مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
2024

البيولوجيا التجديدية

استلهام الطبيعة لتجديد أعضاء الإنسان


محمد المندعي

يحدث التجدّد البيولوجي في الطبيعة على مستويات عديدة ومختلفة، بدءًا من الكائنات الحية الفردية، مثل: السمادل وديدان الأرض والهيدرا وغيرها، مرورًا بمجتمعات الميكروبات في جسم الإنسان وعليه، وانتهاءً بالأنظمة البيئية الكبيرة مثل الغابات عند قطعها. فلماذا لا تـتجدد أنسجة الإنسان وأعضاؤه عند الضرر؟ شغل هذا السؤال الإنسان منذ آلاف السنين، وجهد العلماء منذ القدم لتطوير نظرية حول التجديد من دون نجاحات تُذكر حتى وقت قريب. غير أن استمرار البحوث الرامية إلى استهداف الحواجز التي تعيق عملية التجديد، وكثافتها في المدة الأخيرة، أدّى إلى اختراقات مهمة، خاصةً فيما يتعلق بتجديد الأسنان وأنسجة القلب والعلاجات بالخلايا الجذعية؛ مما يؤشر على أننا اقتربنا من الدخول إلى عصر جديد، عصر الطب التجديدي.

كل مرض يصيب الإنسان تقريبًا، سواء أكان إصابةً أم عدوى أم مرضًا مزمنًا أم مرضًا تنكسيًا، يؤدي إلى إتلاف الأنسجة، بحسب مقالة نشرت في مجلة ساينس، 25 مايو 2023م. علاوة على ذلك، يمكن إرجاع 45% من جميع الوفيات إلى فشل التجدد المرتبط بالالتهاب والتندب الليفي. ويتطلب الشفاء بعد الضرر الإجابة عن أسئلة رئيسة: كيف يمكن تحفيز الأنسجة البشرية على التجدّد؟ ولماذا تنجح بعض الحيوانات كسمندل الماء مثلًا، في تجديد أطرافها بطريقة مذهلة، في حين يفشل البشر في تجديد خلاياهم وأنسجتهم عند حدوث ضرر ما؟

هذا ما تهدف إليه البيولوجيا التجديدية: الإجابة عن هذه الأسئلة وتحديد العلاجات، التي تجعل الجينوم والخلايا قادرة على الصمود أمام التقلبات الطبيعية أو الأحداث التي تسبب اضطرابًا أو ضررًا، وتحديد كيفية إعادة تجديد الأنسجة والأعضاء التالفة.

 رغم أن مصطلح “الطب التجديدي” قد صيغ حديثًا في عام 1999م، فإن الإنسان مارس هذه التقنيات منذ آلاف السنين؛ إذ كانت الحضارات القديمة في سومر ومصر والصين والهند وأمريكا الجنوبية، رائدة في الاكتشافات والتقنيات الطبية، مثل: تطهير الجروح وتنضيرها باستخدام الخلطات النباتية والمعدنية. وقد سُجّلت إجراءات ترقيع الجلد لإعادة بناء الوجه من قِبَل سوشروتا، وهو طبيب هندي، منذ أكثر من 1000 سنة. لكن المعرفة العلمية الأساسية لم تكن متوفرة لتحفز التكنولوجيا الحيوية على التقدم وتوفير العلاجات. إلا أن تراكم الأبحاث العلمية منذ القرن الثامن عشر بدأت توًّا تُؤتي ثمارها.

 اليوم، يشهد الطب التجديدي تقدّمًا كبيرًا ومتميزًا في العلاج الطبي الذي يعتمد على مبادئ تكنولوجيا الخلايا الجذعية وهندسة الأنسجة من أجل استبدال الأنسجة والأعضاء البشرية المتضررة أو تجديدها واستعادة وظائفها. وقد بدأ هذا النهج يمثل خيارًا علاجيًا قيّمًا للإصابات الحادة والأمراض المزمنة والتشوهات الخلقية، من خلال إجراءات لا تتطلب التبرع بالأعضاء وزراعتها.

صعوبة التجدّد

يمتلك البشر قدرةً بسيطةً على تجديد الأنسجة التالفة، وفي حالات محدودة جدًا. على سبيل المثال، عندما يُصاب الشخص بجرح سطحيّ صغير، فإنه يُشفى من دون تكوين نسيج ندبي، وذلك لأن خلايا الجلد المحيطة قادرةٌ على ملء الفراغ بسهولة تامة! في حين أنه إذا تعرّض الإنسان لجرح عميق أو إصابة خطرة، ينتهي به الأمر إلى إغلاق الجرح بنسيج ندبي بدلًا من تجديد الأنسجة المفقودة. ومع أن تشكلّ النسيج الندبي يوقف المزيد من نزف الدم، ويحمي الأنسجة المصابة من التلف، فإنه يعدُّ سببًا رئيسًا لمنع تجدد الأنسجة.

بعض الحيوانات الأخرى مثل السمادل، لا تكوّن نسيجًا ندبيًا مكان الجرح بالطريقة نفسها. فبدلًا من ذلك، تُجنّد الخلايا الجذعية القادرة على النمو وتضميد الجرح من دون تندب في المنطقة المصابة.

فالخلايا الجذعية هي خلايا خاصة ليس لها وظيفة محددة، ويمكن أن تتحول إلى أي نوع آخر من أنواع الخلايا، مثل: خلايا العظام والعضلات والأعصاب والجلد، وتقوم بوظيفة النوع المُتحوَّل إليه. وعندما تفقد بعض الحيوانات أحد أطرافها، تتحول هذه الخلايا إلى نوع خاص بذلك الطرف أو العضو لتجديده.

يمتلك البشر البالغون بعض الخلايا الجذعية، لكنها ليست متاحة بسهولة للمساعدة في عملية شفاء الجروح العميقة والإصابات الخطرة. كما أن معظم الثدييات الأخرى مشابهةٌ للبشر؛ لذا فخلاياها الجذعية ليست مناسبة في التجدّد أيضًا.

مفتاح لغز التجدّد

من المثير للاهتمام أن الرضّع من البشر يمكنهم تجديد أنسجة القلب. وللأطفال القدرة على تجديد الأسنان وإعادة أطراف الأصابع. فضلًا عن أن أكبادنا تتمتع بقدرة كبيرة على التجدّد إلى الحجم الكامل بعد فقدان جزء منها. إضافة إلى ذلك، فإن العظام تلتحم معًا بعد كسرها إذا أُعيد ربط القطع المكسورة بواسطة مسمار أو جبيرة. ولكن في المقابل، يرى علماء آخرون أن ما يقوم به البشر أثناء تجديد الجلد والكبد والعظام، لا ينطبق عليه مفهوم التجدّد الذي تقوم به السمادل والسرطانات. فالجلد يستبدل الطبقة السطحية فقط في عملية مستمرة يُطلق عليها الاستتاب (homeostasis)؛ والدليل على ذلك هو الغبار في المنزل الذي معظمه هو خلايا الجلد الميتة التي فقدناها. أمَّا تجدّد الكبد، فيرى هؤلاء العلماء أنه ليس إلا تضخمًا تعويضيًا (compensatory hyperplasia)؛ أي أن ما تبقى من الكبد سوف ينمو حجمه لتعويض ما فقده. ولكن إذا فُقد الكبد بالكامل، فلن يتمكن من التجدّد، على عكس الأطراف في السمادل التي يمكن بترها عدة مرات وفي كل مرّة يُعاد تكوين طرف جديد. لكن هذه القدرة المحدودة، هي مؤشرٌ قويٌّ على أن البشر البالغين قد يمتلكون القدرة على استعادة أطرافهم المفقودة في شفرتهم الوراثية.

بدأت ألغاز التجديد تتكشف في عام 2013م، عندما وجد العلماء أن الخلايا التي تُسمّى البلعميات (Macrophages)، تمنع تراكم النسيج الندبي عند بتر أحد أطراف السمندل المكسيكي. وهذه الخلايا توجد في الحيوانات الأخرى وأيضًا عند البشر، وهي جزء من جهاز المناعة، ووظيفتها وقف العدوى والتسبب في الالتهاب. وهي، في الوقت نفسه، إشارة إلى بقية الجسم بأن مكان البتر يحتاج إلى إصلاح.

ومن أجل التحقق مما إذا كانت الخلايا البلعمية ضرورية لإعادة نمو الأطراف، أزال الباحثون أو دمروا بعض هذه الخلايا أو كلها من السمادل بحقنها بمواد كيميائية. والنتيجة كانت فشل السمادل التي دُمرت فيها البلعميات كليًا في توليد أطراف جديدة، وإظهارها تراكمًا كبيرًا للأنسجة الندبية. أمَّا السمادل التي كانت لا تزال تمتلك بعضًا من البَلاعِم، فتمكّنت من تجديد أطرافها، وإن بشكل أبطأ من المعتاد. ونُشرت هذه النتائج على موقع مختبر إم دي آي (MDI) للبيولوجيا في عام 2022م.

تجديد القلب

في عام 2017م، استحدث العلماء نوبة قلبية اصطناعية في السمندل لمعرفة دور الخلايا البلعمية، ووجدوا أن النتيجة نفسها تنطبق أيضًا على أنسجة القلب. فحينما يصاب الإنسان بنوبة قلبية، تتكون أنسجة ندبية مكان الإصابة تحدُّ من تلف الأنسجة على المدى القصير، إلا أن تصلبها بمرور الوقت يضعف قدرة القلب على الضخ؛ مما يؤدي في النهاية إلى فشل القلب النهائي. ونُشرت النتائج على المصدر نفسه المذكور آنفًا.

وفي أكتوبر 2023م، نشر عالمان من جامعة فلوريدا دراسة في مجلة “سيركليشن” (Circulation) التابعة لجمعية القلب الأمريكية، كشفا فيها عن طريقة جديدة ومثيرة لإصلاح القلوب المتضررة. ولخص موقع “سايتكدايلي” في 13 ديسمبر 2023م، النتائج بعنوان: “لماذا قد يشفي قلبك نفسه قريبًا بعد نوبة قلبية؟”.

تجديد الأسنان

لطالما يذكّرنا آباؤنا بالمحافظة على أسناننا البالغة؛ لأنها لن تتجدد مرة أخرى. فالبشر يعيشون بالأسنان نفسها مدة طويلة، على عكس أسماك القرش التي تجدّد أسنانها أكثر من مرة طوال حياتها. والحال أن البشرة تنمو مرة أخرى إذا أُتلفت، والعظام يمكن إصلاحها إذا كُسرت. أمَّا الأسنان، فلن تعود إذا خُلعت أو سقطت.

ومن الواضح أن مينا الأسنان تحمي الأسنان من الضغوط الميكانيكية الناتجة من المضغ، وتساعدها على مقاومة التسوس، وهي أصلب الأنسجة في جسم الإنسان.

تنشأ المينا أثناء تكوّن الأسنان بواسطة خلايا متخصصة تسمّى أرومة المينا (ameloblasts)، وعندما يكتمل نمو الأسنان تموت هذه الخلايا. ومن ثَمَّ، ليس للجسم أي وسيلة لإصلاح المينا التالفة، فتصبح الأسنان عرضةً للكسور والفقد.

لإنشاء أرومة المينا في المختبر، كان على الباحثين أولًا أن يفهموا البرنامج الوراثي الذي يحفِّز الخلايا الجذعية الجينية على التحول إلى خلايا متخصصة في إنتاج المينا. وللقيام بذلك، استخدموا تقنية تسمَّى الفهرسة التوافقية للحمض النووي الريبي أحادي الخلية (RNA-Seq-Sci)، التي تكشف عن الجينات النشطة في مراحل مختلفة من نمو الخلية. وهذا ممكن؛ لأن جزيئات الحمض النووي الريبي الرسول (Messenger RNA) تحمل تعليمات البروتينات المشفرة في الحمض النووي (DNA) للجينات النشطة، إلى الآلات الجزيئية التي تجمع البروتينات. ومن هنا، فإن التغيرات في مستويات الحمض النووي الريبي الرسول في المراحل المختلفة من نمو الخلية، تكشف عن الجينات التي تعمل والتي لا تعمل في كل مرحلة.

وبواسطة إجراء تقنية الفهرسة التوافقية للحمض النووي الريبي أحادي الخلية على الخلايا في مراحل مختلفة من نمو الأسنان البشرية، حصل الباحثون على الجينات النشيطة في كل مرحلة. ثم استخدموا برنامج حاسوب متطور يسمَّى “مونوكل” (Monocle) لبناء المسار المحتمل للنشاط الجيني الذي يحدث حينما تتحول الخلايا الجذعية غير المتمايزة إلى أرومة المينا المتمايزة. هذا البرنامج يتنبأ بالمخطط اللازم لبناء الخلايا المينائية. ومن خلال رسم هذا المسار، تمكّن العلماء، بعد تجارب كثيرة، من تحويل الخلايا الجذعية البشرية غير المتمايزة، إلى خلايا أرومة المينا.

لقد فعل العلماء ذلك عن طريق تعريض الخلايا الجذعية إلى إشارات كيميائية معروفة بتنشيط جينات مختلفة في تسلسل يحاكي المسار الذي كشفت عنه بيانات تقنية الفهرسة التوافقية للحمض النووي الريبي أحادي الخلية. في بعض الحالات، استعملوا إشارات كيميائية معروفة، وفي حالات أخرى، قام متعاونون من معهد الطب بجامعة ويسكنسن لتصميم البروتين بإنشاء بروتينات مصممة بالكمبيوتر ولها تأثيرات محسنة.

أثناء تنفيذ هذا الاختبار، حدد العلماء للمرة الأولى نوعًا آخر من الخلايا تسمَّى الأرومة السنية الفرعية (sub odontoblast)، والتي يعتقدون أنها أصل الأرومة السنية، وهي نوع من الخلايا لها وظيفةٌ مهمةٌ في تكوين الأسنان. ووجد الباحثون أنه عند تحفيز هذه الأنواع من الخلايا معًا، تنشأ أعضاءٌ صغيرةٌ ثلاثية الأبعاد ومتعددة الخلايا تسمَّى العضيات، تستطيع تنظيم نفسها في تراكيب مشابهة لتلك التي تظهر في أسنان البشر النامية وإفراز ثلاثة بروتينات أساسية لتكوين المينا، وهي: أميلوبلاستين وأميلوجينين وأيناملين التي تشكل الأرومة. ويتبع ذلك عملية التمعدن الضرورية لتشكيل المينا بالصلابة المطلوبة.

ووفق موقع تكنولوجيا العلوم 2023م، يأمل العلماء في تحسين العملية لجعل المينا مشابهة في المتانة مع تلك الموجودة في الأسنان الطبيعية، وتطوير طرق لاستخدام هذه المينا لاستعادة الأسنان التالفة وإنشاء أسنان مشتقة من الخلايا الجذعية تحل محل الأسنان المفقودة.

وعود الطب التجديدي

لقرون عديدة تطلع الإنسان إلى الطب منقذًا من الأمراض والإصابات. فقد أدت الاختراقات الكبرى، مثل: اللقاحات والمضادات الحيوية، إلى تحسين نوعية الحياة، بل أدت إلى الاستئصال الفعال لبعض الأمراض المعدية. وفي حين أن الطب الحديث قد غيّر تجربة الإنسان نحو الأفضل، إلا أننا لا نزال تحت رحمة المرض. إذ لا يوجد، على سبيل المثال، لقاحٌ للملاريا أو الإيدز أو الأمراض المزمنة، مثل: أمراض القلب والزهايمر والسكري وهشاشة العظام. وعلى الرغم من إمكانية علاجها، فإنها تشكل أسبابًا مستمرة للمعاناة. إن أفضل ما يقدمه الطب، في كثير من الأحيان، هو علاج الأعراض. ولهذا السبب، يُعد الطب التجديدي المقبل، أحد مفاتيح تغيير ذلك، من خلال التركيز على الأسباب الجذرية للأمراض.

ومن الفوائد التي يتميَّز بها العلاج بالطب التجديدي، بحسب موقع “سمِت سباين” 2023 (summitspine.com)، تجنّب الجراحة المؤلمة المحفوفة بالمخاطر وتقليل الألم. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام الطب التجديدي في علاج تمزق العضلة الوترية المؤلم جدًا، الذي يتطلب إجراء عملية جراحية لإصلاحه. كما سيكون بإمكان معظم المرضى العودة إلى أنشطتهم الطبيعية بعد العلاج التجديدي خلال وقت قصير، على عكس الجراحة والإجراءات الطبية الأخرى التي تستغرق وقتًا أطول للتعافي. ولن تكون هناك حاجةٌ للأدوية أو التخدير العام؛ لأن الأطباء سوف يستخدمون تقنية الموجات فوق الصوتية لضمان إجراء الحقن في المنطقة الصحيحة بدقة. في حين سيتم حقن بعض أدوية التخدير في الموقع، قبل العلاج أو معه؛ لضمان شعور المريض بأقل قدر من الألم والانزعاج. كما تُعد إجراءات الطب التجديدي، بشكل عام، منخفضة المخاطر، وذلك بسبب استعمال الخلايا الخاصة بالجسم نفسه لعلاج إصابته؛ إذ تُؤخَذ الخلايا من دهون الجسم أو من نخاع العظم. وهكذا، لن يرفض الجهاز المناعي هذه الخلايا؛ لأنها ليست غريبة.

اقرأ القافلة: “الخلايا الجذعية”، من عدد يناير-فبراير 2020م.


مقالات ذات صلة

تُعتبر “المُركَّبات الباقية إلى الأبد” من أخطر المشكلات الصحية المعاصرة، الناتجة عن مبيدات الآفات الزراعية. بينما يفتح الذكاء الاصطناعي آفاقًا جديدة لمواجهة هذه المخاطر..

أحدثت تقنيات تحرير الجينات، مثل “كريسبر كاس 9″، ثورة في علم الأحياء والطب، حيث فتحت آفاقًا لعلاج الأمراض المستعصية بكفاءة وبتكلفة منخفضة. لكن هذا التقدم يثير تحديات أخلاقية، خاصة فيما يتعلق بتحرير “خلايا الخط الجنسي” وتأثيراتها الاجتماعية. لذا، من الضروري الموازنة بين الطموحات العلمية والاعتبارات الأخلاقية لضمان مستقبل مسؤول للبشرية.

اكتشاف الإلكترونات في القرن العشرين أحدث ثورة في فهمنا، مما أدى إلى تطوير تقنيات مسرِّعات الجسيمات وكشف أسرار مذهلة عن عالم الذرة والمادة.


0 تعليقات على “البيولوجيا التجديدية.. استلهام الطبيعة لتجديد الأعضاء”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *