مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
مايو - يونيو 2023

أكثر من رسالة: لإنقاذ التربية من مطبات الثورة الرقمية


رغم التحولات التقنية التي تتوجها الثورة الرقمية الحالية‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬فإن‭ ‬العالم‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬يشتغل‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والاجتماع‭ ‬والسياسة‭ ‬والتربية‭ ‬والتعليم‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مؤسسات‭ ‬تم‭ ‬بناؤها‭ ‬وفق‭ ‬تصور‭ ‬كلاسيكي‭ ‬للزمان‭ ‬والمكان‭ ‬والإنسان. ‬لعل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬الإقرار‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭ ‬تقريبًا‭ ‬بوجود‭ ‬أزمة‭ ‬حقيقية،‭ ‬ربما‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬مثيل،‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬أسباب‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬حسب‭ ‬الفيلسوف‭ ‬ميشيل‭ ‬سير ‬1935- 2019م هو‭ ‬استمرار‭ ‬اشتغال‭ ‬مؤسسة‭ ‬التعليم‭ ‬بمنطق‭ ‬تصوّر‭ ‬تجاوزه‭ ‬الزمن،‭ ‬فإن‭ ‬ثانيها‭ ‬هو‭ ‬انتقال‭ ‬منطق‭ ‬الرداءة‭ ‬والتسطيح‭ ‬من‭ ‬مجال‭ ‬الإنترنت‭ ‬إلى‭ ‬مجال‭ ‬المدرسة. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الأزمة،‭ ‬إذ‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬الحاضر،‭ ‬فإنها‭ ‬قد‭ ‬تبعث‭ ‬على‭ ‬القطيعة‭ ‬معه‭ ‬وتجاوزه‭ ‬نحو‭ ‬الأحسن‭.‬

الأزمة‭ ‬والقطيعة

كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬انتظار‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد-19 ‬لتظهر‭ ‬بوادر‭ ‬القطيعة‭ ‬وتجاوز‭ ‬نمط‭ ‬اشتغال‭ ‬المؤسسات‭ ‬بطريقة‭ ‬كلاسيكية،‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والاجتماع‭ ‬والسياسة‭ ‬والتربية‭ ‬والتعليم،‭ ‬نحو‭ ‬أنماط‭ ‬وآفاق‭ ‬جديدة‭ ‬تتيحها‭ ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭ ‬المعاصرة. ‬هكذا‭ ‬عشنا‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نسميه‭ ‬الفعل‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬عوضًا‭ ‬عن‭ ‬الفعل‭ ‬الحضوري‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والعمل‭ ‬والسياسة‭ ‬وبصفة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعليم‭ ‬والتكوين. ‬لكن‭ ‬النتائج‭ ‬المرحلية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬التوقعات.‭ ‬ذلك،‭ ‬لأن‭ ‬جوهر‭ ‬المسألة‭ ‬يتجاوز‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬تقني،‭ ‬أي‭ ‬الأدوات‭ ‬والأجهزة،‭ ‬ويقبع‭ ‬في‭ ‬التصور‭ ‬وفي‭ ‬الخلفية‭ ‬الفلسفية‭ ‬العامة‭ ‬الكونية‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬عليهما‭ ‬التعليم‭ ‬والتربية‭.‬

فمن‭ ‬الثوابت‭ ‬الأساسية‭ ‬المسلم‭ ‬بها‭ ‬أن‭ ‬التربية‭ ‬المدرسية‭ ‬أو‭ ‬المؤسسية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬ركيزة‭ ‬رئيسة‭ ‬هي‭ ‬إنتاج‭ ‬التفوق‭ ‬والتميز‭ ‬والتفرد،‭ ‬بينما‭ ‬تتعارض‭ ‬هذه‭ ‬الركيزة‭ ‬بشكل‭ ‬صارخ‭ ‬اليوم‭ ‬مع‭ ‬نظام‭ ‬اشتغال‭ ‬المواد‭ ‬والمعطيات‭ ‬والمعلومات‭ ‬نقول‭ ‬المعلومات‭ ‬وليس‭ ‬المعارف‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬الولوج‭ ‬إليها‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الجديدة‭ ‬للاتصال‭ ‬التي‭ ‬يزداد‭ ‬الإقبال‭ ‬عليها‭ ‬باطراد‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الأطفال‭ ‬والناشئين. ‬ففي‭ ‬مقابل‭ ‬التميز‭ ‬والتفرد‭ ‬كمعيار‭ ‬للتفوق‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬المدرسي،‭ ‬تسود‭ ‬متلازمة‭ ‬النسخ‭ ‬و‭‬التكرار والاجترار‭،‬ في‭ ‬مجال‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬متعددة‭ ‬الوسائط‭ ‬صوتًا‭ ‬وصورة‭ ‬وكتابة.

فمنذ‭ ‬ظهور‭ ‬الكتابة‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬مرورًا‭ ‬بالطباعة،‭ ‬صارت‭ ‬الموضوعات‭ ‬والأفكار‭ ‬تُعطى‭ ‬وتقدم‭ ‬وتسوق‭ ‬عالميًا‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬معطيات‭ ‬متسلسلة‭ ‬ومتتالية.‭ ‬هذه‭ ‬حقيقة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكارها،‭ ‬لكننا‭ ‬اليوم‭ ‬مع‭ ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭ ‬المعاصرة،‭ ‬صرنا‭ ‬أمام‭ ‬عالم‭ ‬من‭ ‬الموضوعات‭ ‬يطبعه‭ ‬التكرار‭ ‬والاستنساخ‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬آخر‭ ‬بشكل‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬له‭ ‬مثيل‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬وصفته‭ ‬الرئيسة‭ ‬هي‭ ‬الاجترار، حيث‭ ‬صار‭ ‬يُقاس‭ ‬نجاح‭ ‬المادة‭ ‬المعروضة‭ ‬والمتداولة،‭ ‬أو‭ ‬المتقاسمة،‭ ‬بعدد‭ ‬الزيارات‭ ‬والمشاهدات‭ ‬والتكرار‭ ‬و‭‬اللايكات ‬لا‭ ‬بعمق‭ ‬المادة‭ ‬وأهميتها‭ ‬الفكرية‭ ‬والمعرفية‭ ‬والفنية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتعارض‭ ‬كليًا‭ ‬مع‭ ‬التربية‭ ‬وما‭ ‬تحيل‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬تفرد‭ ‬وتميز‭ ‬وأصالة‭.‬

لا‭ ‬غرابة‭ ‬إذًا‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأصوات‭ ‬الداعية‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬المعطى‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجتمعات. ‬لكن،‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المشكل‭ ‬أم‭ ‬هو‭ ‬مجرد‭ ‬مظهر‭ ‬لتحول‭ ‬عميق؟

تحول‭ ‬عميق‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬الذات

إن‭ ‬هذه‭ ‬الضحالة‭ ‬المُعمَمَة‭ ‬لا‭ ‬تشكِّل‭ ‬سوى‭ ‬الوجه‭ ‬الأول‭ ‬الظاهر‭ ‬لأزمة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬المعاصرة،‭ ‬أما‭ ‬وجهها‭ ‬الآخر‭ ‬فينبغي‭ ‬تعقبه‭ ‬للكشف‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬تمنح‭ ‬نفسها‭ ‬للملاحظة‭ ‬المباشرة. ‬لقد‭ ‬لحق‭ ‬بمفهوم “‬الذات” ‬تَحوُل‭ ‬عميق‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭ ‬المعاصرة.‬‭ ‬فإلى‭ ‬عهد‭ ‬قريب،‭ ‬كان‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى “‬الذات”‭ ‬بأنها‭ ‬الوحيدة‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بما‭ ‬يُسمى “عمليات‭ ‬ذهنية‭ ‬كبرى” ‬أو “ملكات‭ ‬عليا”‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬التذكر‭ ‬والاستدلال‭ ‬والتخيل. ‬لكن‭ ‬اليوم،‭ ‬لم‭ ‬تعد “‬الذات” ‬وحدها‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬إنجاز‭ ‬تلك‭ ‬العمليات،‭ ‬بل‭ ‬أصبح “الموضوع”‬،‭ ‬ممثلًا‭ ‬في‭ ‬الكومبيوتر‭ ‬أو‭ ‬الهاتف‭ ‬الذكي،‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الإنجاز‭ ‬بكفاءة‭ ‬وقدرات‭ ‬تتجاوز‭ ‬أحيانًا‭ ‬قدرات‭ ‬الذات‭ ‬البشرية. ‬يدعونا‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬الجديد،‭ ‬حسب‭ ‬الفيلسوف‭ ‬ميشيل‭ ‬سير،‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬مفهوم “إنسانية” ‬جديدة. ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يضع‭ ‬المجهودات‭ ‬المبذولة‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التربية‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬حقيقية‭.‬

