مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
سبتمبر – أكتوبر | 2024

الكتابة بالمونتاج


تأليف: عبدالمحسن المطيري
الناشر: دار جسور الثقافة، 2024م


لم تكن عملية المونتاج قد وُلدت بالتزامن مع ولادة السينما على يد الأخوين لوميير في نهايات القرن التاسع عشر، حيث كانت بواكير الأعمال السينمائية البدائية تُصوَّر بلقطة واحدة طويلة دون عملية قطع أو تحرير بين المَشاهد. ولم تُكتشف القدرة الفنية الإبداعية للمونتاج وتأثيرها الفني على خلق قصة الفيلم وعلى تلقي المُشاهد لها إلا بعد ست سنوات من ولادة أول فيلم للأخوين لوميير، وبالتحديد في فيلم “حريق!” (Fire!) عام 1901م. وبالتالي يُعتبر المونتاج عملية كتابة بصرية للفيلم، كما يؤكد ذلك المُخرج السعودي عبدالمحسن المطيري في كتابه “الكتابة بالمونتاج”.

يُمكن تعريف المونتاج تقنيًا بأنه عملية تحرير المَشاهد المصورة وتنسيقها ضمن سياق تتابع زمني مدروس بهدف خلق قصة معينة تبعث مشاعر محددة عند المتلقي. ولكن هذا الكتاب يُشير إلى أنه “لا يوجد قانون فيزيائي ثابت في المونتاج”، و”لا يمكن تعريف نمط المونتاج بخطٍ معين أو في مدرسة واحدة بعينها”؛ نظرًا لتشعب المفاهيم والرؤى ضمن سياق التطور التاريخي لصناعة السينما بشكل عام وعملية المونتاج بشكل خاص. لذلك يركّز المؤلف على التفاصيل المفاهيمية والفكرية للمونتاج مبتعدًا عن تفاصيله التقنية.

صدر الكتاب مؤخرًا عن دار جسور الثقافة بالتعاون مع جمعية السينما، ضمن إصدارات الموسوعة السعودية للسينما وعلى هامش النسخة العاشرة من مهرجان أفلام السعودية. وهو يتناول مفهوم المونتاج في عدة محاور وأبواب يستهلها بالحديث عن تاريخ ولادة المونتاج في السينما، وكيف نما وتطور من ناحية المفهوم والتطبيق في سياق التطور التاريخي العام للسينما. كما يناقش أنواع المونتاج مشيرًا إلى أنه يُقسَّم فنيًا إلى نوعين: الفيلمي والرقمي، ومنهما تتفرع أنواع عديدة يركز الكتاب على خمسة أنواع مهمة منها، وهي: المونتاج التثقيفي “المفاهيمي”، والمونتاج التناغمي، والمونتاج الإيقاعي، والمونتاج المتري “المترابط”، والمونتاج المُدمج “العلني”.

سيرجي آيزنشتاين 1823-1852، مُخرج روسي يعتبره المتخصصون “أبو المونتاج”

ويستفيض الكتاب في الحديث عن المونتاج وأهميته موضحًا مدى تأثيره على السيناريو أثناء عملية التحرير، ومُستعرضًا الخلاف الأكاديمي الشهير حول ولادة الفيلم، وعمّا إذا كانت تبدأ فعلًا من السيناريو والنص أم في غرفة المونتاج. ثم يستعرض مراحل تطور السينما ما بين الأفلام الكلاسيكية والأفلام الحديثة، مبينًا كيف يتأثر “المونتير”، الذي يقوم بعملية المونتاج، بأفلام سابقة أثناء عمله في تحرير الفيلم. ولا يغفل الكاتب عن التطرق إلى الحديث عن أهمية قراءة الأفلام والمونتاج من زاوية البروباغندا والتحريض الإعلامي والتأثير الاجتماعي، بالإضافة إلى تسليطه الضوء على المونتاج في أفلام الرسوم المتحركة والأفلام الوثائقية والروائية.

يُختتم الكتاب بعرض سلسلة من أهم أفلام السينما من ناحية المونتاج، والتي لعب فيها التحرير دورًا رائدًا ومهمًا في فتح آفاق جديدة في مسيرة تطور السينما، مثل: الفيلم السوفيتي “المدرعة بوتمكين”، والفيلم الأمريكي “ولادة أمة”، والفيلم الشهير “مختل” للمُخرج الإنجليزي ألفريد هيتشكوك، وغيرها.


مقالات ذات صلة

خلف هذه المنشآت الرياضية الباهرة، تتكشف قصة أعمق تتعلق بالتخطيط الحضري وفنون العمارة وصناعة المكان. إذ إن الفعاليات الرياضية، حتى إن لم تصل في ضخامتها إلى مستوى الألعاب الأولمبية، تحفّز تحولات عمرانية كبيرة، وتُثير تساؤلات مهمة حول دورها في تطور المدن وعمرانها.

مبادرة “ترجم”، تدعم الناشرين السعوديين وتشجعهم على ترجمة الكتب الأجنبية، إضافة إلى دعم ترجمة المقالات والإصدارات الأكاديمية لتعزيز المحتوى المعرفي العربي. والمبادرة ليست ذات اتجاه واحد، بل تدعم ترجمة الكتب السعودية إلى اللغات الأجنبية لتعزيز الروابط مع الثقافات الأخرى، وتقديم الكاتب السعودي في الخارج.

“لكل أناس في بعيرهم خبر”


0 تعليقات على “الكتابة بالمونتاج”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *