المُتلقي في الرواية الرقمية التفاعلية
تأليف: محمد حسانين إمام الضلع
الناشر: بيت الحكمة، 2024م
يرصد الباحث المصري محمد حسانين إمام الضلع في هذا الكتاب ظاهرة الأدب الرقمي التفاعلي من خلال التركيز على دور المتلقي فيه، بوصفه الهدف النهائي لأي نصٍّ إبداعي. وتكمن أهمية هذا العمل، كما نقرأ في مقدمته، في سعيه إلى الاطِّلاع على مراحل إنتاج النص الأدبي في السياقين الغربي والعربي في ميدان الأدب الرقمي عامة، وفهم الكيفية التي فهم بها المبدعون العرب مفهوم الرواية الرقمية التفاعلية مع بيان أوجه الاختلاف والتشابه بينها وبين نظيرتها الورقية. كما يهتم الكتاب بمناقشة حضور المتلقي في النص الروائي الرقمي إلى حد أدائه أدوار المؤلف نفسه، وذلك عبر ما يُقدِّمه من إضافات أو اقتراحات أو تعليقات بخصوص موضوعها وبنيتها. ويستعرض في هذا الخصوص أنماط التفاعل الواقعي الافتراضي بين المبدع ومتلقيه.
ينقسم الكتاب إلى بابين توزعت عليهما ستة فصول. وقد مثَّل الباب الأول الإطار النظري الذي ضم مصطلحات الدراسة المرتبطة بالأدب الرقمي التفاعلي وأنواعه، ومنها الرواية، وهي المصطلحات التي يتعين فهم معانيها أولًا قبل البدء بتحليل النصوص المنتمية إليه. لذا، قدَّم المؤلف، بصورة وافية، مجموعة من التعريفات لها، جاءت في لغة واضحة يمكن إجمالها في تعريف محدد يكون النص الأدبي الرقمي التفاعلي وفقًا له هو: النص المقدَّم إلكترونيًّا بالاتصال بشبكة الإنترنت، الذي يستعين بالصوت والصورة والوسائط المتعددة، ويُشترط فيه الحضور التام للقارئ الفعال أي المتلقي المتفاعل. وفي هذا الباب، يُقدِّم المؤلف تأريخًا لظهور الرواية الرقمية التفاعلية على يد الأديب الأردني محمد سناجلة، الذي نشر على الإنترنت أولى الروايات العربية من هذا النوع، وكانت بعنوان “ظلال الواحد”، كما يوضح توفر أنماط أخرى من هذا الإبداع الرقمي الجديد مثل الرواية “التويترية التلغرامية”، التي قدَّمها الروائي السعودي طارق الدغيم، والتي نشرها بعنوان “دوشيش” عام 2020م عبر حسابه على “تويتر”.
أمَّا الباب الثاني، فقد خصصه “الضلع” لدراسته التطبيقية التي حلَّل فيها سمات روايتين رقميتين تفاعليتين، الأولى رواية واقعية بعنوان “الزنزانة رقم 06” للروائي الجزائري حمزة قريرة، وقد نشرها على مدونته عام 2018م، تاركًا بعض المسارات فارغة لتفاعلية المتلقي. والرواية الثانية جاءت بعنوان “في حضرتهم”، وتنتمي إلى أدب الخيال العلمي، ونُشرت عام 2020م على منصة فيسبوك، وكتبها الروائي المغربي عبدالواحد إستيتو، بالاشتراك مع الروائية السودانية آن الصافي.
وتوصَّل هذا العمل البحثي إلى كثير من النتائج، منها تأكيد أن ثمَّة رغبة من القرَّاء في التفاعل مع الروايتين محل التحليل تجلَّت في أنماط عدة من تفاعلهم مع الوسائط السمعية والبصرية بالواجهة الرئيسة التي نُشرت عليها الروايتان، والتفاعل عبر الروابط المتاحة عليها، التي تتطلب منهم مشاركتهم المُبدعَ في التأليف، خاصة إذا ترك هذا الأخير نهاية روايته مفتوحة، كما في رواية “الزنزانة رقم 06” حتى يتمكن القارئ من تخيل نهايتها؛ وفقًا لتأويله الخاص، وتفاعلهم كذلك من خلال التعليقات الخارجية التي لا ترتبط بالنص الروائي، أو الداخلية التي تناقش عناصر الرواية نفسها، وبالإعجابات، وأحيانًا عبر تقمص أدوار بعض الشخصيات الروائية الواردة بالنص.
اترك تعليقاً