مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
مايو – يونيو | 2020

الموسيقى للجميع


جهاد الخالدي
الرئيسة التنفيذية لهيئة الموسيقى

يقول المؤلِّف الموسيقي الألماني روبرت شومان، إذا أردت أن تعرف أخلاق الشعوب استمع إلى موسيقاها.
لقد تطوَّر النشاط الفني والموسيقي على أرض المملكة العربية السعودية على مدى قرون، إذ إنَّ الامتداد الجغرافي للمملكة بعد توحيدها وتنوِّعها المناخي جعلها بيئة صانعة وحاضنة لعدد من الفنون الشعبية الموسيقية التي تميزت بها كل منطقة والتي احتضنتها الذاكرة الشعبية.
ومع تأسيس الإذاعة السعودية في وقت مبكِّر بدأت الحياة الفنية تأخذ شكلاً ممنهجاً، فمن خلال مسرح الإذاعة الغنائي الذي أُنشئ مبكراً تشكَّلت اللبنة الأولى للنشاط الموسيقي المُنظم في السعودية.
واستمر هذا النشاط الذي بنى قاعدة عريضة شغوفة للسمع إلى اليوم الذي تأسست فيه هيئة الموسيقى تحت مظلة وزارة الثقافة، لتتولَّى دفع هذا الزخم الموسيقي إلى آفاق أوسع.
فاليوم، تبنّت هيئة الموسيقى مشروع “الموسيقى للجميع” الذي يسعى إلى تحقيق جملة أهداف تلتقي بشكل مباشر مع واحد من الأهداف الرئيسة لوزارة الثقافة المتمثل في جعل الثقافة نمط حياة للمجتمع، وتحسين جودة الحياة وتنمية وتمكين المواهب في المملكة تماشياً مع أهداف رؤية المملكة 2030.
ولأنَّ لغة الموسيقى موحَّدة عالمياً، ستعمل هيئة الموسيقى على بناء جسور تواصل مع ثقافات العالم من خلال هذه اللغة الفنية الثقافية الراقية.
“الموسيقى عِلْم وثقافة وفن”، وهذا ما ستسعى هيئة الموسيقى إلى ترسيخه في مجتمعنا من خلال تطبيق مجموعة من الاستراتيجيات، أولها التعليم باعتباره الركيزة الأساسية والصحيحة لتطوير الوعي بهذا الفن، وذلك لأن الموسيقى أصبحت مادة أساسية فـــي كل المـــدارس العالمية، وتأتي ضمن مواد الدراسة الرئيسة مثلها مثل الرياضيات والعلوم الأخرى. وننوّه هنا بأن الموسيقى كانت حتى القرن الحادي عشر الميلادي جزءاً من عِلْم الرياضيات. وأثبتت الدراسات العالمية أن الأطباء والمهندسين والقانونيين الذين تعلَّموا الموسيقى في صغرهم كانوا أكثر إبداعاً وتميزاً في عملهم.
ولهذا سنعمل في الهيئة على أن تكون نقطة انطلاق مشروع “الموسيقى للجميع” من المدارس، لإيماننا بأهمية هذا التأسيس العلمي ودوره في تهيئة شباب مبتكر ومبدع ومتوازن في جميع التخصصات العلمية وليس فقط لمن سيحترفون الموسيقى لاحقاً. ولن يتوقف التعليم عند حد التعليم العام، بل سيشمل أيضاً مدارس الاحتياجات الخاصة إلى جانب الجامعات والمعاهد، وذلك بهدف خلق مستوى وعي عام بأهمية الموسيقى، وأيضاً استقطاب وتمكين الموهوبين لتخريج دفعات موهوبة مؤهلة موسيقياً تستطيع النهوض بمسؤولية هذا التطور في المراحل المستقبلية.
ولأن الموسيقى ثقافة، سنعمل في الهيئة على نشر الوعي الثقافي والتذوق الموسيقي في المجتمع، وذلك عبر وسائل متنوِّعة، إعلامية وثقافية، سنقوم من خلالها بتحسين الذوق الفني والحسي والسمعي، مع ما يرتبط بذلك من تنظيم لحفلات موسيقية رصينة تترجم هذا الوعي المتقدِّم، وهدفنا في نهاية المطاف رفع مستوى تذوق الموسيقى وزيادة الثقافة الموسيقية كفن وعلم مضافاً إليها الترفيه.
وبموازاة ذلك، فقد أوكل لهيئة الموسـيقى عديد من المهام، ومنها وضع الاستراتيجيات والمعايير التنظيمية، وتنظيم الفعاليات والمناسبات ذات العلاقة، وتقديم الدورات التدريبية والبرامج المهنية، ودعم حماية حقوق الملكية الفكرية والتعاون الثقافي مع المنظمات الإقليمية والدولية ذات العلاقة، وتشجيع التمويل والاستثمار وإنتاج وتطوير القطاع الموسيقي، وإصدار التراخيص للأنشطة ذات العلاقة بقطاع الموسيقى. وسنعمل تحت مظلة وزارة الثقافة على بناء وتأسيس البنية التحتية لقطاع الموسيقى، والارتقاء بالفنون الموسيقية إلى مستويات احترافية، وتوفيـر التراخيص لمنسوبيها.
وسنعمل بإذن الله من خلال هذه المهام الرئيسة ومن خلال مشروع “الموسيقى للجميع” على تعزيز مكانة المملكة كرائدة في التعامل مع الموسيقى كفن وثقافة وعلم، واستثمارها لتحسين جودة حياة الفرد تماشياً مع رؤية المملكة 2030.


مقالات ذات صلة

حينما وصل إلى علمي توقف مجلة “القافلة”، استشعرت أن لبنة ثقافية انهارت. فهذه المجلة أحد الأسس التي دلتني أو دفعتني إلى غواية الكتابة، كما فعلت بالكثيرين.

ثَمَّة في تاريخ الأوطان والدول والمجتمعات، محطات لا يمكن تجاوزها أو المرور عليها دون التوقف عندها والاستلهام من أمجادها والامتنان لرجالاتها الذين صنعوها. إن استحضار واستذكار أحداث تاريخية لها قيمتها وطنياً، هو من الأمور المطلوبة والمحفِّزة لمزيد من الاعتزاز والفخر والانتماء لدولة تأصل تاريخها لقرون، دولة امتدت جذورها وبُنيت قواعدها على أساس راسخ من الإيمان […]

بات تطوير سوق العمل وتغيير معادلاته أمراً حتميّاً يتعيّن دعمه من كافة صانعي القرار، وقد كشف تقرير دولي للوظائف عن أن هناك ثماني مهن تُدرِّب عليها كليات ومعاهد تقنية دون الجامعية في السعودية، دخلت في ترتيب الوظائف الأعلى دخلاً.. فما مستقبل التخصصات التقنية والمهنية في المملكة؟ وهل هناك تلبية لحاجة السوق المحلية إليها؟ وماذا عن […]


6 تعليقات على “الموسيقى للجميع”

  • نتطلع في هذه المرحلة الجديدة في التاريخ السعودي، ومع الانفتاح الكبير الذي تشهده المملكة، التركيز على كافة أنواع الموسيقى الشرقية والغربية واقامة الفعاليات والامسيات. ايضاً، اقامة حملات توعوية تعريفية بتاريخ الموسيقى والاغاني في الجزيرة العربية وبيان جوازه دينياً. كما آمل ان يتم تعميم دليل على المقاهي والمطاعم والاماكن العامة لتفعيل دور الموسيقى والاغاني والاهتمام بها وحسن اختيار بما يعكس طابع المكان.

  • أسعدني جدًا ذلك الكلام، أحب الموسيقى وأنا متذوق موسيقي رائع، إنها جزء مننا، كوني رسامة فـ يهمني جدًا أن أتعرف على نوع أذواق الأشخاص الموسيقيه.

  • بكل الحب والوفاء لأهل ألوفا اصحاب الذوق الرفيع والفن الجميل الراقي لأصحاب الأهداف الجميلة والاسمى في هذة الحياة لمن يحملون على عاتقهم مسؤلية ثقافة هذا المجتمع المبهر أتمنى لكم مني كل التوفيق والسداد وأن تتحقق امانيكم بأذن بأسرع وقت وفق رؤية أعظم وأشجع رجل يبحث عن الرقي لبلادة العظيمة .

  • الموسيقي للجميع
    عنوان له اثرة الجميل الابدي
    حين يعزز بالتعليم والتطوير للانسان والمكان
    سعدت كثير بهذا المنشور لمافيه من بشرى تجعلني واثق من تحققها .. الحمد لله
    عزنا بقيادة وادارة تسعا بقوه لنهظة وطن
    شكرا لك استاذة الوطن


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *