مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
يوليو - أغسطس 2023

فكرة

أطفال في حضانة الحقول


يبدو أن ربط الأطفال بالطبيعة أصبح أكثر صعوبة من أي وقت مضى. لهذا السبب قام فريق من مجموعة من أربعة مهندسين معماريين من إيطاليا وهولندا بتقديم فكرة مبتكرة من خلال تصميم نموذج لحضانة أطفال جديدة في لندن باسم “حضانة الحقول إلى الأبد” (Nursery Fields Forever)، ويرتكز محور الفكرة على عملية الربط المنسَّق بين وكان هذا الفريق قد شارك فكرته هذه في مسابقة الأفكار العالمية، المنظمة من قِبل ورشة الهندسة المعمارية في روما (AWR) لعام 2016م، وحصل على الجائزة الأولى.الزراعة الحضرية وبين التعليم في مرحلة ما قبل المدرسة.

تجارب مع الطبيعة

يشدِّد هؤلاء المهندسون المعماريون، أصحاب فكرة “حضانة الحقول إلى الأبد” على أهمية تواصل الأطفال مع الطبيعة، وضرورة التغلب على الحواجز التي تفرضها الأماكن الحضرية التي تحجب العمليات الطبيعية التي تُعدُّ أساسًا في فهم الأطفال للعالم الذي يعيشون فيه. وفي هذا الجانب يقول جوناثان لازار، أحد مصممي هذه الحضانة: “إن النظام التعليمي السائد لمرحلة ما قبل المدرسة عادة ما يبقي الأطفال داخل الفصول الدراسية، حيث بالكاد يستطيعون رؤية الأشجار والنباتات إلا من خلال النافذة، ولا يشاهدون الحيوانات إلا في أماكن مثل حدائق الحيوان. ويضيف: “لقد أدى عدم وجود تجارب مباشرة مع الطبيعة إلى تشويه تصور الأطفال للعالم من حولهم وعدم إدراكهم لأبسط العمليات الطبيعية، إذ نجد عددًا كبيرًا منهم لا يعرفون حقيقة أن الحليب الذي يشربونه يأتيهم من الأبقار، أو يعتقدون بأن الفاصوليا تنبت في العلب”.

تشجيع الفضول الفطري

في الأساس، يهدف برنامج “حضانة الحقول إلى الأبد” إلى تشجيع الفضول الفطري الموجود لدى الأطفال فيما يتعلق بالطبيعة والعمل على توجيهه وتنميته بشكل سليم، فيحفّز النمو البدني والاجتماعي والعاطفي والمعرفي للأطفال، وذلك من خلال التفاعل مع الحيوانات والمزروعات. كما يعتمد البرنامج أيضًا على ثلاثة أساليب أساسية في التعليم: التعليم من خلال الطبيعة، والتعليم من خلال التقنية، والتعليم من خلال الممارسة.

بشكل يومي يتعلم الأطفال كيفية زراعة طعامهم وحصاده وطريقة تعاملهم مع الحيوانات، بحيث يمكن لمهام مثل تجميع البيض أو حلب الأبقار أو قطف الثمار، أن يكون لها تأثير إيجابي على حياة الأطفال اليومية؛ لأنها تستطيع أن تغرس فيهم مهارات اجتماعية قيمة مثل: أهمية العمل الجماعي، كما أنها تعزِّز أسلوب حياة صحية منذ الصغر. في الوقت نفسه، يتعرف الطلاب أيضًا على فوائد الطاقة المتجددة، بما في ذلك توربينات الرياح والمصفوفات الشمسية، التي تحافظ على استمرار عمل المدرسة. أما من حيث الشكل فإن تصميم المدرسة يتميز بعدم وجود فصول دراسية ومكاتب وكراسي، ولكن مجرد مساحات مفتوحة، حيث تنمو الخضراوات، وقسم آخر مخصص للحيوانات، ومناهج دراسية تتبدل بشكل موسمي بناءً على الدورات الطبيعية.

فهذه الحضانة هي مزيج بين أمرين: المدرسة والطبيعة، بحيث يتعلم فيها الأطفال من خلال الاستمتاع بالطبيعة وحرية اللعب والتنقل والمشاركة في عملية التعلم العملي، الأمر الذي يلهمهم التفكير بشكل مختلف.

على المدى البعيد، سيؤدي إنشاء مشروع مثل “حضانة حقول إلى الأبد” في نهاية الأمر إلى تنشئة أجيال تهتم بالمحافظة على البيئة، وذلك لأن التدخل في سن مبكرة سينتج عنه إدراك الأجيال المقبلة للآثار السلبية للأطعمة المعبأة والمعالجة، ويعيد درجة من الوعي البيئي إلى نسيج المدينة.


مقالات ذات صلة

خلف هذه المنشآت الرياضية الباهرة، تتكشف قصة أعمق تتعلق بالتخطيط الحضري وفنون العمارة وصناعة المكان. إذ إن الفعاليات الرياضية، حتى إن لم تصل في ضخامتها إلى مستوى الألعاب الأولمبية، تحفّز تحولات عمرانية كبيرة، وتُثير تساؤلات مهمة حول دورها في تطور المدن وعمرانها.

وعينا ومشاعرنا تشكلت من خلال التفاعل الحقيقي مع الطبيعة، وأن الابتكارات التكنولوجية وُلدت من تجارب حية مع العالم الطبيعي..

موسكو مدينة تترك بصمة لا تُنسى على زوَّارها. مدينة نابضة بالحياة، نظيفة، آمنة، ودودة، وتستقبل العائلات والسيَّاح بحرارة.


0 تعليقات على “فكرة: أطفال في حضانة الحقول”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *