مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
مايو - يونيو | 2025

دروب القافلة


رئيس التحرير

قبل عشرين عامًا، وقبل أن أبدأ مشاركاتي في مجلة القافلة، كنت قارئًا شغوفًا بها. لا أتذكر، على وجه التحديد، بداية علاقتي بالمجلة، وهذا في حدِّ ذاته دليل على عراقتها وتغلغلها في الوعي الجمعي لجيلٍ بأكمله، بل لأجيالٍ كثيرة كانت “القافلة” جزءًا من رحلتهم الثقافية لعقود. وها أنا اليوم، في لحظةٍ تعجز كلماتي فيها عن وصف الشعور بالامتنان العميق، أعود إلى مجلة القافلة، ولكن هذه المرة لا كمصورٍ أو كاتبٍ يُسهم بصورة هنا أو مقالة هناك، بل بوصفي رئيس تحريرٍ يستشعر عبءَ التاريخ وجماله، ويتطلع إلى المستقبل وما يحمله من آفاق.

لقد مرَّت “القافلة” عبر تاريخها بمحطات مهمة، وتوالى على قيادتها نخبةٌ من رؤساء التحرير والمصممين والمحررين الذين أخلصوا لها، وجعلوا منها أكثر من مجرد مجلة؛ جعلوها مشروعًا معرفيًا وثقافيًا رصينًا وملهمًا. وأنا إذ أتسلَّم هذه المهمة اليوم، أبدأ الرحلة بتحية تقدير ووفاء لكل من سبقني في هذا الطريق، ولكل من أسهَم في صياغة هوية المجلة التي نعرفها ونعتزُّ بها.

في السنوات الأخيرة، كنت قريبًا من كواليس “القافلة”، مُدركًا حجم الجهد الذي يتطلبه إصدارها واستمرارها بطموح عالٍ إلى التميّز.. هذا الجهد لا يتشكَّل في فريق مُحترفٍ في أدوات التحرير والإخراج فقط، بل أيضًا في شغفه الدائم بالمعرفة وبالقيمة العميقة للقراءة والمجلة باعتبارها جسرًا للوعي. وهنا، بصفتي قارئًا في المقام الأول، تجدُر الإشارة بعرفان إلى شركة أرامكو السعودية، التي لم تكتفِ بتأسيس المجلة ورعايتها، بل آمنت على الدوام بأهمية نشر المعرفة وإتاحتها للجميع.

وعلى مدى سبعة عقود، أثبتت “القافلة” أنها قادرة على الجمع بين العلم والأدب، وبين الفكر والفن، وبين الأصالة والانفتاح. ولهذا، فهي لا تزال تحظى بمكانة مميزة في المشهد الثقافي العربي، وتواصل استقطاب قرَّاء من مختلف المشارب والاهتمامات. ونحن في “القافلة” نعي تمامًا أن الحضور الورقي على أهميته لم يعد وحدَهُ كافيًا؛ فالزمن يتغيَّر، وأدوات المعرفة تتطوَّر. لذلك، نعمل على إطلاق مسارات جديدة للمحتوى البصري والسمعي، تواكب تطلعات قرائنا، وتفتح آفاقًا أرحب لتجارب ثقافية ومعرفية معاصرة.

رؤيتنا للتحرير تنطلق من الإيمان بقدرة المحتوى الجيد على الصمود أمام التحوُّلات المتسارعة. لهذا، سنواصل تقديم الملفات الفكرية والعلمية والأدبية التي عُرفت بها “القافلة”، ونعمل على تطوير أساليب السرد والعرض، والتفاعل مع القرَّاء عبر منصات متعددة.

إن “القافلة” لم تكن يومًا مجرد مطبوعة تصدر كل شهرين، بل كانت وستظل فضاءً مفتوحًا للحوار والتأمل، وجسرًا يصل القارئ بالمعرفة والمتعة والاكتشاف. بل يمكنني القول إن هذه القافلة لا تواصل مسيرها في دروب المعرفة فحسب، بل أيضًا تبني جسورها.


مقالات ذات صلة

حول العادات الرمضانية، وفرص تجمع العائلة، وتباين الآراء حول الاجتماع على مشاهدة التلفاز خلال هذا الموسم، توجهنا إلى عدد من قرَّاء “القافلة” حول تفضيلاتهم.

الارتباط بين كلمتي “صحافة” و “مصداقية” هو ارتباط أزلي وقديم بقِدم الصحافة نفسها، ويمكن القول إنه لا توجد كلمة أكثر ترددًا والتصاقًا بكلمة “صحافة” من هذه الكلمة، وذلك لدرجة نوشك معها أن نقول إنه لا صحافة حقيقية من دون مصداقية. ولو قُدِّر لأي وسيلة إعلام أن تختار لنفسها صفةً وسِمةً تُعْرَف بها، لما اختارت غير صفة المصداقية. 

وُلِد في لندن لأبوين روسيين هاجرا إلى فرنسا واستقرا في إنجلترا، فهو نموذج لتداخل الهويات، بالمولد. وفي حياته المسرحية لم يصبح ظاهرة فنية فريدة، إلا من خلال تهجين مسرحه بالأشكال الثقافية الشرقية والأمريكية والإفريقية.


0 تعليقات على “دروب القافلة”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *