مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
مارس – أبريل | 2025

لمسة من الحديد



في هذا المثل العربي الشعبي، “الخشوم” أو “الأنوف” تعني الإبل. على الرغم من أن راعي القطيع الجيد يمكن أن يتعرف على كل جمل في قطيعه بمجرّد النظر إليه، إلا أنَّ تتبع القطعان يكون أسهل عندما يتم وسم الحيوانات. والوسوم، أو العلامات المميِّزة، مخصصة بشكل أساس كي يتمكن الآخرون من تمييزها.

تُظهر لوحات ورسومات المقابر المصرية وفي بلاد الرافدين أن وسوم الماشية تعود على الأقل إلى الألفية الثانية قبل الميلاد. نظرًا لأن العديد من الوسوم هي أشكال هندسية بسيطة، ويتم رسمها جميعًا بأدوات من الحديد الساخن، فهناك أوجه تشابه في كل من الوسوم القديمة والحديثة، وكذلك أوجه تشابه مع الوسوم عبر المناطق الجغرافية (على سبيل المثال، فإن بعض وسوم الإبل في المملكة العربية السعودية متطابقة مع وسوم الماشية في الغرب الأميركي). إنّ مزايا الوسم كعلامة مُلكية تكمن بشكل أساس في بساطته ودوامه: محاولات تغيير الوسم تترك ندوب تُروى عنها الكثير من القصص والحكايات.

كما يشير وسم الإبل إلى أن الإبل تنتمي إلى قبيلة أو عشيرة أو عائلة أو فرد معين، مثل وسم شعار النبالة الأوروبي. يستخدم جميع أفراد قبيلة معينة الوسم نفسه، لكنهم قد يضيفون علامات صغيرة مخصصة، غالبًا ما تكون عبارة عن خط أو نقطة، تسمى الشاهد.

وربما استخدمت أكثر من قبيلة الوسم نفسه، لكن كل قبيلة تضع الوسم في مكان مختلف عن الأخرى، فقبيلة تضعه على الخد وأخرى على العنق وثالثة على الفخذ. تُرسم الوسوم عندما تكون الإبل في عمر 12 إلى 18 شهرًا، وكذلك خلال أشهر الصيف عندما تتجمع القطعان بالقرب من الآبار.

قد تُستخدم الوسوم أيضًا لتسمية ممتلكات أخرى، مثل الآبار، حيث يمكن أن يكون الوسم منقوشًا على الحجر أو في الأزمنة الحديثة على الإسمنت. وتظهر في بعض الأحيان على الصخور أو أسطح الجِرَفة والمنحدرات، أو محفورة من قبل الرعاة أثناء عبورهم لتلك المناطق.

لاحَظَ أكثر من عالِم تشابه الوسوم للحروف المكتوبة قديمًا في جنوب شبه الجزيرة العربية، وهو نص يُستخدم للغة شبه الجزيرة العربية الجنوبية الغربية، من حوالي القرن الرابع قبل الميلاد إلى القرن الخامس الميلادي. ومع ذلك، بشكل عام، يبدو أن أوجه التشابه هذه، مثل غيرها، هي تداخلات متزامنة لأشكال هندسية بسيطة شائعة بين الثقافات في جميع أنحاء العالم.


جيمس بي ماندافيل تقاعد من العمل في أرامكو السعودية في عام 1995 وكان موظفًا في إدارة سياسات وتخطيط الشؤون الحكومية. وهو مؤلف كتاب Flora of Eastern Saudi Arabia “النباتات في شرق المملكة العربية السعودية” (Kegan Paul International, 1990) وBedouin Ethnobotany أو “النباتات البدوية” (University of Arizona Press, 2011). وهو يعيش بالقرب من توكسون في ولاية أريزونا.


مقالات ذات صلة

السفر إلى النجوم وزرع بذور الحضارة الإنسانية على كوكب آخر أسَر خيال البشرية لفترةٍ طويلة، وشكَّل أرضًا خصبةً للأعمال الأدبية والسينمائية. ومع انطلاق عصر الفضاء والتقدُّم العلمي في منتصف القرن العشرين، دُرِست هذه الفكرة بشكل علمي، وسلَّط الباحثون الضوء على أهم التحديات التي تواجه تحقيقها، وأبرزها طول الرحلة الذي يتجاوز أعمار البشر ويمتد إلى آلاف […]

كان ماريو يحب القراءة والأدب ولكن والده رأى في ذلك مضيعة للوقت، فقرر إرسال ابنه ذي الأربعة عشر عاماً إلى مدرسة عسكرية، ليتعلم الانضباط والالتزام فينضج ويتخلى عن أوهامه.

لطالما كانت العمارة لغة صامتة تحكي قصص الحضارات وتعكس تطورها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، فهي ليست مجرد وسيلة لإنشاء المباني، بل تُعد تجسيدًا لروح المكان ومرآة للهوية الوطنية. فقد كانت الهوية العمرانية علامة فارقة تميز كل منطقة عن الأخرى، حيث تتكيف التصاميم مع البيئة المحيطة، وتستمد مواد البناء من مواردها المحلية، وتندمج مع الثقافة السائدة لتخلق […]


0 تعليقات على “وسم الإبل.. لمسة من الحديد”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *