1-
( أمٌ له أكَلتْه .. )
المعري
حطبًا باتت أشجاري،
نسيَتْ لما كانت فَيئا
وصراخي جابَ الأجواءَ،
ولم يرجعْ منه صدىً
أو يصبحْ ملموسًا شيئا
لكني لا أرتعدُ
بل أعِدُ الأرضَ الْولدَتني
أني حين أُقَدَمُ بين يديها في كفنٍ
… لن تأكلني نَيئا
2-
وعلّمتُه الشعرَ
هذا الهواءُ الذي يتنفسني،
ثم علّمته الاختناقْ
مجازفةٌ أن أحسَّ،
فللحسّ ذاكرةٌ تعترينا جزافًا،
ونمسكها.. فتفرُّ
نعضُّ عليها.. تذوبُ
نجاري تلاشيها بتلاشي يدينا
على وجهها،
فتروغ وتسبقنا في المجاز:
فراتٌ ودجلةُ
لا يعبران العراقْ
ثقيلًا يحطّ على قلبيَ الشعرُ،
حين أحاول أكتب ما لا يُقالُ
أحس بململة الكلماتِ التي
لا تُطاقْ
3-
أبكي أحيانًا
لأحسّ بلسع الملح على خَدّي
وأفَلّي الحَورةَ، أحيانًا، لأرى
كم فيها من ظلّ الشمس،
وكم مَصّت من أشواك الوردِ
أحسبني، أحيانًا، حبة رملٍ
سئِمتها الصحراءْ
فهامت ناشفةً
تبحث عن حبة رملٍ تشبهها
.. قرب الماءْ
يخذلني أحيانًا صوتي
فيبوح بصمتي،
مثل امرأة تتحسّس مرآةً
فتباغتها نَفرةُ نَهدِ
أبكي أحيانًا
كي يمضي الليل إلى آخره،
برداءٍ مهترئٍ وقلنسوة عوجاءَ،
على كتفيه سلالٌ من قشٍ
يرقص فيها عشاقٌ ضجرون،
وأطفالٌ ممسوسون يشدّون الفجر
ليغفو فوق وسائدهم،
ونساءٌ يتعرين لكي لا يبقين وحيداتٍ،
ودنانٌ من خمر تُهرَقُ في الساحاتِ..
إلى آخره يمضي الليل ُ
.. وأبقى وحدي
4-
أن تحلمَ يعني أن يتولاك الأرقُ
ألأن أماسيك استبقتْ كل نهاراتك
تشكو من شجر ضاق
إلى أن هجرَته الأغصانُ،
ومثل “عصافير بلا أجنحة” طار الورقُ؟
هل سميتَ الأحجارَ وساداتٍ
وزعيقَ نُسورٍ سَداداتٍ للأذن
ونفحةَ عطرٍ لونًا قزحيًا مُرَا؟
هل نفّضتَ ثيابك من أعلاق الريح،
وغلّقتَ عليك نوافذك الخمسين
لكي لا يغويك الأفُقُ؟
يا خاسرُ،
مَن في ظنك يربح هذي القصةَ
خَطوُك في الوعثاء.. أم الوعثاءُ؟
وكيف ستنجو إن غرقتْ سفنٌ
والركابُ جميعًا غرقوا؟
والمتنبي كيف سيفلتُ
من ريح يحملها القلقُ؟
يا خاسر
ما مَن نارٍ،
ثمـة شيءٌ يحترقُ
اترك تعليقاً