شادن التويجري فنانة تشكيلية سعودية، حاصلة على شهادة الليسانس في تخصص التربية الفنية من جامعة الملك سعود. بدأت مسيرتها الفنية في عام 2005م، وتميزت لوحاتها بغلبة واضحة للتجريد.
وإضافة إلى معارضها الشخصية على المستوى المحلي، واستكمالًا لإرث أجدادها من رحّالة “العقيلات” الذين عبروا بتجارتهم حدود الوطن، عبرت الفنانة شادن بدورها الحدودَ إلى العالمية من خلال مشاركات حصدت فيها جوائز عديدة، من أبرزها “جائزة الأصالة” في فن البورسلان و”الجائزة الذهبية للإبداع” في الفن نفسه من مدينتي كومو وفاريزي الإيطاليتين.
أزهرت موهبة شادن التويجري الفنية باكرًا عندما كانت على مقاعد الدراسة في المرحلة الابتدائية في العاصمة الرياض. فمن غرس البذرة الأولى في نفس الطفلة قبل الفنانة، حتى تبلورت موهبتها بالشكل والمستوى الذي نعرفه اليوم؟
تقول التويجري: أدين بمسيرتي الفنية لوالدتي الحبيبة حفظها الله. فحين اكتشفت المدرِّسة ميلي للرسم، كان إصرار والدتي على صقل موهبتي وتنمية قدراتي التشكيلية منذ نعومة أظفاري كبيرًا وواضحًا. وحرِصت على الاستعانة بفنانات مخضرمات من شتى الجنسيات كنَّ موجودات في الرياض وقتها، لتعليمي استخدام الألوان المائية والزيتية والأكريليك على أصولها، وبشكل فردي في المنزل.
● عن موهبتك، تقول والدتك إنك “ولدتِ وبيدك فرشاة”. وقد ذكرتِ في لقاء سابق لك أن مرسمك عبارة عن ورشة عمل تقودها ابنتك بسمة، ليتجلى لنا هنا دور الأسرة الداعمة في توريث الموهبة، وبلوغها، ونبوغها أيضًا. هل وُلدت بسمة وبيدها فرشاة تمامًا كوالدتها، أم أنك وضعتِ الفرشاة بين أناملها لتشاركك الحُلم نفسه؟
أعتقد أن الطفل يولد وموهبته معه. لا أظن أن باستطاعتنا فرض الإبداع. بسمة موهوبة منذ صغرها ولها أسلوب فني خاص ومتفرّد؛ فهي جريئة ولا تهاب الكانفاس ولا الألوان، لكن بالتأكيد وجودها معي في المرسم منذ صغرها عزَّز لديها حبها للألوان والفرشاة.
● ما بين البدايات وما أنت عليه اليوم رحلة حفلت بعدد كبير من المعارض الفردية والمشتركة، من “مكان بلا زمان” في 2005م حتى “عزلة صاخبة” في 2021م. فكيف تطور أسلوبك وعملك الفني خلال هذه الرحلة؟
لا يكفُّ الفنان عن تطوير نفسه أبدًا. ومع كل مشاركة بمعرض شخصي أو جماعي يحدث نوع من النضج الفني وتدريب للعين على التمييز بين جودة الأعمال والأطروحات والأساليب المختلفة. أنا أسعى دائمًا إلى الارتقاء بحسّي الفني بحضور المعارض الفنية وزيارة المتاحف، وأحرص على اكتشاف تقنيات جديدة، من خلال تجربة خامات مختلفة تعطي للوحة بعدًا وشكلًا مختلفًا وخارجًا عن المألوف والتقليدي.
أمام أعمالها في الملاذ
حيث تجد السكون
● حدثينا عن مرسمك المنزلي الخاص في شكله الحالي، ومن أول من يرى لوحاتك بعد اكتمالها؟
مرسمي ملاذي، والمكان الذي أفرُّ إليه لإيجاد السكون. أمتع الأوقات أقضيها بين جدرانه التي تزينها لوحاتي ومقتنياتي الخاصة من أعمال لفنانين سعوديين وعرب، مما يجعل المرسم يبدو وكأنه أقرب إلى صالة عرض فنية.
أمّا أول من يرى لوحاتي بعد الانتهاء منها فهي ابنتي بسمة، التي لا تجامل وتمتلك ذائقة فنية مرهفة وحسًّا فنيًّا عاليًا.
● كيف تفسرين هذا الميل الشديد إلى الفن التجريدي، عندك أو عند غيرك، رغم ما يواجهه المتذوقون من صعوبات في فهمه؟
أميل إلى الفن التجريدي بلمسة واقعية ورمزية وتكعيبية. فلوحاتي ليست تجريدية بحتة، بل تجمع أكثر من مدرسة في آنٍ واحد. ولا أميل إلى الواقعية المطلقة أبدًا، لأني لا أرى فيها أي ابتكار.
● لاتكاد تخلو لوحة لشادن من اللون الأحمر، فما هو سر هذا الحضور القوي في كل لوحة؟
أميل أكثر للألوان الحارة والجريئة والمشعة في لوحاتي. وأحب فصلَيْ الربيع والصيف أكثر من الخريف والشتاء، ويصيبني المطر والغيم بالاكتئاب، أما الألوان فتنعش روحي.
● في لقاءٍ سابق، قلت إن لوحاتك تُولد من مشاعرك الغامرة إما بالسعادة أو بالحزن، وبأنك لا تبدأين أي لوحة في حالة استقرار ذهني، هل يعني ذلك أن لوحاتك تُعدُّ خزائن لذاكرتك؟
عادةً لا يمكنني الرسم وأنا في حالة توازن معنوي، وأغلب لوحاتي بدأتُ فيها وأنا في حالة حزن أو توتر، وانتهيت منها في حالة استقرار.
نعم لوحاتي تُعدُّ خزانًا لذاكرتي، فهناك أحداث وأشياء نحتفظ بها في عقلنا الباطن من دون وعيٍ منّا لتعود وتظهر لاحقًا. وكفنانين تشكيليين نحاول إعادتها على اللوحة البيضاء أو الكانفاس من دون تدخل من العقل الواعي. لذلك لا أحب إطلاقًا شرح لوحاتي واعتبرها مشاعر خاصة وأترك للمتلقي أن يتفاعل معها ويؤولها حسبما يصله من مشاعر أو تفسير.
● لوحة “طيور مهاجرة” من أعمالك المفضلة لما يكتنفها من غموض، فهل مازالت هي المفضلة لديك؟
طيور مهاجرة من الأعمال المحببة إلى قلبي، لكن لدي أعمالًا جديدة تنافس تلك اللوحة وربما تزيحها عن عرشها.
الرسم على البورسلان
● حصلتِ حتى الآن على عدد من الجوائز المرموقة، ومن أبرزها جائزتان في فن البورسلان من مدينتي كومو وفاريزي الإيطاليتين. حدثينا عن هذا الشغف بفن البورسلان وكيف استطعت الوصول إلى العالم من خلاله؟
الرسم على البورسلان من أمتع أنواع الرسم. فهو فن راقٍ وعريق، ويتطلَّب دقة عالية ومهارة. تميزت به مع مجموعة من الأخوات، وتتلمذنا على يد الفنانة نجيلا سيلمي، التي كانت مقيمة في الرياض في بداية التسعينيات الميلادية. وقد شجعتنا على المشاركة في المحافل والمسابقات الدولية المختصة بالبورسلان، وأكرمني الله بجائزتين حينها.
● هل يمكن أن يكون الفن مهارة يمكن اكتسابها من خلال التدريب؟ وما هي نصيحتك للفنانين المبتدئين الذين يودون تطوير أسلوبهم الفني الخاص؟
صعب جدًا أن يُكتسب الرسم بالتدريب. لكنَّ هناك أنواعًا من الفنون تكتسب بالتدريب، كالخزف والصياغة والميناء وغير ذلك من أنواع الحِرَف. ونصيحتي للفنانين المبتدئين هي: ابحثوا دائمًا عن التميّز واطرحوا موضوعات جديدة وابتعدوا عن تكرار الموضوعات. الأعمال التقليدية أصبحت مملَّة ومكرَّرة وليس فيها أي ابتكار أو إبداع.
● ما الأثر البارز الذي أحدثته وزارة الثقافة في مجال دعم الفن التشكيلي والفنانين في السعودية اليوم؟
وزارة الثقافة تسعى مشكورة دائمًا بقيادة الوزير سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان في الارتقاء بالفن السعودي وتشجيع الفنانين ودعمهم. والمملكة تشهد حاليًا نقلة نوعية وزخمًا فنيًّا ومحافل فنية وتطوّرًا سريعًا بشكل غير مسبوق في تاريخها. يُضاف إلى ذلك الاهتمام الملحوظ من قبل الوزارة بالمحافظة على المواقع الأثرية المليئة بالنقوش والرسومات والتراث المعماري الغني وصيانتها وترميمها.
● حين تُلقين بالفرشاة جانبًا، ماهي هواياتك الأخرى؟
عندي هواية (قبل وبعد). أحب اقتناء منازل قديمة من زمن السبعينيات وأعمل على ترميمها مع الاحتفاظ بطابعها الأصلي ثم إعادة بيعها. وأستمتع أيضًا بأعمال الديكور المنزلي واقتناء قطع المفروشات المطعَّمة بالصدف السوري القديم. كما أنني أقدّر جدًا القطع المصنوعة يدويًّا في أي مجال.
● وماهو القادم الذي تريدين مشاركته مع قرَّاء القافلة؟
أعمل حاليًّا على التجهيز لمعرضي الشخصي الخامس في مملكة البحرين بحوالي 40 لوحة جديدة بأسلوب جديد ومختلف عن السابق.
رسومات جذابة فعلاً، تستطيع تمييز الموهبة فور نظرك إليها.
الفن بأشكاله والوانه تجده في لوحات الفنانة شادن👌👌👌
فنانة مبدعة فعلا لديها من الابداع مالايمكن وصفه تراه في لوحاتها دائما 👌👌👌