من الثابت أن المال هو المحرك لكل شيء تقريبًا، وهو الذي يشكل جوهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية للبشر، كما أنه سيف ذو حدين: فهو قادر على إلهام الإبداع والابتكار، ولكنه قادر أيضًا على الإفساد والتدمير. في هذا الكتاب الذي يُقدِّم فيه الخبير الاقتصادي ديفيد ماكويليامز، عرضًا تاريخيًا لعلاقتنا بالمال، هناك محاولة للإجابة عن مجموعة من الأسئلة المثيرة للتفكير: ما هو المال؟ هل هو الشيء الرئيس الذي يمنعنا من الوصول إلى اليوتوبيا، أم أنه الثابت الوحيد الذي يدفعنا إلى النجاح؟ هل شكَّلت البشرية المال، أم أن المال هو الذي شكَّل البشرية؟

يُقدِّم الكتاب نسجًا تاريخيًا عالميًا ومتماسكًا للمال من خلال مجموعة متنوعة من الشخصيات والقصص. يبدأ رحلته من الألواح الطينية في بلاد ما بين النهرين إلى العملات المعدنية في اليونان القديمة، ومن الرياضيات في العالم العربي في العصور الوسطى إلى الثورة الفرنسية، ومن ظهور الدولار الأمريكي حتى العملة المشفَّرة اليوم. وعلى طول الطريق، نلتقي مجموعة من الشخصيات التي ابتكرت المال، وغيَّرت المجتمعات وحوَّلت الطريقة التي نعيش بها. وقصص بعضهم، مثل قصة الاقتصادي الأسكتلندي الفرنسي جون لو، الذي ميَّز بين المال بوصفه وسيلة للتبادل والثروة الوطنية التي تعتمد على التجارة، وصاحب الخبرة الاقتصادية العالية وأول وزير للخزانة الأمريكية، ألكسنـدر هاملتون، تشكِّل ركائز أساسية لهذا النوع من القصص. ولكن هناك أشياء أخرى ربَّما تكون أقل شهرة، مثل التكهنات المثيرة بشأن عظمة إيشانجو التي يعود تاريخها إلى عشرين ألف عام، وهي عظمة مأخوذة من شظية ذراع حيوان البابون، وتحتوي على خطوط طولية محفورة في ثلاث مناطق على امتداد العظمة، ويُعتقد أنها تمثِّل أقدم دليل على نظام المحاسبة. كما يمكن الإشارة إلى المسيرة المهنية المتغيرة لشخصية شارل موريس دي تاليران بيريغورد، الذي كان أحد رجال البلاط في قصر فرساي وتحول إلى “العقل المدبر المالي للثورة الفرنسية”.

وبينما يستكشف ماكويليامز تعقيدات التمويل الحديث، يحثنا على إعادة التفكير في فهمنا للمال وتأثيره العميق على حياتنا ومجتمعاتنا.