بشكلها المباشر في مجلة القافلة ومجلة “أرامكو وورلد”، فإن مطبوعات الشركة الدورية الأخرى، وعلى وجه الخصوص “القافلة الأسبوعية” التي انطلقت عام 1959م، و”الأرابيان صن” التي تعود إلى عام 1945م، اضطلعتا أيضًا بدور مهم في التوثيق التاريخي ذي الأهمية الثقافية لما مرت به أرامكو السعودية من مراحل نمو، إلى جانب ما شهدته المناطق الحاضنة لأعمال الشركة في المملكة من ازدهار، بحيث يمكن أن تُعد هاتان الدوريتان مرجعًا مهمًا بالنسبة للباحثين والمؤرخين والمهتمين بنمو الإنسان وأحوال الناس والمجتمع في تلك الفترة المهمة من تاريخ المملكة والمنطقة.

أفلام وكتب أرامكو
عُرفت أرامكو على مدى سنوات عديدة بإصدار أفلام وكتب رصينة لها صبغة ثقافية ظاهرة. ويعود تاريخ إنتاج الأفلام إلى بداية الخمسينيات، حين أنتجت الشركة عدة أفلام توعوية في مجال الصحة والسلامة وبدأت بعرضها من خلال السينما الخارجية التي كانت تقيمها الشركة في مدن المنطقة الشرقية، التي بدأت تتوسع آنذاك نتيجة بناء آلاف المساكن الحديثة عبر برنامج تملك البيوت. وفي العام 1955م، أنتجت الشركة أول فِلم كبير وهو “جزيرة العرب” الذي يحكي تاريخ 5000 سنة في الجزيرة العربية. وقد اكتمل مؤخرًا ترميم الفِلم في أحد المراكز المتخصصة في أوروبا ويجري الاستعداد لعرضه في مناسبات قادمة.
أما الكتب ذات الطابع الثقافي التي أصدرتها الشركة فهي عديدة، منها كتاب “أرامكو أند اتز وورلد” باللغة الإنجليزية الذي صدر في أواخر الأربيعينيات لتعريف القراء العالميين بالشركة وبالمملكة وبصناعة النفط، ثم تطور في السنوات اللاحقة إلى نسخة مختلفة شكلًا وتحتفظ بنفس الجوهر باسم “أ لاند ترانسفورمد”.
ومن الجهود الحديثة في هذا الصدد، هناك كتاب “المعلقات لجيل الألفية”، وهو مشروع يتضمن ترجمة المعلقات العشر إلى ست لغات بالاستعانة بأكاديميين وخبراء حول العالم، إذ أُنجزت منه الترجمة إلى الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، بينما يجري العمل على الترجمة للّغات الصينية والكورية والألمانية. وتتسم هذه الترجمة بأنها مصاغة بأسلوب جذاب لجيل الشباب العربي وكذلك للقراء العالميين في القرن الحادي والعشرين.
ومن الكتب المميَّزة أيضًا كتاب “طيور المملكة العربية السعودية”، الذي تفخر أرامكو السعودية بإصداره بعد جهد نحو 10 سنوات من الرصد والمتابعة والتصوير والتوثيق لفريق من الأخصائيين البيئيين بالشركة، وبالتعاون مع خبراء وطنيين وعالميين والهيئة الوطنية لحماية البيئة وجهات محلية ودولية أخرى، ليكون الأول من نوعه في مجاله؛ إذ يرصد ويوثق نحو 500 نوع من الطيور المحلية والمهاجرة. وقد صدر الكتاب باللغتين العربية والإنجليزية في جزأين ضخمين بحدود 900 صفحة، تتضمن مئات الصور البديعة للطيور، التي رصدتها عدسات مجموعة من أبرز مصوري الحياة البرية في المملكة.

محطة تلفزيون أرامكو
شهد يوم السابع عشر من سبتمبر عام 1957م إطلاق أرامكو أول محطة تلفزيونية باللغة العربية في المملكة والثانية على نطاق الشرق الأوسط، لتقدِّم من الظهران مزيجًا من برامج التوعية والترفيه والثقافة والانفتاح على العالم. كانت هذه المحطة رائدة في زمانها ومكانها، وقد اكتسبت تدريجيًا شعبية كبيرة حتى وصل عدد مشاهديها إلى 350,000 مشاهد في عام 1965م.
وعقب إطلاق أول محطة تلفزيونية حكومية من الدمام عام 1969م، اقتصر بث المحطة على اللغة الإنجليزية، واستمرت في القيام بدورها حتى تسعينيات القرن الماضي حين أدى ظهور شبكات التلفزة العالمية والفضائية إلى انتفاء الحاجة إلى محطات التلفزة المحلية، لتقرر الشركة إيقاف البث عام 1998م.

وقد وثَّق د. عبدالله المدني لتاريخ هذه المحطة التلفزيونية في كتاب بعنوان “تلفزيون أرامكو.. دراسة توثيقية لأول محطة تلفزيونية ناطقة بالعربية في الخليج”، الذي صدر عام 2015م وخرج في طبعته الثانية عام 2022م، حيث تناول الدور الرائد الذي لعبته هذه القناة في حياة سكان المنطقة الشرقية من المملكة والدول المجاورة كالبحرين وقطر والإمارات.

معرض أرامكو السعودية وثقافة الطاقة

من أهم البرامج التي استحدثتها الشركة في النصف الثاني من الخمسينيات معرضها المتنقل حول صناعة الزيت، وهو معرض انطلق أولًا في الظهران كما تجوَّل في العديد من مناطق المملكة ومدنها، واضعًا نصب عينيه هدف التعريف والتوعية بهذه الصناعة بين أفراد المجتمع، لإلهام الأجيال الناشئة في المملكة لتكون رافدًا يصبّ في اتجاه النمو بالصناعة وبيئتها الحاضنة.
وكان المعرض يُقام في أرض فضاء بالقرب من المدن التي كانت صغيرة آنذاك، فيفتتحه أمير المنطقة، ويشهد حضورًا كثيفًا كما تظهر بعض الصور الأرشيفية، ويُحدث صدى كبيرًا حينما يزور مدن المملكة. وقد زار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله المعرض المتنقل عام 1958م حينما أقيم في الرياض، وكان آنذاك أميرها. وكثيرون من رجال الدولة والفكر والأعمال من مختلف المناطق كوَّنوا انطباعهم عن أرامكو في سنوات طفولتهم عبر معرض الزيت المتنقل. وكان الزوّار يشاهدون فيه الأفلام والسينما، التي كانت أعجوبة بالنسبة للكثيرين ممَّن كانوا يرونها لأول مرة في ذلك الوقت. وقد استمر المعرض المتنقل في نشاطه إلى عام 1971م.

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، أمير الرياض آنذاك، يدشِّن معرض صناعة الزيت في شهر مارس من عام 1958م.

وشهد العام 1963م بداية تأسيس أرامكو لمعرض دائم في الظهران عن أعمال الشركة ومراحل إنتاج الزيت تحت اسم “معرض صناعة الزيت”، حيث يشهد شهر أغسطس المقبل مرور 60 عامًا على تأسيسه. وقد انتقل المعرض في موقعين آخرين في الظهرن، حتى استقر عام 1987م في مبنى جديد متميّز وظَّف أحدث تقنيات العروض آنذاك، وأُعيدت تسميته لاحقًا إلى “معرض أرامكو السعودية”. وفي أكتوبر 1991م، افتتحت أرامكو معرضًا دائمًا لها في ينبع، وكان امتدادًا تشغيليًا لمعرضها في الظهران.
وقد خضع مبنى المعرض في الظهران لعدة تحديثات لاحقة، من أبرزها التحديث الذي أُسدل عنه الستار عام 1999م بعد عام كامل من العمل على إحداث نقلة نوعية في المعروضات وتجربة الزوّار. وفي العام 2003م، قدَّم المعرض للزوار تجربة فِلم ثلاثي الأبعاد عُرض في المسرح التابع للمعرض.
وقد كانت صناعة النفط في المملكة هي الموضوع الرئيس الذي تعرضه الأجنحة المتعددة للمعرض، بدءًا بكيفية تكوُّن الموارد الهيدروكربونية في باطن الأرض، ومرورًا بما تمر به من أعمال تنقيب واستكشاف وإنتاج وتكرير ونقل، وانتهاءً بما يتصل بها من منتجات وتقنيات، إذ كان كل ذلك يُعرض بأساليب بصرية-صوتية تفاعلية مشوّقة تُثير فضول الزائرين. مع ذلك، لم يُغفل المعرض جانب التكامل والتداخل الثقافي آخذًا في اعتباره ما يتصل بهذا الموضوع من جذور تتشعَّب في علوم الحضارة العربية والإسلامية.
ومن أبرز العروض التي استضافها أيضًا “معرض الديناصورات”، الذي أقيم عام 1997م وزاره نحو نصف مليون زائر في غضون 5 أسابيع، من بينهم طلبة من أكثر من 600 مدرسة. فكان نقلة نوعية في التفاعل مع المجتمع، إذ حقق أرقامًا قياسية بلغت ما معدله 14,000 زائر في اليوم، فهو حدث لم يكن له مثيل في تاريخ الظهران في القرن الماضي من حيث عدد الزوار.
وكان المعرض يستقبل في فترات أوج عطائه قرابة 200,000 زائر سنويًا. أما طيف زوَّاره فتنوَّع بمقدار ما للثقافة من جمهور متنوّع، ففتح أبوابه أمام طلاب المدارس والجامعات والأُسر، كما استضاف وفود الشركات والبلدان، بل حتى الدبلوماسيين وبعض رؤساء الدول.
وكان المعرض منصة لتنظيم برامج مثرية، منها على سبيل المثال برنامج تعريف وتثقيف الطلبة المتميزين من مختلف أنحاء المملكة بصناعة البترول من خلال زيارة المعرض وتلقي عرض تعريفي عن إجراءات التوظيف في أرامكو، وأخذهم في جولة على معالم ومرافق مهمة مثل زيارة بئر الخير ومصفاة رأس تنورة. كانت كل زيارة تضم 120 طالبًا من أحد المناطق من طلبة الثالث الثانوي. وقد تم البرنامج بالتعاون مع وزارة المعارف التي كانت تختار الطلبة. وكانت أرامكو تبعث طائرة كل شهر مرة لإحضارهم من أحد مناطق المملكة فيقضون يومًا في عطلة نهاية الأسبوع. وقد تجاوز عدد المستفيدين 1,300 خلال 12 دورة مثلت المناطق التعليمية في الرياض وجدة وأبها وحائل والقصيم والمدينة المنورة والطائف والمخواة والباحة ونجران وتبوك وعرعر.
وقد كان لمعرض أرامكو حضور عبر أقسام وأجنحة متخصصة في العديد من المعارض المهمة، مثل أجنحة المملكة في معارض إكسبو العالمية، ومعرض المملكة بين الأمس واليوم الذي أقيم في الثمانينيات في العديد من المدن العالمية، وكذلك في مهرجان الجنادرية، فضلًا عن المعارض المتخصصة في مجال النفط والغاز والطاقة والبيئة التي تشارك فيها أرامكو حول العالم. وقد ساهمت تلك المشاركات في التعريف بصناعة النفط السعودية وإسهامها في التنمية الوطنية.
وفي العام 2017م، تم إنجاز تحديث شامل في المعرض من الخارج والداخل، وتم دمج المعرض تشغيليًا مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء”، وغُير اسمه من معرض أرامكو إلى معرض الطاقة انسجامًا مع رؤيته الجديدة، التي أصبحت تواكب بشكل أكبر نطاق عمل أرامكو، فصار يضم محتويات عن الطاقة المتجددة والصناعات الكيميائية بالإضافة إلى محتويات صناعة الزيت والغاز. ويحتفل معرض الطاقة في إطار إثراء باليوم العالمي للرياضيات “بايكون” في 14 مارس من كل عام عبر فعاليات علمية تستمر مدة أسبوع.
وفي العام 2018م، تم تدشين قاعتي الطاقة في واحة الملك سلمان للعلوم والتقنية بالرياض. وهاتان القاعتان اللتان تبلغ مساحتهما المشتركة 800 متر مربع يضمان تقنيات عرض متطورة وتم تنفيذهما وتشغيلهما برعاية كاملة من أرامكو ليستفيد منها الطلبة والزوار في منطقة الرياض.

