التبريد وتكييف الهواء من التقنيات المستخدمة لتحسين جودة الحياة وتعزيز الإنتاجية. لكن تقنيته لا تزال تعتمد على وسائل منخفضة الكفاءة لتزويدها بالطاقة، كما أنها تعتمد على غازات مركبات الكربون الهيدروفلورية التي لها تأثير في الاحتباس الحراري العالي. وفي الآونة الأخيرة، ظهرت تحديات جديدة تتطلب حلولًا مبتكرة، مثل ضياع الأغذية والجزر الحرارية الحضرية. واستجابة لهذه التحديات، ظهرت اكتشافات جديدة في مجال التبريد المستدام، تتميز بكفاءة الطاقة واستخدام مصادر الطاقة المتجددة والتكلفة المنخفضة. ومن هذه الاكتشافات نظام التبريد بالتبخير من جامعة “إم آي تي”، الذي يستخدم تقنية التبخير لتبريد الهواء بكمية قليلة من الطاقة، ونظام تبريد صممته جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية “كاوست” يعتمد على الطاقة الشمسية.
منذ نحو قرن من الزمن تركزت الأبحاث العلمية حول التبريد وتكييف الهواء على راحة الإنسان المباشرة في الأماكن المغلقة. لكن برزت في الآونة الأخيرة ظاهرتان سلبيتان لا تستطيع هذه التقنيات معالجتهما: تلف كمية كبيرة من المنتجات الزراعية والغذائية أثناء النقل فيما يُعرف بسلاسل التبريد؛ والجزر الحرارية الحضرية المتعلقة بارتفاع الحرارة المحيطة بالمباني في أماكن السكن. هاتان المسألتان لا يمكن حلهما إلا بتقنيات مستدامة، فهل يستجيب العلم لذلك؟
على مر العصور، كان سعينا كبشر للتخفيف من قسوة الحرارة يشكل عنصرًا أساسيًا في رحلتنا نحو التقدم. فقد تطورت علاقتنا مع التبريد وتكييف الهواء على مر الزمان، بدءًا من استغلال المصريين القدماء لنسيم النيل، وصولًا إلى تسلق قمم الجبال لجلب الثلج واستخدامه في فصول الحر في المناطق الجبلية. وقد استخدمنا أيضًا تقنية التبخير الطبيعية في الأواني الفخارية وغيرها من الابتكارات.
وفي عام 1901م، اخترع المهندس الأمريكي ويليس كارير مكيّف الهواء الحديث، مما غيّر حياة البشر إلى الأبد. ويقول تقرير لجامعة “إم آي تي” (سبتمبر 2020م) عن هذا الاختراع: “إن تقنيته الأساسية لا تزال تعمل إلى الآن بكفاءة، منذ اعتمادها قبل نحو قرن من الزمان”. لكن التحديات التي برزت حديثًا تحتم علينا إيجاد حلولٍ مبتكرة تعتمد على التبريد وتكييف الهواء المستدام وعدم الاهتمام فقط براحتنا المباشرة في الأماكن التي نوجد فيها.
فأنظمة التبريد والتجميد التقليدية لا تزال تُستخدم في وسائل نقل المنتجات الزراعية والأغذية، وتؤدي أحيانًا إلى تلف قسم كبير منها، مما يؤثر على المنتجين والمستهلكين. وغالبًا ما تعتمد هذه التقنيات على غازات مركبات الكربون الهيدروفلورية الضارة جدًا بالبيئة. إضافة إلى أن درجات الحرارة المحيطة، الناتجة عن الأنشطة البشرية، باتت تؤثر في هذه الأنظمة التقليدية نفسها بشكل كبير. كما أنها تؤثر على سجلات الحرارة التي تُستخدم لتقييم تغير المناخ؛ لذا أصبح من المهم إزالة “التلوث” الحضري من سجلات محطات الأرصاد الجوية باستمرار لضمان دقتها.
سلاسل التبريد بين الجدوى والخسائر
وفقًا لـ”مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة” على موقعه الإلكتروني بتاريخ 26 نوفمبر 2020م، فإن سلاسل التبريد غير الفعالة باتت تهدد أمننا الغذائي. وتُعرف سلاسل التبريد بأنها مجموعة من المرافق تحافظ على ظروف تخزين مثالية للمنتجات الزراعية والأغذية القابلة للتلف، من نقطة المنشأ حتى نقطة الاستهلاك. ومن الواضح أن هذه السلاسل غير متاحة أو غير مترابطة في بلدان عديدة.
تعتمد سلاسل التبريد الحالية على وسائل منخفضة الكفاءة للتزويد بالطاقة، وعلى مُركّبات الكربون الهيدروفلورية، وهي نوع من الغازات المفلورة ذات القدرة العالية على الاحتباس الحراري أعلى بمقدار 23,000 مرة من ثاني أكسيد الكربون. وهذا يعني أن الطاقة المستخدمة في هذه السلاسل هي ذات كلفة بيئية عالية، وتمثل 20% من الاستخدام العالمي لهذه المركبات الضارة.
إضافةً إلى ذلك، بلغ إجمالي الانبعاثات الناجمة عن فقدان الأغذية وهدرها بسبب نقص التبريد حوالي جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في عام 2017م، أو ما يقرب من 2% من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية.
ونتيجة لهذا التبريد غير الفعَّال، تشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة، إلى أن المحاصيل الزراعية التي تُفقد في مرحلة الإنتاج كل عام تكفي لإطعام من يعانون من سوء التغذية في العالم أربع مرات. إذ تُقدر المحاصيل المفقودة بسبب سوء التخزين والنقل بمليار طن سنويًا، أي ما يعادل 14% من إجمالي الإنتاج العالمي. وترتفع هذه النسبة في الدول النامية التي تفتقر إلى البنية التحتية المتعلقة بالطاقة، والتي تعاني عدم توافر تقنيات حديثة للتخزين والتبريد.
وفي هذا السياق، تمثّل هذه الكمية من الأغذية التالفة، التي تُقدّر بحوالي 400 مليار دولار أمريكي سنويًا، خسائر كبيرة للدول التي تعتمد على إنتاج المحاصيل بشكل أحادي. ففي كينيا، على سبيل المثال، يشكل إنتاج مزارعي الحيازات الصغيرة، رغم إمكاناتهم المحدودة، ثلثي إجمالي الغذاء المستهلك في الدولة، لكنهم يفقدون أكثر من نصف إنتاجهم بعد الحصاد كل عام بسبب عدم توافر مرافق التبريد والبنية التحتية اللازمة لها. بينما تفقد الهند ثلث منتجات الفواكه والخضراوات كل عام بسبب عدم كفاية سعة التخزين البارد.
وفي ظل ظاهرة الاحترار والجفاف، تعاني المجتمعات محدودة الدخل والنائية مشكلة فقدان المحاصيل بسبب سوء التخزين والنقل. لذلك، ظهرت مؤخرًا عدة اكتشافات موجهة لهذه المجتمعات، من أهمها اكتشاف من جامعة “إم آي تي” في الولايات المتحدة الأمريكية،، وآخر من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست).
التبريد بالتبخير
يرتكز الاكتشاف في جامعة “إم آي تي” على تطوير تقنية التبريد التبخيري، التي استخدمها الإنسان منذ غابر الأزمان، والتي يمكن أن تساعد في الحفاظ على الفواكه والخضراوات المزروعة في مزارع أصحاب الحيازات الصغيرة والمتوسطة؛ إذ يمكن للحرارة الجافة أن تؤدي إلى تدهور منتجاتهم الطازجة بسرعة. جاء ذلك في نشرة “إم آي تي نيوز”، 19 يونيو 2023م.
ووفقًا للبروفيسور ليون جليكسمان، فإن هذا التصميم مفتوح المصدر، أي يمكن تعديله حسب الحاجة، ويمكن بناؤه على شكل غرفة في حاوية شحن مستعملة، مدعومة إما بشبكة الكهرباء أو الألواح الشمسية المدمجة. هذه الغرفة يمكن أن تسع لـ168 صندوقًا من الإنتاج، وتوفر حلًا كبيرًا للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة والمتوسطة في المناخات الحارة والجافة، والذين يحتاجون إلى طريقة ميسورة التكلفة لتبريد الفواكه والخضراوات الطازجة.
يعتمد هذا التصميم على مراوح تسحب الهواء الساخن والجاف من الخارج إلى الغرفة، وتمرره عبر وسادة مبللة مسامية، ثم تدفع الهواء البارد والرطب الناتج عبر صناديق الفواكه والخضراوات المخزنة داخل الغرفة. بعد ذلك يُوجّه الهواء عبر الأرضية المرتفعة إلى قناة بين العازل وجدار الحاوية الخارجي، حيث يتدفق إلى فتحات الخروج بالقرب من الجزء العلوي من الجدران الجانبية.
وقد أجرى فريق “إم آي تي” تجربتين للتصميم، إحداهما في كينيا، والأخرى في الهند، ببناء غرف تجريبية لاختبار العملية وإعلام الجامعة بنتائجها.
في انتظار نتائج التجربة في كينيا
تنتج مزارع أصحاب الحيازات الصغيرة في كينيا 63% من إجمالي الأغذية المستهلكة. وكما أسلفنا، يُفقد أكثر من 50% من إنتاج هؤلاء المزارعين بعد الحصاد لعدم توافر تسهيلات التبريد والبنية التحتية لذلك. ولمعالجة هذا الأمر بنى فريق “إم أي تي” غرفة تبريد بتبخير الهواء القسري خارج الشبكة، في سوق المنتجات بين نيروبي ومومباسا، بتكلفة 15,000 دولار، مدعومة بألواح الطاقة الشمسية الكهروضوئية، ولا تزال العملية قيد التجربة. وكأول تعليق على ذلك قال رجل الأعمال والسياسي المحلي بيتر مومو، الذي أشرف على بناء غرفة التبريد في مقاطعة ماكوني: “توفر الغرفة شبكة أمان ضد خسائر ما بعد الحصاد الضخمة التي كان يتعرض لها في السابق المزارعون المحليون أصحاب الحيازات الصغيرة”.
في الهند: تخفيض الحرارة بين 16 و10 درجات
يُعدّ المناخ الصحراوي الحار في الهند مثاليًا للتبريد بالتبخير، وعلى هذا الأساس جرى توقيع اتفاق بين “إم آي تي” ومؤسسة “هنارشالا” على إنشاء هذا النظام باتصال كهربائي بالشبكة مقابل 8100 دولار، ووُضع في مزرعة عضوية بالقرب من مقاطعة “بهوج”. ويقول المدير التنفيذي لمؤسسة هنارشالا، ماهافير أشاريا: “لقد حققنا نتائج مشجعة حقًا… ففي ذروة الصيف، عندما تكون الحرارة 42 درجة مئوية، نكون قادرين على الوصول إلى 26 درجة مئوية في الداخل ونسبة رطوبة 95%، وهي ظروف جيدة حقًا لتبقى الخضراوات طازجة مدة ثلاثة إلى ستة أيام. وفي الشتاء أجرينا الاختبار وشهدنا انخفاض درجات الحرارة من 35 درجة إلى 24 درجة مئوية، ولمدة سبعة أيام كانت الجودة جيدة جدًا”.
نظام تبريد من دون كهرباء
وفي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية “كاوست”، صمم باحثون نظام تبريد بسيطًا لا يحتاج إلى كهرباء، بل يعتمد على الطاقة الشمسية فقط. ويستهدف هذا النظام البلدان الفقيرة والحارة التي تفتقر إلى شبكات كهرباء، فتشتد الحاجة إلى تبريد المنتجات الزراعية والأطعمة وتكييف المنازل. واستخدم فريق البحث في “كاوست” وسيلةً بسيطةً جدًا لصنع حاوية مبردة قابلة للتعديل لحفظ تلك المنتجات، وتعتمد على تذويب نيترات الأمونيوم في الماء.
تحتاج النيترات إلى الطاقة لكي تذوب، فتأخذها من حرارة الماء الذي يبرد مع الوعاء. وبعد ذلك يمكن تبخير الماء بالطاقة الشمسيّة وجمع الملح الذي يتبلور عندما يتبخّر الماء. وبذلك، يصبح الملح شكلًا مخزنًا للطاقة الشمسيّة، جاهزًا لإعادة استخدامه للتبريد مرة أخرى عند الحاجة عندما تغيب الشمس، وهكذا دواليك.
وقد أثبت الفريق أن هذا النظام لديه إمكانية جيدة للاستخدام في تبريد المركبات أيضًا. فحين أُذِيب الملح تدريجًا في الماء في وعاء معدني، ووُضِع داخل علبة من الفوم البوليستيرين، هبطت درجة حرارة الوعاء من درجة حرارة الغرفة، التي تبلغ حوالي 20 درجة مئوية إلى 3.6 درجة، وظلت دون 15 درجة مئوية أكثر من 15 ساعة. ومن مزايا هذا الملح أنه متوفرٌ بكثرة ورخيصٌ جدًا. وقد نشر البحث حول هذا الاكتشاف في مجلة “إنيرجي أند إنفايرونمينتل ساينس” في عددها الخامس عشر، 2022م.
الجزر الحرارية الحضرية
إلى جانب مشكلة حفظ الأغذية، هناك تحدٍ آخر على صعيد التبريد المستدام يرتبط بالجزر الحرارية الحضرية. اُستخدم هذا المصطلح أول مرة في منتصف القرن العشرين. لكن حتى في الثمانينيات، كان تأثيره يُعتبر مهمًا عمليًا إلى حدٍّ ما. وفي الحقيقة، نظرًا لأن معظم الدراسات أجريت في مدن ذات مناخ شتوي بارد، فقد كان يعتبر ارتفاع درجة الحرارة ميزة مرغوبة، لأنها تقلل من الحاجة إلى التدفئة. ولكن ذلك تغير تمامًا اليوم، وبدأ المهتمون يعتبرون أن هذه الظاهرة تشكل خطرًا كبيرًا على البيئة وصحة السكان، كما تسهم في غرق المدن.
عندما تنمو المدن، تحل الأسطح الجديدة مثل الطرق والمباني محل الأسطح الطبيعية مثل الأشجار والبرك والتربة. ويؤدي هذا التغيير في البيئة المحلية إلى تغيير مماثل في المناخ المحلي. وذلك لأن هذه الأسطح الطبيعية تساعد على اعتدال درجات حرارة الهواء. إذ توفر الأشجار والنباتات الأخرى الظل، وتساعد التربة والمياه على تبريد الهواء القريب من خلال “التبريد التبخيري”، وهي عملية طبيعية يمتص الماء المتبخر خلالها الحرارة.
غير أن الأنشطة البشرية تُعدّ مصدرًا آخر للحرارة، والمساحات الضيقة بين المباني الشاهقة، والمعروفة باسم الأخاديد الحضرية، يمكنها أن تمنع الرياح وتحبس الحرارة. وقد لوحظ ارتفاع درجات حرارة المدن بمقدار يتراوح بين درجتين و6 درجات مقارنة بالمناطق الريفية المحيطة بها. ويصل هذا الارتفاع في الحرارة إلى كيلومترين فوق سطح الأرض. جاء ذلك في تحقيق عن مدينة سنغافورة نشرته صحيفة نيويورك تايمز، 18 سبتمبر 2023م.
وفي دراسة عن ارتفاع الحرارة تحت أفق مدينة شيكاغو، وضع الأستاذ المساعد في الهندسة المدنية والبيئية في جامعة نورث وسترن، أليساندرو روتا لوريا، أكثر من 100 جهاز استشعار في مواقف السيارات وغرف المراجل في الطابق السفلي وأنفاق مترو الأنفاق في جميع أنحاء وسط المدينة، في محاولة لتتبع ما يصفه لوريا بأنه “خطر صامت”.
ووفقًا لأبحاث لوريا، فإن درجات حرارة الهواء في الهياكل التي صنعها الإنسان تحت الأرض يمكن أن تصل إلى 25 درجة مئوية أعلى من درجة حرارة الأرض الطبيعية. إنه تهديد مختلف عن الاحتباس الحراري، لكنه يحمل تهديدات مماثلة مثل التأثير في الصحة العامة والبنية التحتية الحيوية وغرق المدن. وقال لوريا إن الفائض الحراري يمكن احتجازه واستخدامه كطاقة حرارية أرضية لتدفئة المباني وتبريدها، مع عائد استثماري يُقدّر بحوالي ست سنوات.
معالجات متوفرة
كما أسلفنا، لم تهتم الأوساط البحثية في معالجة هذا الجانب من التبريد وتكييف الهواء سابقًا. ونحن في انتظار تطورات علمية وتكنولوجية تستطيع أن تحول هذه الحرارة الإضافية إلى طاقة مستدامة. ولكن، حتى الآن، ليس لدينا سوى الاعتماد على علم المواد لابتكار مواد عاكسة للحرارة والإشعاعات، ومحاكاة الطبيعية ببنيةٍ تحتيةٍ خضراءَ كحلول مستدامة.
كما أسلفنا، لم تهتم الأوساط البحثية في معالجة هذا الجانب من التبريد وتكييف الهواء سابقًا. ونحن في انتظار تطورات علمية وتكنولوجية تستطيع أن تحول هذه الحرارة الإضافية إلى طاقة مستدامة. ولكن، حتى الآن، ليس لدينا سوى الاعتماد على علم المواد لابتكار مواد عاكسة للحرارة والإشعاعات، ومحاكاة الطبيعية ببنيةٍ تحتيةٍ خضراءَ كحلول مستدامة.
البنية التحتية الخضراء
تشمل البنية التحتية الخضراء المتنزهات، وأشجار الشوارع، والحدائق المجتمعية، والأسطح الخضراء، والزراعة العمودية. وفي المناطق المناخية الاستوائية وشبه الاستوائية، تُعدّ البنية التحتية الخضراء بمثابة إستراتيجية تبريد فعالة من حيث التكلفة. إذ تشير الأدلة إلى أن زيادة غطاء الأشجار بنسبة 10% يمكن أن يُخفض درجات الحرارة المحيطة بعد الظهر بمقدار 1 إلى 1.5 درجة مئوية. وبالمثل، في المتنزهات التي تتمتع بدرجات حرارة مناسبة للري، يمكن أن تكون درجات الحرارة فيها أقل بمقدار 1 إلى 1.5 درجة مئوية من المناطق القريبة غير المزروعة أو المبنية.
وبالإضافة إلى المسطحات المائية الطبيعية، تتوفر الآن العديد من التقنيات المائية الأخرى التي يمكن أن تُستخدم لأسباب تزيينية ومناخية. وتشمل هذه التقنيات أنظمة المياه السلبية، مثل البرك والمسابح والنوافير، والأنظمة النشطة أو الهجينة، مثل أبراج الرياح التبخيرية والرشاشات. يمكن لهذه الأنظمة النشطة والسلبية خفض درجات الحرارة المحيطة بمقدار 3 إلى 8 درجات مئوية.
تقنية التبريد لا تزال تعمل الآن كما كانت منذ اعتمادها قبل نحو قرن من السنين، وتطويرها إلى شكل مستدام بات ضروريًا لحماية الإمدادات الغذائية العالمية.
عكس الضوء بدلًا من امتصاصه
ومن أبرز التقنيات المتوفرة لمعالجة هذه الظاهرة هي استخدام الأسطح الباردة والعاكسة، إذ تُصمم هذه الأسطح لتعكس ضوء الشمس بدلًا من امتصاصه، ما يساعد في تبديد الحرارة وخفض درجات الحرارة الإجمالية في هذه المناطق. وتشمل هذه التقنية المواد الباردة المستخدمة عادة في المباني، مثل الدهانات البيضاء، والطلاء المطاطي، والأكريليك، أو البولي يوريثان، وغشاء الإيثيلين بروبيليندين رباعي البوليمر، والبولي إيثيلين المكلور، والبولي فينيل كلورايد، والبولي أوليفين البلاستيكي الحراري.
ففي المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، بدأت الهيئة العامة للطرق باتخاذ إجراءات للتخفيف من ظاهرة الجزر الحرارية الحضرية بـ”تبريد الأسطح الإسفلتية”. إذ تمتص الطرق الحرارة أثناء النهار، حيث تصل إلى 70 درجة مئوية، وتعيد إطلاقها ليلًا، ما يؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة، وتلوث الهواء، وفق وكالة الأنباء السعودية “واس”.
وثمة تجربة جديدة أخرى تقضي باستخدام ما يُعرف بالأرصفة الباردة، وهي عبارة عن عدة مواد محلية الصنع لها القدرة على امتصاص كميات أقل من الأشعة الشمسية وعكسها، ومن ثَمَّ، تصبح حرارة سطحها أقل من الأرصفة التقليدية. وتهدف هذه التجربة إلى خفض درجة الحرارة في الأحياء والمناطق السكنية، وتحسين جودة الحياة فيها.
اترك تعليقاً