يَهزُّ الحنينُ الحنايا
ويَطرقُ قلبًا
ليبعثَ من عمقهِ فرحًا أو ألمْ
صوتُ أمّي يُضمّخُ أردانَهُ بالبخُورِ
وذكرى أبي وردةٌ في يديهِ
فإنْ لزّهُ الوَجدُ أَحنى وشَمّْ
الحنينُ رسولُ القِدمْ
الحنينُ ابتكارُ المضارعِ يسعى لتعلوَ أعناقُهُ فوقَ سقفِ العَدمْ
الحنينُ ارتحالُ المشاعرِ نحوَ المجاهيلِ يقتادُ لحظاتِهِ مثلَ حُمْرِ النَّعَمْ
أَوْرِ يا قلبُ ناركَ من حطبِ الذّكرياتِ
وقطِّرْ عليها من الحُبِّ
واستدعِ رُوحكَ حتى تُبلِّلَ موَّالَها بالنّدى والضَّرمْ
خَلِّ يا قلبُ “ليلاكَ” تغرقُ في بحرِ نسيانِها
والتَحِفْ حُلمَكَ المُشتهى ثمّ نَمْ
قالها “قيسُ” في وجهِ جيشِ الهوى فانهزمْ
الحنينُ انكسارُ المواويلِ في أذنِ العشقِ حدَّ الصّممْ
وهو صيَّادُ ثأرٍ قديمٌ
فإنْ نسيَتْهُ التّقاويمُ داهَمها وانْتَقمْ
وهو ذاكَ الذي لا نَراهُ
فنُغمضُ أعينَنا كي نَراهُ
ونسبحُ في غَيمهِ
ثمَّ نهطلُ فوقَ صحارى الأضالعِ
من فُوَّهاتِ الدِّيَمْ
دُلَّنِي يا حنينُ على مُشرعاتِ الزّقاقِ
وأَوتِدْ على كلِّ حادثةٍ لي عَلمْ
أَنتَ وحدَكَ تملكُ خارطةَ العُمرِ
تَعلمُ أينَ اخْتَلتْ شَفتايَ بأعذبِ فَمْ
وكيفَ اسْتقرَّ بصدريَ أَرْهفُ سهمْ
وكيف أُوَارِي انكساراتِ روحي وأَبسُمُ كيما يقالُ:
انظروا الجُرحَ عضَّ على نزفهِ وابتسمْ
الحنينُ انتفاضةُ نبضِ الزّمانِ الذي جرّحتْهُ الخطوبُ
فعادَ على شكلِ لحمٍ ودَمْ
لا “أَحنُّ إلى خُبزِ أمي” لأنّي أنا خبزُها
إنما لارتشافِ يديها أحنُّ
وللزّهرِ في مقلتيْها أَحنُّ
وللذِّكرِ في شفتيها أَحنُّ
وللنّهرِ والشّعرِ والطُّهرِ في صدرِها هادرًا بالمناجاةِ من دونِ قافيةٍ أو نغمْ
الحنينُ الحنينُ انتصارُ الألمْ
اترك تعليقاً