وإسهامات في معارض إكسبو
كان لأرامكو كذلك إسهامات عديدة في معارض إكسبو العالمية كجزء من مشاركة المملكة، فهذه المعارض تعزز التواصل بين الشعوب والثقافات، وفي الوقت نفسه تعزز التواصل بين مؤسسات الأعمال والابتكار. غير أن دور الشركة خلال الخمسة عشر سنة الماضية أصبح ملموسًا بشكل أكبر، ومن أبرز مشاركاتها تلك التي أسهمت فيها ضمن جناح المملكة في إكسبو 2020 دبي، الذي حصد جائزة أفضل جناح في هذا المعرض العالمي.

وللجيل الجديد نصيبه الوافر من الثقافة

بين ثقافة النخبة وثقافة الجمهور، يمكن القول إن أرامكو في مبادراتها الثقافية تحرص على أن تتخذ لنفسها مسلكًا وسطًا لا يبقيها في بُرج عاجيّ يصعب الوصول إليه، ولا يأخذ بها في متاهات ومنحدرات تُفضي إلى المبتذل؛ فهي توازن بين الحرص على رصانة الطرح مع الانفتاح على كافة شرائح المجتمع، في شكل من أشكال المرونة الثقافية التي توازي مرونة الشركة العملية إن جاز التشبيه. ففي نهاية الأمر، لا تنفك مبادرات أرامكو الثقافية عن استشعارها لمسؤوليتها المجتمعية، وهكذا فلا جدوى من ثقافة مفيدة لا تصل إلى المجتمع، كما لا فائدة من ثقافة هشّة تصل إلى المجتمع فلا تساعده على الارتقاء بأفراده وصناعة مستقبله.
وفي إطار هذا التوجه العام، يبرز نسق خاص تجدر الإشارة إليه، ألا وهو التركيز على مبادرات ثقافية تخدم الأجيال الجديدة. يمكن تتبع هذا النسق في عديد من المبادرات القديمة والجديدة التي تتقاطع مع حقول التعليم والترفيه، والتي كثيرًا ما تُوجَّه بشكل خاص للجيل الناشئ والشاب، وتستهدف بالدرجة الأولى تنمية مواهبه وصقل قدراته وتجهيزه بالمهارات التي تمكِّن مستقبله من ناحية، وتُذكي شغفه وتُوقظ روحه الملهمة من ناحية أخرى. وتشترك هذه المبادرات جميعها في دافعها الرئيس الذي ينطلق من الإيمان الراسخ بضرورة الاستثمار في الجيل الجديد، بما يعود بفوائد مباشرة وغير مباشرة على الشركة وبيئة العمل التي تتحرك فيها والوطن الذي تنتمي إليه.

“رسوم الأطفال” ومكتبتهم
يصعب حصر هذه المبادرات الموجّهة للأجيال الجديدة، لكننا نذكر من بينها، على سبيل المثال لا الحصر، مسابقة “رسوم الأطفال” التي أطلقتها الشركة في أكتوبر عام 1979م. ظلت المسابقة قائمة قرابة 35 سنة إلى عام 2014م، واستهدفت رعاية المواهب الفنية الواعدة في هذا الجانب الثقافي الخاص الذي كان يخوض بداياته الغضة في تلك المرحلة.
وكانت المسابقة تُعقد على مستوى مدارس المملكة، فيشارك فيها مئات الأطفال من عمر الخامسة وحتى الرابعة عشرة. وقد ألهمت نسخها المتوالية خيال كثير من الأطفال السعوديين وحثَّت عددًا منهم على متابعة أحلامهم ليصبحوا فنانين أو ليعملوا في مجال الرسومات الفنية.
وكانت الأعمال الفنية الفائزة تحظى بالتكريم بوسائل عدة بعد اختيارها من قبل لجنة مستقلة تضم عددًا من الفنانين والمدرسين والمختصصين في فنون الأطفال. وتضمَّن التكريم عرض الأعمال المختارة في معارض دائمة، كما كانت اللوحات الفائزة تُنشر في صفحات منشورات الشركة.
وهناك أيضًا برنامج المكتبة المتنقلة، الذي استحدثته أرامكو في 1982-1983م ليؤدي دورًا مهمًا في التواصل مع المجتمع ونشر ثقافة القراءة. في البداية، كان هناك سيارتان لتغطية المدارس الابتدائية في المنطقة الشرقية، تضم كل منهما ما بين 2000 و3000 كتاب، وتزور مدرسة في الأسبوع، لتخدم نحو 6000 طالب في الشرقية.
لكن البرنامج سرعان ما توسَّع ليجوب الكثير من مدن المملكة وقراها، إلى جانب بعض الهجر النائية، إذ بدأ عام 1996م في التوسع في الرياض وفي المنطقة الغربية. كما انطلق البرنامج في العام 1997م في منطقة المدينة المنورة، وفي العام 1998م في مكة وعسير.
واستفاد من البرنامج مئات الآلاف من الطلاب، الذين كانوا يتوافدون بأفواجهم ليفتشوا بلهفة في أسطول حافلات المكتبة المتنقلة عن كنوز الكتب، فيستعيرون ما تميل إليه نفوسهم من نفائسها المتنوعة.
كلتا المبادرتين السابقتين توقفتا منذ أمد ليس بالقصير، لكنهما دون شك تعيشان حياة جديدة أزهى وأبهى، إلى جانب عديد من المبادرات المتنوعة والمبتكرة في “إثراء”، والتي لن يكون آخرها الشراكة مع برنامج الفورمولا 1 للمدارس، التي تهدف إلى تأهيل الشباب السعودي لتمثيل المملكة في المنافسات العالمية.


التثقيف بالصحة والسلامة والبيئة
كانت أرامكو وما تزال حريصة على التثقيف والتوعية لمجتمع موظفيها وأفراد أُسرهم وكذلك لمجتمع مناطق أعمالها في مجالات الصحة والسلامة والبيئة، وذلك إيمانًا منها بأن هذه التوعية ضرورية للوقاية وتحسين جودة الحياة.
وعلى سبيل المثال، نفذت الشركة في الخمسينيات برنامجًا مهمًا في مجال الصحة، وهو برنامج مكافحة الملاريا والقضاء على مرض الطراخوما الذي يصيب الأعين ويؤدي لفقدان البصر. وقد أسهم هذا البرنامج في تحسين الوضع الصحي العام منذ بداية الستينيات. كما أن برنامج السلامة المرورية الذي تقوم به بالتعاون مع إمارة المنطقة الشرقية يستند في أحد ركائزه على الجانب التثقيفي.

برنامج زيارات قادة الفكر

كانت الشركة، منذ خمسينيات القرن الماضي، حريصة على استضافة قادة الفكر والثقافة والإعلام وتعريفهم بصناعة النفط وبأعمالها والاستماع إلى مرئياتهم والاستفادة منها.
وفي العام 1997م، تبلور ذلك في برنامج استمر بعد ذلك نحو 10 سنوات، فكان أحد أهم المبادرات التي تنظِّمها الشؤون العامة في الشركة. وكان ينعقد بمعدَّل مرة في السنة، وتستضيف فيه الشركة، بدعوة من الرئيس، عددًا يتراوح بين 10 و25 من قادة الفكر في كل زيارة.
وكان البرنامج يعُقد على مدى يوم أو يومين، ويتضمّن عادة زيارة معرض أرامكو، وجولات تعريفية على مرافق الشركة في الظهران، كبئر الدمام 7 (بئر الخير)، ومركز تنظيم وتخطيط توريد الزيت (أوسباس)، ومركز أبحاث التنقيب وهندسة البترول (إكسبك)، وكذلك زيارة بعض مناطق الإنتاج والتكرير كرأس تنورة والشيبة وحرض، بالإضافة إلى مأدبة غداء وحديث مع رئيس الشركة.
وقد ضمت أسماء الزوار كوكبة لامعة من الإعلاميين والكتاب والأكاديميين ورجال الأعمال. وكان لتلك الزيارات دور في أن يطلع هؤلاء المؤثرين على ما وصلت إليه أرامكو وصناعة النفط والغاز من تطور في المملكة، كما كانت في الوقت نفسه فرصة لأن تستمع إدارة الشركة على أعلى مستوى إلى وجهات النظر والأفكار من قادة الرأي.
ضمّت أول مجموعة 14 ضيفًا، بينهم الرئيس السابق لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية معالي الدكتور صالح العذل، والكاتب في الشرق الأوسط عبدالله با جبير، ورئيس تحرير صحيفة البلاد قينان الغامدي، والمدير العام لمؤسسة اليمامة الصحفية فهد العريفي، ورئيس تحرير مجلة الشرق الدكتور سعيد عطية أبو عالي، ورئيس تحرير جريدة اليوم بالإنابة الأستاذ عتيق الخماس، ومدير مكتب وكالة الأنباء بالمنطقة الشرقية بدر السويدان، ورئيس النادي الأدبي في المدينة المنورة الشاعر محمد هاشم رشيد.
ومن الأمثلة الأخرى زيارة كانت في فبراير 1998م، حين زار 23 من رجال الإعلام والفكر أرامكو، بينهم عدة رؤساء تحرير ورؤساء غرف تجارية. ومن بين الأسماء الزائرة عضو مجلس الشورى معالي الدكتور أحمد الضبيب، ورئيس أدبي جدة عبدالفتاح أبو مدين، والكاتب عبدالله عمر خياط، ورئيس النادي الأدبي في القصيم الدكتور حسن الهويمل، والكاتب الدكتور علي الموسى، ورئيس أدبي الشرقية عبدالرحمن العبيد. وكانت تلك أول زيارة تُنظّم لقادة الفكر إلى مشروع الشيبة وذلك قبل اكتماله بنحو أربعة أشهر.
أيضًا، قام عدد من رجال الفكر والإعلام بلغ عددهم 24 بزيارة الشركة في فبراير 2000م، وزاروا خلالها معرض أرامكو ومركز “أوسباس” وحقل الشيبة. وتضمَّنت الزيارة عددًا من رؤساء التحرير ونخبة الكتاب وقادة الفكر، من بينهم: خالد المالك، والشيخ أحمد بن علي المبارك، وعبدالله الحقيل، وعبدالله الشباط، ونجيب الزامل، وحمد القاضي، وخالد المعينا، وطلعت وفا، وخليل الفزيع، وفالح الصغير، وعبدالله الجحلان، وعلي العبدالقادر، ومحمد السويل، والدكتور كمال صبحي الحربي.
إلى جانب ذلك، استقبلت أرامكو في أبريل 2001م وفدًا من قادة الفكر والإعلام، ومن بينهم رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس الشورى الدكتور محمد القنيبط، وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور عبدالرحمن العصيل، ومدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية الدكتور محمد السهلاوي، ورئيس تحرير جريدة البلاد الدكتور عبدالقادر طاش، وعضو مجلس الشورى والكاتب الاقتصادي الدكتور عبدالعزيز داغستاني، ورئيس قسم هندسة البترول في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور عبدالعزيز الماجد، والأستاذ بقسم هندسة وإدارة التشييد بالجامعة الدكتور عبدالعزيز أبو بشيت. زار الضيوف معمل الحوية الذي كان قيد الإنشاء آنذاك، كما زاروا معرض أرامكو وبئر الخير.

من مهرجانات الصيف إلى إثراء المعرفة

تركَّز المشهد الثقافي السعودي منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي على مهرجان سنوي وحيد ذي حجم كبير هو مهرجان الجنادرية، الذي يقام في شهر مارس وينتظره السعوديون بشغف كبير حيث يستقطب نحو مليوني زائر سنويًا. وتتمحور موضوعات مهرجان الجنادرية حول التراث والحفاظ على الهوية وإبراز التنوع الثقافي داخل المملكة.
غير أن المشهد مع الألفية الجديدة بدأ يستوعب تعدد المهرجانات الكبرى، فصار هناك أيضًا معرض الكتاب في الرياض الذي بدأ في العام 2006م، وأخذ يتبوأ تدريجيًا مرتبة متقدمة بين أهم المناسبات الثقافية في المملكة والعالم العربي مستقطبًا ما بين مليون ومليوني زائر، ثم مهرجان سوق عكاظ الذي بدأ في العام 2007م.
وفي تلك الفترة، بدأت أرامكو برامجها الصيفية الكبيرة، التي اجتذبت عشرات الآلاف من الزوار خلال الفترة من 2008م إلى 2012م، حيث أصبح لدى الشركة برنامجها الصيفي في الظهران باسم برنامج “أرامكو الثقافي”، وكذلك في الرياض وجدة باسم “مهرجان صيف أرامكو”. كان البرنامجان ينعقدان لمدة شهر تقريبًا بالتعاون مع عدة جهات حكومية، مثل وزارة الداخلية ووزارة الصحة.
وأتاحت هذه المنصة لأرامكو التركيز على التوعية بالصحة والسلامة والبيئة، والتعريف بصناعة النفط، والاحتفاء بالفنون البصرية كالرسم والنحت، وتقديم عروض مسرحية للأطفال، بالإضافة إلى إقامة محاضرات وندوات تثقيفية وتوعوية. وفي الوقت نفسه، أتاح البرنامج للجهات الحكومية المشاركة للتعريف بنشاطاتها والتواصل مع المجتمع الوطني بشكل أوسع، وبأسلوب تعليمي ترفيهي.

إثراء المعرفة
في العام 2013م و2014م، تطوَّر برنامج أرامكو الثقافي ليُصبح برنامج “إثراء المعرفة”، وليشكِّل جزءًا كبيرًا من مرحلة البرامج التجريبية لمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء”. وقد زاره في سنة واحدة، بين الربع الثالث من 2013م والربع الثالث من 2014م، أكثر من مليوني زائر في أربع مدن هي الظهران والأحساء وجدة والرياض.
اكتسب برنامج “إثراء المعرفة” من أرامكو دقة التنظيم والانضباط، وسعى إلى الخروج من دائرة المألوف في أسلوبه وطرحه، لا سيما أن رسالته سعت لنشر الإبداع والابتكار وتبني الأفكار والأساليب الجديدة في ذلك الوقت. وكانت فترة انعقاد البرنامج في كل مدينة تستغرق نحو شهر كامل، فتستضيف أنشطَته مواقع مجهّزة على مساحة من 50 إلى 100 ألف متر مربع، منها نحو 10 آلاف متر مربع لمساحات داخلية مكيفة كانت في الغالب على هيئة خيام عملاقة، لتستوعب الفعاليات المختلفة بشكل آمن ومريح بمعزل عن أحوال الطقس وتقلباته.
وكان كل برنامج يتكون من مزيج من 6 فعاليات رئيسة في أربعة مجالات هي العلوم والفنون والتراث والتوعية المجتمعية، وكان موجهًا لأفراد العائلة على اختلاف ميولهم وفئاتهم العمرية. وبالغوص في ثنايا البرنامج، تبرز خمسة عوامل تميزه عن سائر البرامج من حيث الجوهر وفلسفة التصميم، وهي: اللاتقليدية، والتنوع، والجودة، والتنظيم، والتعليم بالترفيه.
وحسب مسوحات الرأي التي أُجريت آنذاك، أشار الزوار إلى أن البرنامج قدم لهم لونًا جديدًا من المعرفة وأشياء لم يروها من قبل. وقد ذكر د. أندراجيت بانريجي، رئيس قسم مجتمع المعرفة في منظمة اليونسكو، عندما زار البرنامج في الظهران في أكتوبر 2013م إلى أنه رأى أفضل تطبيق عملي لمجتمع المعرفة.
كما تضمّن كل برنامج من برامج “إثراء المعرفة” فريقًا لخدمات الزوار بما في ذلك إدارة الحشود، وهو أمر ربما لم يكن مألوفًا آنذاك في ثقافتنا السائدة. وتُعتبر إدارة الحشود أمرًا ضروريًا عند تلقي أعداد كبيرة من الزوار وانخراطهم في طوابير طويلة. تجدر الإشارة إلى أنه في أحد أيام “إثراء المعرفة” في جدة بلغ عدد الزوار قرابة 45,000، وهو رقم مشابه لمتوسط عدد الزوار في “دزني لاند”.
وكان “إثراء المعرفة” يُقدِّم في كل مدينة نحو 500 فرصة للعمل التطوعي لفئة الشباب (بين 18 و25 سنة)، الذين يعملون يوميًا بمعدل 7 ساعات من وقتهم الخاص، ويقدمون في كل محطة ما بين 80,000 و120,000 ساعة تطوع. كما شمل برنامجًا لتنظيم الزيارات المدرسية بطاقة استيعابية من 15 ألف الى 30 ألف طالب وطالبة.
وعلى سبيل المثال، ضم برنامج “إثراء المعرفة 2013” بالظهران معرض “101 اختراع غيرت العالم”، وذلك في مجال العلوم. أما في مجال الفنون، فقد تضمن معرض “ألوان نقية” الذي قُدِّم بالتعاون مع مركز “بومبيدو” الفرنسي، وكذلك برنامج العروض الحية الذي احتضنته خيمة المسرح. وعلى صعيد التراث، كان هناك معرض ابن الهيثم، الذي قدّمته المؤسسة العالمية “1001 اختراع”، وهو يقدم العلماء المسلمين في العصر الذهبي. وفي مجال التوعية المجتمعية، كان هناك معرض كفاءة الطاقة وقرية السلامة المرورية.
وقد ركَّز برنامج “إثراء المعرفة” على جودة المحتوى. ففي حين أن معرض “بومبيدو” قدَّم لوحات لرسامين عالميين مرموقين، فإن معايير العرض والتصميم والبرنامج التعليمي المصاحب للمعرض تم على مستوى يلبي أفضل المعايير المهنية دوليًا. ومن أبرز دلالات المحتوى المميَّز ما حققه إثراء المعرفة من تعميق الاهتمام الشعبي بكفاءة الطاقة من خلال معرض كبير أقيم على مساحة 1,500 متر مربع. وحسب ما أشار القائمون على البرنامج، فإن معرض كفاءة الطاقة كان فريدًا من نوعه، إذ سبق تطويره عملية بحث عن معارض مماثلة حول العالم من حيث الحجم والمضمون فلم تكن هناك معارض مماثلة.

برنامج إثراء الشباب

أطلقت أرامكو في 2012م برنامج “إثراء الشباب”، الذي كان يركز على نشر ثقافة العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات وبناء الشخصية، من خلال عدة برامج مثل برنامج “أتألق” وبرنامج “أكتشف” وبرنامج “أقرأ”، صُمِّمت بالتعاون مع مراكز عالمية في مجالها، مثل جامعة بيركلي التي تتميز بنشر ثقافة العلوم.
وجميع هذه البرامج كانت جزءًا مهمًا من المراحل التأسيسة التي سبقت افتتاح مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء”، وكانت مرتبطة برؤيته البرامجية. وأثناء إطلاق برنامج “إثراء الشباب” في المؤتمر الدولي الثالث للتعليم العالي في الرياض، ذكر معالي المهندس خالد الفالح، الذي كان آنذاك رئيسًا للشركة، أن إعداد شبابنا وفتياتنا للمستقبل ربما كان التحدي الأكبر في عصرنا، ولكنه يمثل أيضًا أهم وأغلى وأعظم فرصة استثمارية لدينا. وقال إن الأوان قد آن لأن نبدأ نقلة تاريخية من مرحلة الاعتماد فقط على البترول غير المتجدد إلى الاعتماد على طاقتنا البشرية المتجددة.
وتجدر الإشارة إلى أن برنامج “أقرأ” احتفل هذا العام بمرور 10 سنوات على تأسيسه، وقد توسع ليشمل العالم العربي، بعد أن كان محصورًا في المنطقة الشرقية في نسخته الأولى.

الرعاية الوطنية لأول مشاركة سعودية في بينالي البندقية

في شهر يونيو 2011م، أسهمت أرامكو بصفتها راعيًا وطنيًا في أول مشاركة للمملكة العربية السعودية في “بينالي البندقية”، وهو أهم حدث فني عالمي يُعد بمنزلة أولمبياد للفن، وينعقد مرة كل عامين منذ أكثر من 100 عام، وتستضيفه مدينة البندقية (فينيسيا) بإيطاليا.
وقد شارك فريق من أرامكو السعودية، ومن الفريق المؤسس لإثراء الذي كان يمثل أرامكو، ضمن اللجنة الإشرافية للمشاركة في البينالي.
امتد المهرجان 6 شهور تحت شعار “إضاءات”، في إشارة لدور الفنون في تنمية الفكر والمواهب، وشهد مشاركة 82 دولة وألوف الفنانين والمصممين والمهتمين بقطاعات الإبداع والفنون والثقافة والمتاحف. وقد شاركت المملكة بجناح تضمن عملًا فنيًا تركيبيًا باسم “الفلك الأسود”، للفنانتين السعوديتين الشقيقتين شادية ورجاء عالم.
فاجأ الجناح السعودي الزوار، واستطاع أن يجتذب خلال الأيام الأولى اهتمامًا لافتًا من قبل شخصيات بارزة. كما حظي “الفلك الأسود” بتغطية العديد من الصحف العالمية، وعدَّه كثيرون من خبراء الفن على درجة من النضج الفني، التي تجعله من التجارب الفنية المميزة في المهرجان.
تضمن العمل قطعًا معدنية مصممة بأشكال فنية مبتكرة، ويندمج فيها عرض بالصوت والصور، وترمز فكرته إلى التواصل الثقافي ممثلًا في مدينتين عالميتين عريقتين تتميزان بأبعادهما الحضارية العميقة، هما مكة المكرمة في المملكة والبندقية في إيطاليا، فيما يجسد مفهوم تعارف الحضارات.
وقد شارك في افتتاح الجناح، الذي أقيم تحت مظلة وزارة الثقافة والإعلام، سعادة الدكتور عبدالعزيز السبيل، المفوض العام ورئيس اللجنة المشرفة على الجناح، والسيدة منى خزندار، القيِمة الفنية على الجناح وعضو اللجنة والمديرة العامة للمعهد العربي في باريس آنذاك، وروبن ستارت، القيم الفني على الجناح وعضو اللجنة، وعدد من الشخصيات السعودية والعالمية.
وذكر الدكتور السبيل أن مشاركة المملكة للمرة الأولى تعد علامة فارقة في تاريخ الفن بالمملكة، وأن المملكة تختزن إمكانات ابدعية هائلة، وأن مشاركتها في البينالي تبرز حرصها على التواصل والحوار عبر رسالة الفن والإبداع بما يحقق خير الإنسانية.

على خشبة المسرح
نجحت تجربة التعاون بين برنامج “إثراء الفنون الأدائية والمسرحية” التابع لمركز “إثراء”، وبين مسرح الشباب الوطني البريطاني، وجمعية الثقافة والفنون السعودية وخاصة فرع الجمعية في الدمام والأحساء، فنتج عن ذلك برنامج تدريبي لمهارات المسرح لنحو 500 شاب سعودي في الفترة من 2012م إلى 2014م، وإنتاج وتقديم مسرحيتين مشتركتين بتعاون سعودي بريطاني.
وفي معرض حديثها عن المسرحيتين، ذكرت صحيفة الرياض أن المسرحية الأولى كانت في 2013م، وحملت عنوان “ألف ليلة وليلتان”، واعتمدت أسلوب الراوي للحكايات والأحداث، وحاولت التوفيق بين محتوى الحكايات “التراثية والعالمية”، كالسندباد وعلي بابا وأحدب الصين من جهة، وبين استخدام تكنولوجيا شاشات العرض في خلفية المسرح. تبدأ الحكاية الحوارية باتصال عبر تطبيق “سكايب”، بين فتاة في الدمام ووالدها المتواجد في مطار لندن، ليبدأ الأب بقص حكايات تتجسد أمام الجمهور وتسلي الطفلة التي تنتظر عودة أبيها.
أما المسرحية الثانية فكانت بعنوان “5” من إخراج الفنان الإنجليزي بيتر كولينز، وتم تقديمها في 2014م. وفكرتها مستلهمة من الجيل الشاب، وتتوخَّى التعبير بلغتهم. تدور حكاية المسرحية حول خمسة شبان سعوديين يتعرفون على بعضهم من خلال لعبة فيديو “أونلاين”، لتقترح عليهم مصممة اللعبة “زاكية” القيام بمهمة البحث عن كنز في عرض الصحراء، إلا أنهم يتيهون ويتعرض بعضهم لخطر الموت؛ لنكتشف أن اللعبة، التي كان هدف دخول الشباب إليها التميز والمغامرة، لم تكن سوى خدعة من أحد اللاعبين، من أجل كسر الروتين اليومي الممل لشباب ليس له من متنفس ترفيهي واجتماعي، غير “الاغتراب” بين عوالم التكنولوجيا الافتراضية.


إثراء.. جسور الثقافة بين المملكة والعالم

في غضون احتفالها البهيج عام 2008م بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيسها، زفَّت أرامكو السعودية إلى جمهورها بشارة تأسيس مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء”، ليكون الهدية التي تليق بالاسم والمناسبة، والتي تكلِّل مسيرتها في استشعار مسؤوليتها الاجتماعية منذ بداياتها الأولى، لتمدَّ من خلاله جسور الثقافة بين المملكة والعالم بما يعزِّز أهداف التنمية الإنسانية في المملكة.
وبالتأمل في ما سبق الحديث عنه من مبادرات الشركة الثقافية، يظهر لنا سريعًا أن تدشين مركز “إثراء” جاء خطوة تحوّلية للانتقال بتلك الجهود إلى مرحلة أوسع من الاستثمار في الطاقة البشرية وتطوير المواهب في القطاع الإبداعي والثقافي، وليتناغم كلُّ ذلك مع ثوب الريادة العالمية الذي أضحت الشركة ترتديه منذ مدة على صعيد قطاع الطاقة، على أن يتعاضد هذا الصرح مع المؤسسات الوطنية والدولية الرائدة وفق رؤية ترتكز على بناء الشراكات المعرفية والثقافية لتحقيق طموحاته في مخاطبة كافة شرائح المجتمع، مع التركيز على الاستثمار في أجيال المستقبل على وجه الخصوص.
وبينما كان العمل يجري على قدم وساق لبناء صرح هندسي يليق بهذا المركز، كان الوليد الجديد يتلمَّس طريقه إلى هويته الكاملة عبر تنظيم برامج “إثرائية” انطلقت من الظهران وتنقَّلت منها إلى جدة والأحساء والرياض، قبل أن يفتح المركز أبوابه للزوّار عام 2018م في أيقونته المعمارية التي اُختير لها أن تنتصب بجوار بئر الدمام رقم 7 المعروفة بـ “بئر الخير”، استبشارًا بهذه البداية الجديدة في رحلة نحو إلهام “مجتمع المعرفة” الذي يرتاد الابتكار ليصنع المستقبل. وقد صنّفت مجلة “تايم” الأمريكية “إثراء” ضمن أعظم 100 وجهة توصي بزيارتها حول العالم.

خمسٌ سمان من الثقافة
يحتفل “إثراء” هذا العام بذكراه الخامسة منذ أن فتح أبوابه للزوار، لكن هذه الفترة الوجيزة كانت كافية لتجسيد طموح أرامكو السعودية في رؤيتها المجتمعية الثقافية على أرض الواقع، فسرعان ما تدفَّقت دماء الثقافة من شرايينها المختلفة عبر قلبه النابض. بعث “إثراء” مبادرات ثقافية سابقة للشركة بحلَّة متجددة ومواكبة لشمولية المرحلة ورحابة الأفق، ففي معرض “الطاقة” نتلمَّس آثار معرض أرامكو السابق بروح خلاقة مبتكرة، وفي مكتبته نرى كيف استقرَّت مبادرة “المكتبة المتنقلة” لتكون في واحة أشمل للصغار والكبار على حد سواء، بينما انطلقت منه في سياق قريب مبادرة مسابقة “أقرأ”، التي أضافت إلى تلك الخطوات الأولى وثبات عملاقة، نحو بناء جيل قارئ على الصعيدين المحلي والعربي.
أما الفعاليات الثقافية المتنوّعة، فقد وجدت لنفسها متنفسًا في مختلف مرافق “إثراء”، فجدَّدت نفسها وانطلقت على مساحات أوسع وإلى فضاءات أرحب، بين المسرح والسينما ومختبر الأفكار وواحة المعرفة، كما هو الحال مثلًا مع فعاليات العيد والأيام الوطنية والبرامج الصيفية وغيرها، التي يحتفي بها المركز بأشكال ثقافية مختلفة ومتجددة. وكذلك وجدت الفنون لنفسها فيه عجلة دوَّارة، فانطلق منه المبدعون من الفنانين والمصممين وصنّاع الأفلام للإسهام في صنع زخم أكبر يرفد هذه الصناعة الواعدة في المملكة.
ورغم قصر المدة، فإن من الصعب بمكان حصر جميع البرامج التي طواها ويطويها “إثراء” في ثناياه. لكن من المهم أن نشير إلى أن رسالته تتمحور حول الإبداع، وبرامجه ترتكز على خمس ركائز وهي: الإبداع والثقافة والمعرفة والفنون والمجتمع، حيث تسعى الجهود إلى تحقيق ثلاثة أهداف إستراتيجية وهي: تطوير المهارات الإبداعية، وتنمية وتطوير المواهب المحلية، ودعم صناعة المحتوى، ليصبح “إثراء” منارة عالمية للإبداع والتواصل الثقافي في المملكة وحول العالم، وأن يسهم في توجه المملكة نحو المستقبل عبر تطوير ثروتها الشبابية.
ومن أبرز البرامج التي ينبغي الإشارة إليها: مسابقة “أقرأ”، وجائزة إثراء للفنون، وموسم الإبداع “تنوين”، ومبادرة إثراء المحتوى العربي، التي تدعم تطوير وصناعة المحتوى المحلي وتسعى إلى تنمية وتطوير المواهب ووضع قدميها على الطريق للوصول إلى العالمية، وبرنامج الحلول الإبداعية، الذي يسعى لبناء منظومة تقنية متكاملة من المبتكرين لدعم الاقتصاد الإبداعي في المملكة، وبرنامج الاتزان الرقمي “سينك”، الذي يهدف إلى فهم التأثيرات التقنية على حياتنا اليومية، ومبادرة “الشرقية تُبدع” التي انطلقت عام 2020م، والتي تُعد اليوم أكبر مبادرة شراكة مجتمعية في المملكة لدعم الإبداع والمبدعين.
وقد أطلقت أرامكو عبر إثراء برنامج “جسور السعودية” للتواصل الثقافي الذي شمل نحو 50 مدينة أمريكية، بالإضافة إلى إقامته في كوريا الجنوبية، وإقامة برنامج الحد الجنوبي، الذي تضمَّن تشجيع 40 ألف طالب وطالبة في مناطق نجران وجازان وعسير على تنمية اهتمامهم وشغفهم بالعلوم والتقنية والرياضيات.
وفي مارس 2019م، قامت أرامكو ممثلة بمركز “إثراء” بالمساعدة في تأسيس وإطلاق أول موسم من مواسم السعودية وهو موسم الشرقية، الذي كان ثقافيًا ترفيهيًا وحقق نجاحًا باهرًا بكل معطياته التنظيمية والإعلامية.

حتى مطلع عام 2023م، بلغ عدد زوَّار مركز “إثراء” أكثر من 3.5 مليون زائر، بينما بلغ عدد البرامج التي وفَّرها للمستفيدين أكثر من 20,000 برنامج.

معارض إثراء.. إثارة كوامن الفضول الثقافي

تُعدّ المعارض إحدى أهم الأدوات وأنجعها في إحياء الثقافة والمعرفة والفنون وتعزيز الوعي حولها وإلهام العقول بها. وقد تمكَّن المركز منذ افتتاحه من تقديم تجارب متنوعة لزواره في متحفه، الذي يسعى لأن يكون آلة زمن تقدِّم للزائر أشكال التعبير الثقافية المختلفة، ويعزّز الحوار حول مفاهيمها وأبعادها المتعددة.
وبالإضافة إلى المعرضَين الفنيَين اللذين أقيما في 2019م وعرضا أعمالًا لأشهر الفنانين العالميين، مثل الرسام النرويجي إدوارد مونك والفنان والمخترع الإيطالي ليوناردو دافينشي، نستعرض هنا بعض المعارض الأخرى التي قدمها “إثراء” لزائريه.

2018 | وصل: ما وراء القلم
احتفى المعرض، الذي طُوِّر بالتعاون مع “المتحف البريطاني”، بالحرف العربي الذي يتميز بتشكيله وخطه الفريد، مقدِّمًا للجمهور 50 عملًا فنيًا استُخدمت فيها كلمة “وَصْل”.

2018 | الجمال والهوية
استعرض مجموعة من قطع الفن الإسلامي، كاشفًا عن أعمال من متحف “مقاطعة لوس أنجلوس للفنون”، ومسلطًا الضوء على أطياف من جمال الحضارة الإسلامية.

2019 | زمكان: مفهوم التكامل بين الزمان والمكان
تضمَّن المعرض 11 عملًا لفنانين سعوديين استكشفوا مفهوم الزمان والمكان عبر فنونهم، ملامسًا مناطق الفضول والابتكار لدى الزوار.

2020 | أن تكون سعوديًا
قدّم هذا المعرض جوانب من التنوع الثقافي والفني للمملكة بطريقة حديثة شيقة وعبر تجارب تفاعلية متطورة.

2021 | معرض ثرى
سلَّط المعرض الضوء على مجموعة أعمال فنية تناولت تحديات مختلفة تواجه كوكبنا، وركزت على تعزيز الوعي حول الاستدامة، موظّفًا تقنية الواقع المعزز.

2021 | بصر وبصيرة
سعى المعرض إلى إثارة السؤال لدى الزوار عن ماهية الأعمال الفنية التي يرونها أمامهم، مقدمًا أعمالًا فنية تفتح آفاقًا مختلفة للتفسير وتحتمل التأويل من زوايا عديدة.

2022 | الهجرة: على خطى الرسول ﷺ
تتبع المعرض مسار هجرة النبي ﷺ مبرزًا تأثيراتها على العالم، في جولة افتراضية تروي قصة الهجرة عبر مجموعة من القطع الفنية والأفلام الوثائقية والتجارب التفاعلية.

2023 | من الأرض
انطلقت الأعمال الفنية في هذا المعرض من فكرة الانتماء، وعكست المفاهيم والرموز التي تحاكي تجربة الإنسان السعودي وارتباط وجدانه مع مكونات أرضه المادية والمعنوية.


مقالات ذات صلة

الثقافة تعارفٌ وتثاقف، وحوار وتواصل وتآلف؛ إنها نوافذ مشرعة وأبواب مفتوحة، وطرق تُمهّد وجسور تُبنى. بتلك النية بدأت القافلة..

عبدالله الحواس، رئيس مكتبة إثراء، يكتب عن أهمية القراءة والكتب في حياتنا، ودور مسابقة “أقرأ” في التشجيع على جعل القراءة أسلوبًا للحياة.

كما تقول هيلين كيلر، نحن نسافر لنشعر بأننا أحياء، ونكتشف أنفسنا في المجهول، بينما يعلمنا السفر التواضع ويُثري تجاربنا الإنسانية..


0 تعليقات على “ملامح الوجه الثقافي لأرامكو السعودية”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *