نظرية التعلم التعاضدي هي: منهج تتعلم عبره مجموعة من الأفراد بعضهم من البعض الآخر من خلال العمل معًا، والتفاعل لحل مشكلة، أو إكمال مهمة، أو إنشاء منتج، أو مشاركة تفكير الآخرين.
تختلف هذه الطريقة عن التعلم التعاوني التقليدي، فبين كلمتي تعاون وتعاضد اختلاف لغوي بسيط، لكنه يصبح مهمًا عند ارتباطه بطرق التعليم. فالتعلم التعاوني التقليدي يعمد عند حل مسألة ما أو معالجة موضوع معيّن إلى تكليف كل طالب بزاوية معينة ليدرسها، ثم يشرح للطلاب الآخرين ما توصل إليه، فليس هناك بالضرورة أي تفاعل اجتماعي. أما نظرية التعلم التعاضدي، فهي تركز على أهمية التفاعل الاجتماعي لتطوير التعلم والإدراك، وقد وضع هذه النظرية عالم النفس الروسي “ليف فيغوتسكي” في ثلاثينيات القرن العشرين، وجرى تطويرها لاحقًا. ويعتقد فيغوتسكي أن المجتمع عامل مهم في عملية خلق المعنى والمعرفة، وتقوم نظريته على أن التطور الفردي لا يحدث دون أن يكون هذا الفرد على علم بالسياقات الاجتماعية والثقافية.
وتشير النظرية إلى أن للكلام ولطريقة إلقائه دورًا رئيسًا في تطوير الفكر، إذ تؤدي المحادثات مع الأشخاص الآخرين إلى دفع الفهم والإدراك إلى الأمام. على سبيل المثال، سأل أحد الطلاب في صفوف البلاغة أستاذه عن معنى الكلمة الإنجليزية “alacrity”، ففي القاموس هناك عدة معان مقترحة: رشاقة، سرعة، نشاط. فقال له الأستاذ: “اسأل زميلتك في الصف: هل تتزوجيني؟”. وبالفعل سأل الطالب الفتاة بقربه، لكن الأستاذ رد على الفور بلسان الفتاة: “نعم نعم نعم، بسرعة ولهفة”. لقد علق هذا المشهد في الذاكرة البصرية لكثير من الطلاب مدى العمر.
ويضيف فيغوتسكي: “عندما يشارك الطفل ويرى الآخر المألوف في البداية مثل أقرانه وأهله، فهو بذلك يطوِّر بالتدريج تفاعلًا اجتماعيًا خارج هذه المنطقة، كما يطور لاحقًا قدرة على حل المشاكل بشكل مستقل ومن دون مساعدة، ومن هنا تأتي أهمية تأليف مجموعات من الطلاب داخل الصف تناقش المسائل وحلولها بتفاعل الآراء”.
اترك تعليقاً