تعيش‭ ‬الأنظمة‭ ‬التربوية‭ ‬اليوم‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تسميته “وضعية‭ ‬عدم‭ ‬تلاؤم” بين‭ ‬تصور‭ ‬قديم‭ ‬يعبِّئ‭ ‬تلك‭ ‬المجهودات‭ ‬والموارد‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعداد‭ ‬وتكوين “ذات‭ ‬فردية” ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أنها‭ ‬مركز‭ ‬وجوهر‭ ‬وأصل‭ ‬العمليات‭ ‬والملكات‭ ‬العقلية‭ ‬الكبرى،‭ ‬بينما‭ ‬الوضعية‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬توجد‭ ‬عليها‭ ‬هذه‭ ‬الذات‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬الذهنية‭ ‬الكبرى‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬حكرًا‭ ‬عليها‭ ‬وحدها. ‬لقد‭ ‬أصبحت‭ ‬الآلة‭ ‬أو‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الجديدة‭ ‬تشاركها‭ ‬وتزاحمها‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بتلك‭ ‬العمليات. ‬ألم‭ ‬يَقْوَ‭ ‬الحديث‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي؟

فهل‭ ‬يعني‭ ‬هذا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتبق‭ ‬للذات‭ ‬وللإنسان‭ ‬شيء؟‭ ‬يجيب‭ ‬ميشيل‭ ‬سير‭ ‬على‭ ‬الفور: “أبدًا‭ .” ‬بالعكس‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تمامًا،‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يتبقى‭ ‬للإنسان‭ ‬هو‭ ‬كل‭ ‬شيء. ‬فعوض‭ ‬أن‭ ‬يكرس‭ ‬الإنسان‭ ‬جهده‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬المعلومات‭ ‬وتذكرها‭ ‬أو‭ ‬القيام‭ ‬بسلاسل‭ ‬طويلة‭ ‬جدًا‭ ‬من‭ ‬المبرهنات،‭ ‬سيكرس‭ ‬جهده‭ ‬ووقته‭ ‬لممارسة‭ ‬ذكائه‭.‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬يؤكده‭ ‬أيضًا‭ ‬الروائي‭ ‬والأكاديمي‭ ‬المغربي‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬مبارك‭ ‬ربيع،‭ ‬مؤلف‭ ‬كتاب “المدرسة‭ ‬والذكاء”‬،‭ ‬الذي‭ ‬يشدد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تنمية‭ ‬الذكاء‭ ‬عبر‭ ‬المدرسة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تجاوز‭ ‬العائق‭ ‬التعليمي‭ ‬الحالي. ‬فالزمن‭ ‬التعليمي‭ ‬كله‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬نظره‭ ‬فرصة‭ ‬لصناعة‭ ‬الذكاء. ‬وعند‭ ‬المقارنة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬وغيرها،‭ ‬والدول‭ ‬المبتكرة‭ ‬وغير‭ ‬المبتكِرة،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬المدرسة‭ ‬هي‭ ‬المصنع‭ ‬الأساس‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يصنع‭ ‬الذكاء‭ ‬أو‭ ‬يقلل‭ ‬منه‭ ‬وينقصه. ‬فالوضع‭ ‬الذي‭ ‬تعيشه‭ ‬المدرسة‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬تجديد‭ ‬وظيفتها.

‬فالظاهر‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تتيحه‭ ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭ ‬المعاصرة‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬الولوج‭ ‬بسهولة‭ ‬إلى‭ ‬المعارف‭ ‬والمعطيات،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬ما‭ ‬يتيحه‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬من‭ ‬تيسير‭ ‬العمليات‭ ‬الذهنية‭ ‬العليا‭ ‬مثل‭ ‬التذكر‭ ‬والاستدلال‭ ‬والتخيل. ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الفرص‭ ‬كلها،‭ ‬عوضًا‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬الذكاء،‭ ‬فهي‭ ‬تحرفه‭ ‬وتجمحه،‭ ‬بينما‭ ‬يفترض‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬يمضيها‭ ‬المتعلم‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬عاملًا‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الذكاء‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬أمرين‭ ‬يبعثان‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬رغم‭ ‬مظاهر‭ ‬الأزمة: ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬السائرة‭ ‬تدريجيًا‭ ‬في‭ ‬المفاهيم‭ ‬الفلسفية‭ ‬الكبرى‭ ‬وفي‭ ‬أنماط‭ ‬اشتغال‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع،‭ ‬والثاني‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬المعنيين‭ ‬المباشرين،‭ ‬أي‭ ‬الأطفال،‭ ‬هم‭ ‬أكثر‭ ‬الفئات‭ ‬العمرية‭ ‬تكيفًا‭ ‬وتأقلمًا‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الجديدة‭ ‬للاتصال‭ ‬المتداولة‭ ‬اليوم‭.‬

لعل‭ ‬هذا‭ ‬يدفعنا‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬إجابتين‭ ‬جديدتين‭ ‬عن‭ ‬سؤالين‭ ‬قديمين‭ ‬هما: ‬ما‭ ‬هو‭ ‬العلم؟‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬التقنية؟‭ ‬فالعلم‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يعلمه‭ ‬الراشد‭ ‬للطفل،‭ ‬أما‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬فهي‭ ‬ما‭ ‬يلقنه‭ ‬الطفل‭ ‬اليوم‭ ‬للراشد. ‬لذلك،‭ ‬ليست‭ ‬المسألة‭ ‬الأساس‭ ‬المطروحة‭ ‬والمستعجلة‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬التربوي‭ ‬هي‭ ‬منع‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬استعمال‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الجديدة‭ ‬بدعوى‭ ‬عقلنة‭ ‬هذا‭ ‬الاستعمال،‭ ‬كما‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬معظم‭ ‬الأسر. ‬وإنما‭ ‬المهم‭ ‬هو‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدوائر‭ ‬العالمية‭ ‬المسؤولة‭ ‬والمؤهلة‭ ‬على‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التنظيم‭ ‬والتقنين‭ ‬للعالم‭ ‬الافتراضي‭ ‬من‭ ‬الداخل،‭ ‬للتقليل‭ ‬من‭ ‬الإغراق‭ ‬والاستغراق‭ ‬في‭ ‬التكرار‭ ‬والاجترار‭.‬


مقالات ذات صلة

هل تتصور أنك تعيش حياة كريمة طبيعية في عالمنا اليوم إذا لم تكن تعرف القراءة؟

التصنيف الأدبي مرتبط بشكل رئيس حول ما يستثيره من مشاعر لدى المتلقي. ولكن، هل هناك حد فاصل وعازل بين الأجناس الفنية؟

نستطلع في هذا المقال رأي بعض من خاض تجربة العيش في قرية عما تمثِّله الحياة في القرية لهم.


0 تعليقات على “أكثر من رسالة: لإنقاذ التربية من مطبات الثورة الرقمية”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *