مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
سبتمبر – أكتوبر | 2024

أنثروبولوجيا النقود


تأليف: جون مارك دوايان 
ترجمة: محمد الغضبان  
الناشر: صفحة سبعة، 2024م

الباحث البلجيكي المتخصص في علم الآثار وتاريخ الفن والدراسات المرتبطة بالنقود الأثرية والعملات، جون مارك دوايان يؤكد في هذا الكتاب أنه لم يعُد من المناسب اليوم اختزال عِلم النقود في “عِلم رافد” للتاريخ فحسب، أو استمرار تكيف العلماء العاملين فيه مع وضعية دونية تُقلِّل من قيمتهم. ويشير إلى أنه قد آن الأوان لتسليط الضوء على هذا العِلم، الذي يغطي مفاهيم متباينة فيما بينها، وإبراز كيف يتقاطَعُ مع العلوم الإنسانية الأخرى.  

وسعيًا نحو إزالة الغموض الذي يكتنف عِلم النقود، من حيث التأصيل ودقة تعريفات مفهومه، ناقش المؤلف في تسعة فصول كثيرًا من الجوانب المرتبطة به باستخدام المنهج التاريخي، متتبعًا تطوُّرَه منذ القرن السادس عشر حتى القرن العشرين. وحدَّد ما سمَّاه “الوجوه الثلاثة” لعالِم النقود، التي ترتبط بثلاثة أفرع من العلوم، وهي: العلم المتعلِّق بتصنيف النقود، الذي يقترب الباحث فيه من عمل جامِع النقود؛ والعِلم المتعلِّق بالتداول النقدي؛ والعِلم المرتبط بالمقاربة الأنثروبولوجية أو “الأنثروبونوميا”، الذي يسعى إلى رصد العلاقة بين النقود والإنسان باختلاف بيئته الاجتماعية وتحليلها. ويشمل الفرع الأخير مجموعة من المجالات، منها المبادلات الطقوسية التي لا تُمثِّل النقود المعدنية ولا الأوراق البنكية داخلها وسيطًا ذا قيمة كونية تفرضها سُلطة الإصدار المقبولة في كل مكان، مثلما كان يحدث في مناطق من إفريقيا الوسطى؛ إذ لم يكن من الممكن استخدام النقود إلا بعد وضعها فيما يُعرف بـ “سلة الأسلاف” التي تحتوي على عناصر متنوعة من عظام ومشغولات يدوية ترمز إلى أنواع مختلفة من السُّلطة.  

ومن ضمن ميادين المقاربة الأنثروبولوجية للنقود، التناول البحثي لها بوصفها “محددًا اجتماعيًّا” يُضفي قيمة على الأفراد أو ينزعها عنهم. فعلى سبيل المثال، وكما نقرأ في الكتاب، فإن ثمة دراسة تُشير إلى أن فتح حساب جارٍ بالبريد، كان “يُعطي إحساسًا بالوجود لجزء من السكان المنبوذين”. 

وتُعنى أنثروبولوجيا النقود كذلك بالبحث في الاستعمالات المحددة للقِطع النقدية والعملات الورقية، وعلاقتها بالمناطق الجغرافية، والفترات الزمنية التي ظهرت فيها، وأنماط الطبقات الاجتماعية التي تتداولها، والغرض من هذا التداول. 

وفي الكتاب، يشرح جون مارك دوايان، أن جميع المعالجات المرئية، من قطعٍ وطيٍّ وثَقْبٍ وتغيير آلي للشكل الخارجي والتذهيب والتفضيض والدمغ وإعادة نقش الصور، التي كانت تُجرى على النقود “تنتمي إلى الأنثروبولوجيا”. ويشمل ذلك المعالجات الطقوسية التي كانت تُمارس على النقود في بعض المجتمعات القديمة، والتي غالبًا ما كانت مرتبطة بالسحر.  

من ناحية أخرى، يتعمَّق الكتاب في دراسة ما سمَّاه المؤلف “وضعية النقود في السياق الجنائزي” من خلال تحليل ظاهرة “نقود الموتى”، التي اكتشفها علماء الآثار. وتُشير هذه الظاهرة إلى دفن القِطع النقديــة مع الموتى في القبور خلال عصور زمنية مختلفة، حيث كانت تُوضَعُ في أفواههم أو في محاجر أعينهم أو في أيديهم. 


مقالات ذات صلة

صدر مؤخرًا كتابان يسلطان الضوء على العلاقة العميقة بين الخيل والإنسان. يُقدم “الغزاة والحكام والتجار” للمؤرخ ديفيد شافيتز لمحة عن دور الخيول في الحضارات، بينما يُعيد “ضربات الحوافر” لويليام تايلور صياغة القصة الملحمية للخيل مستندًا إلى أحدث الاكتشافات العلمية، ليحل محل الأساطير القديمة.

Money: A Story of Humanity
by David McWilliams
تأليف: ديفيد ماكويليامز
الناشر: 2024م، Simon & Schuster UK

The Haunted Wood: A History of Childhood Reading by Sam Leith 
تأليف: سام ليث  
الناشر: 2024م، Sutherland House Books


0 تعليقات على “أنثروبولوجيا النقود ”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *