مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين

متحف السعادة


في خضم هذه الفترة من القلق العالمي المتزايد، حيث يبدو أن السعادة تلاشت من مفرداتنا وسط الوباء العالمي والاضطراب الاقتصادي والشعور الجماعي بالاكتئاب، تم افتتاح “متحف السعادة” الجديد في مدينة كوبنهاجن في الدانمارك.
أنشىء هذا المتحف من قِبل “معهد أبحاث السعادة”، وهو مركز أبحاث يركِّز على الرفاهية وجودة الحياة، وذلك بعد أن لاحظ القيّمون عليه أن الناس باتوا يبحثون عن السعادة ولكن في الأماكن الخاطئة. لذلك، قرَّر هذا المعهد إنشاء متحف يمكنه أن يعبّر عن طبيعة السعادة، ويعزِّز سبل الوصول إليها.
يضم المتحف ثماني قاعات تعرض وجهات نظر مختلفة حول السعادة وتجارب متنوِّعة تتراوح بين المعلومات المكتوبة البسيطة ومقاطع فيديو وصور، إضافة إلى نماذج ثلاثية الأبعاد للدماغ البشري. وتحتوي إحدى القاعات، التي تحمل عنوان “جغرافيا السعادة”، على أطلس لأسعد شعوب العالم وأتعسها. حيث تتصدَّر فنلندا وباراغواي والدانمارك الدول الأسعد، وحيث يمكن لكل زائر أن يرى موقع بلاده حسب مستوى السعادة فيها.
وفي قاعة أخرى، يتم استكشاف دور سياسة الدول وثرواتها في سعادة مواطنيه. فهناك مثلاً، يمكن الاستماع إلى خطاب للرئيس الأمريكي الراحل جون ف. كينيدي الذي يتناول فيه أوجه القصور في قياس تقدّم البلدان من خلال مؤشر الناتج المحلي الإجمالي، والاطلاع على معلومات متنوِّعة مثل كيف أن مملكة بوتان بدأت تقيس الناتج الإجمالي للسعادة منذ سبعينيات القرن الماضي، وكيف أن حكومات أخرى في العالم أخذت تعتمد الرفاهية هدفاً اجتماعياً رئيساً.
وفي إحدى القاعات، غرفة أخرى هناك معرض تفاعلي بعنوان “تشريح الابتسامة”، حيث يستخدم الزوار مرآة لمعرفة الجانب الذي يبتسم من وجه “الموناليزا”، ومعرفة إذا ما كان باستطاعتهم التمييز بين الابتسامة الحقيقية والابتسامة المزيَّفة. وفي موقع آخر، تتم دعوتهم إلى ارتداء سماعات الرأس والاستماع إلى سلسلة من الضحكات لاختبار ما إذا كانوا عُرضة للضحك المعدي. وتستكشف قاعة أخرى تاريخ السعادة وكيف تغيّر مفهومنا لها على مدى 2000 عام.
كما يوجد في المتحف “مختبر السعادة” الذي يشرح فيزيولوجيا الضحك وكيف يتغيَّر مع تقدُّم العمر، إضافة إلى معرض يشرح مفهوم “الهايغ” للسعادة السائد في الدول الأسكندنافية، وكيف يبقى ترتيب الدانمارك وسائر الدول الأسكندنافية من بين أسعد الدول في العالم رغم أن الطقس يكون غائماً وماطراً في 170 يوماً من السنة. أما مستقبل السعادة، فيمكن استكشافه في غرفة تدور فيها نقاشات متعدِّدة حول ما إذا كان باستطاعة الذكاء الاصطناعي أن يصبح ذكاءً عاطفياً مثلاً، وما إذا كان بإمكان هواتفنا الذكية معرفة كيف نشعر.
وبهذه العروضات التفاعلية، يأمل هذا المتحف الصغير إعطاء قيمة حقيقية لزواره تتجاوز الترفيه العابر. ويقول ميك ويكينغ، الرئيس التنفيذي للمعهد: “نأمل أن يغادر الزوار وهم أكثر حكمة، وأن يحملوا معهم بعض الحوافز على جعل العالم مكاناً أفضل”.
أما بالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى كوبنهاغن لزيارة المتحف، فهناك نصيحة مفيدة على موقعه على الإنترنت من كتابات الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط حول قواعد السعادة، وهي باختصار: “شيء تفعله، وشيء تحبه، وشيء تأمله”.


مقالات ذات صلة

على الرغم من وجود العديد من التساؤلات حول مستقبل الكتب المادية، فقد أطلقت الفنانة الإسكتلندية المفاهيمية “كاتي باترسون” في عام 2014م فكرة إنشاء “مكتبة المستقبل” كمشروع فني تطلعي يجمع بين كونه كبسولة زمنية أدبية ومشروعًا بيئيًا. كرّست “باترسون” جلّ اهتمامها بما ستتركه البشرية للأجيال القادمة؛ لذلك ابتكرت فكرة إنشاء هذه المكتبة في مدينة أوسلو النرويجية. […]

استطاعت الدول الناطقة باللغة الألمانية (ألمانيا، والنمسا، وسويسرا) أن تخلق نموذجاً في النهضة والتفوّق بالاعتماد على الأيدي العاملة المؤهلة مهنياً، وقد حقَّق هذا النموذج نجاحاً باهراً على مستوى العالم، فيما تسعى دول كثيرة داخل أوروبا وخارجها للاستفادة منه، ففي هذا البلد المزدهر اقتصادياً، يُعدُّ التدريب المهنيّ سرّاً من أسرار نجاحه، بل وربما ريادته عالمياً، فبفضله […]

من المؤكد أن للعلوم والتكنولوجيا تأثيراً عميقاً على المجتمع، لكن العكس صحيحٌ أيضاً، بحيث يشكِّل المجتمع، بصورة كبيرة، الطرق التي تتطوَّر بها العلوم والتكنولوجيا. ومع ذلك، تُظهر التجربة أنه لا يمكن دائماً للعلماء، من ناحية، وعامة الناس والحكومات والشركات، من ناحية أخرى، فهم بعضهم بعضاً بوضوح، لهذا السبب كان لا بدَّ من وجود خبراء ذوي […]


0 تعليقات على “متحف السعادة”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *